رئيس الحكومة اللبنانية: يداي ممدودتان للجميع للانطلاق سوياً
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
بيروت (وكالات)
أخبار ذات صلةأكد رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نواف سلام، أمس، أن يديه ممدودتان لجميع الأفرقاء للانطلاق في مهمة الإنقاذ والإصلاح، متعهداً غداة نيله تأييد غالبية نيابية، ببسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية.
وفي أول كلمة عقب وصوله إلى بيروت ولقائه رئيس الجمهورية جوزيف عون ورئيس البرلمان نبيه بري، قال سلام للصحافيين من القصر الرئاسي، «أصغيت بالأمس إلى بعض الهواجس التي أثيرت، جوابي أنني بفطرتي وتكويني وممارستي السياسية لست من أهل الإقصاء، بل من أهل الوحدة، ولست من أهل الاستبعاد، بل من أهل التفاهم والشراكة الوطنية».
وتابع «هذه دعوتي الصادقة ويداي الاثنتان ممدودتان للانطلاق سوياً في مهمة الإنقاذ والإصلاح وإعادة الإعمار».
وكلف عون الاثنين الماضي سلام برئاسة الحكومة، بعد نيله تأييد 84 نائباً من إجمالي 128 من أعضاء البرلمان، في تطوّر يؤكد التغيير الحاصل في المشهد السياسي نتيجة تراجع موقع «حزب الله» الذي كان يتحكّم بمفاصل الحياة السياسية في البلاد. وامتنع نواب «حزب الله» وحركة أمل عن تأييد سلام.
ولا يعني تكليف رئيس حكومة جديد أنّ ولادة هذه الحكومة ستكون قريبة، إذ غالباً ما يستغرق تشكيل الحكومات في لبنان أسابيع أو حتى أشهراً بسبب الانقسامات السياسية العميقة.
وقال سلام: «أهم التحديات التي نواجهها اليوم هي التصدي لنتائج العدوان الأخير»، بعدما دمّر أجزاء في جنوب البلاد وشرقها وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، موضحاً أن إعادة الإعمار ليست مجرد وعد، بل التزام، وهذا يتطلب العمل الجاد على التنفيذ الكامل للقرار 1701 وكافة بنود اتفاق وقف إطلاق النار، وفرض الانسحاب الكامل للعدو من آخر شبر محتل من أراضينا».
وأضاف «لا أمن ولا استقرار لبلادنا دون ذلك، وهذا يقتضي العمل أيضاً على بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بوساطة قواها الذاتية».
وعلى وقع الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان منذ خريف 2019، وعجز السلطات المتلاحقة عن تنفيذ الإصلاحات الملحة لبدء مرحلة التعافي، تعهد سلام بـ«وضع برنامج متكامل لبناء اقتصاد حديث ومنتج». وتعهد كذلك «بإنصاف ضحايا انفجار مرفأ بيروت» المدمر في 4 أغسطس 2020 والعمل لـ«تحقيق العدالة»، بعدما أعاقت التدخلات السياسية تقدم التحقيق القضائي.
ودعا القوى السياسية إلى التعاون لبدء فصل جديد بمعزل عن التدخلات الخارجية. وقال «كان لكل منا رهان على خارج ما والتجربة علمتنا أن الرهان الصحيح الوحيد هو الرهان على وحدتنا وعلى تعاوننا».
في غضون ذلك، أكدت فرنسا أمس، أهمية تشكيل حكومة لبنانية قوية قادرة على توحيد لبنان بكل تنوعه في أقرب وقت ممكن، وتنفيذ الإصلاحات الضرورية التي تهدف لإعادة الرخاء لشعبه واستعادة أمنه وكامل سيادته على أراضيه. وأعربت وزارة الخارجية الفرنسية عن التهنئة إلى نواف سلام بمناسبة تعيينه رئيساً لمجلس الوزراء اللبناني، وذلك بعد الاستشارات النيابية التي عقدت يوم أمس الأول. كما أعربت فرنسا عن تمنياتها لسلام بالنجاح في أداء مهمته في هذه اللحظة التاريخية التي يعيشها لبنان، وذلك بعد انتخاب الرئيس جوزيف عون الأسبوع الماضي، مشيرة إلى أن هذا الترشيح يأتي ليشكل سبباً جديداً للأمل بالنسبة للبنان واللبنانيين. وأكد البيان أنه سيكون بوسع رئيس الوزراء اللبناني الجديد الاعتماد على دعم فرنسا الكامل في أداء مهامه لما فيه مصلحة الشعب اللبناني بأكمله.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: نواف سلام لبنان بيروت جوزيف عون من أهل
إقرأ أيضاً:
بين وهم الإنجازات وواقع المعاناة: الحكومة أمام امتحان المحاسبة السياسية.
بعد صمت طويل، خرج علينا رئيس الحكومة أخيرًا خلال اجتماع داخلي مع فريقه البرلماني، في إطار التحضير للدخول السياسي. لقاء بدا أنه يهدف أساسًا إلى تقديم “توجيهات” لنوابه ومستشاريه، والتي تمحورت بشكل لافت حول دعوته لهم إلى “الدفاع عن الأغلبية الحكومية”. وهنا يحق لنا أن نتساءل: وأين المواطن من كل هذا؟
فالبرلمانيون، قبل أن يكونوا مدافعين عن الأغلبية، هم ممثلو الأمة، يحملون صوت من انتخبهم ووضع ثقته فيهم للدفاع عن مصالحه، لا عن تماسك سياسي هش بات عنواناً لحكومة تتصارع مكوناتها حول من سيقود حكومة « المونديال »،والتي تكاد لا يجمعها سوى الرغبة في الاستمرار في تدبير شؤون البلاد، لا أكثر.
حديث رئيس الحكومة لم يكن مفاجئًا. فمنذ توليه المنصب، دأب على تجاهل تقارير مؤسسات وطنية رسمية، تحذر بوضوح من التدهور الاقتصادي والاجتماعي. أما البرلمان، فقد اختُزل دوره في مناسبات استعراضية، يعتلي خلالها رئيس الحكومة المنصة ليُطرب مسامع برلمانييه بـ”إنجازات” لا يشعر المواطن بأي أثر لها في معيشه اليومي.
التشديد الأخير لرئيس الحكومة على ضرورة تماسك الأغلبية لا يعكس حرصًا على التنسيق في خدمة المواطن، بل يعكس قلقًا سياسيًا حقيقيًا، خاصة وأن الدخول البرلماني تزامن مع فضيحة سياسية كبرى، تمثلت في صرف دعم بقيمة 13 مليار درهم لاستيراد المواشي، دون أن يكون لذلك أي أثر على أسعار اللحوم الحمراء، ودون مساءلة أو محاسبة.
في دول تحترم ديمقراطيتها ومواطنيها، كانت هذه الفضيحة لتدفع الحكومة إلى تقديم استقالتها. لكن في مغربنا، لا نستغرب اعتراف بعض أعضاء الحكومة أنفسهم بهدر المال العام، بل والأدهى من ذلك، الالتفاف على مطالب المعارضة بتشكيل لجنة تقصي الحقائق، من خلال إحداث مهمة استطلاعية لا ترقى إلى مستوى التحقيق والمساءلة.
تشكيل لجنة تقصي الحقائق هو حق دستوري تمارسه المعارضة عندما تستشعر غياب الشفافية، وضعف التواصل الحكومي، وانعدام الأجوبة المقنعة حول ملفات تمس الأمن الغذائي للمغاربة، بل السيادة الغذائية ذاتها. كيف يُعقل صرف دعم ضخم دون أي انعكاس على الأسعار؟ ولماذا يُمنح لفلاحين أجانب في حين يُهمش الفلاح المغربي؟
لجنة تقصي الحقائق ليست أداة للمزايدات أو البوز السياسي كما يروج رئيس الحكومة، بل وسيلة دستورية لجمع المعطيات، تحديد المسؤوليات السياسية والإدارية، وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، كما ينص عليه الفصل الأول من الدستور. وقد يفضي تقريرها إلى محاسبة سياسية، وربما إحالة الملف على القضاء إن وُجد ما يبرر ذلك.
لكن رئيس الحكومة يبدو غير مكترث بكل ذلك. فبدل الانفتاح على آلية رقابية دستورية، اختار توجيه تحذير مبطن لبرلمانيي الأغلبية، يحثهم على عدم الانخراط أو التوقيع مع فرق المعارضة لتشكيل لجنة تقصي الحقائق. وهو بذلك يضع نفسه فوق كل مساءلة، متجاهلاً حق المواطنين في معرفة الحقيقة.
من حقنا أن نتساءل: لماذا انهارت القدرة الشرائية؟ لماذا لم تنخفض أسعار اللحوم رغم الدعم؟ من المستفيد الحقيقي من هذا الدعم؟ لماذا أسعار المحروقات مرتفعة رغم تراجعها عالميًا؟ ولماذا هذا الإصرار على إنهاك المواطن والضغط على جيبه؟ لماذا يُستصغر المواطن إلى هذا الحد، ويُعتبر غير أهل لمعرفة الحقيقة؟
إن إضعاف المؤسسات، والتهرب من المحاسبة، والتضييق على الرقابة، لا يعكس فقط استخفافًا بالدستور، بل يُغذي مشاعر اليأس و”الحُگرة” لدى المواطن، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى مصالحة حقيقية بين المجتمع ومؤسساته، أساسها الشفافية، والعدالة، والمساءلة.