بعد تحديد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نواف سلام موعد الاستشارات النيابية غير الملزمة، التي سيجريها على مدى يومين متتالين، الأربعاء الخميس، في مبنى مجلس النواب، أعلن الثنائي الشيعي( حزب الله وحركة أمل) عدم مشاركتهما في هذه الاستشارات في خطوة وصفتها مصادر الثنائي بأنها لا تتعدى تسجيل الموقف، وأن هناك مشاورات جانبية من هذا الثنائي ستجري والرئيس المكلف بعيداً عن الاعلام من أجل البحث في التشكيلة الحكومية المرتقبة، مع الإشارة إلى ان الرئيس سلام أكد من قصر بعبدا بعد الاجتماع الثلاثي الذي جمعه ورئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري أنه "ليس من أهل الإقصاء بل من أهل الوحدة ولا من أهل الإستبعاد بل من أهل الشراكة الوطنيّة، ويداه ممدودتان للجميع من أجل البدء بالإصلاح كي لا يشعر أي مواطن بالتهميش"، ويأتي هذا الموقف رداً على ما قاله رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد من بعبدا الاثنين ومفاده أنه "مرة جديدة يكمن البعض من اجل الالغاء والإقصاء والآن نقول من حقنا ان نطالب بحكومة ميثاقية".




فماذا يقول الدستور حيال عدم مشاركة الثنائي الشيعي في الاستشارات النيابية غير الملزمة وعن احتمال عدم مشاركتهما في الحكومة ومنحها الثقة؟

الخبير الدستوري المحامي سعيد مالك يقول لـ"لبنان 24"من الثابت والأكيد أن الميثاقية هي من المرتكزات الجوهرية للنظام اللبناني فالفقرة "ي" من "مقدمة الدستور نصت صراحة أن "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك" لكن الميثاقية لا يجب أن يصار إلى التذرع بها والاحتجاج بخرقها كل مرة أراد فريق محدد توجيه رسالة سياسية، فالميثاقية يجب احترامها لكن ليس باستطاعة أي فئة أن تتحجج بخرق الميثاقية إذا كان الهدف الحقيقي من هذا التحجج هو منع باقي المكونات من بناء الدولة وممارسة حقوقها، فالثنائي الشيعي صحيح أنه يمثل نيابياً الطائفة الشيعية لكن لا يمثل كامل الشيعة وانتشارهم فلدى الشيعة قامات وشخصيات تغني هذه الطائفة، وبالتالي يمكن تشكيل حكومة مع هؤلاء الشيعة لكن ليس بالامكان تشكيل حكومة من دون الشيعة بالكامل كون ذلك عندها يناقض العيش المشترك وأحكام الفقرة "ي" من مقدمة الدستور والمادة 95 منه والتي تنص" في المرحلة الانتقالية:أ - تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة· ب - تلغى قاعدة التمثيل الطائفي ويعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والمختلطة وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني باستثناء وظائف الفئة الأولى فيها وفي ما يعادل الفئة الأولى فيها ،وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين دون تخصيص أية وظيفة لأية طائفة مع التقيد بمبدأي الاختصاص والكفاءة·

أما بالنسبة إلى نيل الثقة، فالدستور، كما يقول مالك، لم ينص انه يجب أن تمنح الثقة من كافة الاطياف والاطراف انما نص انه يقتضي على الحكومة نيل الثقة من البرلمان لا غير لا سيما وان كل نائب يمثل الامة اللبنانية عملا من أحكام المادة 27 من الدستور والتي تشير إلى أن "عضو مجلس النواب يمثل الأمة جمعاء ولا يجوز أن تربط وكالته بالنيابة بقيد أو شرط سواء من منتخبيه أو من قبل السلطة التي تعينه".وبالخلاصة فإن الميثاقية أساس وحق لكن استعمال هذا الحق في غير موقعه بغرض تعطيل المؤسسات والحؤؤل دون تشكيل الحكومة ونيلها الثقة، يتحول، بحسب مالك، إلى تعسف في استعمال هذا الحق وحاجزاً امام باقي المكونات في استعمال حقهم في السلطة والمشاركة.

وفي السياق نفسه يرى الخبير الدستوري الدكتور عادل يمين أنه استنادا إلى الفقرة "ي" من مقدمة الدستور، والمادة 95 منه في المرحلة الانتقالية قبل الغاء الطائفية تمثل الطوائف بصورة عادلة في تأليف الوزارة، وعدالة تمثيل الطوائف في تشكيلة الحكومية لا تعني فقط بطبيعة الحال العدالة من حيث العدد إنما أيضاً من حيث القوة التمثيلية، وبالتالي يجب أن يحظى الوزير بتغطية برلمانية طائفية من الطائفة التي ينتمي إليها، ولكن إذا رفضت كتلة برلمانية ذات بعد طائفي المشاركة في الاستشارات فتتحمل هي بالذات المسؤولية، أما إذا رغبت بالمشاركة ولم يقدم لها عرض متوازن وعادل للمشاركة فساعتئذ، تكون الحكومة مصابة بعطب ميثاقي في تشكيلتها. ولذلك يعتقد يمين، أنه من الخطأ أن يقاطع الثنائي الشيعي الاستشارات النيابية غير الملزمة بل كان عليه المشاركة في هذه الاستشارات التي سيجريها الرئيس المكلف في إطار مساعيه لتأليف الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية وأن يرفع طلباته ورؤاه إلى الرئيس المكلف وإذا لاقى إجحافا في التشكيلة عندها يتخد القرار المناسب.
  المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الثنائی الشیعی الرئیس المکلف من أهل

إقرأ أيضاً:

قراءة أولية للإعلان الدستوري في سوريا الجديدة

كثيرون هم المتربصون بالدولة السورية الجديدة، لا سيما ممن يأملون في انهيارها وهزيمة مشروعها الوطني والذي يبدو في ظاهره إسلامي لكنه معتدل.

فهناك أنظمة عربية وأخرى إقليمية تخشى المد الإسلامي المزعوم وانتقال العدوى إلى شعوبها التي رأت في التجربة السورية بارقة أمل للتخلص من أنظمة الاستبداد والديكتاتورية وقمع الحريات، وهناك على الضفة الأخرى بقايا النظام السابق الذين نصّبوا أنفسهم مدافعين عن الطائفة العلوية التي أذاقوها خلال 54 سنة من حكم الأب والابن ويلات العداء والخصومة مع باقي الطوائف، وعانت شتى صنوف الاضطهاد والقمع حتى الاعتقال في محاولة منهم لإبقائها كحاضنة تحمي لهم نفوذهم وسطوتهم واستئثارهم بالسلطة التي مضت إلى غير رجعة.

إضافة لهؤلاء، هناك تيارات قومية وماركسية وليبرالية وديمقراطية لا زالت تحمل خصومتها الأيديولوجية والفكرية مع هذه الدولة، وتعمل على شيطنتها، برغم ما أظهرته قيادة هذه الدولة حتى الآن من اعتدال واحتواء لكافة الانتقادات وصيانة واحترام لحقوق كافة المكونات السياسية والمذهبية والطائفية والعرقية التي تشكل النسيج السوري الواحد؛ من خلال عقد مؤتمر الحوار الوطني والذي أتاح لهذه المكونات -وإن جاءت مشاركتها بشكل فردي ودعوتها على عجل- التعبير عن مطالبها وطموحاتها وتطلعاتها، وكان من أبرز مخرجات هذا المؤتمر هو الإعلان الدستوري عبر لجنة شكلها الرئيس الشرع قيل إنها متجانسة عقائديا وفكريا وذات لون واحد، لكنها مستقلة وبعيدة عن أية ضغوطات أو تدخلات.

بعيدا عن الاعتراضات والانتقادات، فإن أي قراءة موضوعية لما جاء في مواد الإعلان الدستوري، نجد أنه يؤسس للشرعية الشعبية الجديدة القائمة على أسس دستورية نابعة من طموحات وأهداف الشعب السوري بكل مكوناته، وتشكل ناظما وإطارا قانونيا لحياتهم المستقبلية والحالية بعيدا عن التغول الأمني والعسكري السلطوي والذي كان آخره في دستور 2012 الذي تم إلغاؤه
بيد أن هذا الإعلان وبمجرد أن وقّعه الرئيس الشرع تعرّض إلى انتقادات من كل حدبٍ وصوب، وتركزت هذه الاعتراضات أولا على تشكيل اللجنة عددا وأفرادا وتجانسا وغيابا نوعيا لتمثيل المرأة. ثانيا، على تسمية الدولة وانتمائها العربي، وكأنها ليست عربية الانتماء منذ الأزل، فلم تعجبهم هويتها "الجمهورية العربية السورية". ثالثا، الاعتراض على طول الفترة الانتقالية التي حددت بخمس سنوات، وكأن البلاد لا تزال معافاة وسليمة من كل دمار وخراب وفساد في كافة القطاعات العسكرية والأمنية والاقتصادية والعلمية والتعليمية والاجتماعية، وكأن البلاد لم تمر بحربٍ مدمرة طيلة أربعة عشر عاما وما سبقها من فساد وخراب امتد لعقود من الزمن. رابعها، غياب التفاصيل لكثيرٍ من مواده وآليات التنفيذ تحديدا فيما يخص العدالة الانتقالية. خامسها، كما جاء في بيان "مجلس سوريا الديمقراطية" الذي يعبر عن رفض الإعلان ويصفه بأنه "يكرس الحكم المركزي ويمنح السلطة التنفيذية صلاحيات مطلقة ويقيد العمل السياسي ويجمد تشكيل الأحزاب، مما يعطل مسار التحول الديمقراطي".

وبعيدا عن الاعتراضات والانتقادات، فإن أي قراءة موضوعية لما جاء في مواد الإعلان الدستوري، نجد أنه يؤسس للشرعية الشعبية الجديدة القائمة على أسس دستورية نابعة من طموحات وأهداف الشعب السوري بكل مكوناته، وتشكل ناظما وإطارا قانونيا لحياتهم المستقبلية والحالية بعيدا عن التغول الأمني والعسكري السلطوي والذي كان آخره في دستور 2012 الذي تم إلغاؤه. ولقد شكل الإعلان الدستوري ضمانة لحرية التعبير والصحافة والمشاركة السياسية للجميع وصون لحقوق المرأة، وأكد على دولة المواطنة والحريات الديمقراطية والوحدة الوطنية والنسيج المجتمعي الواحد، مجرّما الدعوات إلى الانقسام والانفصال والفدرلة، وانتهاك سيادة الدولة بطلب التدخل الأجنبي والاعتماد على قوى خارجية. كما تضمن التأكيد على السلم الأهلي، ووحدة جغرافية الأراضي السورية.

كذلك فصل بين السلطات الثلاث؛ التشريعية والقضائية والتنفيذية، والذي كان غائبا تماما في دستور النظام السابق منذ سيطرة الأسدين على السلطة في سوريا. وبرغم أن الإعلان الدستوري أعطى لرئيس الدولة صلاحيات مثل الإعلان عن حالة الطوارئ، لكنه قيّدها أيضا بموافقة مجلس الأمن القومي ومجلس الشعب، خاصة إذا تطلب الأمر تمديدا لها.

ولقد نص الإعلان على استقلالية القضاء ومنع إنشاء محاكم استثنائية، ولم تعد هناك وصاية ولا سلطات على القضاء إلا سلطة القانون، كما أكد على العدالة الانتقالية التي يتطلع إليها كل السوريون، كمطلبٍ شعبي جاء من مخرجات مؤتمر الحوار الوطني؛ ذلك بما تضمنه هذا الأمر من إلغاء لكل القوانين والأحكام والإجراءات الاستثنائية الصادرة عن النظام البائد وإلغاء محكمة الإرهاب، وإلغاء كل الإجراءات الأمنية المتعلقة بالوثائق المدنية والعقارية، كما تم في هذا السياق تشكيل هيئة العدالة الانتقالية لتحقيق سبل المساءلة وإثبات الحقائق.

ولا بد من الإشارة هنا إلى إن اعتبار الشريعة الإسلامية مصدرا رئيسيا للتشريع لا يعني أبدا إغفال المصادر الأخرى، وأن اشتراط أن يكون الرئيس مسلما هو أيضا ما جاء في مواد الدساتير السابقة.

ولقد تركزت الانتقادات لهذا الإعلان من جهة الإخوة الأكراد، وما جاء على لسان مظلوم عبدي قائد" قوات سوريا الديمقراطية" يعبر عن هذا الموقف: "إن الإعلان الدستوري يجب أن يكون توافق وطني وليس مشروعا مفروضا من طرف وأحد، وأنه يكرس الحكم المركزي ويمنح السلطة التنفيذية صلاحياتٍ مطلقة ويقيّد العمل السياسي، وغياب الآليات الواضحة للعدالة الانتقالية، ويزيد من تعميق الأزمة الوطنية". ووصفه شيخ عقل الطائفة الدرزية حكمت الهجري بأنه "إعلان الديكتاتورية"، وقال أيضا "إن الإدارة الجديدة المؤقتة بعيدة عن تلبية الطلبات الشعبية وأهداف الثورة"، الخطابات البرّاقة والخادعة والفيروسات السياسية العلمانية والقومية والماركسية، ومن "لف لفهم" في خصامها الأيديولوجي التقليدي مع الإسلاميين -سواء كانوا متشددين أو معتدلين- لن تُفلح في تمزيق وحدة النسيج السوري الفسيفسائي الحاضن للقوى التي أسقطت نظام الإبادة والمجازر والإجرام الأسدي المزدوج للأب والابنودعا في الوقت ذاته إلى إعادة صياغة الإعلان الدستوري، فيما رأى آخرون، ان هذا الإعلان سيشكل أساسا لدستورٍ دائمٍ ستعكف على وضعه لجنة سيتم تشكيلها، كما سيشكل هذا الإعلان جدولا زمنيا في الانتقال السياسي من المرحلة المؤقتة الحالية إلى استقرارٍ دائمٍ يوفر حياة آمنة سياسية واجتماعية واقتصادية وفكرية للسوريين بعد حقبة مليئة بالقتل والدمار وقمع الحريات والإرهاب والفساد بكل أشكاله.

ولمواجهة تعاظم التحديات التي تواجه الدولة السورية الجديدة، فإن المطلوب المحافظة على دولة المواطنة والحريات والديمقراطية لكافة مكونات الشعب الواحد، والحفاظ على النسيج المجتمعي الواحد، وهذا يستدعي من القيادة الجديدة فتح حوار هادف وموسع مع كافة الأطياف السورية، والبدء بتشكيل مجلس الشعب بصفته المسؤول عن التشريعات والمصادقة على تشكيلة الحكومة ولجان هيئة العدالة الانتقالية. ولا بد من تمثيل كافة مكونات الشعب السوري والمشاركة الواسعة لهم في الحكومة واللجان ومجلس الشعب، مما يشكل توافقا وطنيا للبدء بعملية البناء وإعادة الأعمار. كما يتطلب العمل على فتح حوار مع الأطراف الإقليمية المجاورة بما يضمن سيادة الدولة ووحدة أراضيها، والعمل على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي للدفاع عن أراضي الدولة وسيادتها، والبدء بتصفية القواعد الأجنبية على الأراضي السورية.

إن الخطابات البرّاقة والخادعة والفيروسات السياسية العلمانية والقومية والماركسية، ومن "لف لفهم" في خصامها الأيديولوجي التقليدي مع الإسلاميين -سواء كانوا متشددين أو معتدلين- لن تُفلح في تمزيق وحدة النسيج السوري الفسيفسائي الحاضن للقوى التي أسقطت نظام الإبادة والمجازر والإجرام الأسدي المزدوج للأب والابن، وأن كافة المكونات الدينية والإثنية بما فيهم الدروز والعلويون والكرد سيعيدون تشاركيا بناء سوريا بنظام ديمقراطي بعيد عن المحاصصة الطائفية والمذهبية والمناطقية؛ ضمانا للعدالة والحرية والكرامة لكافة أبنائها بما يضع سوريا في المكانة الحضارية والتاريخية التي تليق بها بين الأمم. هذه هي مسؤولية القيادة الجديدة أمام الشعب والتاريخ، فهل ما جاء في وصف هذا الإعلان من قبل الرئيس الشرع بأنه "بداية تاريخ جديد لسوريا، حيث نستبدل الظلم بالعدل" سيتحقق؟

[email protected]

مقالات مشابهة

  • الرئيس عون: انطلاق عمل الحكومة يعزز الثقة بلبنان
  • نائب سابق: لا وصاية دولية على كردستان وخلافات الأحزاب تعرقل تشكيل الحكومة
  • نائب كردي: لا وصاية دولية على كردستان وخلافات الأحزاب تعرقل تشكيل الحكومة
  • نائب كردي: لا وصاية دولية على كردستان وخلافات الأحزاب تعرقل تشكيل الحكومة - عاجل
  • قراءة أولية في الإعلان الدستوري في سوريا الجديدة
  • قراءة أولية للإعلان الدستوري في سوريا الجديدة
  • القحاتة “الخونة اللئام” تأمروا على السودان وشعبه وساندوا المليشيا سياسيا واعلاميا
  • إشادات من الحكومة والمعارضة بمجلس النواب ولجنة الصحة حول مشروع قانون المسئولية الطبية
  • سلامة الغذاء: إصدار 1025 شهادة تصدير وتسجيل 583 منشأة جديدة
  • اتهمتها بمحاولة إسقاطها..الحكومة الإسرائيلة تصوت على حجب الثقة عن النائب العام