عندما يُهَدِّدُ أحدُ أفرادِ جيلِ السِّنابِ وآيباد وتيك توك ومنصة X وأشباهِها بأنَّه إذا لم يُعطَ مقالاتٍ قصيرةً جدًّا (م ق ج)، فإنَّه سوف يُقاطِعُ الكُتُبَ والمقالاتِ الطَّويلةَ نهائيًّا، فإنَّه بذلك يُعبِّرُ عن احتجاجِهِ لعدمِ تلبيةِ رغباتِهِ المشروعةِ في الحصولِ على المعلومةِ بسرعةٍ.
لا نفضِّلُ القراءةَ العابرةَ والقصيرةَ على القراءةِ المعمقةِ، بل نعدُّها أفضلَ من التوقفِ عن القراءةِ تمامًا.
ربما أدَّتْ كثرةُ الخِياراتِ المتاحةِ لهذا الجيلِ إلى تقليصِ الوقتِ الذي يمكنهمُ التركيزُ فيهِ على موضوعٍ واحدٍ إلى دقائقَ قليلةٍ جدًّا إن لم تكنْ ثوان، وذلك ما دفعَ بعضَهم لتشبيهِ ذاكرتِهم بذاكرةِ السَّمكِ لقصرِها.
بينما كان شبابُ الأجيالِ السابقةِ قد لا يجدونَ أماكنَ لقضاءِ أوقاتِهم في الترفيهِ، يُعاني جيلُ اليومِ من وفرةِ الخياراتِ، وهو ما جعلَ القراءةَ تحتلُّ مرتبةً متأخرةً في قائمةِ اهتماماتِهم.
يأتي هذا النمطُ من الكتابةِ تماشيًا مع رغباتِ وميولِ الجيلِ الذي يُفضِّلُ الاختصارَ والسرعةَ، ومحاولةً لإعادتِهم إلى ساحةِ القراءةِ والكُتُبِ. لا يمكنُ أن يُعَدَّ التوجُّه نحو الاختصارِ في الكتابةِ خضوعًا لرغباتِ الشارعِ، بل هو محاولةٌ لجذبِ القرَّاءِ نحو القراءةِ المعمقةِ وأُمهاتِ الكُتُبِ في مختلفِ المجالاتِ، بدلًا من انسياقِهم نحو مغرياتِ الأدواتِ الترفيهيةِ التي تُحيطُ بهم وتقللُ من وقتِ بناءِ خلفيتِهم الثقافيةِ والفكريةِ، وهو ما يُسهمُ في زيادةِ حالةِ التسطيحِ في مجتمعاتِنا.
هذا التوجُّهُ في الكتابةِ هو خيارٌ متاحٌ عبر جرعات خفيفة لمن لا يرغبُ أو لا يستطيعُ تحمُّلَ قراءةِ الكُتُبِ أو المقالاتِ الطويلةِ، على أملِ أن يُشجِّعَهم- على المدى البعيدِ- على العودةِ إليها.
yousefalhasan@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
عضوية مجانية مدى الحياة في المكتبات العامة للمواليد المواطنين
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةاحتفاءً بيوم الطفل الإماراتي، أعلنت وزارة الثقافة منح عضوية مجانية مدى الحياة في المكتبات العامة التابعة لها للمواليد الجدد من مواطني الدولة، وذلك ضمن خدمة «مبروك ما ياك»، وتأتي هذه المبادرة في إطار جهود الوزارة لتعزيز ثقافة القراءة منذ الطفولة، وتسهيل وصول الأطفال وأولياء الأمور إلى مصادر المعرفة، تزامناً مع الشهر الوطني للقراءة.
وتهدف الوزارة من خلال هذه الخطوة إلى غرس عادة القراءة لدى الأطفال منذ الصغر، وتعزيز دور الأسرة في تنمية المعرفة، مما يسهم في بناء جيل واعٍ ومثقّف قادر على دعم مسيرة التنمية الوطنية. كما تتيح المبادرة للأهالي إمكانية الوصول المباشر إلى مجموعة متنوعة من الكتب والمواد التعليمية، بما يسهم في دعم رحلة التعلم مدى الحياة وترسيخ القراءة كممارسة يومية في المجتمع. ويمكن للمواطنين الاستفادة من هذه الخدمة بسهولة عبر استخدام الهوية الإماراتية ضمن «باقة أسرتي»، وهي منصة استباقية ومتكاملة تربط الخدمات الحكومية لعدد من الجهات الاتحادية والمحلية لمساعدة مواطني الدولة في تأسيس أسرهم ودعم احتياجاتها. وتُفعّل الخدمة تلقائياً دون الحاجة إلى تقديم طلب منفصل، في إطار برنامج «تصفير البيروقراطية الحكومية» الذي أطلقته حكومة دولة الإمارات بهدف تبسيط وتقليص الإجراءات الحكومية وإلغاء الاشتراطات غير الضرورية، مما يعزّز سهولة الوصول إلى الخدمات ويجعلها أكثر كفاءة ومرونة.
يُذكر أنه تم إصدار أكثر من 100 ألف عضوية للأطفال في المكتبات العامة التابعة لوزارة الثقافة، وذلك في إطار جهودها المستمرة لتعزيز وصول الأجيال الناشئة إلى مصادر المعرفة، وتوسيع دائرة الامتيازات الثقافية لمواطني الدولة.