موقع النيلين:
2025-01-05@08:16:42 GMT

استمرار الحرب يقتل أطفال السودان ببطء

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

استمرار الحرب يقتل أطفال السودان ببطء


تمكنت مريم (53 سنة)، وأطفالها الثلاثة من الفرار نحو الحدود التشادية بعد 30 يوماً من الحصار في مدينة الجنينة، غربي السودان، حيث عانوا الجوع والعطش والخوف. لكن في اليوم الثاني لفرارهم، لقي الأطفال الثلاثة مصرعهم على يد مليشيا مسلحة. وبعد ثلاثة أيام سيراً على الأقدام، وصلت مريم وحدها إلى مدينة أدري التشادية.


تقول ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” في السودان، مانديب أوبراين، في آخر تقرير لها من مدينة بورتسودان، إن وجود خمسة ملايين و600 ألف طفل في إقليم دارفور المضطرب يشكل مصدر قلق كبير للمنظمة. لا يشمل هذا القلق الأممي أطفال مريم الثلاثة، لأنهم ببساطة تجاوزوا مرحلة القلق إلى الموت.
يضيف تقرير المنظمة أن استمرار القتال والتدهور الأمني أدى إلى نهب إمدادات مرافق الإغاثة في دارفور، وعرض حياة الأطفال في الإقليم لـ”سوء التغذية والأمراض”، ولفت إلى أنه يتعذر على الكثير من الأطفال في السودان الوصول إلى الخدمات الأساسية والأطعمة والأدوية المنقذة للحياة. وتقول “يونيسف” إن حوالي 9 ملايين طفل كانوا يحتاجون الطعام قبل اندلاع الحرب. أما اليوم، ومع استمرار الحرب، أصبح هناك 13 مليوناً و600 ألف طفل في حاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية والمياه والعلاج والتغذية والحماية.
في هذا السياق، تقول متخصصة التغذية في أحد مستشفيات الخرطوم، أماني علي، لـ”العربي الجديد”، إن “غذاء الأطفال في الوقت الراهن شبه معدوم في البلاد، وبسبب حالة النزوح التي يتعرض لها آلاف الأطفال حالياً، يعاني كثيرون من نقص حاد في الغذاء والأدوية، وهم معرضون أكثر من أي وقت مضى للإصابة بسوء التغذية، واستفحال الأمراض الناتجة عن الجوع. سوء التغذية يلاحق الجميع، حتى الأطفال في معسكرات النزوح، والحل الوحيد هو تدخل المنظمات الأممية، كونها الوحيدة القادرة على تقديم الغذاء الذي يحتاجه الأطفال”.
وتحصد الملاريا سنوياً أعداداً كبيرة من أرواح السودانيين، وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن 61 في المائة من وفيات الملاريا في الشرق الأوسط تحدث في السودان. تقول أماني إن “سوء التغذية يتسبب في تقليل مناعة الطفل، ويجعله أكثر عرضة للإصابة بالأمراض، كالإسهال والملاريا والسل والتيفوئيد، وخصوصاً الأطفال الذين لم يتجاوز عمرهم خمس سنوات، وهؤلاء أكثر عرضة للوفاة”.
وأنتجت الحرب ظروفاً قاهرة في السودان، وتسببت في توقف صرف رواتب الموظفين في القطاعين العام والخاص لأكثر من ثلاثة أشهر، الأمر الذي ينعكس سلباً على الوضع المعيشي لغالبية الأسر. كما عرضت الحرب التي اندلعت في 15 إبريل/ نيسان الماضي بين قوات الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حياة أطفال السودان البالغ عددهم حوالي 20 مليون طفل إلى مخاطر كبيرة.
وتشير تقديرات غير رسمية إلى مقتل حوالي 500 طفل خلال الشهرين الماضيين، ونزوح حوالي 4 ملايين طفل مع عائلاتهم، ولجوء نحو مليوني طفل إلى دول الجوار، من بينهم حوالي مليون طفل فقط وصلوا مع أسرهم، ومن بين هؤلاء 170 طفلا من دون ذويهم وصلوا إلى تشاد.

وتقول “يونيسف” إنها تلقت العديد من التقارير الموثقة التي تفيد بمقتل أكثر من 330 طفلاً، وإصابة أكثر من 1900 طفل حتى 6 يونيو/حزيران الماضي، مشيرة إلى أن أخطاراً عديدة تحيط بالأطفال في السودان.
وتعرضت المرافق الصحية التي تقدم الرعاية الطبية للأطفال في ثماني ولايات سودانية، خصوصاً في إقليم دارفور وولايتي شمال وجنوب كردفان وولاية الخرطوم، لأضرار بالغة من جراء الحرب. وفي اليوم الأول للحرب، توقف عن العمل مستشفى أحمد قاسم، وهو مركز جراحة القلب وزراعة الكلى، ومستشفى محمد الأمين حامد للأطفال، ومستشفى جعفر بن عوف للأطفال، كما توقف مركز نورا بمستشفى سوبا الجامعي، وهو مركز غسيل الكلى الوحيد المخصص للأطفال.
يقول الطبيب عبد الرحيم محمد إبراهيم، من مستشفى الأبيض الدولي بولاية شمال كردفان، إن “أدوية التخدير غير متوفرة، ما يضطرنا في أحيان كثيرة إلى استخدام بدائل لتسيير العمل، وتعاني جميع مستشفيات الولاية من نقص الأوكسجين، والمتوفر حالياً يكفي بالكاد لعدة أيام فقط، وحصرنا استعماله بالعمليات الجراحية على الرغم من حاجة الأطفال إلى الأوكسجين”.
وتقول “يونيسف” إنها تحتاج إلى 837.6 مليون دولار أميركي لمواصلة تقديم المساعدات المنقذة للحياة في مجالات الصحة والتغذية والمياه والصرف الصحي وحماية الأطفال والتعليم والدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين من الصراع المتواصل. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2022، قالت المنظمة الأممية إن 6.9 ملايين طفل سوداني لا يذهبون إلى المدرسة، كما أن 12 مليون طفل مهددون بالتوقف عن الدراسة بسبب نقص المعلمين وتدهور البنى التحتية.
وتسبّب النقص الشديد في الخدمات الطبية والكهرباء والأوكسجين والأدوية وحضانات الأطفال في وفاة 71 طفلاً خلال أسبوع واحد في دار مخصصة للأطفال الذين تم إنجابهم خارج إطار الزواج في العاصمة الخرطوم، والذين يعرفون بفاقدي الرعاية الوالدية. كما توفي ستة أطفال بمستشفى الضعين بسبب انعدام الأوكسجين، وعشرة أطفال بمستشفى الجنينة قبل إغلاقها وتهجير السكان.

وبحسب إفادات الأطباء، فإن إغلاق المستشفيات له تأثير خطير على حياة الأطفال الذين يحتاجون إلى تلقي العلاج في وقت سريع، وهو ما لم يكن متوفراً خلال الشهرين الماضيين. ويقول سكرتير نقابة الأطباء في السودان، الطبيب عطية عبد الله عطية، إنه يصعب على الأطفال في الوقت الراهن الوصول إلى المستشفيات لتلقي العلاج، رغم تعرضهم لانتهاكات جسيمة من قبل طرفي الصراع، ويشير إلى أن “طاقة عمل القطاع الطبي تراجعت إلى ما دون 30 في المائة، وأصبحت المرافق التي تعمل تقتصر على تقديم خدمات الطوارئ، وهذا له تأثير كبير على صحة الأطفال”.
من جهتها، تقول أخصائية التغذية، ميسون طاهر، إن “تغذية الأطفال تنقسم إلى شق علاجي يتمثل في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة، وهو ما لم يعد متوفراً، وشق غذائي، علماً أن الأسر تقتات على الفتات في الوقت الراهن بسبب تدهور الوضع العام، وهو ما ينعكس على الأطفال بصورة مباشرة”.
وتسببت قذيفة أطلقها أحد طرفي الصراع في تدمير مصنع “سميل” الذي كان ينتج 60 في المائة من العلاجات وغذاء الأطفال، بحسب “يونيسف”.
ويتخوف الأطباء من عودة ظهور أمراض الأطفال التي تم القضاء عليها منذ سنوات في السودان، مثل شلل الأطفال، والحصبة، والكزاز. ويقول الطبيب عطية إن “عمليات تلقيح الأطفال توقفت، حتى في الولايات المستقرة نسبياً، وذلك لانعدام اللقاحات بكل أنواعها في السودان في الوقت الحالي، الأمر الذي يشكل خطراً داهماً على آلاف الأطفال”.

ويضيف عطية: “ما كان موجوداً من اللقاحات بالمخازن قبل الحرب تمت سرقته، أو حرقه، أو فسد بسبب مشكلات التخزين وانقطاع التيار الكهربائي وارتفاع درجات الحرارة”، ويتحسر على ضياع لقاحات تصل قيمتها إلى 4 ملايين دولار، ويقول: “كانت هناك كميات من اللقاحات مخزنة في مستودعات الإمدادات الطبية بوسط الخرطوم، وقد سيطر الدعم السريع على المنطقة، ولا أحد يعلم ما الذي جرى لها. انقطاع التيار الكهربائي عن المخازن التي تضم هذه الأدوية يؤدي حتماً إلى فسادها، ويمكن أن تحدث كارثة بين الأطفال إذا فسدت بقية الأدوية المتوفرة في المخازن”.
وتوقف بيع الحليب في الخرطوم بسبب إغلاق الجسور التي تربط بين المُدن، وتزامن ذلك مع الزيادة الكبيرة في أسعار الأعلاف، وتخوف أصحاب مزارع الأبقار من سرقة سيارات نقل الحليب التي أصبحت مستهدفة من قبل العناصر المسلحة المنتشرة في العاصمة. تقول فاطمة، وهي أم لأربعة أطفال تقيم في الخرطوم، إنها توقفت عن تقديم الحليب لأطفالها منذ أربعين يوماً بسبب عدم توفره.

العربي الجديد

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الأطفال فی فی السودان فی الوقت أکثر من

إقرأ أيضاً:

والي الخرطوم يزور عددا من الرموز الفنية بغرض الوقوف على أحوال المبدعين في ظل الحرب

واصلت ولاية الخرطوم اليوم إحتفالاتها بالذكرى ال(٦٩) للاستقلال المجيد وضمن برنامج تواصل، زار والي الخرطوم الأستاذ أحمد عثمان حمزة الجمعة عددا من الرموز الوطنية في مجالات الإبداع والفنون المختلفة رافقه فيها المدير العام لوزارة الثقافة والإعلام والسياحة الأستاذ الطيب سعد الدين .وشملت الزيارة الشاعر والاعلامي الأستاذ عبد الوهاب هلاوي والممثل القدير الطيب شعراوي ومعلم الأجيال والصحفي الرياضي عيسى السراج بحضور كابتن فيصل الحنان رئيس مبادرة الرياضيين.كما شملت الزيارة شيخ المخرجين بالتلفزيون القومي المخرج القدير سيد محمود، وأكد الوالي أن هذه الزيارة تأتي ضمن إهتمام حكومة الولاية وحرصها على التعرف على أحوال رموز المجتمع الذين أثرت فيهم الحرب وتوقف بسببها نشاطهم واعمالهم وفقد أغلبهم مصادر رزقهم ويعتبرون من الاعمدة التي قدمت أعمالاً اثرت وجدان الإنسان السوداني ولا تزال أعمالهم لها آثار باقية .ولفت والي الخرطوم الى أن الدولة وهي تخوض حرب الكرامة إتضح لها أن الجهات التي تقود الفتنة في البلاد عمدت الى إذكاء النعرات القبلية والعنصرية وسعت لاستنفار المتعاونين بإستخدام القبلية مؤكداً أن المبدعين هم أنسب من غيرهم لإستعادة اللحمة الوطنية وتوظيف منتوجهم الابداعي لمعالجة الشرخ الكبير وسط المجتمع واعادة اللحمة الوطنية ورتق النسيج الاجتماعي وتعزيز الوحدة الوطنية وحفظ التراث .وأضاف والي الخرطوم أن الولاية إنتبهت الى أهمية الحفاظ على تأريخ السودان وحفظ حقوق الأجيال التي شيدت الإرث السوداني لذلك فان حكومة الولاية وجهت وزارة الثقافة والإعلام بجمع وتوثيق تجارب هؤلاء المبدعين تقديراً لإسهاماتهم في كل المجالات.مدير عام وزارة وزارة الثقافة والاعلام والسياحة الطيب سعد الدين أكد أن وزارته ستعمل بالشراكة مع المبدعين والتفاكر معهم حول أولويات المرحلة الراهنة.وأضاف :الحصة وطن وتقع على عاتقنا مسئولية كبيرة في اعمار النفوس قبل إعمار المباني فاذا صلح شأن المجتمع فان مهمة اعمار المباني ستصبح سهلة لافتا الى أن المشتغلين في مجالات الفنون المختلفة هم من يقود اعمار المجتمعات وقال ان وسائل الإعلام القومية والولائية والمسرح لعبت دورا كبيرا في بناء روح موحدة حققت التفافا كبيرا حول الشعراء والادباء والمطربين والممثلين والرياضيين وكما تقول الرواية الشعبية (محمد وردي فنان جميع السودان) فهذه المجالات لا تعرف القبلية ولا الجهوية فهذا الدور مطلوب الآن وبايقاع ووتيرة أسرع.الأستاذ عيسى السراج أعرب عن سعادته بهذه اللفتة الكريمة من والى الخرطوم التي تعكس اهتمام الدولة برموزها وأسرهم مشيداً بهذه المبادرة الإنسانية والاجتماعية التى وصفها بانها تكريماً لاسرة السراج صاحبة التاريخ الطويل فى كافة مناحي الحياة وضم منزل عيسى الكائن بابي روف بين جدرانه معرضا مميزا لابرز لقاءاته الصحفية مع كبار الشخصيات القومية في مختلف المجالات وعدد من الرؤساء.وشملت زيارة والى الخرطوم المخرج التلفزيوني سيد محمود الذي أعرب عن تقديره للزيارة التي خففت عنه المرض الذي اقعده في الفترة الأخيرة.وبدا محمود فخورا باعماله التلفزيونية التي أخرجها ومن أبرزها، اسماء في حياتنا، الحقل والعلم،، صوت المحافظات، جنة الاطفال،، برنامج سينما سينما وغيرها.الشاعر والبرامجي عبدالوهاب هلاوى اكد أهمية أن يكون للثقافة والإبداع دورا مهما في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها بلادنا باعتبارها من الممسكات المهمة في حياة المجتمعات .وقال أن زيارة والي الخرطوم ستكون لها ما بعدها مطالبا بضرورة تواصل قيادات الدولة مع المبدعين واستصحابهم في إعادة بناء الوطن.هلاوي كتب اعذب الكلمات منها (بلدنا نعلي شأنا) التي غناها الموصلي كما غنى له زيدان إبراهيم (5) أغنيات ابرزها فراش القاش، لو تعرف اللهفة، وعشان خاطر عيون حلوين،.كما غنى له مصطفى سيد احمد يا سلام عليك وغنى له كابلي (أغلى من نفسي) وعبد العظيم حركة غنى له (قلبي ما بيعرف يعادي) وعقد الجلاد غنت له (حاجة امنة أتصبري) علاوة على مئات من البرامج التلفزيونية والاذاعية.المسرحي والدرامي الطيب شعراوي هنأ الشعب السودانى بأعياد الاستقلال المجيدة وقال أن القوات المسلحة ستنتصر في معركة الكرامة لافتا الى أن زيارة والي الخرطوم تؤكد إهتمامه بالتعرف على أحوال المواطنين الذين اقعدتهم الحرب خاصة المبدعين، وأعرب عن أمله أن يعود نشاط الدراما قريبا.ومن ابرز أعمال الطيب شعراوي، عضو مؤسس في فرقة الأصدقاء المسرحية ومشارك في برنامج محطة التلفزيون الاهلية، بجانب عدد من المسلسلات التي وجدت رواجا كبيرا مسلسل دكين، الشاهد والضحية، اقمار الضواحي، في انتظار البترول واكثرها شهرة البيت المسكون.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • «قابيل وهابيل».. عامل يقتل شقيقه وأولاده بسبب الميراث في الشرقية
  • والي الخرطوم يزور عددا من الرموز الفنية بغرض الوقوف على أحوال المبدعين في ظل الحرب
  • المالية ترد بشأن بيع أراضي السودان بسبب الحرب وفرض الضرائب والرسوم في الموازنة الجديدة
  • ذكريات عن مهدي السودان، الشيخ محمد أحمد
  • شاب تركي يقتل شقيقته بسبب “ملابسها المكشوفة”
  • السودان.. إسقاط 6 طائرات مسيرة استهدفت قاعدة حطاب العملياتية
  • رصد أكثر من ألف سيارة مفقودة خلال الحرب بمحلية بحري
  • السودان: تضرر «91» قرية بمنطقة السكر المركزية بولاية سنار بسبب الحرب
  • لخدمة أطفال مرضي القلب.. تشغيل أحدث جهاز موجات فوق صوتية بمستشفي سوهاج الجامعي
  • ياسر العطا يتهم الإمارات بجلب المرتزقة ويطالبها بتعويض كل ما دمرته الحرب