جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-22@06:19:04 GMT

العقلية العقابية في حرائق كاليفورنيا

تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT

العقلية العقابية في حرائق كاليفورنيا

 

 

 

 

بدر بن خميس الظفري

@waladjameel

 

تشهد ولاية كاليفورنيا الأمريكية حرائق غابات مدمرة، وُصفت بأنها الأعنف في تاريخها الحديث. هذه النيران، التي تأتي على الأخضر واليابس، تجاوزت حدود التصور؛ حيث اضطُر أكثر من 360 ألف شخص للفرار من منازلهم، وانهار أمامها أكثر من 10000 مبنى، تشمل مساكن ومنشآت حيوية، والخسائر الاقتصادية وحدها قُدرت بين 135 و150 مليار دولار.

هذه الإحصائيات ليست مجرد أرقام؛ بل إنها شهادة متجددة على هشاشة الإنسان أمام جبروت الطبيعة التي خلقها الله لنا لنعيش جمالها ونستمتع بعطائها، وهي دعوة للتأمل في نظرتنا إلى هذه الطبيعة.

يقول الفيلسوف السويسري الفرنسي جان جاك روسو: "الطبيعة لا تخوننا أبدًا؛ نحن من نخونها". كلمات روسو تُلخِّص مأساة اليوم؛ حيث الحرائق ليست مجرد كوارث طبيعية صرفة؛ بل هي نتيجة مباشرة لتراكم الإهمال البشري، من إزالة الغابات الجائرة إلى الانبعاثات التي تفاقم الاحتباس الحراري، فالطبيعة ليست عدوًا يتحين الفرصة للانتقام؛ إنها مرآة تعكس أفعالنا. وكأن هذه النيران تقول: "ما يحدث هنا ليس عقابًا، بل نتيجة طبيعية لمنطق الإنسان في استغلال موارد الأرض".

في هذا السياق، ظهرت على وسائل التواصل الاجتماعي أصوات شامتة في هذه الكارثة، معتبرة أنها عقاب إلهي لما وصفته بأفعال الولايات المتحدة السياسية، خاصة دعمها لإسرائيل خلال النزاعات الأخيرة في غزة. هنا نتساءل: إلى أين وصل بنا الفكر الإنساني؟ هل نحن عاجزون إلى هذا الحد عن التعاطف مع معاناة الآخر؟ ألم يقل الشاعر إيليا أبو ماضي: "كن جميلًا ترى الوجود جميلًا"؟ ومن هُنا فإنَّ الشماتة ليست سوى مرآة لقبحٍ داخليٍ يعجز عن رؤية جمال الإنسانية المشتركة.

هذه الشماتة تُعبِّر عن قِصر نظر أخلاقي وغياب عميق للفهم؛ فالكوارث الطبيعية لا تُميِّز بين مُذنب وبريء، وبين ظالم ومظلوم. يقول الأديب والمسرحي الآيرلندي جورج برنارد شو: "الحياة ليست لإثبات من هو الأذكى؛ بل لإثبات من هو الأكثر إنسانية"؛ فالإنسانية الحقة لا تعرف الانقسام ولا تخضع لمنطق الثأر السياسي أو الأيديولوجي.

وحينما ننظر إلى النيران المشتعلة في غابات كاليفورنيا، يجب أن نراها باعتبارها تذكيرًا مؤلمًا بأننا جميعًا بشر معرضون في أي لحظة للمصير نفسه ما لم نتعلم كيف نحيا بتناغم مع الأرض، ومع بعضنا البعض.

إنَّ هذه الحرائق دعوة للتأمل، ليست فقط في هشاشتنا ككائنات تعتمد على الطبيعة للبقاء؛ بل في مسؤوليتنا تجاهها، فبرغم كل ما تبدو عليه الطبيعة من قسوة، فهي تمنحنا دائمًا فرصة للتعلم. في كل شعلة نار تلتهم غابة، هناك صوت يدعونا إلى إعادة التفكير في علاقتنا بالكوكب كله. كما قال الأديب والفيلسوف الروسي فيودور دوستويفسكي: "الإنسان حقًا إنسان فقط عندما يشعر بمعاناة الآخرين".

لكن هذا الشعور بمعاناة الآخرين لا يقتصر فقط على الضحايا في كاليفورنيا؛ بل يمتد إلى كل من يعانون في هذا العالم؛ لأن التعاطف ليس موردًا محدودًا. ويمكننا أن نتعاطف مع سكان كاليفورنيا، ونحزن لما أصابهم، وفي ذات الوقت، نرفع أصواتنا دعمًا للمظلومين في مناطق أخرى مثل غزة الجريحة والسودان المنكوبة واليمن المحاصرة وغيرها من المناطق في العالم.

الإنسانية ليست لعبة صفرية؛ حيث الرحمة لطرف تعني نزعها عن آخر؛ بل هي شبكة واسعة، تقوى كلما توسعت وتشابكت.

إن الطبيعة، في قسوتها الظاهرة، تعطينا دروسًا عن استمرارية الحياة، فالغابة التي تحترق ليست نهاية الحكاية؛ فالنار، رغم دمارها، تفسح المجال لنمو جديد. وهذا الدرس الطبيعي يمتد إلينا كبشر؛ إذ إن الكوارث، مهما بدت قاسية، يمكن أن تكون فرصة لإعادة البناء، ليس فقط للبيوت والغابات، بل للأفكار والمبادئ التي تحكم حياتنا.

يقول الأديب والروائي المصري نجيب محفوظ: "الرجل الذي لا يعرف الرحمة لا يُعول عليه". وهذه الكارثة هي اختبار لقدرتنا على استحضار الرحمة، ليس فقط في التعاطف مع الآخرين، بل في التصالح مع الطبيعة نفسها. فلا يمكننا أن نستمر في طريق الاستهلاك المفرط وتدمير البيئة دون أن نتوقع أن تدفع الأرض ثمنًا باهظًا. الحرائق في كاليفورنيا ليست معزولة عن سياق عالمي من تغير المناخ، من أعاصير وفيضانات وجفاف، كلها تُشير إلى أنه قد حان الوقتُ للتوقف ومراجعة النفس.

يجب أن ندرك أن الطبيعة لا تعرف السياسة، والنيران لا تختار ضحاياها بناءً على انتماءاتهم الدينية أو توجهاتهم السياسية. إنها مجرد انعكاس لقوانين كونية فيزيائية وكيميائية وجيولوجية نكرر تجاوزها. وكما قال الشاعر الفلسطيني محمود درويش: "على هذه الأرض ما يستحق الحياة".

نعم.. هناك الكثير مما يستحق الحياة: غاباتنا، وقيمنا الإنسانية، وقدرتنا على التعاطف، ورغبتنا في بناء عالم أفضل. لكن هذا الجمال لن يحمي نفسه، وعلينا أن نتكاتف جميعًا، في مواجهة النيران التي أشعلناها نحن؛ سواء كانت نيران الغابات أو نيران الانقسام. فقط حينما ندرك أننا جزء من هذا العالم، يمكننا أن نأمل في مستقبله.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ليست حلا سحريا لمشاكل البشرة.. 5 خرافات حول مكملات الكولاجين

يبدأ إنتاج الكولاجين في أجسامنا بالتباطؤ بعد سن الـ25، ومع تراجعه بشكل كبير تبدأ علامات الشيخوخة في الظهور، بما في ذلك التجاعيد وترهل الجلد والخطوط الدقيقة. هنا تبرز أهمية تناول مكملات الكولاجين لتعويض النقص وتخفيف أعراض التقدم في العمر. لكن هل تعتبر هذه المكملات حلا سحريا لمشاكل البشرة كما يتم الترويج لها؟ سنتناول هنا فوائد هذه المكملات وأبرز الخرافات المتمحورة حولها.

ما الكولاجين؟

الكولاجين بروتين بنيوي في أنسجتنا، يتواجد في الجلد والشعر والأظافر والأوتار والغضاريف والعظام، ويشكل نحو 30% من إجمالي البروتين في أجسامنا.

من الممكن الحصول على الكولاجين من مصادر طبيعية وأخرى صناعية. تشمل المصادر الطبيعية العديد من الأطعمة بما في ذلك اللحوم، المأكولات البحرية، ومرق العظام. أما "مكملات الكولاجين" فتندرج في قائمة المصادر الصناعية، وتتوفر على شكل حقن أو حبوب أو ألواح بروتينية أو حلوى هلامية. ولا تحتاج هذه المكملات إلى وصفة طبية إذ يكفي اتباع الإرشادات المذكورة على العلبة.

فوائد مكملات الكولاجين

في حين تشتهر مكملات الكولاجين بقدرتها على تعزيز صحة ونضارة البشرة، فإنها ضرورية كذلك لدعم صحة العظام والعضلات والقلب. وتشمل فوائدها:

تجديد البشرة: يسهم الكولاجين في تأخير ظهور علامات الشيخوخة ويعزز من مرونة البشرة إذ يزيد من قدرتها على الاحتفاظ بالرطوبة. وتشير الأبحاث إلى أهمية تناول مكملات الكولاجين بانتظام، إذ لا تظهر نتائجها قبل نحو 12 أسبوعا من بدء الاستخدام.

إعلان

تجديد العظام: يعمل الكولاجين على تقوية العظام وتحسين وظائفها، كما أنه يخفف من آلام المفاصل الناتجة عن فقدان كتلة العظام.

تجديد العضلات: يُعد الكولاجين مكونًا أساسيًا للعضلات الهيكلية. ووفقًا لإحدى الدراسات أظهر الرجال الذين تناولوا مكملات الكولاجين ومارسوا الرياضة زيادة في كتلة العضلات مقارنةً بالمشاركين الآخرين.

تحسين صحة القلب: يُعزز الكولاجين نمو الأوعية الدموية، وتشير بعض الأبحاث إلى دوره في الوقاية من أمراض الشريان التاجي (تصلب الشرايين).

تجديد الشعر والأظافر: يعزز الكولاجين النمو السريع للشعر والأظافر ذات المظهر الصحي.

الكولاجين يعزز النمو السريع للشعر والأظافر ذات المظهر الصحي (بيكسلز) خرافات حول مكملات الكولاجين

على الرغم من الفوائد العديدة لتناول مكملات الكولاجين فإن هناك بعض المبالغات حول فعاليتها، والخرافات حول الطرق المثلى لاستخدامها، إليك أبرز هذه الخرافات:

1 – مكملات الكولاجين آمنة لجميع الأشخاص

من الممكن ألا تكون مكملات الكولاجين آمنة بالنسبة لبعض الأشخاص الذين يعانون من أعراض جانبية عند تناولها أو في حالة عدم الالتزام بالجرعة المحددة.

تختلف هذه الأعراض من شخص لآخر وقد تشمل:

الطفح الجلدي أو ظهور حب الشباب أو التهاب الجلد بشكل عام. قد يعاني البعض من تليف الكبد نتيجةً لتناول هذه المكملات بشكل مفرط. وفي حال لم يتم علاج التليف من الممكن أن يتطور تدريجيًا إلى سرطان الكبد. يمكن أن يؤدي الكولاجين إلى تكوين حصوات الكلى. البعض يعانون من مشاكل هضمية كأثر جانبي لتناول مكملات الكولاجين، بما في ذلك الإسهال أو والإمساك، وحرقة المعدة، بالإضافة إلى الشعور بالانتفاخ وفقدان الشهية. يمكن أن يسبب الكولاجين تراكما مفرطا للكالسيوم في الدم مما يؤدي إلى عدم انتظام ضربات القلب. 2 – مكملات الكولاجين، حل سحري لمشاكل البشرة

تروج العديد من الشركات لمكملات الكولاجين على أنها الحل السحري لمشاكل البشرة ومكافحة الشيخوخة، وعلى الرغم من أن بعض الأبحاث تؤيد هذه النظرية فإنه لا يزال هناك حاجة للمزيد من البحث والتدقيق العلمي. لا سيما وأن معظم الأبحاث قد تم إجراؤها على مكملات الكولاجين التي تحوي أيضا مواد أخرى مثل الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة وحمض الهيالورونيك وكبريتات الكوندرويتين، وبالتالي لا يمكن الجزم بأن التحسن في مظهر البشرة بعد تناول هذه المكملات كان بسبب الكولاجين وحده.

إعلان

ويشير دانييل كلارك، أخصائي التغذية والمدير التنفيذي للتغذية المستدامة، إلى أن الشركات المصنعة لمكملات الكولاجين كانت قد مولت بعض هذه الدراسات، مما يظهر الحاجة إلى التحري عن دقتها.

ويضيف أن أجسامنا لا تستطيع امتصاص الكولاجين في شكله الكامل، ولكي يدخل مجرى الدم، يجب تكسيره إلى ببتيدات حتى يمكن امتصاصه عبر الأمعاء. قد تتحلل هذه الببتيدات إلى لبنات بناء تصنع بروتينات مثل الكيراتين التي تساعد في تكوين الجلد والشعر والأظافر. أو قد تشكل الببتيدات الكولاجين الذي يترسب في أجزاء أخرى من الجسم، مثل الغضاريف أو العظام أو العضلات أو الأوتار. وحتى الآن، لم تثبت أي دراسات بشرية بشكل واضح أن الكولاجين الذي يتم تناوله عن طريق الفم سينتهي به المطاف في البشرة أو الشعر أو الأظافر.

مكملات الكولاجين تختلف بناءً على المصدر وطريقة التصنيع ومدى قدرة الجسم على امتصاصها (الجزيرة) 3 – تحتوي مكملات الكولاجين على جميع الأحماض الأمينية الأساسية

لا يعتبر الكولاجين بروتينا كاملا. يوضح خبير التغذية أليكس جلوفر: "في حين يحتوي الكولاجين على 19 حمضًا أمينيا مختلفا، إلا أنه يفتقر إلى أحد الأحماض الأمينية التسعة الأساسية (التريبتوفان)".

وبالتالي لا يجب الاعتماد على مكملات الكولاجين كمصدر أساسي للبروتين، خاصة في حالة الأشخاص الراغبين في بناء العضلات. فالأحماض الأمينية اللازمة لتكوين الكولاجين تختلف بنسبها عن الأحماض الأمينية المسؤولة عن بناء العضلات. وبالتالي لا غنى عن تناول البروتينات الكاملة، مثل تلك الموجودة في مسحوق البروتين أو اللحوم.

مع ذلك تشير العديد من الدراسات إلى أن مكملات الكولاجين هي أحد الحلول المثالية للأشخاص الذين يعانون من آلام المفاصل بعد التمرين.

4 – كل مكملات الكولاجين متساوية في الجودة والفعالية

هناك اعتقاد شائع بأن جميع مكملات الكولاجين متساوية في الجودة والفعالية، لكن في الواقع تختلف مكملات الكولاجين بناءً على المصدر، وطريقة التصنيع، ومدى قدرة الجسم على امتصاصها والاستفادة منها. وتشمل مصادر الكولاجين:

الكولاجين البحري (Marine Collagen)، الذي يستخرج من الأسماك ويتميز بسرعة الامتصاص. ويُعتبر الأفضل لصحة الجلد بسبب احتوائه على نسبة عالية من النوع الأول من الكولاجين (Type I)، وهو المكون الأساسي للبشرة.

الكولاجين البقري (Bovine Collagen): الذي يُستخرج من الأبقار ويحتوي على النوعين الأول والثالث من الكولاجين. وهو مفيد لصحة المفاصل، العظام، والعضلات، كما يساعد في دعم صحة البشرة والشعر.

إعلان

الكولاجين المتحلل (Hydrolyzed Collagen): الكولاجين العادي عبارة عن بروتين كبير الحجم، مما يجعل امتصاصه صعبًا على الجسم. لذلك، يُفضَّل اختيار الكولاجين المتحلل (Hydrolyzed Collagen أو Collagen Peptides)، حيث يتم تكسيره إلى جزيئات أصغر تُمتص بسهولة في الجهاز الهضمي، مما يعزز فعاليته. ومن معايير الجودة في اختيار مكملات الكولاجين: يفضل أن تكون خالية من الإضافات الضارة مثل السكريات والنكهات الاصطناعية. يجب أن تكون من مصدر نظيف وخاضع لاختبارات الجودة. يفضل احتواؤها على فيتامين C والزنك والهيالورونيك أسيد لزيادة فعاليتها.

مكملات الكولاجين الطبيعية

على الرغم من أن الأطعمة الغنية بالبروتين مثل اللحوم، المأكولات البحرية، ومرق العظام تحتوي على الكولاجين أو الأحماض الأمينية الضرورية لإنتاجه، فإن الجسم يواجه صعوبة في إنتاج كميات كافية منه مع التقدم في العمر. كما أن عوامل مثل التعرض للشمس، التدخين، التوتر، وسوء التغذية يمكن أن تزيد من انخفاض نسبة الكولاجين. وهنا تبرز أهمية تناول مكملات الكولاجين لا سيما إذا كنت تعاني من علامات نقص الكولاجين مثل التجاعيد المبكرة، آلام المفاصل، أو ضعف الشعر والأظافر.

مقالات مشابهة

  • شرطة تلمسان تحجز كمية من المخدرات والمؤثرات العقلية
  • أهالي دهوك يحيون عيد نوروز بأجواء رمضانية وسط الطبيعة (صور)
  • مفتي الجمهورية: المرأة في مصر ليست أمًا وزوجة فقط
  • «محمد بن راشد الخيرية» توزع المير على أسر نزلاء «العقابية»
  • أبوعبيدة: صواريخ اليمن تؤكد أن غزة ليست وحدها
  • إفطار جماعي لفائدة فئة الأحداث بالمؤسسة العقابية بالقليعة
  • بين الطبيعة الفريدة والتقاليد..مصور يبرز ثقافة أهل تبوك في السعودية
  • ليست حلا سحريا لمشاكل البشرة.. 5 خرافات حول مكملات الكولاجين
  • نيتنياهو: الغارات الجوية على غزة "ليست سوى البداية"
  • الدفاع المدني يخمد 9 حرائق خلال الـ 24 ساعة الماضية ‏