الطريق من الدمازين إلى ود مدني.. عندما يصبح المستحيل ممكنا
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
ود مدني- قبل أسبوع من اليوم، كان المرور بالطريق من الدمازين جنوبي السودان إلى ود مدني في وسطه أمرا مستحيلا وصعب المنال، حيث توقفت حركة المواصلات العامة تماما، وحتى السيارات الخاصة والتجارية لم تعد تمر بالطريق الخاضع لسيطرة قوات الدعم السريع منذ عام ونيف والمسافة بينهما تبلغ 340 كيلومترا.
بيد أن مياها كثيرة جرت تحت جسر الطريق بعد استعادة الجيش السوداني السيطرة على ود مدني، وقبل ذلك استعادته مدن أبو حجار، وسنجة الواقعة في الطريق ذاته، في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وما كان مستحيلا بالأمس أصبح متاحا اليوم إذ انسابت الحركة في هذا الطريق القومي الرابط بين الدمازين وود مدني، مرورا بسنجة وأبو حجار ومايرنو.
يمر الطريق عبر ولاية سنار الواقعة جنوب شرقي السودان. وفي العام الماضي، استطاعت قوات الدعم السريع السيطرة على ود مدني بولاية الجزيرة، وسنجة وأبو حجار والدندر في ولاية سنار، بينما حاصرت مدينة سنار أكثر من 7 أشهر.
غير أن الأمر لم يدم طويلا فقد استعاد الجيش ألويته العسكرية عبر عمليات عسكرية خاطفة جعلت قوات الدعم السريع تتراجع إلى حدود ولاية الخرطوم، وتفقد سيطرتها على ولايات وسط وجنوب شرقي البلاد.
ومع استعادة الجيش لوسط البلاد، عادت الحياة للطرقات العامة ولم يعد هنالك ما يخيف سائقي السيارات وحتى رجال المرور بأزيائهم البيضاء المنتشرين في الطريق القومي من مدخل الدمازين وصولا إلى عبور مدينة سنار، وهو الطريق الذي كان مهجورا لمدة عام بأمر قوات الدعم السريع التي كان أفرادها ينهبون القوافل التجارية والسيارات الخاصة، وفقا لشهادات مواطنين كُثر من ولايتي سنار والجزيرة.
إعلان انتشار الجيشورصدت الجزيرة نت عودة الحيوية لهذا الطريق من حيث نقل البضائع والركاب خاصة في المسافة ما بين الدمازين وسنار، مع انتشار مكثف للسيارات القتالية ما بين سنار وود مدني.
وعلى امتداد الطريق من الدمازين إلى ود مدني، ينتشر أفراد الجيش السوداني والأمن والشرطة ويتم إخضاع الحافلات والمواصلات الداخلية لتفتيش دقيق، كإجراءات احترازية تحسبا -وفق السلطات الأمنية- لتسلل عناصر الدعم السريع أو تهريب الأسلحة الخفيفة إلى المدن التي استعادها الجيش.
كذلك تخضع السيارات الخاصة لعملية تفتيش، وعلى مسافة كل 20 كيلومترا توجد نقطة عسكرية، ولا تخرج هذه السيارات من الدمازين إلا بإذن عبور موجه لكل الأجهزة الأمنية المنتشرة في الطرقات. ولا يتم الدخول إلى ود مدني إلا بموافقة السلطات العسكرية، خاصة أن المدينة لا تزال تحاول النهوض من تحت ركام الحرب والتخلص من الألغام والمتفجرات المزروعة في وسطها.
فرحة شعبيةوطلبت السلطات الأمنية من المواطنين "التمهل في العودة إلى ود مدني". ففي مدخلها، تشتم روائح الدم والبارود وترى عشرات من جثث مقاتلي الدعم السريع ملقاة على الأرض، بينما شرع جنود من الجيش في دفن بعض الجثامين في مقابر جماعية قريبة من طريق عووضة أحد الأحياء الطرفية لود مدني.
قبل عام مضى، لم يكن متاحا للمواطنين في سنجة وسنار والحداد والحاج عبد الله والشكابة في وسط البلاد الاقتراب من هذا الطريق القومي الذي تتجول فيه فقط سيارات الدعم السريع القتالية.
غير أن الحياة عادت للطريق مرة أخرى واصطف فيه عشرات من المواطنين حاملين حافظات المياه لاستقبال جنود الجيش السوداني المتوجهين صوب ود مدني مرددين شعارات تمجّد الجيش، وسط زغاريد النساء المنتشرات في الطريق اللاتي عانين ويلات التعذيب على يد قوات الدعم السريع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع الجیش السودانی إلى ود مدنی فی الطریق
إقرأ أيضاً:
تطور مفاجئ في الخرطوم.. الجيش السوداني يسيطر على القصر الجمهوري وفرار قوات الدعم السريع
شمسان بوست / متابعات:
في تطور ميداني مفاجئ، سيطر الجيش السوداني صباح اليوم الجمعة على القصر الجمهوري في وسط العاصمة الخرطوم، بعد معارك ضارية مع قوات الدعم السريع التي كانت تتحصن داخل المبنى. وأكدت مصادر ميدانية أن القوات المسلحة السودانية نفذت عملية نوعية استمرت لساعات، مستخدمة الطيران الحربي والمدفعية الثقيلة، أسفرت عن استعادة السيطرة الكاملة على واحد من أهم رموز السيادة في البلاد.
شهود عيان تحدثوا عن دوي انفجارات ضخمة واشتباكات متواصلة منذ الفجر وحتى ساعات الصباح الأولى، تخللها تقدم آليات الجيش السوداني من عدة محاور نحو محيط القصر، قبل أن تتمكن وحدات الاقتحام من دخوله وتطهيره بالكامل. وبحسب المصادر، فقد انسحبت قوات الدعم السريع بشكل مفاجئ من الموقع، بينما تم القبض على عدد من أفرادها، بعضهم في حالة إصابة بالغة.
القصر الجمهوري، الذي ظل خلال الأشهر الماضية تحت سيطرة قوات الدعم السريع، يمثل نقطة استراتيجية وسيادية بالغة الأهمية، لكونه مقر الحكم ورمز الدولة السودانية، ويقع في موقع حساس وسط العاصمة وعلى مقربة من مؤسسات ومقار دبلوماسية بارزة. استعادة هذا الموقع من قِبل الجيش تعتبر ضربة موجعة لقوات الدعم السريع التي تراجعت ميدانيًا في أكثر من جبهة خلال الأسابيع الماضية.
وتأتي هذه التطورات بعد قرابة عامين من اندلاع الصراع المسلح بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والذي خلّف آلاف القتلى والجرحى، وتسبب في نزوح ملايين السودانيين داخليًا وخارجيًا، وسط انهيار شبه تام في مؤسسات الدولة والخدمات الأساسية.
ردود الفعل على السيطرة الجديدة تنوعت ما بين الترحيب الحذر من القوى السياسية والمدنية، والقلق الشعبي من اتساع رقعة المواجهات في الخرطوم، خاصة مع استمرار الاشتباكات في بعض المناطق الجنوبية والغربية للمدينة. المواطنون، رغم شعور بعضهم بالأمل جراء هذا التقدم، ما زالوا يعيشون تحت وقع القصف والانفلات الأمني، في ظل غياب أفق واضح لحل سياسي شامل.
وفي الوقت الذي لم تصدر فيه قوات الدعم السريع أي بيان رسمي بشأن انسحابها من القصر، تحدثت حسابات تابعة لها عن “إعادة تموضع تكتيكي” دون الخوض في تفاصيل، وهو ما يفتح الباب أمام احتمالات لهجمات مضادة في الساعات أو الأيام المقبلة.
السيطرة على القصر الجمهوري تمثل من الناحية العسكرية والمعنوية تقدمًا كبيرًا لصالح الجيش، وقد تعيد رسم خارطة السيطرة داخل العاصمة، إلا أن المشهد العام لا يزال هشًا، في ظل غياب تسوية سياسية حقيقية، واستمرار حالة الاحتراب التي تعصف بالبلاد منذ ربيع عام 2023.