مؤيد الزعبي

رغم أن تقنيات الذكاء الاصطناعي قد دخلت المستطيل الأخضر قبل سنوات مع دخول تقنيات حكم الفيديو (VAR) وخط المرمى الذكي وأيضًا تقنيات الكشف عن التسلُّل، إلّا أننا على أعتاب حقبة جديدة ستتغير معها الكثير من الأمور؛ فمع زيادة استخدام الذكاء الاصطناعي في الملاعب وخارج الملاعب، أجدُ أنه ليس صعبًا أن نجد هذا الذكاء يُنجِب لنا ميسي أو كريستيانو جديدين، أو لربما يُعيد أسطورتي مارادونا أو بيليه إلى الملاعب.

قد تقول لنفسك- عزيزي القارئ- هل يُقصد هنا أن يُولِّد لنا الذكاء الاصطناعي مقاطعَ جديدة لهؤلاء النجوم أو يُشركهم في ألعاب افتراضية ويعرضها مثلًا من خلال تقنيات الواقع الافتراضي أو الميتافيرس أو الهولوجرام، وتكون بجودة كما لو كانت فعلًا حقيقية؟! أقول لك، نعم هذا جزء مما يمكن أن يحدث مستقبلًا، لكن القادم أكبر وأضخم!!

"إنَّ بناء فريق جيد يتطلب ذكاءً اصطناعيًا جيدًا"، تذكر هذه العبارة جيدًا عزيزي القارئ، وتخيل معي كم هي البيانات التي سنجمعها عندما يتعلم الذكاء الاصطناعي قراءة كل ما يحدث داخل أرضية الملعب، من تكتيكات واستراتيجيات ومهارات وتحركات اللاعبين، ويبدأ في تحليل كل هذا ويضعه أمام فرق التدريب والإعداد، وما يُمكِن أن يخرج لنا من طرق خفية لإعداد لاعبين بمهارات ميسي وقوة كريستيانو. وعندما تتطور هذه النماذج سيُوَفِّر لنا الذكاء الاصطناعي بيانات عن الأجسام التي يمكنها تنفيذ شكل مُعين من اللعب، وبالتالي توظيف أفضل لجهود أكاديميات كرة القدم في إعداد أو تدريب لاعبي المستقبل. ليس هذا فقط؛ بل يمكن للبيانات أن توفر لنا كيفية استغلال ما لدى الفرق من مهارات وكيفية توظيفها بناء على الخصم وقوته وأدائه خلال المباريات السابقة، وهذا يبرز أهمية الذكاء الاصطناعي؛ ذكاء اصطناعي جيد سيمكنك من هزيمة منافسيك في قادم الوقت.

إنَّ مدربي كرة القدم الآن يقومون بالكثير من الأمور لقراءة الخصم وتحليل مدى قوته، لكن هذه المهمة ستكون للذكاء الاصطناعي حصرًا في قادم الوقت؛ فالذكاء الاصطناعي قادر على مشاهدة مئات المباريات لفريق الخصم وتحليل كل جزء بها. لكن كل هذا يعتمد بشكل أساسي على قدرتنا على جمع البيانات من داخل أرضية الملعب، وبما أن ملاعبنا بدأت تعج بالكاميرات والحساسات فالبيانات حاضرة وموجودة وتبقى إعداد نماذج ذكاء اصطناعي وتوظيفها بما يخدم تطلعاتنا المستقبلية.

وفيما يخص التحكيم، يمكنني أن أقول لك عزيزي القارئ إننا سنودِّع حكم مباريات كرة القدم في قادم السنوات ربما، وبدلًا من الأخطاء التحكيمية وإثارة الجدل في نزاهة الحُكّام سيكون الذكاء الاصطناعي هو الحل المثالي لكل هذا. وقد بدأت تجارب لتنفيذ هذا الأمر، لكن ما كان ملفتًا حقيقة هو نجاح باحثين من جامعة «تشياو تونغ» الصينية وإحدى الشركات في ابتكار نظام «Match Vision»، والذي أصبح بإمكان نظامهم الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي مشاهدة مباريات كرة القدم لتحديد اللقطات الرئيسية وإصدار قرارات مُماثلة لما يُصدره الحكم البشري، وقد نجح بنسبة تفوق 86% من الوصول لقرارات تحكيمية سليمة، رغم أنه لم يتلق سوى 3300 ساعة فيديو فقط من التدريب، من أكبر دوريات كرة القدم في أوروبا خلال الفترة من 2014 إلى 2024، ويستطيع التعامل مع 24 نوعًا مختلفًا من الأحداث المتعلقة بمباريات كرة القدم، مثل الأهداف والتسديدات والأخطاء والتسلل وحتى التغييرات التكتيكية في الاستحواذ.

تخيل ماذا سيحدث عندما يتم تدريبه على عشرات الآلاف من المباريات المسجلة، ويكون هذا النظام حاضرًا في الملاعب يجمع البيانات الحية، عندها سيصل بكل سهولة ليكون حكم كرة قدم متكاملًا.

اليوم.. ومع دخول تقنيات تصوير أعلى دقة ودخول أنظمة حاسوبية قادرة على قراءة وتحليل ما يحدث أمامها أستطيع القول إنَّنا مقبلون على عالم مختلف لكرة القدم، سوف تزداد البيانات وتزداد معها قوة نماذج الذكاء الاصطناعي سواء على مستوى التحكيم أو حتى تغيير قواعد اللعبة من حيث التكتيكات وتطوير طرق اللعب وحتى تحديد التبديلات المناسبة في الوقت المناسب، وسيكون الذكاء الاصطناعي مدربًا ذكيًا ومعدًا بدنيًا ماهرًا ومتخصص تغذية ماهر جدًا ومعد نفسي بارع، وسنجده مستكشف لاعبين يجد لنا لاعبين ماهرين بضغطة زر، ولم ينتهي الأمر إلى هنا بل سيكون الذكاء الاصطناعي رئيسًا عبقريًا قادر على إتمام الصفقات والتفاوض وإدارة القوائم المالية للنوادي.

في الحقيقة، لا أستبعد أن يصبح الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" بكل مكوناته وأذرعه، يُدار بالذكاء الاصطناعي، وفي النهاية الهدف تذليل الصعوبات على أرضية الملعب وخلق تنافسية عالية وتقديم متعة كرة قدم عالية، وبما أن الذكاء الاصطناعي سيوفر لنا كل هذا وأكثر فلا أستبعد حدوث ذلك في قادم السنوات، وكل يوم يمضي وتتطور فيه تقنية ذكاء اصطناعي جديدة سنجدها حاضرة وبقوة داخل المستطيل الأخر إلّا أن تجد اللعبة بأكملها قد تغيرات خطوة بعد خطوة، وفي النهاية أترك لك هذا السؤال: كيف سيكون تأثير دخول الذكاء الاصطناعي على أخلاقيات اللعبة من جانب وما يريده المُشجِّع من جانب آخر؟

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

استطلاع: الشباب يفضلون خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي

أظهر استطلاع للرأي، نشرت نتائجه اليوم الأربعاء، أن خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي برزت كأكثر المنتجات المرغوبة في فئة التطبيقات القائمة على الاشتراك بين المستهلكين في العشرينيات والثلاثينيات من العمر.

ووفقا للاستطلاع الذي أجري مؤخرا، بمشاركة 1000 شخص بالغ من قبل شركة أبحاث السوق "ماكروميل إمبرين"، قال 94.8% من المشاركين في الاستطلاع إنهم جربوا استخدام خدمات قائمة على الاشتراك من خلال التطبيقات، وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الكورية الجنوبية "يونهاب".

وكشف الاستطلاع، الذي أجري بتكليف من غرفة التجارة والصناعات الكورية الجنوبية، أن أكثر خدمة اشتراك جديدة مرغوبة بين المشاركين في العشرينيات من العمر هي خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي بنسبة 20%، وتليها الأجهزة الصحية والمنزلية بنسبة 18%.

 ومن بين من هم في الثلاثينيات من العمر، كان الخيار الأول هو خدمات الأعمال المنزلية بنسبة 20.5%، ويليها خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي بنسبة 19.5%، وعند الجمع بين الفئتين، كان الذكاء الاصطناعي التوليدي هو الخدمة الأكثر طلبا.

وأظهر الاستطلاع أن المستجيبين في الأربعينيات والستينيات من العمر أعطوا الأولوية للأجهزة الصحية والمنزلية بنسبة 25%.

ومن بين الخدمات الأكثر استخداما، احتلت منصات بث الفيديو المرتبة الأولى بنسبة 60.8% تليها عضوية مواقع التسوق بنسبة 52.4% ثم الباقات المجمعة لمنتجات الإنترنت والتلفزيون بنسبة45.8%.

مقالات مشابهة

  • استطلاع: الشباب يفضلون خدمات الذكاء الاصطناعي التوليدي
  • نظرة عن سلبيات وإيجابيات الذكاء الاصطناعي
  • جروك 3.. أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي من xAI
  • Grok 3.. مستقبل الذكاء الاصطناعي بين الاستدلال والبحث العميق
  • الذكاء الاصطناعي يطيح بالجراحين.. أكثر دقة في كتابة الوثيقة الأهم بالعملية
  • طالبات يبتكرن تطبيق الكتروني لمساعدة الصم عبر الذكاء الاصطناعي
  • لمخاوف أمنية.. سول تعلق الذكاء الاصطناعي الصيني
  • ماذا خسر عصر الذكاء الاصطناعي من تراجع المسلمين؟
  • باستخدام الذكاء الاصطناعي.. ميتا تقترب من فك شفرة الأفكار البشرية
  • الأخضر الشاب يخسر أمام منتخب العراق