من أعماق الطين يُولد الفن.. الفخارات تجمع الماضي والحاضر على جانبي الطريق
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في قلب التاريخ المصري، تنبض صناعة الفخار بروح الأصالة والإبداع، كأنها قصيدة تُروى عبر الأجيال، فهي ليست مجرد حرفة يدوية، بل حكاية حضارة سطرت فصولها بأيدٍ ماهرة وقلوب عاشقة للجمال، فمن أعماق الطين يولد الفن، ومن حرارة النار تتجلى الروعة، هكذا تبقى الأواني الفخارية شاهدة على عبقرية المصريين وقدرتهم على تحويل المواد الخام إلى قطع تتحدث بلغة التراث.
وتحكي هذه الصناعة العريقة رغم بساطتها، قصة ارتباط الإنسان بالأرض، حيث يلتقي الماضي بالحاضر في أشكال تفيض بالسحر وتتغني بالحياة اليومية.
يعود تاريخ صناعة الفخار في مصر إلى العصور الفرعونية، حيث كانت الأواني الفخارية تُستخدم لتخزين المياه والطعام، وأصبحت رمزًا للحياة اليومية، ومع مرور الزمن، تطورت تقنيات التصنيع، لكن الحرفة ظلت وفية لجذورها التقليدية، مع إضافة لمسات فنية تتناسب مع ذوق العصر.
تقول "بطة محمد، 34 عامًا"، أن الأواني الفخارية تتميز بتنوع أشكالها وأحجامها، حيث تشمل الفناجين الصغيرة، والطواجن بمختلف الأحجام، والزير المستخدم لتبريد المياه، والكولمن الذي يُعد بديلاً طبيعيًا لبرادات المياه الحديثة، مضيفة أن الفخار يتنوع بين المطلي والملون، مما يضيف جاذبية فنية للأواني ويجعلها قطعة ديكور مميزة بجانب استخدامها العملي.
وأشارت إلى أن الأواني الفخارية تُعد خيارًا اقتصاديًا ومتاحًا للجميع، حيث تبدأ أسعارها من 2.5 جنيه مصري فقط للفناجين الصغيرة، ويمكن أن تصل إلى 500 جنيه للأواني الكبيرة أو المزخرفة بأعلى مستويات الحرفية، موضحًة أن هذا التنوع في الأسعار يجعلها متاحة لكل فئات المجتمع، وأكدت أن صناعة الفخار تُعتبر واحدة من أقدم الحرف اليدوية التي لا تزال تحتفظ بجمهورها رغم التطور الكبير في أدوات وأواني الطهي الحديثة، ورغم انتشار الأواني المصنوعة من الألومنيوم والستانلس ستيل والسيراميك، يظل الفخار حاضرًا بقوة في العديد من البيوت، سواء للاستخدام اليومي أو لأغراض الزينة والديكور.
تتحدث "بطة" عن تجربتها الشخصية في هذا المجال، فتقول إنها تعمل مع زوجها في هذه الحرفة التي ورثها عن والده وجده، مشيرة إلى أن هذه الصناعة تمثل جزءًا من تراث عائلتهما الذي يفتخران به ويحافظان عليه، موضحة أنها تهوى الفخارات الملونة بشدة، حيث تجد متعة كبيرة في ترتيبها بشكل فني يجذب الأنظار ويبرز جمالها، كما أن ترتيب الفخارات بألوانها الزاهية وأشكالها المتنوعة على جانب الطريق يُعد وسيلة فعالة لجذب المارة والسائقين، إذ يلفت انتباههم هذا المشهد الجميل، فيتوقفون لشراء بعض القطع، وتؤكد أن الكثير من الناس يقدرون جمال الفخار، سواء لاستخدامه في الطهي أو كعنصر جمالي يزين بيوتهم وحدائقهم.
وأوضحت أنه من خلال شغفها وحبها لهذا العمل، تأمل أن يستمر الفخار في الحفاظ على مكانته في حياة الناس، وأن يظل رمزًا للأصالة والجمال الذي لا يتأثر بمرور الزمن، فالأواني الفخارية تُعرف بقدرتها على الحفاظ على نكهة الطعام وتبريد المياه بشكل طبيعي، مما يجعلها خيارًا مفضلًا للكثيرين، وأن يتم أن الحفاظ على هذه المهنة ونقلها للأجيال القادمة، قائلة " على الرغم من إنها مسؤولية كبيرة، لكنها تستحق العناء لما تحمله من قيمة فنية وجمالية".
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: صناعة الفخار حرفة يدوية الأواني الفخارية الفخار الأوانی الفخاریة ت
إقرأ أيضاً:
معرض «روح الخزف».. يجسد مواجهة الفقد بالفن والإبداع
فاطمة عطفة (أبوظبي)
نظمت دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي أول أمس في منارة السعديات معرضين هما «رسائل التصميم: نيون-نيون»، و«روح الخزف» للفنانة «هوما فارلي» وطلابها الذين يعملون في مؤسسة «أبوظبي للفخار»، ويضم معرض «روح الخزف» حوالي 50 قطعة فنية من الفخار، ويستمر لغاية 28 من الشهر الحالي.
وقالت الفنانة هوما فارلي لـ«الاتحاد» إن التحضير لهذا المعرض استغرق ثلاث سنوات، وقد بدأ التفكير فيه بعد حادث أليم عندما فقدت ابنتها وعاشت فترة من الألم إثر هذه الصدمة، وكان العمل الفني هو المنقذ الوحيد الذي أخرجها من الألم ولوعة الفقدان، وساعد قلبها المكسور في التخفيف من اللوعة ومحاولة النسيان. وأوضحت أن القطع المعروضة في المعرض تم تشكيلها باتباع تقنيات متنوعة تستخدمها في تشكيل القطع الفخارية، ومن هذه القطع صحن يطلق عليه «الطين الورقي»، إضافة إلى قطعة أخرى جرى تشكيلها من طبقات عديدة من الفخار، آخذة أيضاً ألواناً فخارية عديدة، وخاصة أن الطين الناعم يتجاوب مع الشغل ويأخذ التشكيل المطلوب أكثر من غيره.
وهناك قطعة فنية أخذت شكل الحرف الياباني تسمى «ركو»، وهي من قطع عديدة ركبت فوق بعضها بعضاً، وأخذت شكلاً يشبه القطع المعدنية المركبة بطريقة فنية عالية الدقة، بحيث تعكس الفنون اليابانية، بينما هناك قطع فخارية أخرى تعكس الحضارة الشرق أوسطية. وأشارت الفنانة فارلي إلى منحوتة مشكلة من قطع صغيرة ركبت باليد فوق بعضها بعضاً بشكل فني جميل، وعند السؤال حول عجينة الفخار، وهل يتطلب صنعها من شكل إلى آخر عجينة مختلفة، أكدت أن كل عمل فني يحتاج عجينة فخارية مختلفة عن غيرها، كما يتبع ذلك شكل التصميم والألوان التي تضاف بعد ذلك للقطعة. وأوضحت أن فن الفخار من أقدم الفنون في التاريخ، لذلك يحمل تنوعاً في تشكيل القطع الفخارية، وأكدت أنها تعبر عن الصلة العميقة للتاريخ بالطين من خلال قطعها الحديثة والعملية، والتي يتجدد أسلوبها من العناصر الترابية، وغالباً ما تدمج فيه منظراً من الشرق الأوسط.