مع انتشار الحرائق المرعبة في مناطق مختلفة في العالم، قد يراود البعض أحلاما غريبة يرون فيها اشتعال النيران أو الحرائق، وفي هذا الأمر اختلفت تفاسير العلماء، ويراها البعض تدل على العز والسلطان أو الحذر وعلامات ربانية يجب التنبه لها، فماذا قال ابن سيرين في معجم التفسير عن رؤية الحرائق في المنام؟.

تفسير رؤية الحرائق في المنام

يقول ابن سيرين في تفسير رؤية الحرائق، إن النار بطبعها دالة على السلطان لجوهرها، وسلطانها على ما دونها مع ضرها، ونفعها، وربما دلت على جهنم نفسها، وعلى عذاب الله، وربما دلت على الذنوب، والآثام، والحرام، وكل ما يؤدي إليها، ويقرب منها من قول أو عمل.

ويروي ابن سيرين أن النار ربما تدل على الهداية، والإسلام، والعلم، والقرآن؛ لأن بها يهتدى في الظلمات مع قول موسى عليه السلام : أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى) [طه : 10] فوجد، وسمع كلام الله تعالى عندها بالهدى، وربما دلت على الأرزاق، والفوائد، والغنى؛ لأن بها صلاحاً في المعاش للمسافر والحاضر، كما قال الله عز وجل : نَحْنُ جَعَلْنَهَا تَذْكِرَةً وَمَتَعًا لِلْمُقْوِينَ ) [الواقعة: 73] .

ويقال لمن افتقر، أو مات خمدت ناره؛ لأن العرب كانت توقدها هداية لابن السبيل، والضيف المنقطع ؛ كي يهتدي بها، ويأوي إليها، فيعبرون بوجودها على الجود، والغنى وبخمودها عن البخل، والفقر، وربما دلت على الجن؛ لأنهم خلقوا من نار السموم، وربما دلت على السيف، والفتنة إذا كان لها صوت، ورعد، والسنة، ودخان. وربما دلت على العذاب من السلطان؛ لأنها عذاب الله ، وهو سلطان الدارين، وربما دلت على الجذب والجراد، وربما دلت على الأمراض، والجدري، والطاعون.

وفي التفسير أيضًا من رأى ناراً وقعت من السماء في الدور، والمحلات وأشعلت حرائق، فإن كانت لها السنة ودخان، فهي فتنة، وسيف يحل في ذلك المكان، لا سيما إن كانت في دور الأغنياء والفقراء، ومغرم يرميه السلطان على الناس.

وإن كانت في دور الأغنياء خاصة، فإن كانت جمراً بلا ألسنة؛ فهي أمراض وجدري، أو وباء لا سيما إن كانت عامة على خلط الناس، وأما إن كان نزول النار في الأنادر، والفدادين، وأماكن الزراعة والنبات؛ فإنها جدب يحرق النبات، أو جراد يحرقه، ويلحقه.

بعض الحرائق بشرى خير للرائي

ويقول ابن سيرين، إن من أوقد نارا على طريق مسلوك، أو ليهتدي الناس بها، إن وجدها عند حاجته إن وجدها عند حاجته إليها؛ فإنها علم، وهدى يناله، أو يبثه، وينشره؛ إن كان لذلك أهلا، وإلا نال سلطانا، وصحبة، ومنفعة، وينفع الناس معه، وإن كانت النار على غير الطريق، أو كانت تحرق من مر بها، أو ترميه بشررها، أو تؤذيه بدخانها، أو حرقت ثوبه، أو جسمه، أو ضرت بصره؛ فإنها بدعة يحدثها، أو يشرف عليها، أو سلطان جائر يلوذ به، أو يجور عليه على قدر خدمته لها، أو فراره منها، وأما إن كانت ناراً عظيمة فيها؛ كثر أعداؤه، وأرادوا كيده، فيظفر بهم، ويعلو عليهم، ولو ألقوه فيها ؛ لنجاء لنجاة إبراهيم عليه السلام، وكل ذلك إذا كان الذين فعلوا به أعداءه، أو كان المفعول به رجلاً صالحاً. 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الحرائق النار رؤية النار ابن سیرین إن کانت إن کان

إقرأ أيضاً:

الهوية والولاء في عصر السلطان صلاح الدين

11 أبريل، 2025

بغداد/المسلة: سیروان عبدالكريم علي

إن الحجة القائلة بأن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب الأيوبي (1137-1193) فشل في المساهمة في القضية القومية الكردية تُسيء فهم السياق التاريخي الذي عاش فيه بشكل أساسي. إن تقييم الشخصيات التاريخية من منظور القومية الحديثة هو فرض للمفاهيم المعاصرة على عالم القرون الوسطى الذي كان منظمًا وفق مبادئ مختلفة تمامًا للهوية والانتماء.

خلال القرن الثاني عشر، عندما برز السلطان صلاح الدين الأيوبي، كان الناس في جميع أنحاء العالم الإسلامي يعرّفون أنفسهم في المقام الأول من خلال الانتماء الديني وليس الهوية العرقية أو القومية. إن مفهوم القومية كما نفهمه اليوم – بتأكيده على اللغة المشتركة والثقافة والسيادة الإقليمية – لم يكن موجودًا ببساطة. بدلاً من ذلك، كان الشرق الأوسط في العصور الوسطى متحدًا من خلال روابط الإيمان، مع الأمة (المجتمع الإسلامي) كمصدر رئيسي للهوية الجماعية.

كما يقول الشاعر المعاصر لصلاح الدين، ابن جبير في رحلته:
“وكان السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله قد وحد القلوب على التقوى، وجمع الشمل على الهدى”

كان عالم صلاح الدين عالمًا حيث كان الولاء السياسي موجهًا نحو السلالات و القبائل والسلطات الدينية بدلاً من الدول القومية. إنجازاته في توحيد مصر وسوريا تحت حكم الأيوبيين واستعادة القدس من الصليبيين في عام 1187 كانت مدفوعة بالحماس الديني والبراغماتية السياسية، وليس بالاعتبارات العرقية. على الرغم من أن صلاح الدين كان بالفعل من أصل كردي، فإن تطبيق التوقعات القومية الكردية الحديثة على أفعاله غير متزامن تاريخيًا بشكل أساسي.

وقد وصفه الشاعر ابن سناء الملك بقوله:
“أعدت بسيفك القدس الذي ضاع واسترجعت بالعزم أرض الأقصى
وما كان إلا الدين همك وحده فيا لك من سلطان عدلٍ ومن فتى”

هناك تحديات عدة في اتخاذ السلطان كرمز قومي للشعب كردي فعلى الرغم من السياق التاريخي، يجادل بعض العلماء والقوميين الكرد بأنه من الإشكالي المطالبة بصلاح الدين كرمز للقومية الكردية بأثر رجعي. هذه الحجة المضادة لها مزايا لعدة أسباب:

أولاً، على الرغم من أنه كان كرديًا عرقيًا، ولد في تكريت (في العراق الحديث)، إلا أن إنجازاته السياسية والعسكرية لم تُصاغ أبدًا من حيث الهوية أو التطلعات الكردية. طوال حياته المهنية، عمل في إطار الوحدة الإسلامية بدلاً من الخصوصية العرقية. كانت إدارته وجيشه متعددي الأعراق، بما في ذلك العرب والأتراك وغيرهم من المجموعات إلى جانب الكرد.

وقد ذكر المؤرخ ابن الأثير في كتابه “الكامل في التاريخ” أن السلطان صلاح الدين:
“كان يقرب إليه كل من يظهر منه الصلاح والديانة، لا ينظر إلى عرقه ولا أصله، بل إلى إخلاصه وتقواه”

وفي الوقت نفسه، هناك رأي آخر يشير إلى أن السلطان صلاح الدين اعتمد بشكل كبير على أبناء عشيرته وعلى الكرد في تأسيس دولته وجيشه، مما يعكس الطبيعة القبلية للولاءات السياسية في ذلك العصر، حيث كان من الطبيعي أن يعتمد القادة على دوائر الثقة الأقرب إليهم، بدءًا من العشيرة والقبيلة، ثم التوسع إلى التحالفات الأوسع.

ثانيًا، تكمن الأهمية التاريخية الأساسية للسلطان صلاح الدين في دوره كموحد للأراضي الإسلامية ضد الصليبيين وكمؤسس للسلالة الأيوبية. امتدت رؤيته السياسية عبر الحدود العرقية، مع التركيز على إنشاء كيان إسلامي موحد بدلاً من تعزيز المصالح الكردية على وجه التحديد.

ثالثًا، هناك القليل من الأدلة على أن السلطان صلاح الدين نفسه أكد على هويته الكردية كأمر ذي أهمية سياسية. المصادر المعاصرة التي تناقشه تركز على تفانيه الديني، وبراعته العسكرية، وفطنته السياسية بدلاً من خلفيته العرقية.

وقد وصفه القاضي الفاضل، وزيره ومستشاره، في إحدى رسائله:
“كان همّه نصرة الإسلام وحماية بيضته، لم يكن يرى فرقاً بين عربي وعجمي إلا بالتقوى، ولا بين شامي ومصري إلا بالعدل”

اليوم نرى رئيس جمهورية إيران الإسلامية ورئيس جمهورية العراق الفدرالية من أصول كردية، ويمثلون أحزابًا قومية. فلماذا لا يساهمون في تأسيس الدولة الكردية وانفصال الكرد من إحدى الدول برئاسة شخصية كردية؟ في حين من المفترض أن يكونوا قوميين بكل المعاني!

هذه المقارنة تكشف بوضوح عن التناقض في انتقاد السلطان صلاح الدين التاريخي. إن السياسة المعاصرة، مثل السياسة في العصور الوسطى، معقدة وذات طبقات متعددة. القادة السياسيون يعملون ضمن أنظمة مؤسسية ودستورية وجيوسياسية معقدة تتجاوز الانتماءات العرقية البسيطة. إن تولي قيادي كردي منصبًا رفيعًا في دولة غير كردية لا يعني بالضرورة “خيانة” للهوية الكردية، بل قد يعكس فهمًا أكثر دقة للسياسة كفن الممكن.

لذلك نرى بأن هذا الرأي القائم على انتقاد السلطان صلاح الدين لعدم تأسيس دولة كردية غير منطقي ويسيء إلى سمعة الكرد والإقليم ومبادئ الديمقراطية الكردية التي يسعى إليها برلمان وحكومة إقليم كردستان وشعبه. هذا النوع من التفكير الأحادي يتجاهل التعقيدات السياسية والتاريخية، ويضع معايير غير واقعية لتقييم الشخصيات التاريخية والمعاصرة.

إن حملة تشويه رأي المؤرخ المصري د. يوسف زيدان وإلغاء سفره إلى أربيل متعلقة بآرائه حول تأريخ السلطان، فعدم قبول رأيه تضر بسمعة إقليم كردستان سياسيا كمنطقة معروفة بالتعددية وقبول الآخر وقبول الرأي المخالف. مثل هذه الإجراءات تتناقض مع القيم الأساسية التي يسعى الإقليم لتمثيلها في العالم المعاصر.

نحن نوثق السلطان صلاح الدين الأيوبي كجزء من تاريخ الدولة الأسلامية الأموية، وله أكثر من تفسير ورأي. فهو كان شخصية سياسية قبلية ذات ولاء للدولة الإسلامية الأيوبية، بغض النظر عن القوميات المختلفة. وعندما ننظر إلى السياق التاريخي الكامل، يصبح من الواضح أن فهم شخصية مثل السلطان صلاح الدين الأيوبي يتطلب منا تجاوز التفسيرات الأحادية والبسيطة.

لذلك يتطلب التحليل التاريخي منا فهم الشخصيات في سياقها الخاص بدلاً من الحكم عليها وفقًا للمعايير القومية الحديثة. ويجب قراءة تاريخ السلطان صلاح الدين الأيوبي بناءً على قيم وهياكل سياسية من زمنه – حيث كانت الوحدة الدينية، وليس القومية العرقية، هي المبدأ المنظم للمجتمع. إن محاولة المطالبة بالشخصيات التاريخية أو انتقادها من خلال عدسة قومية بأثر رجعي يشوه فهمنا للماضي ويفرض توقعات غير معقولة على الجهات السياسية التاريخية والمعاصرة على حد سواء.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • بياضٌ وابتسامة
  • الاثنين.. جلالة السلطان يغادر البلاد متوجها إلى مملكة هولندا
  • «خير أم شر».. تفسير حلم البكاء في المنام
  • الهوية والولاء في عصر السلطان صلاح الدين
  • بلدية الأصابعة تصدر بياناً عاجلاً حول الحرائق بالمدينة
  • مرض خفي يطارد جيجي حديد: تعليقات الناس كانت قاسية
  • تفسير حلم رؤية جواز السفر للعزباء والمتزوجة
  • كانت الهتافات السد السد الرد الرد
  • ما تفسير رموز الحيوانات في الفنجان ودلالاتها
  • جلالة السلطان يصدر مرسوما ساميا