تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في قلب التاريخ المصري، تنبض صناعة الفخار بروح الأصالة والإبداع، كأنها قصيدة تُروى عبر الأجيال، فهي ليست مجرد حرفة يدوية، بل حكاية حضارة سطرت فصولها بأيدٍ ماهرة وقلوب عاشقة للجمال، فمن أعماق الطين يولد الفن، ومن حرارة النار تتجلى الروعة، هكذا تبقى الأواني الفخارية شاهدة على عبقرية المصريين وقدرتهم على تحويل المواد الخام إلى قطع تتحدث بلغة التراث.

 

وتحكي هذه الصناعة العريقة رغم بساطتها، قصة ارتباط الإنسان بالأرض، حيث يلتقي الماضي بالحاضر في أشكال تفيض بالسحر وتتغني بالحياة اليومية.

يعود تاريخ صناعة الفخار في مصر إلى العصور الفرعونية، حيث كانت الأواني الفخارية تُستخدم لتخزين المياه والطعام، وأصبحت رمزًا للحياة اليومية، ومع مرور الزمن، تطورت تقنيات التصنيع، لكن الحرفة ظلت وفية لجذورها التقليدية، مع إضافة لمسات فنية تتناسب مع ذوق العصر.

تقول "بطة محمد، 34 عامًا"، أن الأواني الفخارية تتميز بتنوع أشكالها وأحجامها، حيث تشمل الفناجين الصغيرة، والطواجن بمختلف الأحجام، والزير المستخدم لتبريد المياه، والكولمن الذي يُعد بديلاً طبيعيًا لبرادات المياه الحديثة، مضيفة أن الفخار يتنوع بين المطلي والملون، مما يضيف جاذبية فنية للأواني ويجعلها قطعة ديكور مميزة بجانب استخدامها العملي.

وأشارت إلى أن الأواني الفخارية تُعد خيارًا اقتصاديًا ومتاحًا للجميع، حيث تبدأ أسعارها من 2.5 جنيه مصري فقط للفناجين الصغيرة، ويمكن أن تصل إلى 500 جنيه للأواني الكبيرة أو المزخرفة بأعلى مستويات الحرفية، موضحًة أن هذا التنوع في الأسعار يجعلها متاحة لكل فئات المجتمع، وأكدت أن صناعة الفخار تُعتبر واحدة من أقدم الحرف اليدوية التي لا تزال تحتفظ بجمهورها رغم التطور الكبير في أدوات وأواني الطهي الحديثة، ورغم انتشار الأواني المصنوعة من الألومنيوم والستانلس ستيل والسيراميك، يظل الفخار حاضرًا بقوة في العديد من البيوت، سواء للاستخدام اليومي أو لأغراض الزينة والديكور.

تتحدث "بطة" عن تجربتها الشخصية في هذا المجال، فتقول إنها تعمل مع زوجها في هذه الحرفة التي ورثها عن والده وجده، مشيرة إلى أن هذه الصناعة تمثل جزءًا من تراث عائلتهما الذي يفتخران به ويحافظان عليه، موضحة أنها تهوى الفخارات الملونة بشدة، حيث تجد متعة كبيرة في ترتيبها بشكل فني يجذب الأنظار ويبرز جمالها، كما أن ترتيب الفخارات بألوانها الزاهية وأشكالها المتنوعة على جانب الطريق يُعد وسيلة فعالة لجذب المارة والسائقين، إذ يلفت انتباههم هذا المشهد الجميل، فيتوقفون لشراء بعض القطع، وتؤكد أن الكثير من الناس يقدرون جمال الفخار، سواء لاستخدامه في الطهي أو كعنصر جمالي يزين بيوتهم وحدائقهم.

وأوضحت أنه من خلال شغفها وحبها لهذا العمل، تأمل أن يستمر الفخار في الحفاظ على مكانته في حياة الناس، وأن يظل رمزًا للأصالة والجمال الذي لا يتأثر بمرور الزمن، فالأواني الفخارية تُعرف بقدرتها على الحفاظ على نكهة الطعام وتبريد المياه بشكل طبيعي، مما يجعلها خيارًا مفضلًا للكثيرين، وأن يتم أن الحفاظ على هذه المهنة ونقلها للأجيال القادمة، قائلة " على الرغم من إنها مسؤولية كبيرة، لكنها تستحق العناء لما تحمله من قيمة فنية وجمالية".

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: صناعة الفخار حرفة يدوية الأواني الفخارية الفخار الأوانی الفخاریة ت

إقرأ أيضاً:

صناعة فارق

تتردد كثيرا جملة «صناعة فارق» فتوصف؛ على سبيل المثال؛ اللحظة الزمنية على أنها تصنع الفارق، وذلك عندما يكون هناك موقف يحتاج إلى صنع قرار سريع، فـيوصف القرار الذي اتخذ على أنه لحظة زمنية فارقة، ويذهب مفهوم الـ «فارقة» على أن ما هو آت يمثل أهمية كبيرة للفرد أو المجموع، وأن ما سبقه لم يكن بتلك الأهمية التي عليها القادم، أو أنه أقل شأنا أو أهمية، فالفارقة هنا؛ فـي أغلبها لحظة زمنية واسعة بين زمنين، يمثل أحدهما أهمية أكبر من الآخر، انعكاسا لما تحقق فـيها من إنجاز بشري، يمكن أن يشار إليه بالبنان، ومع أن الناس ارتبطوا أكثر بالزمن، إلا أنه يمكن أن تكون المادة حالة فارقة فـي ذاتها، وفـي تأثيرها، فصناعة أداة أو وسيلة فـي أي شأن من شؤون الحياة أكثر تطورا من سابقتها تعد علامة فارقة فـي مفهوم الصناعة لذات المادة، نظرا لما تحمله من خصوصية ذاتية تجعلها قادرة على أداء مهام ومسؤوليات أكبر من سابقتها، وكما ترتبط المسألة ذاتها بالإنسان وهو الفاعل الحقيقي فـي اللحظات الفارقة فـي الحياة، ولذلك يقال أيضا: فلان من له القدرة على صناعة الفارق، وذلك نظرا لمجموعة المواهب والقدرات الذاتية التي تجعله أن يصنع فوارق مختلفة فـي المجال الذي يشار إليه فـي اللحظة الآنية هنا أو هناك، فهناك أشخاص؛ فعلا؛ صنعوا فوارق مادية، ومعنوية فـي المجال الذي عملوا فـيه، وقد يكون صناعة الفارق على مستوى الأسرة الواحدة، عندما يتميز فرد من أفرادها فـيعلي من شأن أسرته نظرا لما حققه من منجزات ارتفع بها شأن أسرته، ولذلك فهؤلاء الناس تتجاذبهم الأيدي، وتتسع لهم القلوب والنفوس بالترحاب، وتبسط لهم أردية المودة، ويتم إغراؤهم بالمال، والجاه جنبا إلى جنب، كل ذلك ما أرّخوه فـي مسيرتهم الحياتية من صناعة الفوارق المختلفة، ولذلك يمكن القول أكثر، أن المواهب الذاتية التي يمتلكها البعض من الناس هي التي تؤهلهم لأن يتبوؤوا المنازل الرفـيعة بكل جدارة.

ومع التسليم بأن الإنسان هو الفاعل الحقيقي لصناعة الفارق إلا أن صناعة الفارق ليست أمرا مطلقا خاصا بالإنسان على وجه التحديد، فقد تتلبس الدور الأمكنة، أو الحيوانات، أو الأزمنة كما أسلفت، وهذا الإنسان ليس شرطا أن يكون مستوفـيا شروط الرشد، أو النوع، أو العرق، أو اللون، فبدون ذلك كله، يأتي هؤلاء كلهم صانعوا الفوارق اللحظية فـي مسيرة الحياة فاعلين؛ ومؤثرين، فكم من أمكنة ثائرة، تصنع فوارق عالية فـي مسيرة حياة شعوبها، ويعاد تألقهم وتميزهم لأنهم من سكان هذه الأمكنة التي يتميز موقعها بصناعة الأحداث، والحيوانات كذلك، ولعلنا نشاهد ذلك فـي السباقات، عندما تصل جوائزها إلى مئات الآلاف من النقود، فما بين الهزيمة والنصر ثمة فارق نوعي صنعه هذا الحيوان فـي تلك اللحظة الفارقة، وكما يقاس ذلك على النوع والعرق واللون، ومعنى هذا أن صناعة فارق نوعي ليس مرتبطا بمحدودية المشار إليه، وإنما يتجاوز كل التقديرات، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون حكرا على فئة دون أخرى على امتداد هذا الكون الفسيح.

والفارق المصنوع هنا أو هناك لا يحتاج إلى اعتماد جهة رسمية ليشار إليه ببراءة الاختراع؛ لأنه من وحي الفطرة، لا يتخلله تكلف، ولا يحتاج إلى شهود أعيان، فبقدر الحوار الذي جرى، أو الفعل الذي كان، أو الابتسامة التي توزع بياض صفائها عبر الأفق، أو الهدية التي تسللت إلى الوجدان، كل ذلك وغيره رسائل تتجاوز كل مطبات الأنفس التي قد تعيق صناعة فارق نوعي ما، وكل ذلك أمر متاح فعله للناس كافة.

مقالات مشابهة

  • أذان المسجد النبوي.. النداء الخالد بين الماضي والحاضر
  • العادات الاستهلاكية في رمضان بين الماضي والحاضر
  • "أخاف على الذوق العام".. السيسي يتحدث عن أزمة الدراما المصرية
  • السيسي: الفن والإعلام من صناعة تُثري المجتمع إلى تجارة بحاجة للمراجعة
  • السيسي: الفن كان صناعة وأصبح تجارة.. "أنا خايف على الذوق العام بتاعنا كمصريين"
  • الرئيس: الدولة لن تمنع الفن والإعلام وتعيد صياغتهما حفاظ على الذوق
  • المعادلة الجديدة للغائب الحاضر والحاضر الغائب
  • صناعة البطل : العمدة الذي أرعب الرئيس.
  • 605 شهداء فى غارات إسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر الثلاثاء الماضي
  • صناعة فارق