الانقلاب الذي نفذه قائد الحرس الرئاسي عبدالرحمن تشياني في السادس والعشرين من شهر يوليو الماضي، علي الرئيس محمد بازوم التي تولي السلطة من سلفه محمدو ايسوفو في ابريل 2021، هذا الانقلاب ادي الي غضب العديد من دول المجموعة الاقتصادية لغرب افريقيا ’ ايكواس‘‘ التي طالبت الانقلابيين باستعادة المسار الديمقراطي واعادة بازوم المنتخب الي سدة الحكم مرة اخري، او انتظار التدخل العسكري ضدهم، وانضمت فرنسا الي مجموعة الايكواس، الا ان الانقلابيين اعتبروا القرار عبارة لعبة تقوم بها فرنسا علي وكلاءها في المنطقة لدعم حليفهم بازوم المعزول بالعودة مرة اخري كرسي السلطة لخدمة الحلفاء الغربيين.



الاسئلة التي اصبحت تكرر دائما، لماذا بدأ النفوذ الفرنسي في العديد من البلدان الافريقية بدأ في الافول، من مالي والنيجر وبوركينافاسو اضافة الي افريقيا الوسطي واخره، في السنوات الاخيرة، ما اسباب الكراهية والنفور من السيدة الاستعمارية في دول جنوب الصحراء؟، واصبح التوجه الي الدب الروسي، اضافة الي الصين والهند، والغرب، اصبحت مصالحه تبدأ في التآكل او الاندثار، والغرب يريد عودة حليفه الي الكرسي، لانه كان يلعب دورا هاما في محاربة الهجرة غير الشرعية الي القارة العجوز، ومحاربة الجماعات الجهادية التي تنشط في بوركينافاسو ومالي وغيرها من دول الايكواس، نيجيريا علي سبيل المثال، تنشط فيها جماعة بوكو حرام، ربما هناك مخاوف ان فرنسا تفقد مميزاتها الاقتصادية في هذه الدول.

بعد حديث الايكواس عن التدخل العسكري في النيجر، احتشد الالاف من النيجريين في العاصمة نيامي تأييدا للخطوة التي قام بها العسكر ضد بازوم الذي اعتبروه ذراعا للاجندة الفرنسية في المنطقة، وانه يعمل علي التغول علي مصالح الدولة العميقة في النيجر، ونتيجة للغضب الشعبي، تم الهجوم علي السفارة الفرنسية، رفضا لسياسات الهيمنة الفرنسية، وهذا ما ادي وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا بالتصريح، ان فرنسا ليس لديها ان نوايا للتدخل عسكريا في دولة النيجر، جاء ذلك، ردا علي علي الشعارات المناهضة لفرنسا التي رفعها متظاهرون خلال احتجاج امام السفارة، قائلة ’ ينبغي عدم الوقوع في الفخ‘، بعد ما اراد المتظاهرين المؤيدين للانقلاب دخول السفارة قبل ان قامت قوات الامن النيجرية باطلاق الغاز المسيل للدموع.

فرنسا لا ترغب مغادرة اخر معاقلها في جنوب الصحراء، حسب تقرير نشر علي موقع بي بي سي العربية، تعتمد فرنسا علي النيجر في الحصول علي 35 في المائة من احتياجاتها من اليورانيوم لمساعدة محطاتها النووية في توليد 70% من الكهرباء، وتعتبر النيجر دولة غنية بموارد الطاقة، اذ تمتلك واحدا من اكبر احتياطات العالم من اليورانيوم وتعد سابع اكبر منتج له، فضلا عن كميات كبيرة من احتياطات الذهب والنفظ، وتم الكشف عن احتياطات من الفحم عالي الجودة في جنوب وغرب البلاد، يضيف الموقع، ومع انتهاء الحقبة الاستعمارية لم تنته فرنسا في النيجر، اذا تحتل مكانة استراتيجية مهمة لها، تعتبر النيجر حليف في مكافحة الهجرة غير الشرعية، والارهاب، وايضا تستضيف قاعدة عسكرية فرنسية بها نحو 1500 من القوات الفرنسية.

حسب ما خرجت به قمة الايكواس لمجموعة دول غرب افريقيا التي عقدت في العاشر من اغسطس في عاصمة نيجيريا ابوجا، وفي بيانها الختامي، مؤكدة انها لا تستبعد التدخل العسكري، وكل الخيارات مفتوحة، الا انهم يفضلون الحوار بين اطراف الصراع في الدولة، اري ان لهجة التهديد قد خفت حدتها، بعض اعتراض عدد من دول الاقليم بما فيها مالي وبوركينافاسو اضافة الي دولة الجزائر حيث رفض رئيسها عبدالمجيد تبون فكرة التدخل العسكري لما له من عوقب كارثية علي دول الجوار، واوضح تبون ان النموذج الليبي لكن يتكرر مرة اخري، اما حلفاء الانقلاب، رئيس بوركينافاسو عبدالرحمن تراوري، والمالي عاصمي غويتا، ابدا استعدادهما لدعم حكومة عبدالرحمن تشياني في حالة اتخذت دول المجموعة التدخل العسكري، ولم يخفا دعمهما الواضح لهذه الخطوة، رغم ذلك، الا ان الانقلاب سوف يستمر في مشروعه بتعيين رئيس وزراء يشكل حكومة انتقالية حتي يأتي موعد الانتخابات.

استبعد ان تلجأ ان مجموعة الايكواس الي الخيار العسكري في ظل السخط الشعبي علي سياسات فرنسا الاستعمارية في دول الساحل، ومحاولة اعادة التاريخ الاستعماري عبر بعض الوكلاء الموالين لها، ان تهديدات ورفض دول الجزائر ومالي بوركينافاسو، ربما هي اشارات يجب ان تعقلها مجموعة غرب افريقيا، وما الحضور الشعبي في استاد العاصمة نيامي، ما هو دليل ان الشعب يقف ويساند القرارات التي اتخذها قائد الانقلاب عبدالرحمن تشياني، لذا التفكير في التدخل له عواقب امنية وخيمة علي المنطقة، كما اشار اليها الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، خاصة المهددات الامنية، في حالة انفراط الامن، سوف يزيد من تدفق الهجرة غير الشرعية الي دول البحر الابيض المتوسط، وهذا ما سوف تعاني منه دول، مثل تونس والجزائر والمغرب وليبيا، اذا رفع هذا الملف الي الامم المتحدة، سوف يناقش، وتصدر بيانات ادانة، لكن الواقع علي الارض سيظل كما هو، اعتقد انه بعد سوف يسمح لمحمد بازوم بالمغادرة بشروط تحددها حكومة الامر الواقع.

في الختام، كل هذه التحولات التي تحدث في الدول الافريقية في السنوات القريبة، هي دليل علي الرفض الكامل لسياسات الغرب والولايات المتحدة الاستعمارية في القارة الافريقية، وما التوجه نحو الشرق كما اشرت اليه سابقا، سواء كانت روسيا او الصين والهند وايران، هو دليل علي استكمال الوعي بالحقوق للشعوب الافريقية التي لم تستفد شئ من سياسات فرنسا الاقتصادية في القارة، بل زادتها فقرا ومرضا، وحروبا اهلية، وفتن داخلية، فرنسا لن تستطيع فرض نفسها بالقوة في النيجر او مالي او بوركينافاسو، وعلي فرنسا ان تتعامل بسياسة الندية، بدلا من استغلال موارد النيجر او اي دولة افريقية اخري، وان تفتح صفحة اقتصادية جديدة، وان تكون صفقات اقتصادية تستفيد منها دولة النيجر في تطوير بنيتها التحتية، وتحسين قطاعات التعليم والصحة والزراعة، من دون ذلك، لكن تعود فرنسا كما كانت في السابق، لتعتبر ان النيجر حديقتها الخلفية للاستغلال الاقتصادي فقط.

سوف يواصل المجتمع الدولي الادانة، كما عبر الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش عن قلقه بشان ظروف واعتقال رئيس النيجر المعزول محمد بازوم، وطالب بالافراج عنه، في ذات الوقت، ذكرت بعض وسائل الاعلام الامريكية ان بازوم وضع في عزلة مع اسرته واجبر علي تناول الارز الجاف والباستا، وحرم من الاتصال بالعالم الخارجي، سوف يصر العسكر مع الداعمين لهم في مشروعهم بدون رجعة الي الخلف، والتوجه الي المعسكر الشرقي بات واقعا، يستحيل التراجع عنه في الوقت الحالي، اما المصالح الفرنسية والامريكية هي التي تحددها سياسات الحكومة الجديدة، سنري ما الذي تخفيه الايام القادمة؟..

 

ishaghassan13@gmail.com
///////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: التدخل العسکری فی النیجر

إقرأ أيضاً:

هوكشتاين في تل أبيب لمعالجة العقد: الخط الازرق وحق التدخل

يسود ترقّب في المنطقة لما ستؤول إليه زيارة المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين الى كل من بيروت وتل أبيب، بعدما غادر بيروت متفائلاً ووصل تل أبيب التي يلتقي فيها اليوم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

وقال رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان التقى هوكشتاين امس للمرة الثانية قبيل مغادرته" الاجواء اليوم أكثر ايجابية من أمس»، مضيفاً: «عملنا اللي علينا» بانتظار الرد الاسرائيي يبنى على الشيئ مقتضاه.

وأشار بري لـ «اللواء»إلى أن الاتفاق نفسه، وحتى آليات تطبيق القرار 1701 «ونحن أمام أيام حاسمة، فإما أن يقبل «نتنياهو» وتنتهي الحرب، وإما أن يرفض كعادته ونذهب إلى سيناريوهات أكثر سوءاً.
وإستقبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس - بلاسخارت في السرايا. وفي خلال اللقاء عرضت بلاسخارت لرئيس الحكومة أجواء المناقشات التي جرت في الجلسة الدورية المغلقة التي عقدها مجلس الأمن الدولي بالأمس بشأن لبنان.

وقال هوكستين، في بيان حول نتائج مفاوضات وقف إطلاق النار: «أنجزنا تقدماً إضافياً، وسأنتقل خلال ساعتين إلى إسرائيل في محاولة للوصول إلى خاتمة إذا تمكنّا من ذلك، ولن أُفصح عن المفاوضات علناً».
وقالت مصادر بعض الذين التقاهم هوكشتاين لـ «اللواء»: هناك تكتم حول الافصاح عن تفاصيل المفاوضات حتى عودة هوكشتاين من زيارته لإسرائيل ومعرفة مزيد من المعطيات.

وافادت المعلومات ان حزب لله أبلغ برّي أنه قَبِل بالوثيقة الأميركية وكانت لديه بعض التعليقات وأنه يجب أن يلتزم الفريقان بالاتفاق وليس فقط الحزب، وان لجنة المراقبة لن تضمّ البريطانيين والألمان نتيجة رفض حزب لله وبالتالي ستضمّ الأميركيين والفرنسيين ومن هنا يبدو أن الضمانة التي تطلبها إسرائيل ستتكرس بوجود الأميركي في لجنة المراقبة. 

وافادت ايضا: ان النقاش لم يُحسم بعد في عدد من النقاط وأبرزها والتي هي عالقة ولا تأخذ حيّزاً مهمًّا من النقاش الإعلامي تتعلق بترسيم الحدود وتحديداً الخطّ الأزرق.

لكن مصادر عين التينه قالت : أن الأجواء إيجابية وأفضل من يوم أمس والدليل على ذلك أن هوكشتاين متوجّه الى تل أبيب .


وكتبت" نداء الوطن": تقول مصادر رسمية واكبت محادثات هوكستين والردود على ورقته، إن هناك انطباعاً عاماً أن ظروف وقف النار لم تنضج بعد، فالذين التقاهم هوكستين، والذين تبلَّغ ردودهم، اقتصرت أجوبتهم على القبول بالقرار 1701 من دون أي ذِكرٍ لمندرجاته، ما يعني رفض أي تحديث له. والتحديث هو من صلب محادثات هوكستين، ما يعني انه في حسابات النجاح والفشل، فإن نتائج زيارة هوكستين للبنان كانت أقرب إلى الفشل منها إلى النجاح.

الرد الإسرائيلي لم يتأخر، وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، وفي كلمة أمام السفراء المعتمدين في إسرائيل، كشف أنه في أي اتفاق "سيتعين علينا الاحتفاظ بحريتنا في التصرف إذا كانت هناك انتهاكات".
وقال: "في المقام الأول، سيتعين علينا أن نضمن عدم عودة "حزب الله" إلى قرب حدودنا جنوب نهر الليطاني، وهذا حاسم".
وأضاف: "ثانياً، سيتعين علينا أن نجبرهم على ألا يستطيعوا بناء قوتهم مرة أخرى في لبنان، وألا يتمكنوا من إحضار ذخائر وصواريخ لتصنيعها أو إحضارها من إيران عبر سوريا، أو عن طريق البحر، وعبر مطار بيروت بأي صورة".

وإذا كان الميدان ميزان المفاوضات ومؤشراً إلى نجاحها أو فشلها، فإن ما أعقب انتهاء زيارة هوكستين لبيروت، لا يدل على أن الزيارة حققت عملياً شيئاً إيجابياً، فالمعارك في الجنوب استمرت على أشدها، وكذلك ضربات الصواريخ على إسرائيل في الوقت الذي يناقش فيه  هوكستين في الدولة العبرية محادثاته في بيروت. لقاء هوكستين مع "رون ديرمر" يكتسب أهمية قصوى خصوصاً أن الأخير هو صاحب الورقة التي تتم مناقشتها. وفي المعلومات أن هوكستين لم يناقش الورقة في بيروت بمقدار ما أطلع الجانب اللبناني عليها الذي اقتصر دوره على محاولة استبدال كلمات بكلمات، من دون إعادة صياغة لبنودها. 

مصادر مطلعة أكدت لــ “البناء” بأن الإيجابية سيدة الموقف حتى الآن، وحصل تقدم نوعي في التفاوض بين الرئيس نبيه بري ومبعوث الرئيس الأميركي أموس هوكشتاين في كافة البنود وتفاصيلها التقنية، وباتت الكرة في الملعب الإسرائيلي.

وكتبت" الديار":في المعلومات، ان هوكشتاين تحدث بلغات مختلفة خلال زياراته الى المقرات الثلاثة الرسمية في عين التينة واليرزة والسرايا الحكومية، وتطرق الى انتشار الجيش اللبناني باشراف دولي على الحدود والمعابر و الطرقات الدولية بين لبنان وسوريا، وقدم خرائط عن نقاط انتشار الجيش وسأل قائد الجيش العماد جوزيف عون عن القدرة على تنفيذ هذه المهمة، وهذه النقطة لم يتطرق اليها الموفد الاميركي في عين التينة، علما ان هذا الموضوع المتعلق بالحدود السورية اللبنانية ناقشه الوفد الروسي أثناء زيارته الاخيرة الى اسرائيل والطلب منه الضغط على الرئيس بشار الاسد للموافقة على قطع طريق دمشق بيروت والمعابر الحدودية امام وصول الاسلحة الإيرانية الى حزب الله مقابل وعود سخية ورفع الحصار والعقوبات، علما ان هذه الطروحات ليست جديدة حملها وزير خارجية اميركا السابق كولن باول الى دمشق عام ٢٠٠٣ ورفضها الرئيس الاسد، لكن مصدرا رسميا روسيا توقع لوكالة اعلام روسية ان يعلن وقف النار في لبنان خلال ٣ ايام.
الاجواء ضبابية جدا، والمفاوضات شاقة وطويلة ومعقدة، واتصالات هوكشتين مفتوحة لانجاز وقف النار قبل مغادرة مهمته والانتقال للعمل بالامارات بعد سقوط الديموقراطيين في الانتخابات الرئاسية، وكشف من عين التينة عن ايجابيات وتقدم، وهذا ما اوحي به احد الوزراء العاملين على خط الاتصالات بالقول : « الاجواء ليست سلبية والأمور ليست مقفلة « وحسب المعلومات، فان هوكشتاين قد يعود الى لبنان لنقل الملاحظات الاسرائيلية وتبادل الأوراق والأفكار حول النقطة والفاصلة، ومن، وفي، وحتى، للوصول الى الصياغة النهائية، لكن اسرائيل وفق المعلومات، ما زالت ترفض حتى الان وقفا شاملا لاطلاق النار، ومتمسكة بهدنة ل ٦٠ يوما للتاكد من انسحاب حزب الله من الجنوب مع اسحلته وبعدها يتم انسحاب الجيش الاسرائيلي من لبنان خلال ٦٠ يوما وعلى مراحل، هذا هو شرطها الاساسي، اما النقاط الاخرى فقابلة للتعديل وتحديدا حول الدفاع عن النفس على ان يعطى هذا الحق للبنان ايضا.
 

مقالات مشابهة

  • أهالي بعلبك الهرمل ناشدوا ميقاتي التدخل لضمان وصول المساعدات إليهم
  • بيروت من “باريس الشرق” إلى ساحة الخراب وحزب الله .. فيديو
  • مرصد الأزهر: هدم الأسوار أحد استراتيجيات تنظيم داعش لاستعادة النفوذ والتوسع الجغرافي
  • حوار مع صديقي ال ChatGPTالحلقة (47)
  • أخطر نقطة في مشروع القرار البريطاني الفاشل هي (..)
  • هوكشتاين في تل أبيب لمعالجة العقد: الخط الازرق وحق التدخل
  • النائب العام للدولة والمدعي المالي الفرنسي يبحثان التعاون القضائي
  • شاهد بالفيديو.. فرحة هستيرية من جمهور ولاعبي منتخب النيجر عقب فوزهم على غانا واعتقادهم خسارة السودان أمام أنغولا وساخرون: (أولاد ابراهيم للفرحة الفشنك ويعرفوكم كيف جنجويد)
  • النائب العام للدولة والمدعي العام المالي الفرنسي يبحثان التعاون القضائي
  • يوم غير سعيد لدعاة تدويل المشكل السوداني