أي خلفيات للحوادث على الحدود مع سوريا؟
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
كتب ابراهيم بيرم في" النهار": ما الأبعاد السياسية والخلفيات الأمنية للمواجهات التي دارت في الساعات القليلة الماضية على الحدود اللبنانية - السورية في نطاق الهرمل، وتحديدا بين حوش السيد علي اللبنانية وبلدة المصرية السورية المتاخمة الواقعة في سهل القصير؟
تتقاطع معظم المعلومات الواردة من هناك على واقعة أساسية، هي أن ما وراء هذا الميدان المشتعل تتوارى خلفيات ووقائع صراعية تتصل بهوية تلك المنطقة المتداخلة جغرافيا، وبمستقبل تنازع الساكنين فيها والذين هم من انتماءات متعارضة.
المعلوم أن قرية حوش السيد علي التي يرد اسمها حاليا كنقطة مواجهة هي بلدة لبنانية يقطنها مواطنون شيعة، وهي عمليا قريبة جدا من معبر مطربا الحدودي الذي لطالما استهدفه الطيران الإسرائيلي في الأشهر الماضية باعتباره شريانا حيويا لتأمين الدعم العسكري لـ"حزب الله". وفي محاذاة هذه القرية تمتد سهول القصير السوري الخصيب الواقع عمليا في نطاق محافظة حمص.
والمعروف أيضا أن انفجار الأحداث الأمنية في تلك البقعة المتداخلة يعود إلى بدايات اشتعال المواجهات في الساحة السورية عام 2011، عندما قرر "حزب الله" الانخراط في الميدان السوري، فاختار يومها هذه البقعة بالذات لولوج الميدان، من باب نجدة لبنانيين غالبيتهم شيعة يقطنون في نحو 15 قرية ومزرعة في سهل القصير، بادئا بتنفيذ هجمات مضادة انتهت يومها بمعركة "تحرير القصير" وكل سهلها من يد المجموعات المعارضة التي كانت حينها تبسط سيطرتها على كل تلك المنطقة الشاسعة نسبيا.
وفي ما بعد، حوّل الحزب تلك البقعة الجغرافية إلى "خزان دعم خلفي" حيث ركز مواقع ثابتة وأقام معسكرات تدريب وترسانة تخزين، فيما وردت معلومات عن وصول عشرات العائلات الموالية للحزب لتقيم هناك في شكل دائم.
بقيت هذه المعادلة قائمة، إلى أن شنت مجموعات المعارضة السورية المسلحة هجومها الكاسح الذي انتهى بدخولها دمشق وسقوط نظام الأسد.
ومنذ استعادة الثوار تلك المدينة تسجل مواجهات وإشكالات أمنية يوميا، إذ إن نحو عشرة آلاف لبناني فقدوا أملاكهم واضطروا للنزوح إلى الهرمل والبقاع الشمالي، لكنهم ما استكانوا يوما إلى هذا الوضع. في حين أن المجموعات السورية غير النظامية المسيطرة هناك، استغلت الوضع المتفلت لتحكم قبضتها على المنطقة، وصولا إلى أقرب بلدة حدودية لبنانية هي بلدة حوش السيد علي، لتصير هناك على تماس مع سكانها وامتداداتهم المذهبية والعشائرية.
وقبل أيام، أنشأت "العشائر البقاعية" فجأة غرفة عمليات وبدأت إصدار بيانات عن المواجهات مع المسلحين في الجهة المقابلة. وأوردت في أحد تلك البيانات أن "مسلحي العشائر نجحوا في اقتحام بلدة المصرية السورية المتاخمة وتطهيرها من فلول المسلحين، كما احتلوا معبر مطربا الإستراتيجي".
وبررت العشائر فعلتها بأنها رد على "غزوة" قام بها المسلحون السوريون على بلدة حوش السيد علي. وفيما تزداد المظاهر القتالية ويخيم التوتر الشديد على الميدان هناك، أفادت معلومات أن الجيش اللبناني دفع بتعزيزات إلى تلك المنطقة توطئة لضبط الأوضاع، فيما ذكر أيضا أن "هيئة تحرير الشام" الحاكمة بادرت إلى الفعل نفسه من الجهة السورية.
وسواء نجحت الجهود في تحقيق التهدئة سريعا أو تأخرت "لحاجة الطرفين إلى اختبار قواهما وخوض غمار التجربة، وخصوصا أن معلومات تتحدث عن أن "حزب الله" يقف خلف المشهد لحاجته الماسة إلى إثبات حضور يبين أنه لم يفقد زمام المبادرة، يبدو واضحا أن ما جرى وما يمكن أن يجري هو نتيجة لمرحلة الفلتان السارية على قسم كبير من الأراضي السورية بعد انقلاب الصورة في دمشق، فضلا عن أن الصراعات اللبنانية - السورية على تلك البقعة الجغرافية هي إحدى محطات النزاع على الجغرافيا والهوية، إضافة إلى أنها تنطوي على تصفية الحسابات المزمنة، وهو ما يعزز التخوف من إطالة أمد هذا النزاع وتحوله إلى جولات عنف متبادلة، ولاسيما أن الأمور في سوريا ما زالت في إطار مخاض التحولات.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حوش السید علی
إقرأ أيضاً:
حملت الطابع الرسمي..هذه أهداف زيارة نواف سلام إلى سوريا
سوريا- خلَّف النظام السوري السابق والحرب التي امتدت لسنوات عددا من الملفات الشائكة بين الجارتين سوريا ولبنان، وعقب سقوط النظام وقعت اشتباكات ومناوشات بين طرفَي حرسَي الحدود اللبناني والسوري، فُتحت على إثرها قنوات التواصل بين البلدين لحل هذه الملفات وإلغاء المشاكل التي كان أبرزها ضبط الحدود وترسيمها وإغلاق المعابر غير الشرعية إضافة لملف المختفين والسجناء.
وفي زيارة تُعد الأولى والرسمية استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الخارجية والمغتربين السوري أسعد الشيباني رئيس مجلس الوزراء اللبناني نواف سلام والوفد المرافق له في قصر الشعب بالعاصمة السورية دمشق لبحث عدد من الملفات الشائكة بين البلدين.
وقال مصدر خاص للجزيرة نت إن الزيارة بمثابة فتح صفحة جديدة في مسار العلاقات بين سوريا ولبنان وعدم التدخل في الشؤون الداخلية من بعضهما لبعض "لأن قرار سوريا لسوريا وقرار لبنان للبنانيين لاستعادة الثقة وحسن الجوار".
شعب واحدوأضاف المصدر ذاته أن من أهم الملفات التي بُحثت على طاولة النقاش بين البلدين هي ضبط الحدود وترسيمها برا وبحرا وضبط عمليات التهريب غير الشرعية، إضافة لملف المفقودين والمعتقلين.
وأشار إلى أن ملفات أخرى تمت مناقشتها، بينها فتح خطوط التجارة والتبادل في المجالات التجارية إضافة لاستجرار النفط والغاز وبحث ملف فتح خطوط الطيران المدني بين البلدين.
إعلانبدوره، قال رئيس الهيئة السياسية في محافظة إدلب أحمد بكرو، للجزيرة نت، إن العلاقة بين سوريا ولبنان علاقة "شعب واحد" موزع على بلدين تربطهما ببعضهما علاقات تاريخية وثقافية ويجمعهما نسيج اجتماعي متجانس، و"لكن هناك تحديات أمنية وسياسية واقتصادية بين الدولتين خلفها النظام البائد".
وأضاف بكرو أن هذه الزيارة "مهمة" كونها ستبحث "أهم الملفات"، وهي ترسيم الحدود. وتابع "بمجرد إعادة النظر بالاتفاقية بين البلدين بتبعية هذه المزارع لسوريا سيتم حينها إبطال ذريعة وجود حزب الله في سوريا وعلى الحدود".
ولفت أن سوريين كثيرين في لبنان بحاجة لتهيئة الظروف المناسبة لعودتهم إلى بلدهم سوريا والحفاظ على حقوقهم وسجلاتهم الرسمية، إضافة إلى ضبط الحدود بين البلدين.
وثمة خطر أساسي -حسب بكرو- يستوجب ضبط الحدود والمعابر غير الشرعية، لأنها مصدر لتهريب الحشيش وتجارة الكبتاغون.
وأوضح أن التنسيق السياسي بين البلدين مهم جدا فيما يتعلق بالعمق العربي والموقف من إسرائيل، إضافة لحفظ الحقوق بين الشعبين في الانتقال وممارسة النشاطات الاقتصادية لقرب البلدين بعضهما من بعض والترابط الشعبي بين البلدين.
من جهته، يرى الباحث السياسي بسام السليمان أن الزيارة تشكل أساسا لعلاقة جديدة متوازنة بين الدولتين والشعبين السوري واللبناني اللذين كانا يشتركان بالضرر من النظام السوري المخلوع، لكن نتائجها لن تكون "فورية" بل تحتاج لوقت طويل بسبب التراكمات التي تركها النظام البائد.
وأضاف للجزيرة نت أن ملف الحدود "شائك جدا" بسبب تداخل الجغرافيا والديموغرافيا، ولا تقنية ستعيق تنفيذ الحلول التي ستوضع بشكل سريع إنما ستأخذ وقتا لحلها، و"لكن وجود الأرضية المشتركة بالاحترام المتبادل دولة لدولة بين الطرفين سيشكل انسجاما ويساهم بحل المشاكل العالقة".
إعلان "عوائق محلية"وأشار السليمان إلى أن ثمة رغبة بين الدولتين لحل المشاكل بشأن ضبط الحدود ومنع التهريب رغم أن "عوائق محلية" ستعمل على خلق مشاكل لبقاء التوتر بين الدولتين .
وفي السياق، قال الباحث السياسي في الشأن السوري رضوان الأطرش، إن زيارة نواف سلام إلى سوريا تُعد "الأولى الرسمية" إلى الحكومة السورية الجديدة التي سبقتها زيارة الرئيس نجيب ميقاتي، ولكنها (هذه الزيارة) تحمل "الطابع الرسمي" وستكون فاعليتها أكثر أهمية.
وأشار الأطرش في حديثه مع الجزيرة نت لوجود مجموعة من المشاكل العالقة بين النظام السابق ولبنان، أبرزها ترسيم الحدود والمجلس الأعلى السوري اللبناني، إضافة إلى عقبات أخرى مثل المعابر غير الرسمية، وملف السوريين النازحين إلى لبنان بسبب الحرب مع ضمان العودة الآمنة والطوعية لهم برعاية المجتمع الدولي والأمم المتحدة.