مكرمات الخير في وطن العطاء
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
مدرين المكتومية
على مدى الأيام الماضية كانت بلادي ولا تزال على موعد مع واحد من أرقى مظاهر الاحتفال والتعبير عن الولاء والامتنان لمسيرة استكمال بناء الدولة العصرية الحديثة، فحجم المنجزات المتحققة على أرض الواقع يُجسد بصدق رؤية عميقة وقيادة حكيمة تسعى لتحقيق نهضة شاملة ومُستدامة لعُمان، سواء في الشق المتعلق منها بالتركيز على التطوير الاقتصادي والترشيق المؤسسي بإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة والابتكار في الإدارة، أو دعم الحماية الاجتماعية من أجل تحسين جودة حياة المواطنين وتمكين الشباب وتحسين جودة الخدمات.
فمنجزات نهضتنا المتجددة ليست مجرد أرقام أو خطط، أو تقدمات مشهودة على مختلف المؤشرات المحلية والعالمية (وإن كانت لها أهميتها بالطبع)، لكنها في جوهرها خطوات عملية نحو تحقيق طموحات كل عماني وعمانية، استمرارا لمسيرة نهضة راسخة تنبض بروح التجديد والابتكار.. منجزات تعبر عن التزام وإرادة سياسية جادة وحقيقية بتعزيز مكتسبات الماضي، ومواصلة البناء على أسس قوية لتحقيق مستقبل أفضل لنا وللأجيال اللاحقة علينا.. منجزات حظي فيها المواطن العماني باهتمام خاص من خلال مبادرات دعم تحسين مستوى المعيشة، ودعم الفئات الأكثر احتياجا.. منجزات جعلت من الحادي عشر من كل عام بمثابة محطة للتأمل فيما تحقق لنبني مستقبلا مشرقا، يستلهم من تاريخنا الحضاري عراقته، وموجه بطموح وطني أكبر نحو استمرار مسيرة التقدم والازدهار.
وإن كان للاقتصاد رجاله وأهل اختصاص لا يجاريهم أحد، فللمنظومة الاجتماعية الوطنية ما يقارب الـ3 ملايين قلم ولسان يسجل ملحمة عرفان لما حظوا به من عناية مجتمعية فائقة في عصر النهضة المتجددة، وبرامج الدعم الموجهة لشرائح واسعة، كالأسر ذات الدخل المحدود، والمتقاعدين، وذوي الإعاقة، وغيرهم من الفئات المستحقة، والتي ضمنت لهم جودة الحياة وعززت مستويات العدالة المجتمعية، وفق نهج شامل يتكامل والمكرمات السامية والإصلاحات الاقتصادية لتخفيف أعباء المعيشة وتحقيق التكافل المجتمعي.
إن أحد أبرز عناصر منظومة الحماية الاجتماعية بشكل عام هو "نظام الحماية الاجتماعية الموحد"، الذي يجمع مختلف أشكال الدعم تحت مظلة واحدة لضمان التوزيع العادل والكفاءة في تقديم المساعدات، كما تشمل المنظومة دعم فرص التوظيف، والتدريب المهني، والتأمين الصحي، مما يعزز قدرة المواطنين على الاعتماد على الذات وتحقيق الازدهار، في تأكيد عملي متجدد على أن الإنسان العماني كان ولا يزال هو محور التنمية وأساسها، ويحتل مكانة مركزية في فكر حضرة صاحب الجلالة -حفظه الله ورعاه- الذي يضع الإنسان في صدارة أولوياته، ليس فقط كمستفيد من التنمية، بل كشريك فاعل ومساهم رئيسي في تحقيق طموحات الوطن.
وإذ لا تزال بلادنا ترفل في أثواب الاحتفال القشيبة بمناسبة وطنية غالية، فإنَّ جلالته -أبقاه الله- أبى إلا أن تكتمل أفراح الوطن بجملة مكرمات سامية ترسخ حقيقة الرعاية السامية لأطياف الشعب العماني قاطبة من كمزار وحتى ريسوت، بالتوجيه لتخصيص مبلغ 178 مليون ريال عماني يستفيد منها أكثر من 100 ألف مواطن سواء المستفيدين من برنامج المساعدات السكنية لعام 2025، أو رواد ورائدات الأعمال المنضوين تحت مظلة هيئة تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والإعفاءات من بعض القروض السكنية وقروض المشاريع المتعثرة والمغلقة، ومد مظلة الحماية الاجتماعية والتأمينية للمواطنين خلال العام الجاري باستمرار صرف معاشات الضمان الاجتماعي (سابقا) خلال هذا العام، وصرف معاش إضافي لبعض مستحقي المعاش التقاعدي، ودرة تاج المكرمات السامية "إنشاء صناديق للزواج" في جميع محافظات السلطنة، لمساعدة الشباب الراغبين في بناء كيانات أسرية جديدة، ولكم كانت هذه الخطوة أمنية يرغب المجتمع في تحقيقها منذ أمد بعيد، كضمانة للتيسير والتسهيل أولا، وتحفيز الرغبة في الإقدام على الزواج خفض معدلات العنوسة ثانيا، وتحقيق الاستقرار المجتمعي ثالثا وخامسا وعاشرا.
وصحيح أنَّنا ما زلنا بانتظار آلية الحوكمة التي سترى بها هذه الصناديق النور (كما أفاد بذلك البيان الصادر عن ديوان البلاط السلطاني) إلا أنَّ الآمال واسعة في أن تكون المبالغ المخصَّصة للراغب في الزواج مجزية وكافية وتتناسب ومتطلبات وتكاليف الزواج، كما نأمل كمقترح أن يكون لهذه الصناديق وقفا أو استثمارا يُدِر دخلا جيدًا، مع فتح باب التبرُّعات أمام من يريد زيادة مخصصات الصندوق حسب المحافظة، مع تيسير شروط الاعتماد والموافقة على طلبات الشباب، مع تسريع إجراءات الموافقة على الطلبات.
ويبقى القول في الأخير.. إن هذه المكرمات السامية ليست مجرد دعم مادي، بل هي تعبير عن رؤية ثاقبة تهدف لتمكين شرائح المجتمع المختلفة من تجاوز التحديات، والمساهمة في بناء مستقبل مُشرق ومُستدام لعُمان الوطن.. مكرمات تنبض بروح العطاء وتزرع الأمل في نفوس أبناء الوطن الأوفياء. حفظ الله مولانا المعظم وشمله بكرمه ورعايته، وأسبغ عليه آلاءه ونعمه الظاهرة والباطنة، وأدامه عزا وفخرا، وسندا وذخرا لأبناء عمان الكرام الأعزاء الأوفياء.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
أخنوش يدافع عن عمل حكومته في ورش الحماية الاجتماعية مشددا على "إرساء دعائم مغرب أكثر عدلا وإنصافا وإدماجا"
أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، الاثنين بمجلس المستشارين، أن ورش الحماية الاجتماعية الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس « يمثل حجر الزاوية ضمن رؤية ملكية شاملة تهدف إلى إرساء دعائم مغرب أكثر عدلا وإنصافا وإدماجا ».
وأبرز أخنوش في كلمة له في افتتاح الدورة التاسعة للمنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية، أن الحكومة وضعت، وفق هذه الرؤية الملكية المتبصرة، موضوع العدالة الاجتماعية على رأس أولوياتها، وجعلته « التزاما حكوميا حقيقيا يعكس الحرص على تحقيق الإنصاف والمساواة بين جميع أفراد المجتمع ».
واستعرض رئيس الحكومة في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، المجهودات المبذولة لتنزيل هذا المشروع الملكي الرائد، لاسيما فيما يتعلق بتعميم التغطية الصحية وتنزيل نظام الدعم الاجتماعي المباشر باعتبارهما من الأولويات.
فبخصوص ورش تعميم التغطية الصحية، أبرز أخنوش أن الحكومة استطاعت إرساء منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية، ومراجعة مختلف الاختلالات والنقائص التي كانت تحد من فعاليتها الاستهدافية، مشيرا إلى نجاحها في ضمان استفادة الأشخاص غير القادرين على أداء واجبات الاشتراك من التغطية الصحية، عبر نظام » AMO تضامن »، مما أتاح استفادة حوالي 11.1 مليون مؤمن، بمن فيهم ذوي الحقوق، ابتداء من فاتح دجنبر 2022.
وبذلك، يقول رئيس الحكومة، بات بإمكان هذه الفئة الاستفادة من نفس سلة العلاجات التي يوفرها التأمين الإجباري عن المرض في القطاعين العام والخاص، مع مجانية التطبيب والاستشفاء بالمؤسسات الصحية العمومية، منوها إلى أنه إلى حدود يناير المنصرم، تمت معالجة أكثر من 527 ألف ملف تكفل صحي، بغلاف مالي يناهز 589 مليون درهم، « ما يعكس التزام الحكومة بضمان الولوج العادل إلى العلاج لكافة المستفيدين ».
وفي إطار تعزيز استفادة المواطنين من الأدوية، أفاد السيد أخنوش بإصدار 43.000 شهادة تكفل بالمصاريف المتعلقة بالدواء، بقيمة إجمالية تبلغ 618 مليون درهم، أما فيما يخص إرجاع المصاريف، فقد تمت معالجة 523.000 ملف، بمبلغ يفوق 8,7 مليار درهم، وعلى مستوى المستشفيات العمومية، تجاوز عدد الخدمات المفوترة 53 مليون خدمة، بكلفة إجمالية تناهز 367 مليون درهم.
ولتأمين استدامة هذا الورش وضمان تمويله، أكد أخنوش أن الحكومة قامت بتعبئة الموارد اللازمة، كما تحملت ميزانية الدولة تكاليف اشتراكات الأشخاص غير القادرين على أداء واجبات الاشتراك لدى صندوق الضمان الاجتماعي، بميزانية سنوية تبلغ 9.5 مليار درهم.
وتم العمل أيضا، يضيف رئيس الحكومة، على مواصلة توسيع نطاق التغطية الصحية، « حيث تمكنت فئات المهنيين والعمال غير الأجراء (TNS) من الاستفادة من هذا الحق، بعد اعتماد مقاربة تشاركية مع الهيئات الممثلة لهذه الفئات، مما أسفر عن إصدار 22 مرسوما تنظيميا، في ظرف زمني وجيز، كما تم ، في سبيل تحسين مؤشرات الضمان الاجتماعي، إلغاء الديون المستحقة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المتعلقة بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض، مع الإعفاء الكلي للعمال غير الأجراء (TNS) من الغرامات ومصاريف التحصيل حتى 30 يونيو 2023.
ونتيجة لهذه التدابير، بلغ عدد المسجلين في نظام التأمين الإجباري عن المرض للعمال غير الأجراء (TNS)، حسب السيد أخنوش، أزيد من 1.7 مليون إلى حدود متم يناير 2025، كما ارتفع إجمالي المستفيدين، بمن فيهم المؤمن لهم الرئيسيون وذوو حقوقهم، إلى 3,9 مليون فردا.
وأفادت المعطيات التي ساقها رئيس الحكومة بهذا الخصوص، أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عالج 3,8 مليون ملفا، بمعدل يومي بلغ 5 آلاف ملفا، فيما تجاوزت المبالغ المصروفة 3 مليار درهم.
وفي سياق ذي صلة، أكد أن الحكومة أولت أهمية قصوى لتأهيل المنظومة الصحية، وفق رؤية هيكلية ترتكز على ثلاثة مرتكزات أساسية: أولها، اعتماد حكامة جيدة وفعالة داخل القطاع الصحي؛ ثانيها، تثمين الموارد البشرية باعتبارها الركيزة الأساسية لنجاح أي إصلاح؛ وثالثها، تأهيل البنى التحتية مع تعزيز البعد الجهوي لضمان العدالة في توزيع الخدمات الصحية.
وسجل رئيس الحكومة أيضا، في معرض كلمته، أن الحكومة نجحت « باقتدار » في تنزيل نظام « الدعم الاجتماعي المباشر »، « الذي يشكل خطوة مهمة في مسار تعميم الحماية الاجتماعية، وفق الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده ».
وأفاد أنه منذ إطلاق المنصة الرقمية www.asd.ma في دجنبر 2023، تم تسجيل ما يقارب 4 ملايين أسرة، أي ما يناهز 12 مليون مستفيد، منهم 5.4 مليون طفل، ومليون و200 ألف شخص فوق 60 سنة، معتبرا أن هذه الأرقام « تعكس مدى الأثر الإيجابي للبرنامج، وتؤكد أن الحكومة تسير بثبات نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، وذلك تنفيذا للتعليمات الملكية ».
وأشار أخنوش إلى أنه لضمان نجاح هذا الورش عبأت الحكومة موارد مالية ضخمة، حيث رصدت له ميزانية ترتفع من 25 مليار درهم سنة 2024 إلى 29 مليار درهم سنة 2026 « لضمان استمراريته على المدى البعيد وتعزيز أثره الإيجابي على الأجيال القادمة ».
كلمات دلالية أخنوش الاجتماعية الحماية المغرب حكومة