14 يناير، 2025
بغداد/المسلة الحدث: كتب احمد مطشر:
عندما قدم لي المقدم المهندس محمد تقرير موقف صلاحية الطائرات لقيادة طيران الجيش لفت انتباهي موقف احدى الطائرات والتي قد انتهى عمرها التقويمي والزمني وتوقفت عن الطيران بانتظار التفتيش العام (Overall) خارج العراق ، وهذه الصورة مع طائرتي في قاعدة التاجي الجوية.
اذ ان لي ذكريات كثيرة وعجيبة مع هذه الطائرة منذ استلامها عام ٢٠١٠، حيث انها كانت ضمن اول طائرتين (Mi17mm) قمت باستلامهما في بداية تشكيل السرب ١٥ عندما كنت أمراً لذلك السرب البطل وفق برنامج التسليم الذي كان بمعدل طائرتين كل ٢٠ يوم حتى اكتمل العدد ب٢٢ طائرة وبدأنا باستخدام الطائرات للتدريب وإعادة تأهيل الطيارين وإعداد الطيارين الأحداث وفق منهج طيران العمليات الخاصة للعمل على هذه الطائرة ومنظوماتها الحديثة بعد تطويرها وجعلها من طائرات الجيل الخامس ( V5) وهكذا بدأت رحلتي مع هذه الطائرة بالتدريب وبعدها الواجبات ، لكن مايميز الطائرة ٤٠٣ هو كثرة الإصابات التي تعرضت لها خلال تنفيذ الواجبات حتى ان الطيارين يسمونها طائرتي ، ورغم الطيران الكثير لكن هناك واجبات لاتنسى مع هذه الطائرة.
وأولها كانت معركة جزيرة سامراء ( عين الفرس ) عام ٢٠١١ اذا تمت هناك مطاردة لرتل للارهابيين وتدمير عجلاتهم وقتلهم وأتذكر حين حلقت فوق الرتل الاٍرهابي المسلح بالاحاديات مباشرة بحيث اخترقت إطلاقاتهم المقصورة ولا احد يتصور كيف أن قمصلة المقاتل البطل احمد مظهر قد مزقتها الاطلاقات المعادية دون اي جرح او خدش وهذا برعاية الله وحفظه ، فاستهدفتهم بالصواريخ والمدافع الجانبية رغم مقاومتهم الشرسة ، حتى تم ايقافهم وتدميرهم رغم إصابة طائرتي وبعدها قمت بالتوجه الى كلية القوة الجوية ( سبايكر) لاخلاء وفحص طائرتي المصابة وعند النزول والفحص تبين ان الطائرة تنضح الوقود والزيوت من اجزاء عديدة من جسم الطائرة فقمت بتبديلها بطائرة اخرى والعودة الى منطقة الواجب حيث كان السيد قائد طيران الجيش بانتظاري لشرح نتائج ما حصل، وبعد انتهاء الواجب تمت العودة الى سبايكر وتزويد طائرتي المصابة بالوقود والزيوت وقمت بالطيران بها الى قاعدة التاجي والنزول قرب الجناح الفني لحاجة الطائرة للصيانة بعد اصابتها ، وكانت المفاجأة التي يتذكرها الكثير آنذاك ، وهي ان الطائرة مصابة ب ٤٤ إطلاقة في كافة أنحاء الجسم لكن الله كتب لنا وللطائرة ٤٠٣ السلامة.
المرة الثانية حدثت عام ٢٠١٤عندما كلفت بواجب لمعالجة تجمع للارهابيين في منطقة الگرمة انطلاقاً من قاعدة التاجي
وحينها كان الموقف مضطرب ومشوش في تلك المناطق بسبب صعوبة التعرف على حقيقة مواقع الإرهابيين بالضبط اذ كنا نمر فوق منطقة تعتقدها آمنة لكنها أصبحت موقعاً للارهابيين ، وفعلاً بعد استهداف الإرهابيين الدواعش اصيبت طائرتي وقمت بالعودة بها الى قاعدة التاجي وعند النزول تبين لي ثقب الإطار الأيسر للطائرة فكانت عملية النزول صعبة بسبب عدم توازن ضغط الاطارات وبعد الفحص تبين ان الطائرة ٤٠٣ مصابة ب١٤ إطلاقة ورغم ذلك فقد كتب الله لنا السلامة، وتم تصليح الطائرة وإعادتها للخدمة بوقت قياسي.
المرة الثالثة كانت عندما تقدم إرهابيوا داعش باتجاه سد الموصل حيث قمت بقيادة تشكيل قتالي لإيقاف تقدمهم انطلاقاً من فيشخابور (المثلث الحدودي العراقي التركي السوري) وعند الالتحام مع الإرهابيين وقصفهم اصيبت طائرتي من الجانب الأيمن وبدأ الوقود بالنضوح من الخزان الخارجي الأيمن فقمت بالعودة الى منطقة فيشخابور حيث كتب الله لنا وللطائرة ٤٠٣ السلامة ، وبعدالنزول كانت هناك بقعة كبيرة من الوقود تحت الطائرة وبعد الفحص.
تبين ان الطائرة مصابة ب٧ إطلاقات وهي بحاجة لتبديل الخزان الخارجي الأيمن ، ولكن كيف يتم ذلك وانت في ذلك الموقع البعيد ، فكان ان قامت طائرة ( C130 ) تابعة للقوة الجوية العراقية بنقل خزان وقود جديد بعد إيصاله من قاعدة التاجي الى قاعدة الشهيد محمد علاء الى مطار اربيل وبعدها بواسطة طائرة مي ١٧ الي فيشخابور مع المفرزة الفنية ، اذ قاموا بتبديل الخزان الذي يسع (١٠٣٠) لتر وقود وإعادة الخزان المصاب وبنفس الطريقة ( فيشخابور اربيل بغداد تاجي) وبعد التصليح عادت طائرتي العزيزة للخدمة من جديد.
المرة الرابعة والعجيبة حين وردت المعلومات بتسلل مجموعة من الدواعش الى جبل سنجار ومحاولتهم التسلق عن طريق احد الأودية في الجبل الذي يؤوي النازحين الهاربين من هجوم داعش فقمت بقيادة تشكيل قتالي لمعالجة المتسللين الدواعش وفعلاً تم تدميرهم وقتل الكثير منهم لكنهم تمكنوا من إصابتي باصابة طفيفة في ساقي وإصابة طائرتي من الأسفل ، وقد لاحظت قوة حماية الجبل إصابة الطائرة وموقع إطلاق النار فتقدمت بقيادة العميد البطل آشتي وقتلت الباقين والاستيلاء على السلاح الذي اطلق النار على الطائرة وبعد ذلك جلبه لي ثأراً من الدواعش ، لكن المشكلة حينها كانت بانتشار الدخان الأبيض في المقصورة الخلفية للطائرة وخروجه بكثافة خلف الطائرة لكني بعد التأكد من عدم خطورة إصابتي وفحص منظومات الطائرة قررت التوجه الى فيشخابور رغم نضوح الوقود وعبور مسافة اكثر من ٧٠ كيلومتر من المناطق الخطرة التي يسيطر عليها الدواعش وصولاً الى المناطق الآمنة التي تبعد ٢٧ كيلومتر عن موقع النزول ، وبعد اجتياز تلك المناطق والوصول الى الأجواء الآمنة قررت الاستمرار بالطيران بعد التأكد بان كمية الوقود المتبقية تكفي للوصول الى فيشخابور وفعلاً تم النزول بسلام وعلاج ساقي وحينها تلقيت اتصالاً من السيد الفريق الاول الطيار حامد المالكي للاطمئنان على حالتي ، فأبلغته بسلامتي ، لكن المفاجأة كانت ان الإصابة تستوجب تبديل نفس الخزان الأيمن لنفس الطائرة ٤٠٣ وحصل نفس الشيء ونفس الخطة بنقل خزان الوقود الجديد من التاجي الى منطقة فيشخابور النائية وتصليح الطائرة وإعادتها للخدمة للتستمر ضمن موارد طيران الجيش القتالية التي ساهمت بتحرير جميع المناطق المغتصبة من قبل عصابات داعش الإرهابية في عموم العراق الذي عاد موحداً منتصراً.
واليوم تجثم هذه الطائرة العزيزة في قاعدة التاجي دون حراك او طيران لكنها تشهد هي وجسدها المثخن بالجراح على بطولة وشجاعة فرسانها الأبطال الذين امتطوا صهوتها، وهنا لابد من تقديم التحية للكوادر الهندسية والفنية التي كانت تعمل ليل نهار لصيانة وتجهيز الطائرات وإعادتها للخدمة بكل كفاءة وهمة لا مثيل لها في العالم.
تحية لأرواح الشهداء الذين رافقوني في تلك الايام ولكل من حلق معي وكتبت له السلامة ، وكلي أمل ان يتم إصلاح طائرتي العزيزة ٤٠٣ لأحلق بها من جديد في سماء العراق العزيز ، ومن الله التوفيق.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: هذه الطائرة ان الطائرة
إقرأ أيضاً:
محادثات أميركية روسية خلال أيام بجدة وضحايا في هجمات بالمسيرات على أوكرانيا
أفاد الكرملين الخميس بأن المحادثات الأميركية الروسية المقبلة يمكن أن تجري الأحد أو مطلع الأسبوع المقبل، فيما من المقرر أن تعقد واشنطن أيضا محادثات مع كييف في السعودية خلال الأيام المقبلة، وسط تصعيد في الهجمات العسكرية المتبادلة بين الطرفين.
وأوضح الكرملين اليوم الخميس أن البلدين سيناقشان سبل ضمان سلامة الملاحة عبر البحر الأسود خلال محادثات بخصوص تسوية سلمية للأزمة الأوكرانية في اجتماع بمدينة جدة السعودية الأسبوع المقبل.
وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين "قد لا تكون يوم الأحد.. يمكن أن تكون في بداية الأسبوع المقبل"، معبرا عن أمله في أن تستمر المحادثات على مستوى الخبراء في الأيام المقبلة.
ولم يتضح بعد إن كان المسؤولون الأميركيون سيجتمعون مع الوفدين الأوكراني والروسي في اليوم ذاته، أم أن هناك إمكانا لعقد محادثات ثلاثية يكون الحوار فيها مباشرا بين كييف وموسكو.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز الأربعاء إن "فرقا فنية" من روسيا والولايات المتحدة ستجتمع في الرياض "للتركيز على تطبيق وتوسيع وقف إطلاق النار الجزئي الذي ضمنه الرئيس ترامب من الجانب الروسي".
محادثات ترامب مع بوتين وزيلينسكي
وتحدّث الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع كل من الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فولوديمير زيلينسكي في وقت سابق هذا الأسبوع.
إعلانوقال ترامب إن مكالمته مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين سارت على ما يرام، وإنه تحدث مع نظيره الأوكراني فولودمير زيلينسكي وشرح له ما جرى مع بوتين.
وفي مقابلة مع موقع بريتبارت قال ترامب إن إدارته تتوصل الآن إلى اتفاق مع أوكرانيا بشأن المعادن النادرة بهدف ما قال إنه استعادة الأموال الأميركية وفعل شيء بها
وأضاف أنّ فصل روسيا عن الصين ليس هدفا أو دافعا للولايات المتحدة للانفتاح الاقتصادي مع روسيا.
وبدوره، أفاد زيلينسكي بأن كييف "مستعدة" لوقف الهجمات على شبكة الطاقة والبنى التحتية الروسية، وذلك بعد يوم على موافقة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الأمر ذاته تجاه أوكرانيا.
وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية إلى تناقض في روايتي موسكو وواشنطن بشأن نتائج الاتصال بين الرئيسين؛ فقد قال الكرملين إن الطرفين ناقشا فقط وقف الهجمات على محطات الطاقة، لكن البيت الأبيض أصر على ضرورة أن تشمل المحادثات الطاقة والبنى التحتية المدنية الأخرى على حد سواء.
ورغم الأجواء الإيجابية التي طبعت حديث ترامب مع الرئيسين الروسي والأوكراني؛ فإن التوصل إلى وقف أوسع لإطلاق النار ما زال أمرا بعيد المنال مع إصرار بوتين أثناء اتصاله مع ترامب الثلاثاء أن على الغرب أولا وقف كل أشكال الدعم العسكري لأوكرانيا.
كما طالب بوتين أيضا بعدم السماح لأوكرانيا بإعادة التسلح ووقف التجنيد العسكري الإجباري.
من جهة أخرى، اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب على نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن تتملك الولايات المتحدة محطات الطاقة النووية الأوكرانية وتديرها، في إطار مساعيه الأخيرة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين روسيا وجارتها.
وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو ومستشار البيت الأبيض لشؤون الأمن القومي مايك والتز في بيان مشترك إنّ ترامب "ناقش إمدادات الكهرباء الأوكرانية ومحطات الطاقة النووية" وأشارا إلى أن واشنطن "قد تؤدي دورا مساعدا جدا" في إدارتها.
إعلانوأضاف البيان أن "الملكية الأميركية لهذه المحطات ستمثّل أفضل حماية لهذه البنى التحتية".
بيد أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قال إنه ناقش مع نظيره الأميركي دونالد ترامب هاتفيا احتمال سيطرة الولايات المتحدة على محطة نووية أوكرانية واحدة، هي محطة زاباروجيا التي تحتلها روسيا، وليس محطات عدة كما أشارت واشنطن في وقت سابق.
ومن المقرر أيضا أن يناقش قادة الاتحاد الأوروبي الحرب المتواصلة منذ ثلاث سنوات أثناء قمة في بروكسل الخميس، إضافة إلى قدرات التكتل الدفاعية في مواجهة عدائية روسيا.
ميدانيا، أسفر هجوم روسي على شرق أوكرانيا عن مقتل شخصين خلال الليل، كما أطلقت موسكو وابلا من الطائرات المسيّرة أدى إلى إصابة 10 أشخاص وإشعال حرائق على مسافة مئات الكيلومترات من الجبهة.
وأعلنت القوات الجوية الأوكرانية أن الدفاعات الجوية أسقطت75 طائرة مسيرة من أصل 171 أطلقتها روسيا.
وأضافت أن 63 طائرة مسيرة "فُقدت" في إشارة إلى استخدام الجيش الأوكراني أساليب التشويش الإلكتروني لإعادة توجيهها.
وبالمقابل، قال مسؤولون ووسائل إعلام رسمية في روسيا إن النيران اندلعت في قاعدة جوية بالقرب من قاعدة للقاذفات الإستراتيجية بعد هجوم أوكراني كبير بطائرات مسيرة في جنوب البلاد.
وقال رومان بوسارجين حاكم ساراتوف إن طائرة أوكرانية مسيرة شنت هجوما على بلدة إنغلز مما أدى إلى اشتعال النيران في قاعدة جوية وإجلاء السكان من المناطق القريبة.
ولم يذكر قاعدة إنغلز على وجه التحديد، لكنها القاعدة الجوية الرئيسية في المنطقة.
وتقع قاعدة إنجلز على بعد نحو 700 كيلومتر من خطوط المواجهة في أوكرانيا وبها قاذفات القنابل الإستراتيجية الثقيلة من طراز توبولف تو-160 القادرة على حمل رؤوس نووية.
إعلانومن جهتها، قالت وزارة الدفاع الروسية إن الدفاعات الجوية أسقطت 132 طائرة مسيرة أوكرانية فوق ست مناطق مختلفة في جنوب روسيا، بما في ذلك 54 في منطقة ساراتوف حيث تقع قاعدة إنجلز.
وصعّدت روسيا وأوكرانيا هجماتهما الجوية حتى في الوقت الذي يضغط الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الكرملين وكييف للموافقة على وقف لإطلاق النار بعد أكثر من ثلاث سنوات من القتال.