نهضة عُمان المتجددة
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
منى بنت حمد البلوشية
الحادي عشر من يناير في كل عامٍ يشهده العالم أجمع، منذ أن قُرأت تلك الرسالة التي خطَّها المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد- رحمه الله- والتي تقول: "إننا بعد التوكل على الله، ورغبة منَّا في ضمان استقرار البلد، نشير بأن يتولى الحكم السيد هيثم بن طارق. وذلك لما توسمنا فيه من صفات وقدرات تؤهله لحمل هذه الأمانة".
هذه الرسالة لم يكتبها السلطان الراحل- طيب الله ثراه- هباءً؛ فهو يعرف من هو السلطان الذي سيمسك زمام أمور الدولة بكل حنكة ودراية، فقد توسمه لنا بكل معاني الحب وضمانًا لاستقرار الحكم في البلاد، ونحن نتوسمه ونشاهد هيثمنا العهد السعيد يمضي بعُمان بخطى واثقة ولمستقبل مزهر بإذن الله تعالى.
في الحادي عشر من يناير 2025، تابعنا الخطاب السامي الزاخر بمعاني حب الوطن والمواطن، والتأكيدات على أن عُمان ماضية نحو الأمام رغم كل التحديات التي مرَّت بها، وبسواعد أبنائها الأعزاء والأوفياء ستتحقق رؤية "عُمان 2040" بكل ثقة وارتقاء نحو هام السماء. وقد تم إعلان يوم 20 من نوفمبر من كل عام يومًا وطنيًا لسلطنة عُمان وهو اليوم الذي تشرفت فيه الأسرة البوسعيدية بخدمة هذا الوطن العزيز.
هذا إلى جانب إقامة المهرجان الطلابي احتفاءً بيوم تولي جلالة السُّلطان، والذي تضمن عدة لوحات فنية وبأشعار مختلفة مع اللوحة الختامية بروح يملؤها الفرح والسرور، وكانت عينا جلالته- حفظه الله ورعاه- تحكي حكايا فرح وسعادة لأبناء عُمان وهم يؤدون عرضهم الطلابي المُميز ويوصلون رسالتهم لجلالته بكل حب. لقد أعادنا هذا العرض الطلابي لسنوات طوال لم نشهدها وأعادت لنا الذكريات، وكأن الفقد الذي كان، قد عاد، ورُسِمت ملامح السلطان الراحل- طيّب الله ثراه- في مقام جلالة السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله ورعاه- في رفع يديه تحية لهم، وفي ضحكاته وابتسامته، التي لم تفارقه طوال الحفل، وهم ممتنون لتصفيق جلالته لهم، وكأن رسالة الإعجاب بالعرض وصلتهم من جلالته- حفظه الله ورعاه.
العرض حمل عدة لوحات وكل لوحة حملت رسالة وبعناوين مختلفة، تضمنتها اللوحة الأولى الترحيبية التي عبرت عن مشاعر الفرحة والسعادة التي تغمر أبناء عُمان بهذه المناسبة الجليلة وبالتشريف السامي والرعاية الكريمة، واللوحة الثانية سميت بلوحة "المعرفة" التي ترمز إلى التعليم باعتباره مرتكزًا أساسيًا للتنمية المستدامة ولرؤية "عُمان 2040" واللوحة الثالثة " وعدٌ تحقق" التي تُجسد الإنجازات خلال السنوات الخمس من عمر نهضة عُمان المتجددة، واللوحة الرابعة " عُمان أرض السلام" وعبر من خلالها المشاركون عن أصالة سلطنة عُمان وحضارتها، وأما اللوحة الخامسة " عُمان عبر الزمان" فقد أظهرت المورث العُماني والفنون العُمانية بمشاركة الطلبة والأهالي.
وستتوالى احتفالات السلطنة وأبنائها وفي قلوبهم عودة في سنوات قادمة، ولأن تكون لهم بصمتهم في هذا الوطن المعطاء، وأن عُمان ماضية قدما لأن تكون في مصاف الدول المتقدمة.
اللهم أدِم الأمن والأمان في عُماننا الحبيبة، وعُمان عظيمة بشعبها الأبيّ الطموح، واحفظ جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم، وأدِم عليه الصحة والعافية.
وكل عام وعُمان مُتقدمة ومُزهرة ومُزدهرة وفي رخاءٍ واستقرارٍ.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مدينة السلطان هيثم الاقتصادية وعاصمة عُمان المُتجدِّدة
محمد بن عيسى البلوشي
تتجه الدول إلى تمكين الاقتصاد؛ ليكون مُحركها الأساس نحو تنوُّع وتطوُّر واستدامة برامج التنمية، وفي سلطنة عُمان نلمسُ توجهًا وإرادة حقيقة مُنبثقة من الرؤية السامية الكريمة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- في جعل الاقتصاد هو المحرك الأساسي لعجلة التنمية في بلادنا، والفلك الذي تدور حوله وإليه جميع الأنشطة والبرامج الوطنية، وما الزيارات السامية إلى العواصم والاستقبالات التي قام بها جلالته- أيده الله- والاتفاقيات الاقتصادية والاستثمارية التي تم توقيعها، إلّا دليل واضح على عمق الاستراتيجية الاقتصادية التي تمضي عُمان نحو تحقيقها.
ولا شك أنَّ جعل سلطنة عُمان قِبلة للاقتصاد العالمي، ليس ضربًا من الخيال، ولا أمرًا يستحيل تحقيقه، ولنا في تجارب بعض اقتصاديات المنطقة حقيقةً ومثالًا يُمكن النظر إليه بتمعُّن ودراسة. لكننا نثق في عُمان أننا نتفرد بالكثير من المُقوِّمات والعناصر الاقتصادية والاستثمارية، والميزة النسبية والتنافسية ليست فقط لتفرد موقعنا الاستراتيجي؛ بل لتنوُّع الإمكانات التي تتميز بها، من حيث الاستقرار السياسي والعلاقات الدبلوماسية، والموارد الطبيعية، والخدمات اللوجستية التي يُمكن تنفيذها، إلى جانب أنها محطة نقل بحري مباشر إلى المسارات العالمية البعيدة عن أية صراعات سياسية.
هنا نشير بجلاء إلى رؤية جلالة السُّلطان- أيده الله- في تمكين النهضة الاقتصادية المُتجدِّدة والتي تقوم على قواعد متينة وأركان صلبة وأسقف تعلو إلى سماء طموحات الوطن، عندما أكد جلالته- رعاه الله- في خطابه الكريم بمناسبة الحادي عشر من يناير بالقول: "إنَّ تطويرَ البيئةِ الاستثماريّةِ والتجاريّةِ يُعدُّ ضرورةً أساسيّةً لدفعِ عجلةِ التنميةِ بالبلاد، ولذلك فقد وجّهنا الحكومةَ بتقديمِ المزيدِ من التسهيلاتِ اللازمة والحوافزِ التنافسيّة والبيئةِ الدّاعمةِ للاستثمار بما يسهل ممارسةَ الأعمالِ التجاريةِ لضمانِ تنويعِ اقتصادِنا الوطنيِ وتحقيقِ نموٍّ مستدامٍ ولتوفيرِ المزيدِ من فرصِ العملِ في القطاعاتِ الاقتصاديّةِ والخدميّةِ المختلفة وبما يجعلُ البلادَ وجهةً استثماريّةً جاذبةً وأكثرَ اندماجًا في منظومةِ الاقتصادِ العالمي، ولتحقيقِ هذا الاندماجِ فقد سعتْ حكومتُنا لبناءِ شبكةٍ واسعةٍ من الموانئ والمناطقِ الحرّةِ والمناطقِ الاقتصاديّةِ الخاصّةِ والمناطقِ الصناعيّةِ المتكاملةِ وتقديمِ الدعمِ لبرامجِ الابتكارِ وريادةِ الأعمال وصناديقِ الاستثمار الوطنيّةِ منها والمشتركة مع الدولِ الشقيقةِ والصديقة".
هذه، إذن، بوصلة النهضة الاقتصادية والإرادة السامية لأن تكون هوية بلادنا هي الهوية الاقتصادية والاستثمارية الأولى.
لقد أصبحت الحاجة إلى وجود عاصمة اقتصادية لسلطنة عُمان من الضرورات المُلِحَّة التي ستُسهم بوجودها في تحقيق رؤية جلالة السلطان المعظم في تنويع مصادر الدخل الوطني، وجذب المزيد من الاستثمارات إلى السوق المحلي. ولكون منطقة الدقم الاقتصادية من البوابات المُهيَّئة بكل نواحيها وإمكاناتها وقوانينها وتشريعاتها وموقعها التنافسي الفريد من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، فإنَّ ترشيح الدقم لأن تكون العاصمة الاقتصادية لسلطنة عُمان، وتحمل اسم "مدينة السلطان هيثم الاقتصادية"، يُعد واحدةً من الغايات التي نرجو أن نراها مُتحققة قريبًا بمشيئة الله تعالى.
لا شك أنَّ وجود عاصمة اقتصادية عُمانية، سيمثل إضافة نوعية لاقتصاد السلطنة، وقِبلة سيسافر إليها المستثمرون من شتى بقاع العالم. إذ إنه بجانب الميزة النسبية والتنافسية التي تُقدِّمُها الدقم بكل محتوياتها لاقتصاد المنطقة والعالم، يبقى وجود عاصمة اقتصادية عُمانية على خارطة المدن العالمية أمرًا في غاية الأهمية، وترسم بُعدًا اقتصاديًا محوريًا سيعمل على تمكين الرؤية السامية لجلالته- أيده الله- في جعل السلطنة قِبلة لاقتصادات العالم واستقطاب استثمارات نوعية.
إنَّ المُتابِع للرؤية الاقتصادية الاستراتيجية لسلطنة عُمان، يجد أن منطقة الدقم تمثل مُستقبل عُمان الاقتصادي، وبوابتها الشرقية إلى الاقتصاد العالمي؛ إذ إن الأرضية مُهيَّئة لاستقبال مشاريع إضافية، والقوانين الخاصة بها تُسهم في جذب الاستثمار، وبها إدارة خاصة تُدير قراراتها وأنشطتها وبرامجها المتنوعة، وتتمتع بحوكمةٍ متينة. وأعتقدُ أن جميع تلك المُرتكزات تتطلب أن تُتوَّج بإعادة النظر إلى المدينة، وتخصيصها كعاصمة اقتصادية باسم "مدينة السلطان هيثم الاقتصادية".
إنَّنا سنُنافس أنفسنا قبل أن نُنافس العالم في تقديم الدقم كعاصمة اقتصادية استثنائية بالمنطقة، وأول عاصمة اقتصادية عُمانية في عصر النهضة المُتجدِّدة، يستطيع المُستثمر عبرها الوصول إلى المسارات العالمية دون تعقيد أو تأمين إضافي، مُستفيدًا من كافة المُقدَّرات التي تُوفِّرُها الإمكانات والأنظمة والقوانين والتشريعات العُمانية، من أجل إنجاح دور المشاريع التي تعمل على توطين أساساتها الصلبة في تلك البقعة الفريدة من العالم.
** خبير في الإعلام الاقتصادي
رابط مختصر