موقع 24:
2025-01-15@01:24:10 GMT

حين يُصبح العطاء عِبئاً

تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT

حين يُصبح العطاء عِبئاً

في أعماقنا، نتوق جميعًا لأن نكون كرماء، أن نعطي بلا حدود، لأن العطاء بحد ذاته قوة تربطنا بالآخرين وتجعلنا نشعر بأننا جزء من شيء أكبر. لكن، ماذا لو تحوّل العطاء من فضيلة إلى عبء؟ ماذا لو أصبح هذا العطاء، الذي أردناه تعبيرًا عن الحب والكرم، استنزافًا لذواتنا وضياعًا لحدودنا؟
العطاء الزائد، وإن بدا نبيلاً، يحمل في طياته خطراً يُهمَل ذكره في كثير من الأحيان: خطر فقدان التوازن.

يقول الكاتب الأمريكي آدم غرانت في كتابه “Give and Take” إن “العطاء المفرط دون وعي يؤدي إلى استنزاف الشخص تمامًا”، مشيرًا إلى أن المانحين الذين لا يضعون حدودًا غالبًا ما يجدون أنفسهم في دائرة من الاستغلال أو التهميش. إن تقديم كل شيء، دون مقابل أو تقدير، لا يعني فقط أنك تضعف نفسك، بل يعني أيضًا أنك تُعلّم الآخرين أن يأخذوا بلا حساب.
في كثير من العلاقات، يصبح العطاء الزائد من طرف واحد وسيلة لإرضاء الآخرين، على حساب النفس. يحدث ذلك بدافع الخوف من الرفض، أو الرغبة في القبول، أو حتى بسبب ثقافة اجتماعية تُمجد التضحية المطلقة. لكن هنا تكمن المشكلة: التضحية التي لا تُقدر، تتحول مع الوقت إلى إحساس بالخذلان. كما قالت الكاتبة الأمريكية هارييت ليرنر في كتابها “The Dance of Anger”، “العطاء بلا حدود ليس حبًا، بل هو فقدان للذات.”
من المؤلم أن نرى كيف يمكن للعطاء المفرط أن يؤدي إلى اختلال التوازن في العلاقات. تخيل علاقة حيث يُعطي شخص كل ما لديه دون أن يتلقى شيئًا في المقابل؛ هذا النوع من العلاقات يخلق استغلالًا غير مقصود، حيث يصبح الطرف الآخر معتادًا على الأخذ دون تفكير. عندما يُتوقع منك دائمًا أن تكون موجودًا، أن تقدم المساعدة، أن تعطي بلا توقف، يصبح من الصعب رسم حدودك. الحدود هنا ليست قسوة، بل هي حماية لعطائك نفسه. كما تقول الباحثة برينيه براون: “الحدود الواضحة هي فعل حب تجاه النفس وتجاه الآخرين. إنها تعني أنني أهتم بك بما يكفي لأخبرك أين يتوقف عطائي.”
لكن لماذا نقع في هذا الفخ؟ جزء من الإجابة يكمن في مفهوم العطاء نفسه، الذي يُصوره دائمًا كرمز للفضيلة. نحن نكبر مع رسائل تُشيد بالعطاء اللامحدود وتربط التضحية بالسعادة، متناسين أن السعادة تأتي من التوازن، لا من المبالغة. العطاء الذي لا يترك مساحة للاهتمام بالنفس، والذي يُمارس دون وعي، يُصبح نقمة. العطاء الحقيقي لا يعني أن تُرهق نفسك من أجل الآخرين، بل أن تشارك معهم من وفرة نفسك، لا من استنزافها.
في بعض الأحيان، يكون قول “لا” أقرب إلى العطاء مما نعتقد. قول “لا” يعني أنك تحترم وقتك، طاقتك، واحتياجاتك. يعني أنك تضع قيمة حقيقية لعطائك، فلا يصبح شيئًا يُؤخذ كأمر مسلم به. تقول الكاتبة شيريل ريتشاردسون في كتابها “The Art of Extreme Self-Care”:: "عندما تقول ‘نعم’ للآخرين طوال الوقت، فإنك تقول ‘لا’ لنفسك.”
لكن، كيف نحافظ على التوازن؟ المفتاح يكمن في الوعي الذاتي. اسأل نفسك: لماذا أعطي؟ هل هو بدافع الحب والكرم؟ أم أنني أعطي لأشعر بالقيمة أو لتجنب الرفض؟ إدراك دوافعك هو الخطوة الأولى نحو عطاء صحي. الخطوة التالية هي تعلم وضع حدود واضحة. الحدود ليست حاجزًا أمام العطاء، بل هي ضمانة لأن يكون عطاؤك حقيقيًا ومستدامًا.
العطاء قيمة عظيمة، لكن قيمته تتضاءل عندما يصبح عبئًا. التوازن هو الحل، ذلك الخط الدقيق بين أن تعطي بسخاء، وأن تحفظ نفسك من الإنهاك والاستنزاف. كما قال الكاتب والفيلسوف البريطاني آلان واتس: “لا يمكنك صب شيء من كوب فارغ. امتلئ أولاً، ثم اعطِ الآخرين مما يفيض عنك.”
تذكّر دائمًا: العطاء الحقيقي يبدأ من عطائك لنفسك. أن تكون كريمًا مع ذاتك، أن تحترم وقتك وطاقتك، هو الأساس الذي يُبنى عليه أي عطاء للآخرين. فلا تجعل من نفسك شعلة تحترق لتضيء الطريق للآخرين، بل اجعلها نورًا مستدامًا يضيء الطريق للجميع، بمن فيهم أنت.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية

إقرأ أيضاً:

5 طرق فعّالة للتخفيف من آلام الصداع في الشتاء.. احمي نفسك من التقلبات الجوية

مع حلول فصل الشتاء، تزداد معدلات الإصابة بالصداع بسبب التغيرات المناخية، مثل الهواء البارد والانخفاض المفاجئ في درجات الحرارة، مما يؤدي إلى انكماش الأوعية الدموية في الرأس، تتفاقم هذه الآلام مع قلة الحركة، الجفاف، والتغييرات في النظام الغذائي. يعتبر الصداع أحد الأعراض الشائعة في الشتاء، ولكن من خلال بعض العلاجات البسيطة والوقائية، يمكن تقليل شدته والتعامل معه بفعالية.

هل يمكن خسارة الوزن في الشتاء؟.. استشاري تغذية علاجية تكشف السر سكرتير بني سويف يتفقد جاهزية مركز الإغاثة بشرق النيل استعدادًا لفصل الشتاء أنواع الصداع في الشتاء

ينقسم الصداع إلى نوعين رئيسيين

الصداع الأولي: مثل الصداع النصفي والتوتر، الذي يتأثر بالتغيرات المناخية.

الصداع الثانوي: الذي يحدث نتيجة لأمراض أخرى مثل التهاب الجيوب الأنفية أو العدوى.

أسباب زيادة الصداع في الشتاءالهواء البارد: يؤدي إلى تصلب عضلات فروة الرأس والتأثير على الأوعية الدموية، مما يسبب الصداع.التغيرات في ضغط الدم ودرجات الحرارة: تؤدي إلى تضييق الأوعية الدموية، مما يسبب صداعًا نصفيًا.الجفاف: بسبب الهواء الجاف وانخفاض مستويات الرطوبة، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالصداع.نقص التعرض لأشعة الشمس: يؤدي إلى انخفاض مستويات فيتامين د والسيروتونين، ما يزيد من حدوث الصداع.علاجات فعّالة للتخفيف من الصداع في الشتاءتناول الأطعمة المغذية: تجنب الأطعمة التي قد تسبب تفاقم الصداع مثل اللحوم المصنعة والشوكولاتة، وركز على تناول الأطعمة الغنية بالأوميجا 3 مثل الأسماك.الحفاظ على نمط نوم منتظم: الحصول على قسط كافٍ من النوم يعد أمرًا حيويًا في الوقاية من الصداع.الترطيب: يساعد شرب السوائل مثل شاي الأعشاب والحساء في الحفاظ على الترطيب ومنع الجفاف.التعرض للضوء الطبيعي: حاول الحصول على بعض أشعة الشمس لتجنب انخفاض مستويات فيتامين د.إدارة الإجهاد: يمكن تقليل التوتر من خلال ممارسة اليوغا، التأمل، أو تمارين التنفس. نقيب الأطباء في إيطاليا: 70% من أسباب الصداع النصفي “وراثية” الصداع كعلامة تحذيرية.. كيف تكتشف علاقة الصداع بأورام المخ؟ الصداع: أسبابه وأنواعه وطرق علاجه نصائح إضافية للوقاية من الصداع الشتوياحرص على تغطية الجسم جيدًا أثناء التواجد في الخارج أو في أماكن باردة.تجنب الانتقال المفاجئ من الأماكن الدافئة إلى الباردة.راقب استهلاكك للكافيين وكن حريصًا على شرب كميات كافية من السوائل.افحص ضغط الدم بانتظام واطلب الاستشارة الطبية إذا استمر الصداع أو تفاقم.

الصداع في الشتاء يمكن أن يكون نتيجة للعديد من العوامل البيئية والصحية، لكن مع اتباع بعض العلاجات الوقائية البسيطة، يمكن تقليل تأثيره وتحسين نوعية الحياة، في حال استمر الصداع بشكل متكرر أو أصبح أكثر شدة، يُنصح بمراجعة الطبيب للتأكد من عدم وجود أسباب طبية أخرى.

مقالات مشابهة

  • 5 طرق فعّالة للتخفيف من آلام الصداع في الشتاء.. احمي نفسك من التقلبات الجوية
  • طنين الأذن.. متى يصبح مزمنا؟
  • أهالي الرهائن الإسرائيليين: نرفض استعادة 33 رهينة فقط ونترك الآخرين للمجهول
  • مكرمات الخير في وطن العطاء
  • متى يصبح "بنج" الأسنان غير آمن؟.. طبيب يجيب
  • يشعرون بالإحباط عند تفوق غيرهم.. 3 أبراج تقلل من نجاح الآخرين
  • بايدن: اتفاق غزة على وشك أن يصبح واقعا
  • 5 أبراج تخفي غضبها عن الآخرين.. فن كتم المشاعر
  • كيف تحمي نفسك من أمراض فصل الشتاء؟