مسؤول مراكز التسوية باللاذقية للجزيرة نت: لا نعطي صك براءة للمجرمين
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
اللاذقية– عند مدخل مدينة اللاذقية الساحلية غربي سوريا، وفي كتيبة "حفظ النظام"، كانت بضعة طوابير قصيرة، لا يتعدى عدد الواحد منها 20 شخصا، تقف في انتظار أن يأتي على أفرادها الدور، وبينها يتجول بعض المسلحين بأسلحة منكسة موجهة إلى الأرض.
وعند نزولي من سيارة الأجرة، استقبلني من بدا مسؤولا عن ضبط النظام هناك، وسألني: أنت ضابط؟ لم أسمع السؤال جيدا، إذ كنت مشغولا بعدّ عشرات الأوراق النقدية لحساب السائق الذي أوصلني بالرغم من قصر المسافة، لذلك اقترب مني أكثر، وسألني بإلحاح: ما رتبتك؟ فأخبرته أني لست ضابطا، بل أنا صحفي على موعد مع المسؤول عن مراكز التسوية.
كانت الأجواء هادئة في المركز.. الطوابير القصيرة المستظلة بأفياء الجدران من شمس الظهيرة تسير بسلاسة، يمرّ بها من يلتقط صورة لكل مجنّد ويأخذ منه معلوماته الأساسية، قبل أن يستكمل الإجراءات، والمبنى يكاد يكون خاويا من الأثاث، إلا بضعة كراسي وطاولات يتناوب عليها شباب من السلطات الجديدة، يدوّنون المعلومات ويراجعونها ويجهّزون البطاقات لتسليمها.
هناك، التقينا المسؤول عن مراكز التسوية في محافظة اللاذقية بإدارة الأمن العام عبد الرحمن الطريفي، وألقينا عليه جملة من الاستفسارات عن عمليات التسوية وما يترتب عليها ويتعلق بها، فأوضح لنا ما استفسرنا عنه في الحوار الآتي:
الجزيرة نت في مركز لتسوية أوضاع عناصر النظام المخلوع في اللاذقية (الجزيرة) كيف تصفون الإقبال على مراكز التسوية في محافظة اللاذقية، وهل لديكم إحصاءات بشأن المتقدمين لها حتى الآن؟ إعلانكان الساحل السوري بمحافظتيه اللاذقية وطرطوس يضمّ أعدادا هائلة من المنضوين في جيش النظام السابق، لذلك فقد ضمت هاتان المحافظتان أكبر مراكز التسوية.
يوجد في محافظة اللاذقية 4 مراكز للتسوية حاليا، هي: مركز المدينة، ومركز جبلة، ومركز القرداحة، ومركز الحفة. وكنا نسعى لفتح المركز الخامس في جبل التركمان، لكن لم نفتحه بسبب الضغط الكبير هنا.
وقد تقدّم إلى مراكز التسوية في المحافظة حتى الآن حوالي 60 ألفا، من الضباط وصف الضباط والعقداء والألوية والمجندين، منهم 25 ألفا من مدينة اللاذقية وحدها، ومن جبلة حوالي 25 ألفا أيضا، ومن الحفة والقرداحة حوالي 10 آلاف. وهذا طبعا عدا الأفراد التابعين للأفرع الأمنية الذين لم تبدأ عمليات التسوية معهم بعد، ويُنتَظر أن يكونوا في مرحلة أخرى.
ويقصد مراكز التسوية فئات مختلفة، كالمجندين والضباط أو من كانوا يتولون مهام مدنية في وزارة الدفاع التابعة للنظام المخلوع، إضافة إلى النساء المنتسبات إلى الجيش ممن يجرين الآن تسوية، ومنهن مدنيات كن يخدمن مثلا في وزارة الدفاع، أو متطوعات في الجيش، في شعب التجنيد مثلا أو في الأفرع الأمنية، وهؤلاء نقدّمهن في الدور فورا، حتى لا ينتظرن طويلا.
وكانت مراكز التسوية تفتح من الساعة الثامنة صباحا حتى الثالثة عصرا، لكن الأعداد الآن صارت أقل، وغالبا تنتهي الطوابير اليومية باكرا، ويبقى تسليم الهويات المؤقتة الذي يبدأ بعد الثانية عشرة ظهرا، من باب تنظيم العمل.
يتم تسليم عناصر النظام السابق هويات مؤقتة بعد قيامهم بعملية تسوية أوضاعهم (الجزيرة) كيف تجري عملية التسوية، وماذا يترتب عليها؟الغاية من التسوية هي فرز العناصر العاملين مع جيش النظام، وتدوين بياناتهم، فتُسجّل معلوماتهم الثبوتية كالاسم، والنسبة، والرتبة، وأين كان يخدم كل واحد منهم، وطبيعة الخدمة، وفي أي قسم أو فرقة، والمنطقة التي يعيش فيها، ورقم الهاتف، ثم يسلمون أسلحتهم والعهدة التي في أيديهم، ويبرؤون ذمتهم المالية للحكومة الجديدة.
إعلانأما الضباط، فلا بد من إجراء مقابلة معهم، وقد أنشأنا رابطا للضباط من رتبة نقيب فما فوق، يتم من خلاله تحديد موعد للمقابلة معهم، وأي شخص تقدّم للتسوية من هذه الرتب، فإنه لا يتم تسليمه الهوية الجديدة إلا بعد أن يجري هذه المقابلة.
ما المقصود بالهوية الجديدة؟ضباط الجيش وعناصره في الأصل لا يحملون هوية مدنية سورية، بل يحملون هوية الجيش، أي الهوية العسكرية. وعندما يتقدمون للتسوية، تُسحَب منهم هوية الجيش، ويُسلَّمون مكانها هوية مؤقتة مدتها 3 أشهر، تخوله الحركة دون قيود، إلى حين صدور قرار نهائي بشأنهم.
طبعا توزيع البطاقات لا يتم في وقت التسوية نفسه، بل يُعطى المتقدم موعدا لاحقا للحصول عليها ريثما يتم إصدارها، وذلك بسبب الأعداد الضخمة من المتقدمين لإجراء التسوية.
عندما بدأنا، كنا نرغب في أن تكون الإجراءات كلها إلكترونية، بحيث تكون المعلومات مؤتمتة وتؤخذ البصمة إلكترونيا، مما يسرّع الإجراءات، لكننا لم نستطع لأن شبكة الإنترنت ضعيفة جدا في سوريا، فاضطررنا إلى العمل بالطريقة التقليدية في طباعة البطاقات، وهذه تستغرق وقتا وجهدا كبيرين.
تقدّم إلى مراكز التسوية في محافظة اللاذقية حتى الآن حوالي 60 ألفا من ضباط وعناصر النظام السابق (الجزيرة) هل يتقدم مطلوبون أو متهمون بارتكاب جرائم أو مجازر لإجراء تسوية، وكيف تتعاملون معهم؟المطلوبون بسبب ارتكاب جرائم، غالبا لا يسلمون أنفسهم. لكن تواصل معنا بعض الناس ونقلوا إلينا رغبة بعض المتورطين بالجرائم في تسليم أنفسهم مقابل الأمان، فأخبرناهم أن أمثال هؤلاء لا تتم التسوية معهم، وإذا حضروا إلى مراكز التسوية فإننا نبلغ عنهم الجهات المختصة.
نحن لسنا مركز اعتقال أبدا، لذلك فإننا لا نعتقل أحدا، ولو جاءنا مطلوب يريد التسوية، فإننا نخبر الجهة الأمنية المختصة بأنه وصل إلينا، لكننا لا نعتقله، وفي الوقت نفسه لا نستكمل معه إجراءات التسوية، ولا نسلمه الهوية المؤقتة.
إعلان ماذا يترتب على إجراء التسوية، وهل يعتبر من حصل عليها في أمان من الملاحقة؟هذه التسوية لا تعطي صك براءة لأحد، ويمكنك اعتبارها عملية جمع معلومات فقط، أي أن التسوية لا تحمي المجرم، ولا تسقط حقوق الناس ولا تعفو عن الجرائم المرتكبة.
لذلك نلاحظ أن المجرمين ومن تلطخت أيديهم بالدماء، غالبهم لم يجروا تسوية، ولم يقتربوا من مراكز التسوية أصلا.
لن نخذل أحدا إن شاء الله، ولن ندافع عن المجرمين أبدا، وستكون أبواب القضاء مفتوحة لتلقي المظالم، وكل من يعرف شخصا مجرما، حتى لو أجرى تسوية، فإن التسوية لن تبرّئه من الجرائم التي ارتكبها، لذلك من كان عنده أدلة وشهود وبراهين على أن شخصا ما ارتكب أي جريمة، فليتقدم بها إلى الجهات المختصة.
ما نوع الأسلحة التي تسلمتموها، وهل تعتقد أنها لا تزال منتشرة؟أغلب الأسلحة التي جرى تسليمها هي أسلحة فردية، مثل المسدس والكلاشنكوف، ونتوقع أن ما تسلمناه لا تزيد نسبته على 25% فقط من السلاح الفردي الموجود، وذلك لأن هناك أسلحة سلّمت إلى غير مراكز التسوية، مثل بعض الدوريات الأمنية، لكن حتى الآن يوجد بعض السلاح المنتشر الذي لم يُسلَّم بعد.
وهذا طبعا عن السلاح الفردي، أما السلاح المتوسط أو الثقيل، فبقي بالقطعات العسكرية التي تمت السيطرة عليها أيام التحرير، لذلك لا قلق من وجودها في يد الأفراد.
إلى متى تستمر عمليات التسوية، وما مصير من لم يسوِّ وضعه؟نحن غالبا في المهلة الأخيرة للتسوية، لنتمكن من الإحصاء الدقيق، وإلى الآن لم يتحدد التاريخ النهائي للتسويات، لكن يتوقع أن تمتد إلى نهاية هذا الأسبوع، ويبقى عندنا طبعا توزيع البطاقات (الهويات المؤقتة).
بعد ذلك، فإن من لم يسوِّ وضعه يكن في حكم المُلاحق أمنيا.
حتى الآن، لم تجر مداهمات للقبض على من لم يتقدم للتسوية من عناصر جيش النظام السابق، إلا في بعض المناطق التي جرى فيها إطلاق نار مثل المزيرعة وريف طرطوس، وعلى الرغم من أننا نعرف مناطق يوجد فيها سلاح، فإننا نعطي مهلا لهؤلاء لتسوية أوضاعهم وتسليم السلاح، لكن مع انتهاء مهل التسوية، سيتم تفعيل المداهمات والتمشيط للقبض على من لم يقم بتسليم سلاحه.
مدينة اللاذقية بعد التحرير (الجزيرة)وعند أحد طوابير الانتظار، سألنا المجند محمد الذي كان سائقا في جيش النظام السابق عما قد يؤخر البعض عن إجراء تسوية، فقال إنها الخشية من سوء المعاملة أو التهديد بسجن بعض القادمين إلى مراكز التسوية. لكنه أكّد "إذا ما عليك شيء فلن يقترب منك أحد"، مستدلا بأنه هو نفسه قد تأخر شهرا كاملا عن إجراء التسوية "ولم يسئ إليّ أحد، لأني أعرف أني لم أفعل شيئا".
إعلانكما التقينا الضابط عبد الكريم العقيد في الفرقة 17 بالرقة، وزوجته المقدّم في المشفى العسكري باللاذقية، القادمين لاستلام هويتيهما المؤقتتين، فقالا إنهما لم يشهدا أي إزعاج أو صعوبة، بل "كانوا محترمين جدا، والتعامل كان بأخوية وبكل احترام"، لكنّهما أكّدا أن هناك عسكريين خائفين، يخشون أن يتم إلقاء القبض عليهم إذا توجّهوا إلى مقرات التسوية، "لأن بعضهم في مدن أخرى أخذوهم ليحققوا معهم، ولم يرجعوا إلى أهاليهم كما قرأنا في فيسبوك".
ربما تبدو التسوية عملية إجرائية طبيعية، تجري بهدوء وسلاسة وتنظيم، لكن عندما تتذكر أنها تجري بين جيشين كانا قبل شهر واحد متحاربين، أحدهما يقف في الطوابير ليقدّم معلوماته وسلاحه للآخر؛ فإنك لا شك ستقدّر أن هذا الهدوء وهذه السلاسة أمر لافت للنظر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی محافظة اللاذقیة النظام السابق جیش النظام حتى الآن
إقرأ أيضاً:
براءة الإنتربول من تسليم عبد الرحمن القرضاوي
الإنتربول هو الشرطة الدولية المعنية بتعميم نشرة حمراء على المدانين قضائيا، وتطلبهم دول بعينها بعد صدور حكم قضائي نهائي استوفى كل درجات التقاضي، ويمكن للمطلوب أن يوكل محاميا يقدم ما يثبت عدم صحة ملاحقته عن طريق الإنتربول، وقد حدث هذا تحديدا مع فضيلة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي ورفع اسمه. وعلى كثرة القضايا وآلاف المطلوبين على القوائم الأمنية المصرية، لم يدرج على قوائم الإنتربول الدولي من رموز الإسلاميين إلا بضعة أشخاص.
لكن الذي حدث مع القرضاوي الابن لا علاقة له بالإنتربول الدولي لأنه ليس مدرجا على نشرته، وإنما استخدم مصطلح الإنتربول لإضفاء صبغة قانونية على الموضوع الذي يتلخص في الآتي:
توجه الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي إلى دمشق مباركا لأهلها على انتصار الثورة السورية، وسقوط نظام بشار الأسد، وسجل مقطعا قصيرا من المسجد الأموي، حذر فيه من تدخل بعض الدول العربية في سوريا، لأن ثورات الحرية تقابلها ثورات مضادة، وثار لغط شديد بعد نشر المقطع مما اضطره لحذفه. وخلال عودته عن طريق لبنان استوقفه الأمن اللبناني بحجة وجود طلب توقيف من الإنتربول العربي، وهذا الإنتربول مؤسسة خاصة بالدول العربية، تتبع مجلس وزراء الداخلية العرب، وهو الاجتماع العربي الوحيد الذي يعقد بانتظام، ويتم فيه تحديث البيانات وتبادل المعلومات أولا بأول، ولا يخضع لأي قانون وليس له مرجعية أو دستور إلا ما يتوافق عليه الأشقاء العرب، والتنسيق من خلاله بين الجهات الأمنية والمخابراتية على قدم وساق.
لم يكن اسم عبد الرحمن القرضاوي مدرجا على قوائم الترقب في مطار لبنان، وإنما جاء طلب التوقيف ابتداء من مصر التي أرسلته على عجالة، ولم ترسل الملف الرسمي لاسترداده إلا قبيل تسليمه، في الوقت الذي سارعت فيه الإمارات بتقديم طلب باستلامه استنادا إلى تهم لا تخرج عن كونها قصائد شعرية وآراء شخصية من قبيل حرية الرأي والتعبير، ولم يكن عبد الرحمن متهما بها في الإمارات ساعة توقيفه، واكتفت بهذا الطلب المبدئي الذي لا يستند لحكم قضائي، وذهبت للتركيز على الضغط بكل الوسائل على حكومة لبنان
لم يكن اسم عبد الرحمن القرضاوي مدرجا على قوائم الترقب في مطار لبنان، وإنما جاء طلب التوقيف ابتداء من مصر التي أرسلته على عجالة، ولم ترسل الملف الرسمي لاسترداده إلا قبيل تسليمه، في الوقت الذي سارعت فيه الإمارات بتقديم طلب باستلامه استنادا إلى تهم لا تخرج عن كونها قصائد شعرية وآراء شخصية من قبيل حرية الرأي والتعبير، ولم يكن عبد الرحمن متهما بها في الإمارات ساعة توقيفه، واكتفت بهذا الطلب المبدئي الذي لا يستند لحكم قضائي، وذهبت للتركيز على الضغط بكل الوسائل على حكومة لبنان، التي استجابت بسرعة لتسليمه للإمارات. وكان القاضي اللبناني جمال الحجار يسارع الزمن لتقديم تقريره إلى مجلس الوزراء وأوصى فيه بتسليمه، وجعل الوزراء التقرير على قمة أولوياتهم في اجتماع مجلسهم، وضربوا عرض الحائط بالاتصالات التركية التي طالبت بعودة عبد الرحمن يوسف إليها نظرا لأنه يحمل جنسيتها، وتدخلت لدى لبنان دول عربية وإسلامية أخرى، لكن رجحت كفة الإمارات، وتلخصت قضية الضغط المتبادل في قول الفرزدق في عبد الله بن الزبير في عدم استجابته لشفاعة أخيه مصعب:
لَيْسَ الشَّفِيعُ الَّذِي يَأْتِيكَ مُؤْتَزِرا مِثْلَ الشَّفِيعِ الَّذِي يَأْتِيكَ عُرْيَانَا
وظهر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعامة وزرائه، وفي مقدمتهم من يمثلون حزب الله اللبناني، في غاية الحرص على إتمام صفقة التسليم، ولم يُسمع أي صوت معارض للقرار داخل مجلس الوزراء، ولم ينتظر المجلس نظر الطعون القانونية المقدمة للطعن على القرار من الجهات المختصة. وجاء في مذكرة التسليم التي قدمتها الحكومة اللبنانية كل ما يدينها أخلاقيا وقانونيا، حيث اعترفت بأنه لا يوجد اتفاقية تبادل متهمين بين لبنان والإمارات، وأنها موقعة على الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، وكانت حجتها الباهتة أن دولة الإمارات تعهدت لها بمعاملته بما يتفق مع معايير حقوق الإنسان، فأصبح الأمر في صورة تواطؤ على الاختطاف، وليس مجرد تسليم.
ومن نافلة القول أن لبنان لا يعاقب على ما يندرج تحت حرية الرأي والتعبير، ومع ذلك: هل يضمن نجيب ميقاتي عدم تسليمه لمصر بعد التحقيق معه في الإمارات؟ وهل مجرد التحقيق يستدعي إرسال طائرة حكومية خاصة في نفس اليوم؟ وكيف للمواطن العربي أن يصدق نزاهة التحقيق والسلامة من التعذيب، وما زالت صورة سجون صيدنايا ومسالخ بشار ماثلة في الأذهان؟
وسجون سوريا صورة متكررة من السجون العربية، التي لا تخضع لأي نوع من الرقابة الحقوقية أو الإنسانية، والدليل أن أي محاميا عربيا يخشى على نفسه من السفر للدفاع عن عبد الرحمن القرضاوي، لذا انتدبت أسرته المحامية الأمريكية هايدي ديكستايل للدفاع عنه.
سجون سوريا صورة متكررة من السجون العربية، التي لا تخضع لأي نوع من الرقابة الحقوقية أو الإنسانية، والدليل أن أي محاميا عربيا يخشى على نفسه من السفر للدفاع عن عبد الرحمن القرضاوي، لذا انتدبت أسرته المحامية الأمريكية هايدي ديكستايل للدفاع عنه
وعلى ذكر الأسرة فإن ما يحدث لعبد الرحمن ليس فقط لكونه من رموز ثورة يناير، أو من خصوم الثورة المضادة، وإنما لكونه ابن القرضاوي الذي وقف مع كل ثورات الربيع العربي، وعاش منتصب القامة في وجوه كل المستبدين، وبدأ مسلسل الانتقام والتنكيل بسجن ابنته علا القرضاوي أربع سنوات في حبس انفرادي، حتى خرجت بوساطة كريمة ممن يعرفون قيمة العلامة القرضاوي وأثره في الأمة -حفظ الله أعراضهم وبلادهم- وبقي زوجها د. حسام خلف معتقلا حتى الآن، لأنه يحمل الجنسية المصرية فقط!
إن نصرة المظلوم حق محتوم، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: "المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَة، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَة مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِما سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ" (رواه البخاري).
وهذ يحتم علينا الوقوف إلى جوار عبد الرحمن القرضاوي، والأخذ على يد الظالم وفضح جريمته، ويحتم على أساتذة القانون الدولي محاسبة نجيب ميقاتي ووزرائه في المحاكم الدولية كمباشر أول للجريمة، وتحميل دولة الإمارات مسؤولية حياة وحرية عبد الرحمن بعدما نجحت في اختطافه. وعلى العلماء والمؤسسات العلمائية أداء حق الوفاء لشيخ الإسلام في عصره، العلامة يوسف القرضاوي في السعي في فكاك ولده عملا بقول الله تعالى: "قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَة نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ".
ويتحتم الواجب على فضيلة شيخ الأزهر د. أحمد الطيب، وفضيلة الشيخ عبد الله بن بيه، أن يتدخلا في قضية عبد الرحمن يوسف لما بينهما وبين الشيخ القرضاوي من صلات وأرحام، ولما لهما من مكانة رسمية وأدبية في الإمارات.