جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-15@01:27:51 GMT

مكرمات الخير في وطن العطاء

تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT

مكرمات الخير في وطن العطاء

 

مدرين المكتومية

على مدى الأيام الماضية كانت بلادي ولا تزال على موعد مع واحد من أرقى مظاهر الاحتفال والتعبير عن الولاء والامتنان لمسيرة استكمال بناء الدولة العصرية الحديثة، فحجم المنجزات المتحققة على أرض الواقع يُجسد بصدق رؤية عميقة وقيادة حكيمة تسعى لتحقيق نهضة شاملة ومُستدامة لعُمان، سواء في الشق المتعلق منها بالتركيز على التطوير الاقتصادي والترشيق المؤسسي بإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة والابتكار في الإدارة، أو دعم الحماية الاجتماعية من أجل تحسين جودة حياة المواطنين وتمكين الشباب وتحسين جودة الخدمات.

.. وغيرها الكثير من الوقائع التي باتت ترسم خارطة طريق نحو مستقبل زاهر، نمضي فيه بخطى واثقة نحو المزاحمة على الصدارة تماما كما أرادت رؤية العمانيين (عمان 2040) ذاك الوصف الوطني الدقيق الذي تفضل به حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- في خطابه السامي احتفاء بالذكرى الخامسة لتولي جلالته مقاليد الحكم بالبلاد.

فمنجزات نهضتنا المتجددة ليست مجرد أرقام أو خطط، أو تقدمات مشهودة على مختلف المؤشرات المحلية والعالمية (وإن كانت لها أهميتها بالطبع)، لكنها في جوهرها خطوات عملية نحو تحقيق طموحات كل عماني وعمانية، استمرارا لمسيرة نهضة راسخة تنبض بروح التجديد والابتكار.. منجزات تعبر عن التزام وإرادة سياسية جادة وحقيقية بتعزيز مكتسبات الماضي، ومواصلة البناء على أسس قوية لتحقيق مستقبل أفضل لنا وللأجيال اللاحقة علينا.. منجزات حظي فيها المواطن العماني باهتمام خاص من خلال مبادرات دعم تحسين مستوى المعيشة، ودعم الفئات الأكثر احتياجا.. منجزات جعلت من الحادي عشر من كل عام بمثابة محطة للتأمل فيما تحقق لنبني مستقبلا مشرقا، يستلهم من تاريخنا الحضاري عراقته، وموجه بطموح وطني أكبر نحو استمرار مسيرة التقدم والازدهار.

وإن كان للاقتصاد رجاله وأهل اختصاص لا يجاريهم أحد، فللمنظومة الاجتماعية الوطنية ما يقارب الـ3 ملايين قلم ولسان يسجل ملحمة عرفان لما حظوا به من عناية مجتمعية فائقة في عصر النهضة المتجددة، وبرامج الدعم الموجهة لشرائح واسعة، كالأسر ذات الدخل المحدود، والمتقاعدين، وذوي الإعاقة، وغيرهم من الفئات المستحقة، والتي ضمنت لهم جودة الحياة وعززت مستويات العدالة المجتمعية، وفق نهج شامل يتكامل والمكرمات السامية والإصلاحات الاقتصادية لتخفيف أعباء المعيشة وتحقيق التكافل المجتمعي.

إن أحد أبرز عناصر منظومة الحماية الاجتماعية بشكل عام هو "نظام الحماية الاجتماعية الموحد"، الذي يجمع مختلف أشكال الدعم تحت مظلة واحدة لضمان التوزيع العادل والكفاءة في تقديم المساعدات، كما تشمل المنظومة دعم فرص التوظيف، والتدريب المهني، والتأمين الصحي، مما يعزز قدرة المواطنين على الاعتماد على الذات وتحقيق الازدهار، في تأكيد عملي متجدد على أن الإنسان العماني كان ولا يزال هو محور التنمية وأساسها، ويحتل مكانة مركزية في فكر حضرة صاحب الجلالة -حفظه الله ورعاه- الذي يضع الإنسان في صدارة أولوياته، ليس فقط كمستفيد من التنمية، بل كشريك فاعل ومساهم رئيسي في تحقيق طموحات الوطن.

وإذ لا تزال بلادنا ترفل في أثواب الاحتفال القشيبة بمناسبة وطنية غالية، فإنَّ جلالته -أبقاه الله- أبى إلا أن تكتمل أفراح الوطن بجملة مكرمات سامية ترسخ حقيقة الرعاية السامية لأطياف الشعب العماني قاطبة من كمزار وحتى ريسوت، بالتوجيه لتخصيص مبلغ 178 مليون ريال عماني يستفيد منها أكثر من 100 ألف مواطن سواء المستفيدين من برنامج المساعدات السكنية لعام 2025، أو رواد ورائدات الأعمال المنضوين تحت مظلة هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والإعفاءات من بعض القروض السكنية وقروض المشاريع المتعثرة والمغلقة، ومد مظلة الحماية الاجتماعية والتأمينية للمواطنين خلال العام الجاري باستمرار صرف معاشات الضمان الاجتماعي (سابقا) خلال هذا العام، وصرف معاش إضافي لبعض مستحقي المعاش التقاعدي، ودرة تاج المكرمات السامية "إنشاء صناديق للزواج" في جميع محافظات السلطنة، لمساعدة الشباب الراغبين في بناء كيانات أسرية جديدة، ولكم كانت هذه الخطوة أمنية يرغب المجتمع في تحقيقها منذ أمد بعيد، كضمانة للتيسير والتسهيل أولا، وتحفيز الرغبة في الإقدام على الزواج خفض معدلات العنوسة ثانيا، وتحقيق الاستقرار المجتمعي ثالثا وخامسا وعاشرا.

وصحيح أنَّنا ما زلنا بانتظار آلية الحوكمة التي سترى بها هذه الصناديق النور (كما أفاد بذلك البيان الصادر عن ديوان البلاط السلطاني) إلا أنَّ الآمال واسعة في أن تكون المبالغ المخصَّصة للراغب في الزواج مجزية وكافية وتتناسب ومتطلبات وتكاليف الزواج، كما نأمل كمقترح أن يكون لهذه الصناديق وقفا أو استثمارا يُدِر دخلا جيدًا، مع فتح باب التبرُّعات أمام من يريد زيادة مخصصات الصندوق حسب المحافظة، مع تيسير شروط الاعتماد والموافقة على طلبات الشباب، مع تسريع إجراءات الموافقة على الطلبات.

ويبقى القول في الأخير.. إن هذه المكرمات السامية ليست مجرد دعم مادي، بل هي تعبير عن رؤية ثاقبة تهدف لتمكين شرائح المجتمع المختلفة من تجاوز التحديات، والمساهمة في بناء مستقبل مُشرق ومُستدام لعُمان الوطن.. مكرمات تنبض بروح العطاء وتزرع الأمل في نفوس أبناء الوطن الأوفياء. حفظ الله مولانا المعظم وشمله بكرمه ورعايته، وأسبغ عليه آلاءه ونعمه الظاهرة والباطنة، وأدامه عزا وفخرا، وسندا وذخرا لأبناء عمان الكرام الأعزاء الأوفياء.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مختصون لـ"الرؤية": التوجيهات السامية بتعزيز القيم والمبادئ سراجٌ ينير طريق الجهود الوطنية للحفاظ على المنظومة الأخلاقية

 

◄ الفهدي: التوجيهات بالحفاظ على المنظومة الأخلاقية محرك فاعل للأفراد والمؤسسات للقيام بالدور اللازم

◄ السناوي: الحفاظ على القيم من أهم أسباب التطور والابتكار

أمبوسعيدية: التمسك بالقيم والتقاليد يُعزز تماسك المجتمع والإسهام في ازدهاره

◄ العاني: الطفولة أفضل مرحلة لغرس القيم والمبادئ الأخلاقية

◄ المحرزي: نحتاج إلى تضمين التوجيهات السامية في فلسفة التعليم المدرسي والجامعي

 

الرؤية- مدرين المكتومية

أكد عدد من المختصين والتربويين الاهتمام السامي الكبير لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- بتعزيز الهوية العُمانية والحفاظ على الموروث الأخلاقي والقيمي والسلوكي، انطلاقًا من المبادئ العُمانية الأصيلة التي تُشكِّل الإرث الحضاري العريق لعُمان، وذلك من خلال توجيهاته السامية بتبني سياسات وبرامج تُعزِّز هذ القيم الأخلاقية وتُعزز الانتماء الوطني.

وقالوا في تصريحات خاصة لـ"الرؤية" إن الحفاظ على السلوك القيمي والاجتماعي لأفراد المجتمع- وخاصة النشء- يتطلب تضمين ذلك في فلسفة التعليم المدرسي والجامعي، من خلال المناهج والبرامج الدراسية المقدمة في التعليم بشتى أنواعه.

وفي خطابه السامي في الحادي عشر من يناير 2025، قال جلالة السُّلطان- أبقاه الله: "نسعى دائماً لتعزيزِ الجهودِ والبرامجِ الحكوميّة للحفاظِ على إرثِنا الأخلاقيِّ والقيميِّ والسُلوكيِّ وعلى تبني مبادراتٍ حكوميّةٍ ومجتمعيّةٍ واسعة تُمكِّنُ هذه الأجيالَ من استلهامِ موروثِنا الوطنيِّ والتسلُّحِ بمبادئِهِ الصّافيةِ والاحتكامِ لمنظومتِنا الأخلاقيّةِ السّاميةِ".

تحديات الهُوِيَّة

ويقول المكرم الدكتور صالح الفهدي إنَّ جلالة السُّلطان- أعزه الله- أولى اهتمامًا كبيرًا بتعزيز الهُوية الوطنية والمبادئ والقيم التي نشأ عليها المُجتمع العُماني، والتي تتجسد في العادات والتقاليد والأفكار والتوجهات والقناعات الراسخة، مبينًا أنَّ هذا الاهتمام له قيمتهُ العالية؛ إذ يُنبِّه جلالته من خطورة التحديات التي يواجهها المجتمع العُماني شأنه كباقي المجتمعات، وهي تحدِّيات تمسُّ الهوية والأخلاق والتربية والبنية المجتمعية المتماسكة.


 

 

ويضيف الفهدي أن خطاب جلالته بمناسبة الذكرى الخامسة لتولِّي جلالته مقاليد الحكم في البلاد، يأتي تكريسًا لخطابهِ المستمرِّ للحفاظِ على المنظومة الأخلاقية القيمية والسلوكية للمجتمع العُماني خاصَّة للناشئة، وأن هذا التوجيه السَّامي يُشكِّل سياسةً واضحةً للجهات الحكومية المعنية وللمجتمعِ عامَّةً؛ أفراداً ومؤسسات، من أجلِ الحفاظِ على الإرث الثقافي للأُمَّة بما يتضمَّنه من قيمٍ ساميةٍ، وسلوكيَّات راقية، فضلاً عن أنَّه يحثُّ كلَّ جهةٍ معنيَّة لتبني المبادرات التي ترمي إلى ترسيخ القيم الأصيلة، والأخلاق الحميدة، والسلوكيات الرفيعة، كما أن هذه الخطابات المباركة من لدن جلالته- أيده الله- تعدُّ محركاً فاعلاً لأخذِ الأَمر على محملِ الاهتمام والاعتبارِ من جميع مكوِّنات الوطن، وذلك من خلال برامجَ ومبادرات ذات أثرٍ فاعلٍ ملموسِ النتائج.

ويذكر الفهدي قائلًا: "إِننا ننظرُ كمواطنين إلى هذا التوجيهِ السَّامي لجلالته على أنَّه دافعٌ للعطاءِ والبذلِ في طريق الاعتناءِ بالقيم النبيلة، والأخلاقيات السمحة التي تربَّى عليها المجتمع العُماني، وهو ما يبعثُ في أنفسنا شعوراً متنامياً لمواصلة الطريق، مدعوماً بالهمَّةِ والعزيمة للمضي في الرسائل الهادفة التي نشتغلُ عليها في هذا المسعى الوطني الشريف".

التقدم الحضاري

من جهته، يوضح حمد بن ناصر السناوي رئيس قسم الطب السلوكي بمستشفى جامعة السلطان قابوس، أنَّ المبادئ والقيم الإنسانية تعد من أهم وسائل التقدم الحضاري في المجتمعات، لأنها تنظم تعامل الأفراد كما أنها تنتقل من جيل إلى آخر عبر التربية والتدريب والتعليم والتثقيف، مُبينًا أنَّ الخطاب السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- يركز على أهمية التمسك بالمبادئ والقيم، إذ قال جلالته "نُهِيبُ بأبنائِنَا وبناتِنَا التمسُّكَ بالمبادئ والقيمِ، التي كانت وستظلُ ركائزَ تاريخِنَا المجيد، فَلْنَعْتزّ بِهَوِيَتِنَا وجَوْهَرِ شخصيتِنَا، ولِنَنْفَتِحْ على العالَمِ بتوازن  ووضوحٍ، ونَتَفَاعَلْ معه بإيجابيةٍ، لا تُفْقِدُنا أصالتَنَا ولا تُنسينا هويتَنَا".


 

ويرى السناوي أن المحافظة على الموروث الحضاري وما يحتويه من قيم ومبادئ أخلاقية من أهم أسباب التطور، حيث  تمكن  الفرد من العيش في توافق مع ذاته وجماعته وأفراد المجتمعات الأخرى، فيبدع ويساهم في تطور المجتمع وبناء نهضته، كما  تعتبر القيم من أهم وسائل في حماية أفراد المجتمع من تفشي الجرائم والانحرافات الأخلاقية بمختلف أنواعها والتي تتفشى في المجتمعات الحديثة وما تشهده من تطور في التكنولوجيا ووسائل التواصل التي رغم مالها من جوانب مفيدة إلا أنها لا تخلو من سلبيات يمكن أن تدمر استقرار الفرد والمجتمع بأكمله.

كما يلفت الخبير في الطب السلوكي إلى أن الخطاب السامي أكد على ضرورة خلق التوازن بين المحافظة على الموروث الاجتماعي والانفتاح على العالم دون التفريط في الهوية والشخصية العُمانية، مؤكدا أن من عوامل تحقيق هذا التوازن هو تعزيز دور التربية في بناء الشخصية العُمانية بكل جوانبها بدءًا من الأسرة ومرورا بالمدرسة والمجتمع بأكمله بمؤسساته الحكومية والخاصة، بحيث تبنى هذه التربية على الأسس والمناهج العلمية التي تتناسب مع لغة العصر وتُحافظ على التقارب بين الأجيال ليتواصل توريث القيم والمبادئ وتبنيها في صياغة الشخصية العُمانية الأصيلة.

مشاعر الولاء والانتماء

وفي السياق، تقول الدكتورة آمال بنت عبدالله أمبوسعيدي استشاري أول في الطب النفسي ومؤسسة أكاديمية الحياة للمرونة النفسية: "يُولد الناس وهم بحاجة إلى الانتماء إلى الآخرين من أجل الشعور بالارتباط بهم وتكوين نظام دعم، ومن خلال الشعور بالانتماء إلى الآخرين، يصبح لدى الأفراد آليات أفضل للتعامل مع التحديات والتمتع بالمرونة النفسية، وتسمح هذه الروابط الداعمة للناس بمشاركة النجاحات وتجربة قدر أعظم منها، والولاء اتجاه نفسي اجتماعي ذو جانب انفعالي عاطفي وجانب سلوكي يدفع الفرد للقيام بسلوك معين نحو مصلحة ما تتعلق بانتمائه للجماعة، هذا إضافة إلى جانبه المعرفي والذي يتمثل في إدراك الفرد للمفاهيم والقيم التي يستند إليها الشعور بالوفاء، وعليه فإن تعزيز انتماء الأفراد للموروث الثقافي والتراث يشكّل ركيزة أساسية للحفاظ على الهوية الوطنية وتعميق شعور الولاء؛ فالموروث الثقافي ليس مجرد ذكريات أو رموز تاريخية، بل هو أساس حاضرنا ومستقبلنا، والرابط الذي يجمع الأجيال في إطار قيم وتقاليد مشتركة، وعندما يدرك الأفراد قيمة تراثهم، يشعرون بالفخر بجذورهم والانتماء العميق لمجتمعهم، مما يعزز لديهم الهوية الفردية والجماعية، ويؤهلهم للإسهام في بناء مجتمع قوي ومتماسك".


 

وتبيّن أمبوسعيدية أن نشر الوعي بأهمية التراث يبدأ بالتعليم والتثقيف، كما تسهم الفعاليات الثقافية كالمهرجانات الشعبية، وورش العمل الحرفية، والمعارض التراثية في تقديم تجربة عملية تُحيي القيم والموروثات، وتتيح للأفراد فرصة العيش داخل تفاصيل ثقافتهم بطرق ملموسة، كما أن الحفاظ على اللغة والفنون والعادات الاجتماعية يشكّل جزءًا لا يتجزأ من استدامة الموروث، ويتطلب دعم الحرفيين المحليين وحماية المواقع التاريخية، بالإضافة إلى أهمية استخدام التكنولوجيا في إبراز التراث ونقل الموروث الثقافي إلى الأجيال الجديدة، من خلال إنشاء تطبيقات تفاعلية، وإنتاج محتوى رقمي يعرض التراث بطرق مبتكرة يساهم في ربط الشباب بماضيهم بأسلوب يتماشى مع اهتماماتهم، مما يعمق شعورهم بالاعتزاز بهويتهم، وتعريف الأجيال الناشئة برموزهم الوطنية وبالقيم التي يُمثلها تراثهم بما يُعزز لديهم مشاعر المسؤولية تجاه الوطن.

موروث ثقافي

وتضيف أمبوسعيدية إلى أنَّ إبراز قصص الشخصيات التاريخية وإنجازاتها يغرس في نفوس الشباب روح الطموح والإلهام، ويدفعهم للمُساهمة في الحفاظ على تراثهم والعمل على تطويره دون فقدان أصالته، والموروث الثقافي ليس مجرد إرث للماضي، بل هو مصدر إلهام للحاضر والمُستقبل، فهو يُساهم في تعزيز الروابط الاجتماعية، ويوفر للأفراد شعورًا بالاستقرار النفسي والأمان الاجتماعي، كما أن استمرارية هذا التراث وتفعيله في الحياة اليومية يعززان من شعور الانتماء للوطن، ويعكسان هوية مجتمع قادر على التوازن بين الأصالة والحداثة، وبذلك يُصبح التراث دعامة أساسية لبناء مجتمع متماسك مزدهر وواعٍ لحاضره ومستقبله.

بدورها، تُؤكد الدكتورة مها عبد المجيد العانية، استشارية نفسية، أنَّ الطفولة من المراحل الأساسية في حياة الإنسان وهي ثروة المجتمع الحقيقي باعتبارها المرحلة المناسبة لغرس البذور الأساسية للشخصية وتبلور ملامحها في المستقبل، فضلاً عن أنها محدد هام لذاته الجسمية والنفسية والاجتماعية والأخلاقية، مبينة أن اهتمام المقام السامي بهذه المرحلة والتأكيد على ترسيخ القيم والمحافظة على الموروث العُماني الأصيل يدل على الوعي الكبير بأهمية هذه المرحلة التي تتشكل فيها القيم والعادات والاتجاهات وتتطور فيها الميول والرغبات والقدرات وتتجه نحو رفع رقي وتطور المجتمع.


 

وتُشير إلى أهمية دور الأسرة في تربية الأبناء؛ إذ أثبتت العديد من الدراسات العلمية وجود علاقة إيجابية بين أسلوب التنشئة الأسرية وتكوين الشخصية، مشددة على ضرورة الاهتمام بتنشئة الأبناء تنشئة سليمة فضلاً عن أهمية دور المؤسسات الأخرى مثل المدرسة والمسجد ووسائل الإعلام للحفاظ على القيم والعادات الإسلامية العُمانية الأصيلة.

فلسفة العمل الوطني

ويلفت الأكاديمي والتربوي محمد بن علي المحرزي، إلى أنَّ مضامين الخطاب السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- تبنِّى عليها فلسفات العمل الوطني في شتى المجالات، خاصة فيما يتعلق بضرورة الحفاظ على السلوك القيمي والاجتماعي لأفراد المجتمع وخاصة النشء؛ إذ إنَّ هذا الأمر يتطلب تضمينها في فلسفة التعليم المدرسي والجامعي، بحيث يتم ترجمة ذلك من خلال المناهج والبرامج الدراسية المقدمة في التعليم بشتى أنواعه، إلى جانب أهمية أن تتضافر جهود الإعلام الرسمي والمحلي وكذلك الهيئات الرسمية والاجتماعية في ترسيخ منظومة القيم الهادفة حتى تتكامل مع الجهد التعليمي، بالإضافة إلى تعزيز المبادرات المجتمعية الشبابية في تحقيق المضامين السامية بشأن تعزيز منظومة القيم وتحقيقها في المجتمع والتصدي للظواهر الدخيلة على المُجتمع العُماني الأصيل.


 

ويقول المحرزي: "في هذا الأمر أطرح بعض الأفكار العملية والتي يمكن من خلالها تحقيق تلك الرؤية السامية، وذلك بزيادة تضمين المناهج التعليمية لبرامج وأنشطة تُعزز السلوك القيمي والتعزيز عليها، وإدراج تقييمات واقعية للمهارات القيمية السلوكية في منظومة التقويم المدرسي والجامعي، وتوجيه المؤسسات التربوية لتنفيذ حلقات نقاش تشمل الجانب الرسمي والشعبي لكيفية تعزيز السلوك القيمي الهادف، والعمل على طرح برامج قيمية متكاملة من خلال الإعلام الرسمي والمحلي لتقديم رؤى مُتقدمة في السلوك القيمي مع ربطها بقيادات فاعلة في المجتمع، وتطوير برامج الكشافة والجوالة وتفعيلها من خلال وزارة الثقافة والرياضة والشباب بحيث تستوعب الطاقات الشبابية وتدفع بها نحو التمكين".

مقالات مشابهة

  • رمضان عبد المعز: الرضا سر السعادة والله لا يقدر لعباده إلا الخير
  • رمضان عبد المعز: الرضا سر السعادة.. والله لا يقدر لعباده إلا الخير
  • تعاون مرتقب بين مصر وسنغافورة في مجالات الحماية والرعاية الاجتماعية
  • مختصون لـ"الرؤية": التوجيهات السامية بتعزيز القيم والمبادئ سراجٌ ينير طريق الجهود الوطنية للحفاظ على المنظومة الأخلاقية
  • أذكار المساء.. درع الحماية اليومي من الهموم والشرور
  • أمين تنظيم «الجيل»: ملف الحماية الاجتماعية يشهد تحولاً لتوسيع دائرة المستفيدين
  • حزمة الحماية الاجتماعية الجديدة| ملامح زيادة المرتبات والمعاشات خلال أيام.. وموقف أسعار البنزين
  • العمل تكشف عن اتجاه للاستفادة من العاطلين المسجلين ضمن الحماية الاجتماعية
  • أجمل ما قيل في صباح الخير