بيروت- عادت العلاقات اللبنانية السورية إلى دائرة الضوء مجددا بعد زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى دمشق، وهي التي لطالما اتسمت بالتعقيد والتوتر على مدى عقود طويلة، وباتت اليوم أمام مفترق جديد يعيد طرح الأسئلة بشأن الملفات العالقة بين البلدين، ومدى إمكانية تحويل الإرث الثقيل من الأزمات إلى مسار جديد من التعاون.

فبعد سقوط نظام الأسد في سوريا في ديسمبر/كانون الأول الماضي برزت آمال في بيروت بإعادة تعريف العلاقة مع سوريا، واعتبار هذا التحول فرصة لطي صفحة الصراعات وبناء شراكة قائمة على المصالح المشتركة.

وفي خطابه الأول أمام البرلمان دعا الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى حوار جاد بشأن القضايا العالقة، وعلى رأسها ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية، وشدد على أهمية بناء علاقات صحية تخدم مصالح الشعبين، بعيدا عن الأجندات التي أثقلت كاهل البلدين لسنوات.

كما تلقى عون اتصالا من قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع هنأه خلاله بتوليه منصب الرئاسة، وأبدى استعداد دمشق لمعالجة الملفات الشائكة وتعزيز التعاون الثنائي، بما يحقق استقرار المنطقة، لكن يبقى التساؤل مطروحا بشأن إمكانية أن تكون هذه التصريحات بوابة حقيقية للتغيير، أم ستكون مجرد خطوة أخرى في سلسلة طويلة من الوعود.

إعلان عقدة الحدود

تعد قضية ترسيم الحدود من أبرز القضايا العالقة بين البلدين ومحورا للنزاع منذ عقود، ويرى الكاتب والباحث في مركز كارنيغي مهند الحاج علي للجزيرة نت أن لهذه القضية بعدين رئيسيين، أولهما تقني يتمثل في الخلاف بشأن مقاربة ملف الحدود البرية والبحرية، إذ يرفض الجانب السوري الاعتراف بالخطوط اللبنانية المعتمدة، مما يجعل حل النزاع مرهونا بمفاوضات معقدة ووساطة دولية.

والبعد الآخر سياسي، ويرتبط بادعاءات النظام السوري التي ترى أن لبنان جزء من سوريا، وأن الشعبين في البلدين يشكلان وحدة واحدة، هذا التصور يعكس مقاربة سياسية تاريخية لدى الأنظمة السورية منذ الاستقلال، إذ يتم التعامل مع لبنان كدولة تابعة وليست ندا مستقلا، وهو ما يظهر العلاقة بين تجنب ترسيم الحدود وتلك النظرة السياسية.

ومن جهة لبنان، يُنظر إلى رفض سوريا حل النزاع الحدودي كدليل على استمرار طموحاتها بتجاوز حدود العلاقات الطبيعية بين الدول.

ويشير الحاج علي إلى أن ترسيم الحدود يمكن أن يكون حجر الزاوية لبناء علاقة قائمة على الاحترام المتبادل.

"جرح مفتوح"

كما يبرز ملف اللاجئين السوريين باعتباره إحدى أبرز القضايا الحساسة التي تؤرق لبنان، إذ يعيش في لبنان أكثر من 1.5 مليون لاجئ سوري، مما يضع ضغطا كبيرا على الموارد الاقتصادية والبنية التحتية.

وبرأي الباحث الحاج علي فإن العائق الأساسي سابقا تمثل في الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري ضد شعبه، مما حال دون عودة اللاجئين، ومع تراجع هذا العائق وفي ظل التحولات السياسية الأخيرة برزت مسألة إعادة الإعمار كشرط أساسي لعودتهم.

كما يبرز ملف المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية أو المعتقلين السوريين في لبنان كـ"جرح مفتوح يحتاج إلى معالجة فورية"، بحسب ما يصفه المحلل السياسي جورج علم.

ويؤكد علم للجزيرة نت أن هذه القضية لها أولوية قصوى وتستدعي التمييز بين المعتقلين السياسيين والمتهمين بجرائم جنائية، في حين يخشى بعض اللاجئين السوريين في لبنان العودة خوفا من الملاحقة.

إعلان

ويشير علم إلى ضرورة إعادة تقييم دور المجلس الأعلى اللبناني السوري الذي أنشئ كآلية للتعاون بين البلدين في ظل ظروف سياسية معينة، ويتساءل "هل لا يزال هذا المجلس ضرورة قائمة؟ أم ينبغي التركيز على تفعيل المؤسسات الدستورية في البلدين لضمان علاقات أكثر شفافية؟".

ويرى المحلل السياسي أن إعادة النظر في طبيعة العلاقات بين البلدين يجب أن تكون "شاملة وعميقة تشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والقضائية"، ويقترح أن تسعى الحكومة اللبنانية القادمة إلى وضع هذا الملف على رأس أولوياتها.

واقترح المحلل أيضا "الدعوة إلى قمة لبنانية سورية -سواء في بيروت أو دمشق- لإطلاق حوار جاد بشأن صياغة وثيقة أو إطار قانوني ينظم العلاقات المستقبلية بين البلدين، مع التركيز على حل القضايا الشائكة، كملف المعتقلين وضمان التعاون القضائي".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترسیم الحدود بین البلدین

إقرأ أيضاً:

سفير لبنان: زيارة الرئيس عون تعكس عمق علاقات البلدين الأخوية

أكد فؤاد شهاب دندن، سفير الجمهورية اللبنانية لدى الدولة، أن زيارة رئيس الجمهورية اللبنانيّة العماد جوزيف عون، إلى الإمارات تعكس عمق العلاقات الأخوية بين البلدين.
وقال بمناسبة ختام زيارة الرئيس عون والوفد المرافق له، إلى دولة الإمارات، ولقاء صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله: إن الزيارة أعقبها صدور بيان مشترك عن البلدين الشقيقين، عكس عمق الروابط الأخويّة بينهما، ومتانة العلاقة التاريخيّة.
وأضاف أن الجانب اللبناني أثنى على وقوف الإمارات إلى جانبه في أزماته، وما يلقاه من مساندة على كل الصعد. وتم التوافق على مشاركة التجربة الإمارات في تطوير الأداء الحكومي والتميّز المؤسسي، بزيارة وفد من مكتب التبادل المعرفي بوزارة شؤون مجلس الوزراء إلى بيروت.
وأشار إلى أن ما ميّز نتائج هذه الزيارة ومخرجاتها، القرار بالسماح بسفر المواطنين الإماراتيين إلى لبنان، بعد منع استمر لسنوات، ورفع هذا الحظر سيتمّ عملياً خلال أيام معدودة، بعد إنجاز خطوات لوجيستية وتقنية، ترجمة لهذا القرار السياسي. وأضاف هناك تطلّع مشترك لرفع مستوى التمثيل الدبلوماسي المتبادل. كما تم الاتفاق على إنشاء مجلس أعمال إماراتي لبناني مشترك، على أن يرسل صندوق أبوظبي للتنمية وفداً إلى بيروت لبحث مشاريع التعاون المتاحة وتقييمها. (وام)

مقالات مشابهة

  • سفير لبنان: زيارة الرئيس عون تعكس عمق علاقات البلدين الأخوية
  • عبد اللطيف: اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع الكويت باطلة
  • بين لبنان وسوريا.. هذا ما فعله نازحون
  • ما تداعيات حزمة المراسيم التي اتخذها الرئاسي الليبي.. وما مصير البرلمان والأعلى؟
  • تفاصيل لقاء اللواء سلطان العرادة مع سفيرة مملكة هولندا وأهم الملفات التي تم عرضها
  • الأونروا تحذر بشأن مصير 800 طفل ستغلق إسرائيل مدارسهم بالقدس الشرقية
  • شوبير يكشف مفاجأة بشأن مصير أكرم توفيق مع الأهلي
  • من الحدود للرسوم الجمركية.. ترامب يترك بصمة حادة على الملفات الساخنة خلال 100 يوم
  • بولتون: وعود ترامب بشأن قطاع غزة وأوكرانيا لم يفعل منها شيئا
  • الخارجية الصينية تطلق تصريحات بشأن واشنطن وسوريا والهند وباكستان