الدعاء للميت على القبر بعد الدفن .. تعرف عليه
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن الدعاء للميت على القبر بعد دفنه مستحبٌّ مُطلَقًا دونَ تقييدٍ بسرٍّ أو جهر، فالأمر في ذلك واسع ولا يصح التضييق فيه، على أن الجهر به آكد في الاستحباب والمشروعية، وصحّت به الأحاديث والآثار عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة من بعده رضي الله عنهم من غير نكير، وهو في الجَمْعِ أرجى للقبول، وأيقظُ للقلب، وأَدعى للتضرع والذلة بين يدي الله تعالى، خاصة إذا كانت هناك موعظة؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «يَدُ اللهِ مع الجَماعةِ» رواه الترمذي -وحسَّنه- والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وذكرت دار الإفتاء أنه من السنة أن يقف المشيعون للجنازة عند القبر ساعة بعد دفن الميت والدعاء له؛ لِما رواه أبو داود في "السنن" والحاكم في "المستدرك" وصححه، من حديث عثمان رضي الله عنه قال: كانَ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم إذا فَرَغَ مِن دَفنِ المَيِّتِ وَقَفَ عليه فقالَ: «استَغفِرُوا لأَخِيكم وسَلُوا له التَّثبِيتَ؛ فإِنَّه الآنَ يُسأَلُ»، وروى الإمام مسلم من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قـال: «إذا دَفَنتُمُونِي فَشُنُّوا عليَّ التُّرَابَ شَنًّا، ثُم أَقِيمُوا حَولَ قَبرِي قَدرَ ما تُنحَرُ جَزُورٌ ويُقسَمُ لَحمُها حتى أَستَأنِسَ بكم وأَنظُرَ ماذا أُراجِعُ به رُسُلَ رَبِّي». وذلك إنما يكون بعد الدفن.
ويستحب أن يسبق الدعاءَ موعظةٌ موجزةٌ تذكّر بالموت والدار الآخرة؛ لِما في ذلك مِن ترقيق القلوب وتهيئتها للتضرع إلى الله تعالى، وجمع الهمة في الدعاء.
وقد خص المحدثون أبوابًا في مصنفاتهم لجمع ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الدعاء للميت عند القبر.
الدعاء للميت جهرًافبوب الإمام أبو داود في "سننه" (باب الاستغفار عند القبر للميت) و(باب الدعاء للميت إذا وضع في قبره)، وبوب الإمام البيهقي في "الدعوات الكبير" (باب الاستغفار للميت عند القبر)، وبوب الإمام النووي في "خلاصة الأحكام" (باب استحباب المكث عند القبر بعد دفنه ساعة، والدعاء له بالتثبيت وغيره، وقراءة القرآن).
فعن علي كرم الله وجهه قال: كُنّا في جَنازةٍ في بَقِيعِ الغَرقَدِ، فأَتانا النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم فقَعَدَ وقَعَدنا حَولَه، ومَعَه مِخصَرةٌ، فـنَكَّسَ، فجَعَلَ يَنكُتُ بمِخصَرَتِه، ثُم قالَ: «ما مِنكم مِن أَحَدٍ- ما مِن نَفسٍ مَنفُوسةٍ، إلّا كُتِبَ مَكانُها مِنَ الجَنّةِ والنّارِ، وإلّا قد كُتِبَ شَقِيّةً أو سَعِيدةً»، فقالَ رَجُلٌ: يا رسولَ اللهِ، أفَلا نَتَّكِلُ على كِتابِنا؟ فقال: «اعمَلُوا؛ فكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له» متفق عليه.
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ بصر بجماعة، فقال: «عَلَامَ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ؟» قيل: على قبر يحفرونه، قال: ففزع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فبدر بين يدي أصحابه مسرعًا حتى انتهى إلى القبر، فجثا عليه، قال: فاستقبلتُه من بين يديه لأنظر ما يصنع، فبكى حتى بل الثرى مِن دموعه، ثم أقبل علينا قال: «أَيْ إِخْوَانِي! لِمِثْلِ الْيَوْمِ فَأَعِدُّوا» رواه ابن أبي شيبة في "المصنف".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الدعاء للميت دعاء الميت الدعاء للميت على القبر المزيد صلى الله علیه وآله وسلم الدعاء للمیت عند القبر رضی الله
إقرأ أيضاً:
ما حكم الصلاة على ميت مديون؟ .. دار الإفتاء تجيب
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم الصلاة على الميت الذي عليه دين؟ حيث ورد في كتب الحديث أنّ النبي صلّى الله عليهِ وآله وسلّم ترك صلاة الجنازة على من مات وعليه دين؛ فهل الصلاة على من مات وعليه دين حرام؟ نرجو منكم بيان الحكم الشرعي في ذلك.
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال: إن الصلاة على الميت فرض كفاية، ولا فرق في ذلك بين كونه مدينًا أو غير مدين، وليس فيما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم من التوقف أو الامتناع عن الصلاة على صاحب الدَّيْنِ ما يُفيد عدم مشروعيتها لـعموم الأمة؛ إنما كان المقصود من الحديث هو الندب إلى المبادرة إلى سداد دين الميت المدين، وحثًّا للقادرين على ذلك، وتنبيهًا للحاضرين على عِظم أمر الدَّيْنِ وضرورة المسارعة إلى قضائه حال الحياة، فضلًا عن كون الحديث منسوخًا.
وأوضحت أنه من المقرر شرعًا أنَّ صلاة الجنازة على الميت فرض كفاية؛ إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين، وإذا لم يقم بها أحدٌ أثِمَ الجميع، وقد حثَّ الشرع الشريف على صلاة الجنازة ورتَّب عليها الأجر والثواب، وجعلها من حقِّ المسلم على أخيه.
فقد رَوى الإمام أحمد في "مسنده" عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «خَمْسٌ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ: رَدُّ التَّحِيَّةِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَشُهُودُ الْجِنَازَةِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ اللَّهَ».
ورَوى الشيخان في "صحيحهما" عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ شَهِدَ الْجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ»، قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ؟ قَالَ: «مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ»؛ قال الإمام ابن دقيق العيد في "إحكام الأحكام" (1/ 362، ط. السنة المحمدية): [فيه دليلٌ على فضل شهود الجنازة عند الصلاة وعند الدفن، وأنَّ الأجر يزداد بشهود الدَّفن مضافًا إلى شهود الصلاة] اهـ.