لنتفق أولا أن المفاوضات حين تجري بين طرفين، فهي تعني الندية بينهما، وأن لدى كل طرف من عناصر القوة والتأثير، التي أجبرت الطرف الآخر على الجلوس لمائدة التفاوض، وإلا لتم حسم الأمر في أرض المعركة، فلما عجز الطرفان عن هذا الحسم، فقد اضطرا للجلوس لمائدة التفاوض.

وهذا يعيدنا للتأكيد على ما أكدتُّ عليه مرارا وتكرارا بأن المقاومة هي المنتصرة في هذه الحرب عسكريا واستراتيجيا.

. فالكيان حين أعلن الحرب صرح بأن له هدفين رئيسيين هما: القضاء على حماس، وعدم التفاوض معها، والثاني هو إعادة أسراه بالقوة العسكرية ودون تفاوض.

وبعد مرور 15 شهرا، أي 465 يوما من الحرب المتواصلة، ورغم فارق الإمكانيات العسكرية الهائل بين الفريقين، فإن الكيان لم يحقق أهدافه المعلنة طوال هذه الفترة الطويلة، وهذا هو البعد العسكري والاستراتيجي الذي نتحدث عنه، والذي فشل الكيان في تحقيقه، نعم هو قام بعملية قتل واسعة أغلبها للمدنيين والأطفال في غزة، وعملية تدمير واسعة للبنية التحتية والمنازل والمستشفيات وكل المؤسسات المدنية، ولكن عسكريا واستراتيجيا ليست هذه هي أهداف حربه المعلنة، فما هي إلا عمليات انتقامية تقوم بها عصا بات إجرامية وليس جيش دولة.

ومع ذلك، وحتى على مستوى الضحايا ورغم التفاوت الكبير في العدد، ولكن عدد القتلى في صفوف العدو والذي يعد بالآلاف، يعد مؤثرا جدا، ويتجاوز بكثير جدا عدد قتلاه في حرب 67، بل ويقترب من عددهم في حرب 73، فالكيان هو الآخر ذاق ألم الفقد وصدق الله تعالى إذ يقول: "إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون".

وهذه الحقيقة نجدها متجسدة فيما سبقنا من حقائق في السطور السابقة، وأيضا نراها تتجسد في نصوص اتفاق وقف النار، حيث نلحظ فيه ما يلي:

- تضمن الاتفاق الإفراج المتبادل والمتزامن وعلى مراحل لعدد نحو 100 من أفراد العدو، ما بين أحياء وجثث، مقابل آلاف الفلسطينيين، في متوسط فرد واحد من العدو مقابل 30 من السجناء الفلسطينيين، حددتهم حماس.

- تضمن الاتفاق تعليق ثم إنهاء العدوان الص هيو ني، بالتزامن مع انسحابات متدرجة لقوات العد ومن غزة، وتفكيك مواقعه العسكرية، وعودة النازحين إلى مناطق سكنهم، مع حرية تنقلهم في جميع المناطق.

- تضمن الاتفاق دخول المساعدات الإغاثية والأدوية والوقود بأرقام محددة (600 شاحنة إغاثة وأدوية، و50 شاحنة وقود)، مع إعادة تأهيل وتشغيل المستشفيات التي دمرها الاحتلال كليا أو جزئيا.

- ربط عملية تبادل الأسرى، خلال مراحل الاتفاق، بمدى التزام العد وبشروط الاتفاق، وخاصة فيما يتعلق بالانسحاب ودخول المساعدات وعودة النازحين.

- البدء في إعادة تأهيل البنية التحتية في غزة من كهرباء ومياه واتصالات وطرق، فضلا عن إدخال ما لا يقل عن 60 ألف وحدة سكنية جاهزة وكرفانات مؤقتة، و200 ألف خيمة، والبدء بتنفيذ ترتيبات إعادة الإعمار وتعويض المتضررين.

- يضمن تنفيذ الاتفاق، الأمم المتحدة والولايات المتحدة ومصر وقطر، خلال كل مراحل الاتفاق وما بعدها.

وقد يقول قائل عن حق إن العدو قد لا ينفذ بعض شروط الاتفاق، نعم، لكنه سينفذ مجبرا بعض الشروط الأخرى لا سيما تلك المرتبطة بمراحل تبادل الأسرى، وخلال هذه المراحل التي تمتد لعدة أشهر، سيُجبر على الانسحاب وتفكيك مواقعه العسكرية بشكل متدرج من غزة، فضلا عن عود النازحين، فإذا ما عاد العدو لعملياته العسكرية بعد تنفيذ اتفاق الأسرى، فسوف تعود المقاومة لتكبيده الخسائر في الأرواح والمعدات. وإذا كانت المقاومة توقع الخسائر في العدو حتى ساعات قليلة من بدء نفاذ الاتفاق، فلا شك أنها ستكون أكثر قدرة على ذلك بعد أن تلتقط أنفاسها وتعيد ترتيب أوضاعها على مدى عدة أشهر من إرغام العدو على وقف عملياته العسكرية.

خلاصة الأمر أن هذا الاتفاق يجسد أن العدو منهزم، وأن كل ما استطاع فعله هو قتل المدنيين والأطفال وتدمير المنازل والمستشفيات، بينما عجز عن تحقيق أهداف الحرب التي أعلنها هو منذ بدايتها.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات المقاومة غزة الفلسطينيين الاحتلال احتلال فلسطين مقاومة غزة إتفاق سياسة رياضة رياضة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة رياضة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

في قلب التفاوض| أسرى غزة وسط غارات الاحتلال.. هل يقف إطلاق النار؟

تتواصل الجهود لإبرام صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس، في ظل المفاوضات غير المباشرة التي يقوم بها الطرفان في العاصمة وسط شن قوات الاحتلال مئات الغارات والقصف المدفعي وتنفيذ جرائم في مختلف أرجاء قطاع غزة.

صفقة تبادل الأسرى

قال مستشار الأمن القومي الأمريكي، إنه من المحتمل أن نتوصل إلى اتفاق قبل تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب رئيسا في 20 يناير، حسب خبر عاجل أفادت قناة القاهرة الإخبارية.

من جانبه، قال المحلل السياسي أيمن الرقب أن الإعلان عن اتفاق الهدنة أصبح وشيكاً، ومن المحتمل أن يتم الإعلان عنه خلال 72 ساعة أو قبل 20 يناير على أبعد تقدير. رغم التعتيم الإعلامي الذي تشهده الأطراف المعنية، إلا أن المعلومات التي تواردت من الإعلام الإسرائيلي تشير إلى قرب التوصل لهذا الاتفاق، التحركات الأمريكية، خصوصاً من مستشار الأمن القومي جاك سوليفان، تؤكد أن الإعلان عن الاتفاق سيكون في الأيام القليلة المقبلة.

وأضاف الرقب لـ صدى البلد، أن تصريحات ستيف كوتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي السابق ترامب، تدل على أن الاتفاق قد يُعلن عنه قبل 20 يناير، وربما حتى قبل ذلك. وفي حال تم الإعلان عن الاتفاق في الأيام القليلة القادمة، فمن المتوقع أن يستغرق تمريره عبر الإجراءات الإدارية في دولة الاحتلال من أربعة إلى خمسة أيام، مما يعني أن الاتفاق سيدخل حيز التنفيذ قبل 19 يناير.

وأعرب الرقب عن اعتقاده بأن العالم أصبح أقرب من أي وقت مضى إلى التوصل إلى اتفاق الهدنة، مشيراً إلى أن إدارة ترامب هي التي تسعى لتحقيق هذا الإنجاز السياسي، وليس إدارة بايدن. وأضاف أن ترامب وطاقمه يعملون على إتمام الصفقة لتسجيل إنجاز سياسي خاص بهم في هذه المرحلة الحساسة.

وفيما يخص تفاصيل الاتفاق، أشار الرقب إلى أن التسريبات الإعلامية تتحدث عن إطلاق سراح عدد من الأسرى الإسرائيليين، مثل النساء والأطفال، إضافة إلى المجندات والرجال فوق 50 عاماً، في المقابل سيتم الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين. هذه التفاصيل تقترب من الحقيقة، مما يعني أن الإعلان عن الصفقة قد يكون قريباً جداً.

ودمَّرت طائرات الاحتلال الإسرائيلي مربعات سكنية كاملة فى قطاع غزة، ضمن سياسة التدمير الشاملة التي ينتهجها الاحتلال في عدوانه المستمر على قطاع غزة.

ولا يزال آلاف الشهداء والجرحى لم يتم انتشالهم من تحت الأنقاض؛ بسبب تواصل القصف وخطورة الأوضاع الميدانية، في ظل حصار خانق للقطاع وقيود مُشددة على دخول الوقود والمساعدات الحيوية العاجلة للتخفيف من الأوضاع الإنسانية الكارثية.

وزعمت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، اليوم السبت، التوصل إلى اتفاق "شبه مكتمل" بين إسرائيل وحركة حماس لتبادل الأسرى، قائلة إن "90 % من تفاصيل صفقة التبادل تم الاتفاق عليها"، حسبما نقلته عن مصادر سياسية مطلعة دون الكشف عن هويتها.

وأضافت المصادر، أنه على إثر التقدم في محادثات صفقة التبادل، قام ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، بزيارة مفاجئة إلى إسرائيل، حيث التقى نتنياهو".

وأشارت الصحيفة العبرية، إلى أنه من المتوقع أن تُكثف الجهود بين كافة الأطراف خلال الأيام المقبلة بهدف التوصل إلى اتفاق قبل تولي ترامب منصبه، خاصة في ظل تهديداته المتكررة بأنه "إذا لم يعد الأسرى الإسرائيليين إلى منازلهم، فإن الشرق الأوسط سيشهد تداعيات غير مسبوقة، وستفتح أبواب الجحيم أمام حماس".

وقال موقع "أكسيوس" الأمريكي نقلًا عن مسؤول إسرائيلي، اليوم السبت، قوله إن "المفاوضين وصلوا إلى مرحلة متقدمة في جميع بنود صفقة الأسرى"، موضحًا أن المحادثات التي من المقرر أن تُعقد غدًا في الدوحة مهمة وستظهر ما إذا كانت حماس تريد التوصل إلى اتفاق.

وأضاف المسؤول، أن إرسال رؤساء فريق التفاوض الإسرائيلي إلى الدوحة يعني أن التوصل إلى اتفاق "ممكن"، وجاء بهدف اتخاذ قرارات سريعة وفعالة بعد التقدم الذي تحقق، معربًا عن أمله في أن تكون حركة حماس فعالة أيضًا في المفاوضات.

وأوضح المسؤول الإسرائيلي، أن مبعوث الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف أكد خلال لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هدف ترامب التوصل لاتفاق قبل 20 يناير (يوم تنصيبه).

وأكد أن ويتكوف يقوم بدور حاسم في المفاوضات ويمارس ضغوطا باسم الرئيس الأمريكي المنتخب، مشددا على أن هناك تقدم في المفاوضات خلال الأيام الأخيرة لكن الفجوات لا تزال قائمة.

في هذا السياق، أعلنت وزارة الصحة بقطاع غزة، اليوم الأحد، ارتفاع إجمالي الشهداء إلى 46 ألفًا و565 شخصا جراء غارات الاحتلال الإسرائيلي المستمرة منذ الـ7 من أكتوبر من العام الماضي.

وأفادت صحة غزة، أن إجمالي المصابين ارتفع كذلك إلى 109 ألفًا و660 شخصا، وسط أوضاع صحية متردية في جميع أنحاء القطاع.

وارتكبت قوات الاحتلال خلال الـ24 ساعة الماضية، مجزرتين وصل منهما للمستشفيات 28 شهيدا و89.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الأمريكي: 7 أكتوبر قوض عملية التطبيع بين السعودية والكيان الصهيوني
  • محلل إسرائيلي: هذه التغيرات التي عجّلت بإنجاز صفقة تبادل الأسرى
  • تفاصيل اتفاق الصفقة المرتقبة بين حماس والاحتلال
  • روسيا اليوم تنشر بنود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
  • رئيس المخابرات التركية يهاتف مسؤولين من حماس
  • عاجل - اتفاق تاريخي بين حماس وإسرائيل.. وقف إطلاق النار وعودة الأسرى.. تفاصيل المنطقة العازلة والترتيبات الأمنية
  • تفاصيل جديدة حول اتفاق صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس
  • إعلام عبري: نتنياهو يستعد لعرض اتفاق تبادل الأسرى مع حماس غدا
  • في قلب التفاوض| أسرى غزة وسط غارات الاحتلال.. هل يقف إطلاق النار؟