كييف- بالتزامن مع حديث أوكراني وأميركي عن إمكانية إجراء مفاوضات لوقف الحرب الروسية الأوكرانية هذا العام، يبدو أن أوكرانيا لا تؤمن جدا بفرضية الحل على طاولة المفاوضات، وتستعد عاجلا لمسار قد يطول أمده وفق سيناريوهات أسوأ، متسلحة بالمزيد من الدعم الغربي والإنتاج المحلي.

على هذا تشهد كثير من المعطيات التي تخللت الأيام الماضية، وأهمها الاجتماع الخامس والعشرون لوزراء دفاع 50 دولة غربية من حلفاء كييف في 9 يناير، تعهدوا خلاله بحزم دعم جديدة عاجلة لها، واستمرار ذلك حتى نهاية العام 2027.

ثم جاء اجتماع وزراء دفاع بولندا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا في هيلينوفا قرب العاصمة وارسو يوم الاثنين 13 يناير، ليصب أيضا في إطار الدعم لأوكرانيا، وتعزيز التعاون الأمني والصناعي العسكري بين الدول المشاركة.

ترحيب وأولويات

ولمّح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي حضر اجتماع "رامشتاين 25" (وهو اجتماع في ألمانيا لبحث تزويد أوكرانيا بمزيد من الأسلحة)، لأول مرة منذ بداية الحرب إلى قبول بلاده بوجود قوات دول حليفة على أراضيها، معتبرا أن ذلك من "أفضل الأدوات" لإجبار روسيا على السلام.

وقال، الاثنين، إنه تحدث مع رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون، وناقش معه الدعم الدفاعي لأوكرانيا، بما يشمل الحزم الجديدة، وإمدادات القذائف، إضافة إلى "نشر وحدات من قوات الشركاء"، وتدريب الجيش الأوكراني.

إعلان

وعلى أساس ما سبق، حدد وزير الدفاع الأوكراني، رستم أوميروف، 4 أولويات في إستراتيجية بلاده العسكرية خلال عام 2025، هي:

1- تثبيت خط المواجهة الأول لمنع تقدم الروس أكثر. 2- تعزيز قدرات أوكرانيا الدفاعية لتحقيق هذا الغرض. 3- تعزيز الدفاعات الجوية لحماية المدن والممرات البحرية والموانئ. 4- تبني إجراءات مناسبة (وغير مماثلة بالضرورة) إذا ما حاولت روسيا تحقيق مزايا على الأرض، من خلال توسيع رقعة الحرب وزيادة حجم القوات.

وبالإضافة إلى تغطية الاحتياجات الملحة للحرب في 2025، "ستعمل أوكرانيا أيضا على بناء قدرات الجيش على المدى الطويل"، في إشارة أوميروف إلى 8 تحالفات مع الدول الغربية لتطوير قوات الدفاع الأوكرانية حتى نهاية عام 2027، تشمل مجالات الطيران، والدفاع الجوي، والقوات البحرية والمدفعية، والمركبات المدرعة، وتكنولوجيا المعلومات، والطائرات المسيرة، وإزالة الألغام.

قبل رياح ترامب

ويبدو المشهد وكأن أوكرانيا وداعميها يسابقون الزمن لتشييد بناء معين، يضمنون به بقاء أوكرانيا قوية قدر الإمكان، وهو بناء لا تهزه رياح عودة إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، وفق مراقبين.

الخبير والمحلل السياسي كونستانتين إليسيف رئيس "مركز الحلول الجديدة" يدعم بقوة هذا الرأي، ويقول للجزيرة نت "اجتماع رامشتاين الأخير عقد بعد أن تأخر 4 أشهر كاملة، وقبل أيام من تولي ترامب الرئاسة، وبحضور كبير على رأسه وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، وبمشاركة زيلينسكي؛ ولأول مرة تحدث المشاركون عن تعهدات بدعم يمتد حتى نهاية 2027″.

من وجهة نظر إليسيف "لهذا تفسير واحد. العالم متوجس من غموض خطة ترامب المتعلقة بحرب أوكرانيا، والأوروبيون أكثر المتخوفين. وبشكل عام، التوتر سيد الموقف بين إدارة ترامب التي لم تستلم الحكم بعد من جهة، وبين كندا وبنما والدنمارك والمكسيك وغيرها من جهات أخرى".

إعلان

وفيما يخص أوكرانيا، يقول الخبير "نحن أكبر المتوجسين، حتى وإن قال زيلينسكي وغيره غير ذلك، ومهما عبّروا عن ثقتهم بقدرة ترامب على الضغط لإجبار بوتين. لا أساس لذلك، ولهذا من المنطقي أن تستعد أوكرانيا للأسوأ، بدلا من التعويل على المجهول".

 

بلغت حصة قطاعي الدفاع والأمن 61% من ميزانية أوكرانيا لعام 2025 (مواقع التواصل) زيادة الإنتاج والتعبئة

وإلى جانب الدعم الغربي السخي المعلن، اتخذت أوكرانيا أولى الخطوات فعلا لزيادة اعتماد قواتها على الإنتاج العسكري محلي الصنع.

حصة قطاعي الدفاع والأمن في ميزانية العام 2025 تحتل نسبة 61% تقريبا، بزيادة تبلغ نحو 8 مليارات عن ميزانية العام الماضي، والجزء المخصص لدعم الإنتاج العسكري المحلي يكاد يبلغ 7 أضعاف ما كان عليه خلال العامين الماضيين.

كما قرر مجلس الوزراء السماح للشركات الأجنبية بتحديث المعدات العسكرية الأوكرانية، بهدف "زيادة كفاءة المعدات القديمة"، التي تعود إلى ما قبل حصول أوكرانيا على معدات غربية، أو إلى الحقبة السوفياتية.

وقد قدم الرئيس زيلينسكي إلى برلمان بلاده، أمس الاثنين، مشروع قانون يقضي بتمديد فترة الأحكام العرفية 3 أشهر إضافية بدءا من 8 فبراير المقبل، وكذلك تمديد عمليات التعبئة في الجيش.

التعبئة باتت سبب توتر كبير في المجتمع الأوكراني، لكنها أيضا محل حاجة أوكرانية متزايدة على الجبهات، ويبدو أنها ستكون موضع ضغط أميركي وغربي كبيرين على كييف.

آخر ما قيل في هذا الشأن صدر عن مستشار الأمن القومي في الإدارة الأميركية المقبلة، مايك والتز، الذي قال إن "ترامب يعتزم دفع أوكرانيا لخفض سن التجنيد الإجباري إلى 18 عاما (بدلا من تعبئة من تتراوح أعمارهم بين 25 و60 عاما)، في خطوة تهدف لمحاولة "فرض الاستقرار" على الجبهة، قبل البدء بمفاوضات مباشرة مع روسيا".

 موازين القوى

وعلى أساس كل ما سبق، يبدو أن أوكرانيا تجتهد على مستويي الحل السياسي والخيار العسكري، لكن مؤشرات التصعيد أكثر بكثير من مؤشرات الحل، ولهذا الأمر تفسيره بين أوساط الخبراء.

إعلان

للجزيرة نت، يقول بيترو أوليشوك، أستاذ العلوم السياسية في جامعة "شيفتشينكو" الوطنية بكييف "روسيا تحشد المزيد من القوات، وتحاول تنفيذ هجمات جديدة. أوكرانيا -بالمقابل- تسعى إلى تحقيق تقارب ما في موازين القوى مع روسيا، بأفضلية النوع على الكم الذي لا تستطيع مجاراة روسيا به. معتبرا أن الهدف هو كسب مزيد من أوراق الضغط لطرحها على طاولة أي مفاوضات ممكنة في المستقبل.

ومن جهة نظر أوليشوك "دون أوراق ضغط كافية بيد كييف لن تبدأ أي مفاوضات مع موسكو. قد يكون ترامب متحمسا لوقف الحرب فعلا، لكنه لا يريد انتصار أوكرانيا، ولا ضمان أمنها، ناهيك عن رفض ضمها إلى حلف الناتو.

ويضيف أنه "مهما حقق ترامب من نتائج، لن يكون ذلك في صالح أوكرانيا على المدى البعيد".

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

قال إن بلاده لا تكترث للحرب باليمن.. وزير الدفاع الأمريكي يتوعد بضربات “لا هوادة فيها” ضد الحوثيين

يمن مونيتور/ قسم الأخبار

قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث إن الولايات المتحدة ستشن ضربات “لا هوادة فيها” على الحوثيين إلى حين وقف عملياتهم العسكرية التي تستهدف المصالح الأميركية وحركة الشحن العالمي قبالة البحر الأحمر.

وأضاف في تصريحات لقناة فوكس نيوز “لا نهتم بما يحدث في الحرب الأهلية اليمنية وإنما بوقف استهداف ممر مائي حيوي”.

ولفت إلى أن الضربات جاءت ردا على عشرات الهجمات التي شنها الحوثيون على السفن منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023 وهي تحذير لإيران للتوقف عن دعم الجماعة، “وسيستمر هذا (الهجوم) حتى تقولوا: لن نقصف السفن والمصالح الأميركية”.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) إن “نهاية عمليتنا ستكون عند تعهد الحوثيين بالتوقف عن مهاجمة سفننا وتعريض حياة الأميركيين للخطر، رغبتنا هي السلام لكننا لن نتسامح مع أي هجمات على شعبنا”.

بدوره، قال وزير الخارجية ماركو روبيو لشبكة “سي بي إس” إن الحوثيين “ما كانوا ليتمكنوا من شن هجماتهم لولا دعم إيران لهم، لأنها دعمتهم وزودتهم بمعلومات استخبارية وتوجيه وأسلحة، وستكون مسؤولة عن مهاجمة الحوثيين للسفن إذا لم توقف دعمها لهم”.

وأضاف روبيو أن “هجمات الحوثيين وضع غير قابل للاستمرار ولن نسمح لهم بالتحكم في مرور السفن، والضربات كانت رسالة لإيران بأن تتوقف عن دعمهم”.

وفي وقت سابق، أعلن متحدث الحوثيين العسكري استهداف حاملة الطائرات ترومان، مشيرة إلى أن واشنطن شنت طيلت الليلة الماضية أكثر من 170 غارة جوية على مناطق متفرقة.

وحسب إعلام الجماعة المسلحة، فإن الحصيلة غير النهائية للغارات الأمريكية بلغت “31 قتيلا و101 جريح.

واشنطن تعلن قتل قيادات حوثية بارزة في الغارات الأخيرة الولايات المتحدة تقول إن الضربات ضد الحوثيين ستستمر لأجل غير مسمى ترمب: سنستخدم القوة المميتة الساحقة على الحوثيين سي إن إن: لا غزو أو قوات برية لمناطق الحوثيين أكسيوس: الغارات الأمريكية على الحوثيين تستمر أسابيع (نيويورك تايمز).. الضربات الأمريكية ضد الحوثيين ستستمر عدة أيام وقد تتوسع حسب ردهم ترامب يأمر بشن عملية عسكرية “حاسمة” ضد الحوثيين ويتوعدهم بـ”الجحيم”

مقالات مشابهة

  • ماكرون: الالتزام مع الشركاء يهدف للتوصل إلى سلام عادل في أوكرانيا
  • ‎ترامب: نريد نهاية للحرب وسأتحدث مع بوتين وقد نعلن عن شيء بشأن أوكرانيا
  • قال إن بلاده لا تكترث للحرب باليمن.. وزير الدفاع الأمريكي يتوعد بضربات “لا هوادة فيها” ضد الحوثيين
  • ترامب يراقب عن كثب.. كيف تتابع واشنطن الضربة العسكرية ضد الحوثيين؟
  • لولاها لسقطت في أسبوعين.. أسلحة أميركا التي يهدد ترامب بمنعها عن أوكرانيا
  • بعد تذمر روسيا..ترامب يحصر مهام مبعوثه الخاص في أوكرانيا وحدها
  • زيلينسكي: الأراضي الخاضعة لسيطرة روسيا في أوكرانيا "معقدة"
  • روسيا تجدد دعوة المحاصرين بكورسك للاستسلام واجتماع دولي لدعم أوكرانيا
  • أخبار العالم | حملات تحريضية لتهجير العلويين من دمشق .. لجنة أممية تتهم روسيا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في أوكرانيا.. وأمريكا تمنع مواطني 5 دول عربية من دخول أراضيها
  • زيلينسكي مخففاً تفاؤل واشنطن: روسيا تتلاعب لإطالة الحرب