تتعدد الفنون التشكيلية في العالم، وتعتبر وسيلة للتعبير تُغني عن الحديث والكلام المسموع أو المكتوب، فنجد الفنان يعبر عن حالة ما في ذاته من خلال لوحة يرسمها، أو منحوتة ينقشها، أو عمل تركيبي يجمعه وفق ما يجول في خياله وعاطفته، وهكذا وجد الفنان الجرافيتي "أحمد بن حميد الغافري" نفسه حينما وقف ذات يوم أمام جدار فارغ في سوق الخوض، ليملأ تلك المساحة برسمة جدارية، أو بمسمى آخر "جرافيتية"، تُعِّبر عن ولاء وحب وانتماء لأرض سلطنة عمان ورموزها، فخط أولا الخطوط الأولية، ثم أخذ ببناء عمل فني خطوة بخطوة مع أحد أصدقائه الفنانين الجرافيتيين، لينتهيا بعد ذلك بلوحة جمعت رمزين من رموز سلطنة عمان، باني نهضتها الأولى السلطان قابوس -طيب الله ثراه- ومن حمل الراية من بعده جلالة السلطان هيثم بن طارق –حفظه الله ورعاه- لتكون تلك اللوحة شاهدة على إبداع فنانين، وشاهدة على حب وانتماء وعرفان لهذا الوطن الذي يسكن في نفوسنا جميعا، ونفسهما كذلك.

وخلف تلك الرسمة حكاية ولادة فنان صاعد، الفنان أحمد الغافري الذي بدأ الرسم الجرافيتي "الجداري" في عام 2018، وقبل ذلك كانت الورقة مساحته الصغيرة يرسم بها ما يجول في خياله، وأحيانا محاكاة لواقع أمامه، وأحيانا أخرى تفريغا لطاقة فنية كامنة تخرج بعد ذلك بعمل فني.

ابن ولاية الرستاق أحمد الغافري تعلق بالفن الجرافيتي من خلال متابعة الفنانين الجرافيتيين المحليين والعالميين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فكانت أعمالهم الجدارية مصدر إلهام، ليخوض على إثرها تجاربه الأولية في عام 2018، مغذيا نفسه بصريا، وباحثا عن مفاتيح هذا الفن الأساسية، ومتعلما ذاتيا له، وفي الوقت نفسه متحديا الظروف والصعوبات، التي كان من أبرزها توافر الأدوات والأصباغ وأسعارها المكلفة، وإيجاد المساحاة المناسبة للرسم الجداري، حيث تحتاج إلى تصاريح وأخذ أذونات مسبقة، ومع مرور الأيام تذللت تلك الصعوبات، لتصبح في أرشيف ذكرياته، وتنتشر أعماله الفنية في عدد من الجدران، سواء ذات الطبيعة الخاصة، مثل: بعض المحال والمنازل والمشاريع، أو طبيعة عامة في المحافل والمهرجانات والفعاليات المختلفة.

ومن باب الاستثمار بالفن، دخل الغافري المجال التجاري والترويجي لفنه وإبداعه فصار الفن مصدر دخل له، وكما يُقال: "ضرب عصفورين بحجر"، فمن ناحية يمارس هوايته التي وجد نفسه بها، وناحية أخرى مصدر دخل تعينه على التغلب على الصعوبات وكذلك تنمي موهبته أكثر وأكثر.

"الرسم الجرافيتي نقطة تحول في حياتي وشيء مميز لن أتخلى عنه ما حييت"، هكذا تحدث الغافري عما يعنيه الفن الجرافيتي بالنسبة له، وتابع: "أصبحت اجتماعيا معروفا بين الناس من خلال أعمالي، الفن الجرافيتي مميز وليس كثيرا من الناس في بيئتنا تمارسه، فهو فن جديد على المستوى المحلي".

ولم يكن الفن الجرافيتي فاتحة خير للغافري من الناحية الاجتماعية فحسب، بل كذلك كان له فاتحة خير من الناحية المادية، إذ يقول: "من الناحية الاقتصادية تغيرت حياتي كذلك فقد دخلت المجال الاستثماري من خلال هذا الفن، فبدأت أتلقى طلبات الرسم داخل المحال التجارية وبعض الاعمال الخاصة، ما شكل لي مصدر دخل مجزٍ".

لا زال الغافري يوثق أعماله وخطوات انجازها في حسابه الشخصي على منصة "إنستجرام"، فهو محب للأعمال التي يقوم بها وتُشكل له إضافة، يقول الغافري: "جميع الأعمال التي اقدمها محببة إلى قلبي، إلا أن الأعمال الوطنية لها وقع أكبر وحب أعمق، ومثال ذلك رسمة السلطان قابوس والسلطان هيثم في سوق الخوض التي رسمتها بحب ممزوج بالفخر مع صديقي خليل السالمي وهو فنان جرافيتي كذلك".

يعكف الغافري على رسماته الجرافيكية في الغالب لمدة 3 إلى أربع ساعات من بدايتها وحتى اكتمالها، إلا أن رسمة السلطان هيثم والسلطان قابوس في سوق الخوض أخذت مدة أكبر، وتحدث الفنان أحمد قائلا: "أربعة أيام مدة الاشتغال على اللوحة، كنا يوميا نعمل من الساعة التاسعة ليلا وحتى الرابعة فجرا حتى اكتمال اللوحة، وهو مجهود كبير لأكبر لوحة قمت بالاشتغال عليها، فعرضها 7 أمتار وطولها حوالي 5 أمتار".

يستعمل الغافري عدة أدوات لأعماله الجرافيتية، بداية من أنواع الاصباغ التي تستعمل في طلاء الجدران، وأنواع من أصباغ الرش "البخاخ"، وكذلك فرش الطلاء، إلا أن أصباغ الرش هي الأكثر استخداما عنده، وتفاديا لروائحا المزعجة والتي قد تكون مؤذية لمن يستعملها بشكل مكثف، فإن الغافري يستعمل بعض أدوات الوقاية والحماية مثل القفازات الواقية وكذلك الأقنعة المزودة بفلاتر لتفادي استنشاق تلك الروائح والاصباغ المتطايرة.

ويواجه صعوبة في الحصول على أصباغ الرش، إذ انها ذات طبيعة خاصة وليست عادية، ويقول: "ما زلت أواجه صعوبة في الحصول على أصباغ الرش، إذ لا أعرف إلا محلين فقط لبيعها في مسقط، وهي من شركة عالمية تسمى (مونتانا)".

ولكل فنان ملهم، فلولا هذا الملهم لما تعاقبت الفنون جيلا بعد آخر، وللغافري ملهم حببه بهذا الفن، وهو الفنان الجرافيني هود البلوشي، فبعد أن رأى أعماله عشق هذا الفن ثم تعلمه ذاتيا بنفسه، قائلا: "تعلمت الرسم الجرافيتي ذاتيا، فأنا قدوتي لنفسي، بدأت من الصفر في هذا المجال واطلعت عليه بشكل كبير حتى وصلت إلى هذه المرحلة، وصممت بعض أشكال الحروف بنفسي".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هذا الفن من خلال

إقرأ أيضاً:

أخبار الفن| وفاة محمد الخلفي .. وجمال سليمان يكشف تفاصيل مسلسله الجديد عن سجن صيدنايا

نشر قسم الفن بموقع صدى البلد العديد من الأخبار المهمة عن محمد الخلفي و جمال سليمان.

أسطورة المسرح المغربي .. وفاة الفنان محمد الخلفي 

توفي الفنان المغربي محمد الخلفي عن عمر يناهز 87 عامًا،  بعد صراع طويل مع المرض. خلال الأشهر الأخيرة من حياته،حيث تدهورت حالته الصحية بشكل ملحوظ، ما استدعى نقله إلى المستشفى.

باميلا الكيك تطل بالقناع على السجادة الحمراء لمهرجان الموريكس دور 

ظهرت الفنانة باميلا الكيك بإطلالة غريبة على السجادة الحمراء لمهرجان الموريكس دور المقام الآن في كازينو لبنان بعد تأجيل شهرين بسبب الحرب.

الرجالة والستات كانوا بيغيروا مننا.. طليقة مصطفى فهمي تكشف أسرار عن زواجهما 

تحدثت الإعلامية فاتن موسى، عن علاقتها بطليقها الفنان الراحل مصطفى فهمي، في أول ظهور إعلامي بعد وفاته، من خلال برنامج “قعدة ستات” الذي تقدمه الإعلامية مروة صبري، ويعرض عل قناة "ألفا اليوم".

عن سجن صيدنايا.. جمال سليمان يكشف تفاصيل مسلسله الجديد

كشف الفنان السوري جمال سليمان خلال الندوة المقامة بنقابة الصحفيين عن تفاصيل مسلسله القادم، الذي يسلط الضوء على ما يحدث خلف أسوار “سجن صيدنايا”، أحد أشهر السجون السورية، 

مقالات مشابهة

  • جمال سليمان: فقدت وطني بعدما دمر منزلي في سوريا ومصر احتضنتني
  • "سياحة النواب": العشر سنوات الماضية بمثابة نقطة تحول حقيقية في ملف حقوق الإنسان
  • جمال سليمان: الفن المصري أضاف لي الكثير ومرحلة جديدة في مشواري الفني.. ترشحي للرئاسة في سوريا رهن بتوافر بيئة ديمقراطية.. حياتي في مصر أكبر من مسلسل صنعته والمصريون أحاطوني بحبهم
  • أخبار الفن| وفاة محمد الخلفي .. وجمال سليمان يكشف تفاصيل مسلسله الجديد عن سجن صيدنايا
  • رامي جمال يحتفل بليلة رأس السنة بـ "حياتي الحلوة"
  • حصاد 2024| تكريم محمود حميدة بالدورة الـ 7 لمهرجان الجونة السينمائي
  • في ذكرى ميلاده.. الفنان محمد رضا من الهندسة لعالم الفن
  • مهرجان الأفضل يكرم اسم نبيل الحلفاوي بـ جائزة العمر
  • «حب حياتي».. طرح الأغنية الدعائية الثانية لفيلم الهوى سلطان | فيديو
  • "جدران الهوية: الجرافيتي كأداة للاحتجاج وإحياء الثقافة في المجتمعات الأصلية" تقرير