أغلبُ الظن أن ما يؤخر ويُعرقل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة هو أن إسرائيل ليس لديها أي سيناريو لليوم التالي بعد انتهاء هذه الحرب، وفي الوقت ذاته فهي تخشى بأن تعود حركة حماس إلى حُكم وإدارة القطاع، وهو ما سيعني بالضرورة أن حرب الـ15 شهراً، التي هي الأطول في تاريخ إسرائيل قد فشلت في الإطاحة بحركة حماس ونظام حُكمها في القطاع.
ومن الواضح أن إسرائيل تتمسك بفكرة أن يكون الاتفاق المقبل مؤقتاً، حيث إن كل المسودات التي تم تسريبها عبر الصحافة العبرية لاتفاق وقف إطلاق النار، تتمسك بفكرة «الهدنة المؤقتة»، وهو ما يدل على وجود قلق إسرائيلي واضح من أن يكون اليوم التالي لهذه الحرب كاليوم السابق لها، وأن لا تكون هذه الحرب قد نجحت في تقويض قدرات حماس ولا إنهاء حكمها في القطاع.
ثمة خبران مهمان في هذا السياق ظهرا في الصحافة الإسرائيلية، خلال الأيام القليلة الماضية، أما الأول فهو الذي نشرته مجلة «إيبوك» العبرية، ونقلت فيه عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها، إن حركة حماس استأنفت مؤخراً إطلاق الصواريخ من مناطق مختلفة في قطاع غزة، بما في ذلك الشمال، تجاه أهداف مختلفة بعد انقطاع دام عدة أشهر. وهذا – حسب المصادر الأمنية – يشير إلى تعافي الجناح العسكري لحماس وعودته جزئياً إلى إنتاج الصواريخ، حيث أنتجت الحركة مئات الصواريخ الجديدة، التي تم تصنيعها بعد إدخال مخارط في الأنفاق.
الخبر الثاني المهم في هذا السياق هو ما نشرته القناة 12 العبرية قبل أيام، الذي يُفيد بأن الجيش الإسرائيلي فتح تحقيقاً لمعرفة ما إذا كانت الهجمات الأخيرة التي نفذتها حماس تم فيها استخدام ذخيرة إسرائيلية، من تلك التي تم إمطارُ غزة بها طوال الشهور الـ15 الماضية، وهي أطنان من الذخيرة تبين أن بعضها لم ينفجر، وهو ما يُمكن بكل تأكيد إعادة ترميمه واستخدامه. وأوضحت القناة العبرية أن الجيش الإسرائيلي أطلق عشرات الآلاف من الذخائر على قطاع غزة، وأن سلاح الجو وحده أسقط نحو 30 ألف قنبلة منذ بداية الحرب على القطاع. وأضافت أن «آلاف الذخائر والقنابل التي أسقطها سلاح الجو الإسرائيلي في قطاع غزة لم تنفجر، وبعضها يزن طناً». هذان الخبران – إذا صحّا – فهذا يعني أن مشاغل وورش تصنيع السلاح المحلي في غزة عادت إلى العمل، على الرغم من استمرار الحرب، وهذا الأمر لم يحدث في السابق إذ لم يكن من المتوقع أن يكون لدى هؤلاء المقاتلين القدرة على العمل في ظل الظروف الصعبة التي يواجهونها، لا بل أن هذا معناه أن حماس عادت إلى ترتيب صفوفها، وتأقلمت مع الحرب الطويلة، ولديها قدرة على الحركة والتخطيط والتنفيذ، وهذا كله يُفسر ارتفاع زيادة وتيرة الخسائر الإسرائيلية خلال الأيام القليلة الماضية.
بعد 15 شهراً من الحرب لم يستطع نتنياهو استعادة أي من أسراه، ولا نجح في القضاء على حماس، كما لم ينجح في تحقيق الأمن للإسرائيليين.. والأهم من ذلك أنه هو شخصياً لا يعلم مصيره في اليوم التالي للحرب ولا يعرف ما شكل القطاع في ذلك اليوم.
ما يُطيل أمد هذه الحرب ويُعرقل التوصل إلى اتفاق، أو صفقة، هو أن نتنياهو ليس لديه مفتاح لليوم التالي، ولا سيناريو مُرضٍ، فلا هو تمكن من القضاء على حركة حماس ولا نجح في شل إمكاناتها العسكرية، وفي الوقت نفسه فإن موجة التحريض الممنهجة طوال شهور الحرب لم تنجح في إخراج الفلسطينيين المنكوبين للتمرد الداخلي على الحركة. كما أن من الواضح تماماً أن نتنياهو لم يجد طرفاً فلسطينياً يقبل بالتعاون مع إسرائيل في غزة بما في ذلك خصوم حماس، الذين ينتقدونها ليل نهار.
الواضح أن شبح غزة سيظل يُطارد اسرائيل إلى ما شاء الله، فقد تمنى قادتها سابقاً أن تغرق في البحر وتمنوا لها أن تختفي، وخلص أرييل شارون إلى الانسحاب الكامل والتام بقرار أحادي من القطاع في عام 2005، فيما عاد نتنياهو مجدداً إلى القطاع معتقداً بأن لديه ما يُمكن أن يفعله، لكن الواضح أنه لم ولن ينجح في تحقيق شيء لإسرائيل.. فبعد 15 شهراً من الحرب لم يستطع نتنياهو استعادة أي من أسراه، ولا نجح في القضاء على حماس، كما لم ينجح في تحقيق الأمن للإسرائيليين.. والأهم من ذلك أنه هو شخصياً لا يعلم مصيره في اليوم التالي للحرب ولا يعرف ما شكل القطاع في ذلك اليوم.
(القدس العربي)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطينيين فلسطين غزة الاحتلال مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة رياضة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الیوم التالی فی ذلک
إقرأ أيضاً:
نتنياهو: هزيمة حماس أهم من إطلاق سراح الرهائن الـ59
المناطق_متابعات
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الخميس، إن هزيمة حماس أهم من إطلاق سراح الأسرى الـ59.
ووسط استمرار المفاوضات بشأن اتفاق ينهي الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، توعد رئيس الأركان الإسرائيلي، إيال زامير، اليوم الخميس، بزيادة شدة العمليات في غزة قريباً إذا لزم الأمر.
أخبار قد تهمك بحجة حماية الدروز.. إسرائيل تتأهب لضرب أهداف سورية 30 أبريل 2025 - 6:47 مساءً موكب نتنياهو يتعرض لحادث سير في القدس 29 أبريل 2025 - 6:31 مساءًوقال زامير إن الجيش الإسرائيلي مستعد لتوجيه ضربة حاسمة لحماس وزيادة شدة العملية – إذا لزم الأمر، فسنفعل ذلك قريبًا”.
وأضاف: “إلى جانب الإنجازات المهمة، لا نزال نواجه تحديات، وفي مقدمتها عودة المحتجزين إلى ديارهم.. وفي الوقت نفسه، تقع على عاتقنا مهمة دحر حماس، وإعادة المهجّرين إلى ديارهم، وإرساء واقع أمني مستقر وآمن لأجيال قادمة”.
وأشار إلى أن “مسلحي حماس ما زالوا يحتجزون 59 إسرائيليا، قائلا “سوف نستخدم كل القوة المتاحة لدينا.. “إذا طُلب منا القيام بذلك، فسوف نفعل ذلك قريبًا. جيش الدفاع الإسرائيلي مستعد لتوجيه ضربة حاسمة لهم”.
وقبل ذلك هدد زامير بشن عملية عسكرية موسعة في غزة إذا لم يتحقق تقدم في تأمين عودة الأسرى الذين تحتجزهم حركة حماس.
“سنوسع أنشطتنا حتى نصل لنتيجة”
وقال زامير خلال تفقده للقوات الإسرائيلية في مدينة رفح الواقعة جنوب قطاع غزة: “إذا لم نشهد تقدما في إعادة الأسرى، فسوف نوسع أنشطتنا لتصبح أكثر كثافة وخطورة حتى نصل إلى نتيجة حاسمة”.
وأضاف: “حماس مخطئة في تقدير قدراتنا ونياتنا وعزمنا”.
وكرر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس مؤخرا تهديدات مماثلة، حيث صرح بأنه كلما طالت مدة احتجاز حماس للأسرى، زادت شدة الضربات الإسرائيلية.
واستأنفت إسرائيل هجومها على غزة في 18 مارس (آذار) الماضي بعد انهيار اتفاق لوقف إطلاق النار أبرم في يناير 2025، مؤكدة أنها ستواصل الضغط على حماس حتى تطلق سراح باقي الأسرى المحتجزين في القطاع.
ولا يزال 59 أسيراً محتجزين في غزة، 34 منهم قتلى، حسب تقديرات الجيش الإسرائيلي.