جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-23@17:18:58 GMT

القيادة الأخلاقية في العمل

تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT

القيادة الأخلاقية في العمل

 

 

 

د. سعيد الدرمكي

 

الحديث عن أخلاقيات القيادة في بيئة العمل لا يقل أهمية عن الحديث عن ميزانية المؤسسة وأرباحها وأهدافها المستقبلية. بل إن أخلاقيات القيادة في بيئة العمل تعد بوصلة لنجاح المؤسسة واستدامتها. فهي ليست مجرد نهج إداري، بل أسلوب حياة يرتكز على احترام القيم وكرامة الإنسان، مع توجيه الأفراد بنزاهة وعدالة ومسؤولية.

القيادة الأخلاقية، كما عرفها مندونكا وكانونغو، هي التأثير بالمبادئ والقيم لتحقيق السلوك الصحيح. فقد أصبحت أولوية في المؤسسات الحديثة لدورها في ترسيخ النزاهة والشفافية. ورؤية "عُمان 2040" أبرزت أهميتها، مشددة على تطوير قيادات وطنية تتسم بالكفاءة والمسؤولية الأخلاقية، لتحقيق تنمية مستدامة قائمة على العدالة والقيم.

القائد الأخلاقي يتميز بسمات جوهرية تشكل حجر الأساس في نجاحه. النزاهة تأتي في المقدمة، حيث تعكس التزام القائد بالصدق والثبات على المبادئ. يليها الذكاء العاطفي، الذي يمكن القائد من فهم احتياجات فريقه وتقدير وجهات نظرهم، وبناء علاقات إيجابية. الشفافية عنصر رئيسي يعزز التواصل المفتوح، في حين تضمن العدالة تطبيق القواعد بشكل منصف ومتساوٍ. هذه السمات لا تقتصر على تصرفات القائد، بل تشكل مصدر إلهام للآخرين لتبني القيم الأخلاقية كمنهج دائم.

لا شك أن القيادة الأخلاقية تشكل أساسًا لبيئة عمل إيجابية تعزز التعاون، الشمولية، والنمو، بينما تسهم القيادة غير الأخلاقية في خلق بيئات سامة تُضعف الاستقرار وتضر بالسمعة المؤسسية. لذلك، يجب على المؤسسات اعتماد الأخلاق كمعيار أساسي في اختيار القادة، إلى جانب الإبداع، الفطنة التجارية، والجوانب ذات الصلة بالوظيفة وطبيعة المؤسسة، لضمان الاستدامة وتعزيز السمعة على المدى الطويل

تعد شركة تويوتا نموذجًا للقيادة الأخلاقية؛ حيث تعاملت بشفافية مع أزمة عيوب التصنيع عام 2010؛ مما عزز ثقة العملاء. كذلك، أظهرت مجموعة تاتا في الهند التزامًا بالنزاهة والمسؤولية الاجتماعية من خلال تخصيص جزء من أرباحها لتنمية المجتمع. في المقابل، تسببت فضائح مثل فساد شركة سامسونج الكورية في 2017، والتلاعب المالي في شركة نيسان اليابانية في 2018، وانهيار شركة إنرون الأمريكية في 2001، وحسابات شركة الخدمات المالية "ويلز فارجو" الوهمية في 2016، في الإضرار بالسمعة والثقة؛ مما يُبرِز أهمية القيادة الأخلاقية في تحقيق الاستدامة المؤسسية.

القيادة الأخلاقية تُعزِّز سُمعة المؤسسة، وتبني الثقة، وتقوِّي الولاء بين العاملين؛ مما يدعم الإبداع والشمولية. ولتعزيزها، يُمكن اعتماد مدونات السلوك، والتغذية الراجعة، وبرامج تدريبية لبناء المهارات، إضافة إلى قنوات للإبلاغ عن المخالفات لضمان الشفافية والالتزام.

يحمل المستقبل فرصًا وتحديات للقيادة الأخلاقية؛ حيث يُطلب من القادة الالتزام بمبادئ العدالة والإنصاف في ظل التحولات العالمية. ومن أبرز الاتجاهات الحديثة: أخلاقيات الذكاء الاصطناعي؛ لضمان استخدام التقنيات بمسؤولية وشفافية مع إشراف بشري يحمي من التجاوزات. كما تبرز الاستدامة كعنصر محوري، تركز على ممارسات أخلاقية في الحوكمة البيئية والاجتماعية. وفي نوفمبر 2021، أصدرت منظمة اليونسكو أول وثيقة عالمية لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، اعتمدتها 193 دولة، لتترجم القيم الأخلاقية إلى سياسات عملية تدعم الشفافية والاستدامة عالميًا.

ولترسيخ مفهوم القيادة الأخلاقية، يتعين على القادة أن يكونوا نموذجًا يُحتذى به في التزامهم بالقيم والمبادئ الأخلاقية، مع التأكيد على أهمية اتخاذ قرارات تعكس النزاهة والشفافية. القيادة الأخلاقية تتطلب مواجهة أي ممارسات غير أخلاقية بحزم وسرعة، مع تعزيز بيئة عمل تحفّز على الاحترام المتبادل والالتزام بالمسؤولية الاجتماعية.

ومن الضروري أن تسعى المؤسسات إلى بناء ثقافة تعتمد على القيم الأخلاقية كأساس للتميز المؤسسي، مع التركيز على التعلم المستمر كوسيلة للتطوير المستدام.

وفي هذا السياق، يجب أن تؤدي المؤسسات الأكاديمية والتدريبية، مثل الأكاديمية السلطانية للإدارة، دورًا محوريًا في تمكين القادة من خلال برامج مُتخصصة تُعنى بتعزيز مهارات القيادة الأخلاقية؛ مما يُسهم في إعداد جيل من القادة القادرين على قيادة مؤسساتهم بوعي أخلاقي وتوجه استراتيجي مُستدام.

إنَّ القيادة الأخلاقية ليست رفاهية؛ بل ضرورة لتحقيق النجاح المؤسسي على المدى القريب والبعيد؛ حيث إنها أداة لزرع الثقة وتعزيز الشفافية والمساءلة داخل المؤسسة. وللتغلب على التحديات المستقبلية، تحتاج المؤسسات إلى قادة يتمتعون بمرونة فكرية وقدرة على التكيف، مع التزام قوي بالمبادئ الأخلاقية التي تضمن لهم وللمؤسسات التي يقودونها الازدهار والتميز.

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

فى زيارة مفاجئة.. وزير الكهرباء يتفقد شركة شمال القاهرة ويتابع خطة العمل خلال العطلات الرسمية

 قام الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة ، اليوم السبت ، بزيارة ميدانية مفاجئة إلى شركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء ، وذلك للوقوف على الواقع الفعلي ، لمجريات تنفيذ الخطة العاجلة لتحسين جودة التغذية الكهربائية والحفاظ على استقرار واستدامة التيار الكهربائي وتحسين معدلات الاداء وتحقيق كفاءة التشغيل وضمان تقديم خدمات كهربائية لائقة على كافة الاستخدامات ، وكذلك الإجراءات التى يتم تنفيذها لمواجهة سرقة التيار الكهربائي على كافة الاستخدامات وخفض الفقد التجاري والفنى

تفقد الدكتور محمود عصمت منظومة تقديم الخدمات وسير العمل بها ،وخفض الوقت لكل خدمة مقدمة وخطة العمل والإجراءات التى يجرى تنفيذها لمواجهة الفقد الفنى . والفقد التجارى وظاهرة سرقة التيار الكهربائي والتعاون والتنسيق مع شرطة الكهرباء ولجان الدعم والمتابعة والمرور بالوزارة والشركة القابضة ، وناقش الدكتور عصمت مع العاملين نماذج من نتائج الأعمال خلال الشهور الماضية ، بحضور المهندس حسام عفيفي رئيس الشركة ، وكذلك المتغيرات لتحسين جودة التغذية وتأثير ذلك على المشتركين ومواجهة التعدى على الكهرباء وأبرز الحالات التى تم ضبطها  

وجه الدكتور محمود عصمت بمواصلة العمل على جميع المسارات لخفض معدلات الفقد وان تكون كميات الطاقة المشتراة والمباعة والمقارنات لمعرفة الفقد والهدر دائما حاضرة امام العاملين فى الأقسام المعنية ، وكذلك المرور والتفتيش ومتابعة موقف العدادات المعطلة والعدادات مسبقة الدفع ، والمقارنة بين عدد محاضر سرقة الكهرباء التى تم تحريرها وما تم تحصيله فعليا  ، والمراجعة المستمرة لخطط الصيانة وتوقيتاتها المحددة للحد من الأعطال واتخاذ كافة الاجراءات اللازمة بما فى ذلك قياس الأحمال للكابلات والمحولات وقياس نقاط الربط مع محولات نقل الكهرباء وغيرها لخفض معدلات الأعطال وتحسين التغذية الكهربائية

شدد الدكتور محمود عصمت على  قيام الشركة بإعداد تقرير أسبوعى بالضبطيات وسرقة الكهرباء وتركيب العدادات الكودية وأبرز الحالات ، وكميات الوفر فى الطاقة ومعدلات التحصيل والتوسع فى تركيب العدادات المجمعة لأكشاك التوزيع واللوحات ، مؤكدا عدم التهاون فى اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين والتصدي لسرقات التيار الكهربائي ومنع الوصلات الغير قانونية والتى ينتج عنها أضرار بالغة للشبكة الكهربائية ، مضيفا ان نسب الفقد الناتج عن سرقات التيار الكهربائى تكبد الدولة خسائر مالية كبيرة، بالإضافة إلى الإضرار باستقرار الشبكة نتيجة دخول أحمال مفاجئة غير مخطط لها تتسبب في انقطاع التيار الكهربائي، موضحا ان خطة العمل مستمرة للتوسع فى استخدام التكنولوجيا الحديثة وحوكمة منظومة العدادات وتحسين الخدمة المقدمة للمواطنين،  مؤكدا ان شركات توزيع الكهرباء هى حلقة الوصل بين القطاع والمشتركين وعليها مسئولية كبيرة فى إيصال رسالة إيجابية حول جهود الدولة وقطاع الكهرباء فى سبيل استقرار واستدامة التغذية الكهربائية

مقالات مشابهة

  • وفد رفيع من الصحة بالخرطوم يتفقد المؤسسات الصحية بشرق النيل
  • نضج المساهمة الاجتماعية للمؤسسات
  • فى زيارة مفاجئة.. وزير الكهرباء يتفقد شركة شمال القاهرة ويتابع خطة العمل خلال العطلات الرسمية
  • وزير الكهرباء يتفقد شركة شمال القاهرة ويتابع خطة العمل خلال العطلات الرسمية
  • انهيار القيم الأخلاقية
  • متقاعدو شركة صافر.. رواتب موقفة ومعاناه تتفاقم وسط ظروف صعبة (تقرير خاص)
  • مؤسسة النفط تصدر بياناً عاجلاً: ملتزمون بـ«الشفافية»
  • «محمد بن راشد الخيرية» توزع المير على أسر نزلاء «العقابية»
  • النائب الأول لرئيس الوزراء يتفقد سير العمل بمشروع إعادة تأهيل وتوسعة طريق سوق الحتارش
  • وزير قطاع الأعمال: نحرص على تنمية قدرات شركة كيما أسوان وتعزيز قدراته الإنتاجية