لجريدة عمان:
2025-01-15@02:52:47 GMT

معضلة اليوم التالي

تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT

لوزير خارجية سلطنة عُمان معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي تصريح لافت ومتقدم ويتناغم بشكل أو بآخر مع آمال وتطلعات الشعوب العربية والفلسطينيين بشكل خاص.. تصريح معالي السيد جاء بعد سؤال حول اليوم التالي في غزة؟ وقال: إن سلطنة عمان تؤمن بأن فلسطين هي للفلسطينيين، أولًا وثانيًا وثالثًا وأخيرًا. ويرى بأنه لا حاجة لإرسال قوات خارجية إلى غزة أو لغير غزة وأن فلسطين فيها من الكفاءات والقدرات والإمكانيات التي تمكنها من إدارة أراضيها.

اليوم التالي، يكاد يكون أكثر الجمل تداولًا منذ انطلاق العدوان الإسرائيلي على غزة، وهو كالعديد من المصطلحات الجديدة التي أدخلتها غزة إلى قواميس العالم. عمليا يأتي اليوم التالي بعد حدث جلل أو تغيير جوهري أو بعد كارثة أو تحول استراتيجي، وهو اليوم الذي تعود فيه الأمور إلى سابقها وهو في الحقيقة قد يشكل مشكلة عويصة غير محسوبة يقع فيها الكثيرون. وغالباً ما يتم ترسيم الخطط بالتفصيل الدقيق والممل أيضًا، إلا أن التنفيذ غالبًا لا يكون ضمن الخطط أو يتم التغافل عنه أو نسيانه أو حتى يؤكل لجهات أخرى غير التي نفذت العملية أو المهمة، وتلك معضلة بحد ذاتها يقع فيها الكثيرون: أفرادا أو مؤسسات أو منظمات وحتى دول. معضلة اليوم التالي تقع دائمًا بعد كل مغامرة غير محسوبة النتائج أو قد تأتي لعمل يأتي غفلة أو بشكل مفاجئ، وأذكر في هذا الصدد تلك المعضلة التي وقعت فيها أمريكا عندما غزت العراق عام ٢٠٠٣ معتقدين أن العراقيين سيستقبلونهم بالورود، إذ لم تكن قد وضعت خطط لما بعد الحرب، لذلك كانت متخبطة في القرارات التي اتخذتها مثل تسريح الجيش العراقي أو قانون اجتزاز البعث وإدارة الدولة عن طريق مغامر أمريكي وكانت كارثية على العراق والمنطقة بأجمعها.

في حرب الإبادة على غزة يفترض أن يكون اليوم التالي اليوم الذي يأتي بعد وقف المذابح والمجازر والإبادة الإسرائيلية في حق أهل غزة. ونظرًا إلى سهولة شن الحرب والمجازر، إلا أن التساؤل الذي بات يطرح ماذا بعد تلك المجازر؟

تتمثل معضلة اليوم التالي وتتمحور حول الوضع السياسي لإدارة غزة ومستقبل حماس. ما بين المجتمع الدولي بشكل وإسرائيل وداعميها وعلى رأسهم أمريكا تصورات وخطط وبرامج.

العدو الصهيوني وكعادته يبدو أنه لا يوجد في قاموسه اليوم التالي وإن كان يتحدث به بعض الأحيان لكن ذلك لم يكن إلا ذر الرماد في العيون، وفي الحقيقة هو يبيت ليس فقط لضم غزة وحدها ولكن الضفة الغربية وربما أجزاء من دول عربية أخرى وذلك ما يظهر على فترات من خلال التصريحات أو مؤخرًا نشرة بعض الخرائط التي تضم أجزاء كبيرة من الدول العربية ويتم ترويج ما يسمى بإسرائيل الكبرى وقد يبدو ذلك يتناغم مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض وربما بتحريض ودعم منه ومؤيديه الأشرار. أنتوني بلينكن وزير خارجية أمريكا يصف خطة اليوم بأنها «أسرع طريقة لإنهاء الحرب على غزة»، وقال: «عمِلنا على خطة اليوم التالي لحرب غزة مع عدد من الشركاء».

وتقوم هذه الخطة بحسب ما تريده أمريكا بأن تنطلق من وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزة بين إسرائيل وحركة «حماس»، دون التطرق إلى نهاية الحرب بشكل كامل أو عودة النازحين، وانسحاب الجيش الإسرائيلي، مع التركيز على إيجاد بديل لحكم «حماس»، وهو الجانب المخفي من الخطة، التي تهدف إلى إزاحة حماس من غزة ومن المشهد الفلسطيني بشكل عام وتسعى إلى عودة السلطة الفلسطينية لحكم القطاع. كل ذلك تحت عنوان: «لا مكان لـ(حماس) في حكم غزة»، بينما تتضمن السيناريوهات المطروحة عودةَ السلطة الفلسطينية إلى حكم القطاع، أو تسليمَ الحكم لحكومة تكنوقراط، أو حتى الإشراف المصري المشترك مع قوة سلام دولية. بينما يصرح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بأنه سيفتح الجحيم في الشرق الأوسط ما لم يطلق سراح الرهائن. هكذا بدون أي شوط أو مقدمات.

أين الدول العربية من كل هذا؟ للإجابة على هذا السؤال قد لا نحتاج إلى تفكير وبحث واستخلاص، فالعرب وللأسف لم يقدموا شيئا وارتضوا أن يتقمصوا الدور الوظيفي الذي أوكل لهم. واليوم التالي لدى بعض العرب، هو ما يتم تداوله عن قوات عربية تُرسل لغزة لضبط الأمن ومن ذلك ما يتسرب بموافقة بعض دول الخليج العربي على ابتعاث قوات لضبط الأمن في القطاع. رغم أن بعض المسؤولين العرب صرحوا بأنه ليس من مهمتهم تنظيف ما تخلفه إسرائيل من دمار. فيما أعلنت وسائل إعلام عبرية عن دولة خليجية صاغت خطة لإدارة قطاع غزة بعد انسحاب إسرائيل تتضمن إنشاء مجلس انتقالي يضم ٢٠ عضوا.

واعتبر معالي السيد بدر البوسعيدي بأن الدول المحبة لفلسطين والسلام تستطيع أن تساعد الفلسطينيين عبر تمويل وتوفير الإمكانيات وعبر القيام بعمل دبلوماسي وسياسي كبير. وأكد قائلا: محصلة القول النهائية هي أن فلسطين للفلسطينيين، وأن الحل الأمثل لهذه القضية هو الحل القائم على إرادة الشعب الفلسطيني وعلى قواعد الشرعية الدولية التي حددت في الكثير من قرارات مجلس الأمن وفي مبادرة السلام العربي.

معضلة الغرب بقيادة أمريكا ما زالت تسيطر على عقليته نظرية الاستعلاء ولا ينظر للعرب إلا باحتقار وبأنهم شعوب لا تستطيع تدبير أنفسهم وإن تركوا هكذا فإنهم قد يشكلون خطراً على الحضارة الإنسانية، لذلك لابد من حكمهم مباشرة باحتلال أراضيهم أو غير مباشر بواسطة عملاء، فهم بالأحرى لا يستطيعون رسم سياسة مستقبلية لحكم غزة، لذلك تم الترويج لنظرية اليوم التالي وقد شارك بعض العرب للأمانة، في ترسيخ هذه النظرية إدراكاً منهم بأن ما يسمى بالمجتمع الدولي هو منبع الإنسانية والأخلاق والتعاون الذي يهدف إلى إرساء السلم والأمن الدولي ومساندة الشعوب المقهورة. لكن في الحقيقة حرب غزة وقبلها الكثير كشفت الغرب بأكمله وكشفت كذلك مدى التواطؤ من البعض فيما يتعرض له الفلسطينيون. الغرب ما زال تهيمن عليه عقلية المنتصر والمتفوق، ينظر لنا نحن العرب بأننا لم نتجاوز سن الرشد. ويحتاج من يأخذ بأيدينا ويرشدنا.

بينما يقف العرب كعادتهم مختلفين لا يقدمون حلولا وإن قدموا لا مجيب لهم. كلنا يدرك أن المسؤولين العرب لا يملكون غير التنظير والتصريحات، لكن هذا التنظير العربي يحتاج إلى أفعال تترجم على أرض الواقع، والخوف كل الخوف من أن هذه التصريحات فقط تطلق للاستهلاك الإعلامي وتمرير أجندات أخرى من تحت الطاولات. ومن مفارقات القدر والعجائب أن تطالب دول عربية السلطة الفلسطينية بالإصلاح والديمقراطية ومحاربة الفساد والمشاركة المجتمعية.

الخروج من ذلك المأزق ومن تلك المعضلة يتطلب الكثير من العمل والمصداقية وإحقاق الحق والمساواة بين أبناء البشر والبعد كل البعد عن محاباة إسرائيل كدولة فوق القانون، يجب أن يعود الغرب إلى رشده ويتبنى القيم الإنسانية وحقوق الإنسان كما هي واردة في دساتيره وكما هي شعاراته. أما نحن العرب فتلك حكاية أخرى.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الیوم التالی

إقرأ أيضاً:

بلينكن يكشف معالم خطته لليوم التالي للحرب في غزة.. هل سيعتمدها ترامب؟

قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، إن إدارة غزة بعد الحرب يجب أن تتولاها السلطة الفلسطينية ولكن مع أدوار مؤقتة للأمم المتحدة وأطراف أجنبية.

وقال بلينكن، كاشفا عن خطة طال انتظارها لما بعد الحرب مع انتهاء ولايته، "نعتقد أن السلطة الفلسطينية يجب أن تدعو الشركاء الدوليين للمساعدة في إنشاء وتولي إدارة مؤقتة تتحمل المسؤولية عن القطاعات المدنية الرئيسية في غزة".

تصريحات بلينكن جاءت في خطاب  ألقاه في "المجلس الأطلنطي"، الثلاثاء.

وقال بلينكن: "لا يمكن لأحد أن يجبر إسرائيل على قبول دولة فلسطينية تحكمها حماس أو أي منظمة أخرى متطرفة، كما يجب على الاتفاق الجديد ألا يؤثر على أمن إسرائيل ولا على مكانتها".

وكشف عن أنه سيتم تسليم خطة الإدارة الأمريكية الحالية لأوضاع غزة في اليوم التالي للحرب إلى إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب للمضي قدما فيها، بما في ذلك تفاصيل عن قوة أمنية مؤقتة تضم قوات دولية وفلسطينيين.

وفيما يتعلق بالصفقة كرر بيلنكن اتهاماته لحركة حماس بأنها تعيق التوصل لاتفاق في غزة، وقال: "إذا قبلت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وقف إطلاق النار في قطاع غزة واتفاق الرهائن فهو جاهز للتنفيذ".

وأضاف أن "مصر وقطر توصلتا إلى صيغة نهائية لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة والكرة الآن في ملعب حماس".

وكان موقع "أكسيوس" نقل عن 3 مسؤولين أمريكيين قولهم إن خطة بلينكن ستحدد معالم إعادة بناء الحكم في غزة بعد نهاية العدوان الإسرائيلي على غزة.

ولم يتبق لبلينكن سوى أسبوع واحد في مقر الخارجية الأمريكية، ولكنه يأمل أن تمثل خطته نقطة مرجعية للمستقبل واليوم التالي في غزة، كما يأمل أن تستفيد منها إدارة دونالد ترامب القادمة.

وسيلقي بلينكن خطابا في "المجلس الأطلنطي"، الثلاثاء، يحدد فيه معالم المرحلة المقبلة في غزة، في ظل الجهود الرامية للإعلان عن صفقة لوقف إطلاق النار بين حماس و"إسرائيل".



وأخبر الرئيس المنتخب دونالد ترامب "نيوزماكس"، الاثنين، بأن "إسرائيل" وحماس تقتربان من التوصل إلى صفقة. وقال: "أفهم أن هناك صفقة ويعملان على  إكمالها، ربما بنهاية الأسبوع". ويشارك مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف في المفاوضات الجارية بالدوحة.

وتعتبر الخطة لما بعد الحرب في غزة مهمة للجهود الرامية لتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار المصمم لأن يقود إلى وقف دائم للنار ونهاية للحرب.

وقدم بلينكن تفاصيل الخطة التي تمس أمن غزة وإدارة القطاع وإعادة إعماره بعد اتفاق وقف إطلاق النار إلى حلفاء الولايات المتحدة.

وفي مؤتمر صحفي عقده الأسبوع الماضي بباريس، قال بلينكن: "نحن جاهزون لتسليم هذا إلى إدارة ترامب لكي تعمل علينا وتديرها عندما تحين الفرصة".

وعلق الموقع أن خطة بلينكن أصبحت محل خلاف داخل وزارة الخارجية ومصدرا للجدال الحاد. ويخشى بعض المسؤولين أن تكون الخطة متحيزة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وتهمش السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس.

وكشف موقع "أكسيوس" في تشرين الأول/ أكتوبر عن أن بلينكن يعمل على خطة لما بعد الحرب في غزة وبناء على أفكار طورتها "إسرائيل" والإمارات العربية المتحدة ويريد تقديمها بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.

 وعين بلينكن مستشاره وصديقه المقرب جيمي روبين كمسؤول عن خطة اليوم التالي. وفي الأسابيع الماضية، سافر روبين إلى "إسرائيل" والضفة الغربية لمناقشة الخطة. وقال مسؤولون أمريكيون إن مسؤولي السلطة الفلسطينية أعطوا روبين قائمة طويلة من التحفظات بشأن الخطة، مما يشير إلى أنهم لا يدعمونها.

وقال مسؤولون أمريكيون إن وزارة الخارجية أطلعت الحكومة الإسرائيلية والسلطة الفلسطينية والإمارات العربية المتحدة والسعودية ودول عربية أخرى على النقاط الرئيسية في الخطاب الذي سيلقيه بلينكن اليوم الثلاثاء.

وتستند خطة بلينكن إلى إنشاء آلية حكم تتضمن مشاركة المجتمع الدولي والدول العربية التي قد ترسل قوات إلى غزة لتثبيت استقرار الوضع الأمني وتقديم المساعدات الإنسانية.

وسيدعو الخطاب إلى إصلاح السلطة الفلسطينية، مع توضيح أن السلطة الفلسطينية يجب أن تكون جزءا من أي حكومة مستقبلية في غزة. وتتضمن الخطة طلب الحكومة الإسرائيلية مشاركة الدول العربية في غزة بعد الحرب، مع أنها رفضت حتى الآن الموافقة على أي خطة لليوم التالي تتضمن مشاركة السلطة الفلسطينية.

وسيؤكد خطاب بلينكن أيضا على المبادئ التي وضعها في طوكيو في وقت مبكر من الحرب والتي تعترض على أي احتلال إسرائيلي دائم لغزة، أو تقليص أراضيها أو النقل القسري للفلسطينيين من غزة.

وقال مسؤول أمريكي إن "بلينكن يطمح  لتشكيل نتائج الحرب وسوف يوضح في خطابه كيف يعتقد أن "إسرائيل" قادرة على تحويل انتصاراتها التكتيكية ضد حماس إلى مكاسب استراتيجية".

يذكر أن سلطنة عمان عبرت الأسبوع الماضي عن رفضها فكرة إرسال قوات عربية إلى قطاع غزة عقب انتهاء الحرب، مؤكدة أن الفلسطينيين يستطيعون إدارة أنفسهم، ولا حاجة لأن يقوم أحد بهذه المهمة نيابة عنهم.

وقال وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي إن "فلسطين فيها من الكفاءات والقدرات الكافية على إدارتها دون تدخل خارجي من أحد"، مستدركا بالقول إن على الدول الأخرى أن تساعد بتمويل الفلسطينيين ومواصلة العمل الدبلوماسي لدعمهم.



وفي آب/ أغسطس 2024 أفادت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" نقلا عن مسؤول عربي ومصدر آخر لم تكشف عن هويتهما، بأن الأردن وقطر والسعودية رفضوا طلبات الولايات المتحدة للمشاركة في قوة لحفظ السلام بقطاع غزة عقب انتهاء الحرب.

ووفقا للصحيفة، فإن المسؤول العربي أوضح أن القوات التي قد يتم إرسالها إلى غزة سينظر إليها على أنها "تحمي إسرائيل من الفلسطينيين"، مشيرا إلى معارضة عماّن والدوحة والرياض للجهود التي تبذلها الولايات المتحدة لتأمين الأوضاع في القطاع الفلسطيني بعد انتهاء الحرب.

مقالات مشابهة

  • أثناء كشفه عن تفاصيل اليوم التالي بغزة.. مقاطعات وهجوم على بلينكن: أنت مجرم حرب (شاهد)
  • بلينكن يكشف معالم خطته لليوم التالي للحرب في غزة.. هل سيعتمدها ترامب؟
  • اليوم التالي للحرب على غزة
  • بلينكن سيقدم اليوم خطة اليوم التالي في غزة.. ما دور الإمارات؟
  • مع اقتراب الاتفاق.. خطة "اليوم التالي" في غزة أصبحت "جاهزة"
  • خطة اليوم التالي.. آخر خطوات إدارة بايدن لوقف حرب غزة
  • لماذا يرفض الاحتلال الإسرائيلي مناقشة اليوم التالي في قطاع غزة؟
  • معضلة الرواتب تتأرجح في بغداد وسط مباحثات مكوكية لنيجيرفان بارزاني
  • عمار الحكيم: شفافية غير مسبوقة تكشف معضلة الإستثناء الأمريكي للغاز الإيراني