موقع 24:
2024-06-30@05:51:02 GMT

قطع الأشجار يهدّد مساحات واسعة في سوريا

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

قطع الأشجار يهدّد مساحات واسعة في سوريا

على ضفة لنهر الفرات في شمال سوريا، ترتفع أشجار خضراء فتية بين جذوع أخرى مبتورة، بعضها قُطع حديثاً جرّاء ظاهرة القطع العشوائي، التي فاقمتها سنوات الحرب وتهدّد الغطاء الحرجي في أنحاء البلاد.

وداخل الغابة الواقعة في قرية جعبر بمحافظة الرقة، يعاين أحمد الشيخ (40 عاماً) الجذوع المقطوعة التي ترك الحطّابون قرب بعضها أغصاناً لا تزال نضرة.


ويقول "تقطع الناس الأشجار لبيعها والحصول على المال، بينما يريد آخرون استخدامها للتدفئة خلال فصل الشتاء".
ويضيف "منذ فترة، رأيت 4 أشجار مقطوعة، وكانت جذوعها لا تزال خضراء. اعتصر قلبي ألماً".

لطالما شكّلت الغابة في تلك المنطقة الصحراوية المواجهة لقلعة جعبر الأثرية، متنفساً لسكان القرى المجاورة وحتى زوّار القلعة الذين يبحثون عن فيء، خصوصاً في فصل الصيف، حين تلامس درجات الحرارة عتبة الخمسين درجة مئوية.

لكنّ سنوات الحرب الطويلة والفوضى الأمنية، مصحوبة بأزمة اقتصادية خانقة، تهدّد اليوم هذه الثروة الحرجية.
ويشرح الشيخ، وهو صاحب متجر للمواد الغذائية، "كانت الغابة تعني الكثير للقرية، تجذب الزوار والطيور وتنقّي الهواء، لكنّ الوضع الآن في تدهور، ومساحتها تنقص في كل عام".

وعلى الرغم من تسيير السلطات المحلية دوريات لحماية الغابة، إلا أنها لا تجدي نفعاً مع قلّة عدد الحراس المسؤولين عن مراقبة مساحات شاسعة.
ويقول الشيخ: "نسمع خلال الليل أصوات درّاجات نارية تسلك الطرق الترابية لتتسلّل الى الغابة، ويمكن سماع صوت منشار الحطابين بشكل واضح".
ويتسلّل آخرون خلال ساعات النهار لقطع الأشجار مستخدمين أدوات يدوية لعدم جذب الانتباه إليهم، ثم يحضرون لاحقاً لنقلها الى منازلهم، وفق ما يروي الشيخ، منبّهاً إلى أنّه "إذا استمرّ الوضع على هذا الحال، سنواجه التصحّر".
وعلى بُعد نحو 10 كيلومترات، يتكرّر المشهد ذاته في قرية الطويحينة الواقعة بدورها على ضفاف نهر الفرات، الذي يعاني من انخفاض مستوى المياه.

يتجوّل الممرّض محمّد علي (30 عاماً) بين أشجار مقطوعة في أحراج قريته. ويروي "أيام الطفولة كنّا نأتي مع بعض الأصدقاء للجلوس تحت ظلال شجر الكينا والصنوبر، لكنّها باتت الآن أرضاً قاحلة"، بعدما أطاح القطع العشوائي بحزام أخضر كان يمتدّ الى قرية مجاورة.
وغالباً ما يقطع السكان الأشجار لاستخدامها في التدفئة خلال فصل الشتاء الذي يحلّ قارساً في تلك المنطقة، في ظلّ شحّ محروقات مزمن تعيشه سوريا في السنوات الأخيرة وانقطاع طويل في التغذية بالكهرباء.

وبعد أكثر من 12 عاماً من نزاع دامٍ، تشهد سوريا أزمة اقتصادية خانقة، خسرت معها العملة المحلية أكثر من 99 في المئة من قيمتها. وتعيش غالبية السوريين اليوم تحت خط الفقر.
ويرى علي أنّه "ما لم تتمّ إعادة تشجير المنطقة من جديد، سيُقضى على كلّ الأشجار".

وتعمل الإدارة الذاتية الكردية التي تدير مناطق واسعة في شمال سوريا وشمالها الشرقي على حماية الغابات والمحميات الطبيعية من القطع العشوائي، بما توفّر لديها من إمكانيات.
ويقول الرئيس المشترك لهيئة البيئة إبراهيم أسعد لوكالة فرانس برس من مكتبه في مدينة عامودا في محافظة الحسكة (شمال شرق) "ليس لدينا إحصاء دقيق عن الأضرار، لكنّها واضحة في الغابات".
ويضيف "نحاول زيادة وتيرة زراعة الأشجار وحمايتها" بالتزامن مع تطبيق القوانين التي تعاقب كلّ جهة تُلحق ضرراً بالبيئة أو الطبيعة.
ويعوّل أسعد على أهمية توعية السكان للحفاظ على المساحات الخضراء، مشددّاً على أنّ "حماية شجرة هي إحياء حياة الإنسان وقطعها يقضي على المجتمع" على المدى الطويل.

وعلى وقع انتشار ظاهرة القطع العشوائي في المحافظات كافة، نبّهت منظمة "باكس" الهولندية "لبناء السلام" في تقرير أصدرته في مارس (آذار) من تنامي ظاهرة قطع الأشجار.
وأورد التقرير أنّ "ارتفاع أسعار الوقود إلى جانب النزوح الجماعي يشكّلان الدافع الرئيسي لإزالة الغابات على نطاق واسع في أنحاء سوريا، إذ يقطع المدنيون الأشجار بهدف الطهي والتدفئة".
وأضاف التقرير "ثمّة مؤشرات واضحة على أنّ الجماعات المسلّحة تستخدم كذلك قطع الأشجار غير القانوني ومبيع الأخشاب كمصدر للدخل".
وخسرت محافظات اللاذقية (غرب) وحمص (وسط) وحلب (شمال) أكثر من 36 في المئة من أشجارها منذ عام 2011، تاريخ اندلاع النزاع الذي أودى بحياة أكثر من نصف مليون سوري، وفق "باكس".
وتعرّضت الغابات الكثيفة في غرب البلاد للخطر الأكبر خلال سنوات الحرب، خصوصاً جرّاء قطع الأشجار والحرائق، بحسب التقرير ذاته.
وفي قرية الناصري بمحافظة الحسكة، يشكو حسين صالح الحلو (65 عاماً) من عوامل التغيّر المناخي.
ويقول بحسرة "أثّر الجفاف على الأرض والزراعة والغنم.. حتى الأشجار يبست".
أمّا الأشجار التي نجت من الجفاف، فلم تنجُ من القطع العشوائي "الذي أثّر بشكل كبير على القرية" وحرمها "من غطاء من الخَضار".
ويضيف "أثّر قطع الشجر بشكل كبير على القرية، ازدادت الحرارة ولم يعد المناخ كما كان في السابق".




المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني التغير المناخي غابات سوريا سوريا أکثر من

إقرأ أيضاً:

صور الأقمار الصناعية.. كيف دمرت القنابل الإسرائيلية مساحات من قرية لبنانية؟

تظهر صور أقمار اصطناعية جزءا كبيرا من قرية عيتا الشعب اللبنانية الحدودية وقد تحولت إلى أنقاض بعد أشهر من الغارات الجوية الإسرائيلية، حيث تقدم لمحة عن حجم الأضرار في أحد معاقل حزب الله الرئيسية في جنوب لبنان.

وتظهر الصور، التي التقطتها شركة "بلانيت لابز" الخاصة بتشغيل الأقمار الاصطناعية في 5 يونيو وحللتها رويترز، ما لا يقل عن 64 موقعا مدمرا في عيتا الشعب. وتحتوي العديد من المواقع على أكثر من مبنى واحد.

وتقع عيتا الشعب في جنوب لبنان حيث يتمتع حزب الله بدعم قوي من العديد من أبناء الطائفة الشيعة. وكانت القرية خط مواجهة في عام 2006 عندما نجح مسلحو الحزب في صد الهجمات الإسرائيلية خلال الحرب التي استمرت 34 يوما.

وفي حين أن القتال الحالي بين إسرائيل والميليشيا الشيعية المدعومة من إيران لا يزال تحت السيطرة نسبيا، فإنه يمثل أسوأ مواجهة بينهما منذ 18 عاما، مع وقوع أضرار واسعة النطاق في المباني والأراضي الزراعية في جنوب لبنان وشمال إسرائيل.

ويتبادل الجانبان إطلاق النار منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر. وأدت الأعمال العدائية إلى إخلاء المنطقة الحدودية على الجانبين إلى حد كبير، مع فرار عشرات الآلاف من الأشخاص من منازلهم.

وقال عشرات الأشخاص المطلعين على الأضرار إن الدمار في عيتا الشعب يشبه الأضرار التي لحقت عام 2006، في وقت يثير فيه التصعيد مخاوف متزايدة من اندلاع حرب شاملة أخرى بين الطرفين.

وليس لدى رويترز صور أقمار اصطناعية من عام 2006 للمقارنة بين الفترتين.

وتقول إسرائيل إن النيران المنطلقة من لبنان قتلت 18 جنديا و10 مدنيين. وأسفرت الهجمات الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 300 من مقاتلي حزب الله و87 مدنيا وفقا لإحصاءات رويترز.

صورتان تظهران الأضرار التي حدثت بين أكتوبر 2023 ويونيو 2024 في قرية عيتا الشعب اللبنانية بالقرب من الحدود الإسرائيلية

ووقع ما لا يقل عن 10 من قتلى حزب الله في عيتا الشعب، وعشرات آخرين من المنطقة المحيطة، وفقا لإشعارات الوفاة التي اطلعت عليها رويترز. وقال مصدر أمني إن ستة مدنيين قتلوا في القرية.

وقال رئيس مجلس الجنوب هاشم حيدر لرويترز إن القرية التي تبعد كيلومترا واحدا فقط عن الحدود هي من بين أكثر القرى التي تعرضت للقصف الإسرائيلي.

وقال رئيس بلدية عيتا الشعب محمد سرور، إن "هناك دمارا كبيرا في وسط القرية، ليس فقط المباني التي ضربوها ودمروها، بل المناطق المحيطة بها" والتي لم يعد بالإمكان إصلاحها.

وأضاف أن معظم سكان القرية البالغ عددهم 13500 نسمة فروا في أكتوبر عندما بدأت إسرائيل في استهداف المباني والغابات القريبة.

وقال حيدر إن حملة القصف جعلت منطقة من المنطقة الحدودية في لبنان "غير صالحة للعيش".

وقال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب أهدافا لحزب الله في منطقة عيتا الشعب خلال الصراع.

وردا على أسئلة رويترز قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي نير دينار إن إسرائيل تتصرف دفاعا عن النفس.

وأضاف دينار أن حزب الله جعل المنطقة "غير صالحة للعيش" من خلال الاختباء في المباني المدنية وشن هجمات غير مبررة حولت القرى الإسرائيلية إلى "مدن أشباح".

وقال دينار إن "إسرائيل تضرب أهدافا عسكرية، وحقيقة الاختباء داخل البنى التحتية المدنية هو قرار حزب الله".

ولم يقدم الجيش الإسرائيلي مزيدا من التفاصيل حول طبيعة أهدافه في القرية. وقال إن حزب الله صعد هجماته وأطلق أكثر من 4800 صاروخ على شمال إسرائيل مما تسبب في "مقتل مدنيين وتشريد عشرات الآلاف".

صورتان تظهران آثار القصف الذي حدث بين أكتوبر 2023 ويونيو 2024 في غابة بالقرب من قرية عيتا الشعب اللبنانية

ولم يرد المكتب الإعلامي لحزب الله على الفور على طلبات التعليق.

وقال حزب الله إن نزوح هذا العدد الكبير من الإسرائيليين كان بمثابة إنجاز لحملته.

"تهديد مستمر"

وبدأ الصراع الحالي بعد يوم واحد من هجمات حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، عندما بدأ حزب الله باستهداف إسرائيل تضامنا مع الحركة.

وقال حزب الله إنه سيتوقف عندما ينتهي الهجوم الإسرائيلي على غزة.

وتقع عيتا الشعب على قمة تل يطل على إسرائيل وهي واحدة من قرى شيعية كثيرة يقول خبراء إنها تعد بمثابة خط الدفاع الأول لحزب الله ضد إسرائيل.

بدأت حرب عام 2006 عندما تسلل مقاتلو حزب الله إلى إسرائيل من منطقة قريبة من عيتا الشعب، وأسروا جنديين إسرائيليين.

وقال مصدر مطلع على عمليات حزب الله إن القرية لعبت دورا استراتيجيا في عام 2006 وستفعل ذلك مرة أخرى في أي حرب جديدة. ولم يذكر المصدر المزيد من التفاصيل حول أنشطة المجموعة هناك.

صمد مقاتلو حزب الله في القرية طوال حرب عام 2006 بأكملها. وخلص تحقيق أجرته الحكومة الإسرائيلية إلى أن القوات الإسرائيلية فشلت في الاستيلاء على القرية، على الرغم من تطويقها وتوجيه ضربات مؤثرة لحزب الله.

وأضافت أن الصواريخ المضادة للدبابات كانت لا تزال تطلق من القرية قبل خمسة أيام من انتهاء الحرب.

وقال سيث جونز، نائب الرئيس الأول لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، إن المنطقة تمتع بأهمية عسكرية، حيث تمنح حزب الله القدرة على إطلاق صواريخه قصيرة المدى تجاه إسرائيل.

وأضاف: "إذا كان هناك أي توغل بري، فستكون هناك مواقع على الخطوط الأمامية ليدافع عنها حزب الله أو يحاول استنزاف" القوات الإسرائيلية.

وأعلن حزب الله، الذي أصبح أقوى بكثير مما كان عليه في عام 2006، عن هجمات على أهداف مباشرة عبر الحدود من عيتا الشعب خلال الأعمال العدائية الحالية، بما في ذلك قرية شتولا الإسرائيلية التي تبعد نحو 1.9 كيلومتر عن عيتا الشعب، والمناطق القريبة.

ولا تظهر صور الأقمار الاصطناعية لشتولا والقرى الإسرائيلية المجاورة التي تم التقاطها في 5 يونيو أي أضرارا واضحة في المباني. 

وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية إن 60 منزلا في شتولا تضررت، بما في ذلك 11 منزلا لحقت بها أضرار جسيمة، وفقا لتقارير نشرتها صحف محلية إسرائيلية في مايو. 

ولم تستجب وزارة الدفاع لإسرائيلية على طلبات رويترز بالحصول على بيانات.

وقالت مصلحة الضرائب في إسرائيل إن حوالي ألفي مبنى تضررت في شمال إسرائيل. 

وعلى الجانب الآخر من الحدود، تم تدمير حوالي 2700 منزل بالكامل وتضرر 22 ألف منزل آخر، وهي نسبة أقل بكثير مما شهده صراع عام 2006، حسبما ذكر مجلس جنوب لبنان، على الرغم من أن هذه الأرقام أولية.

وقالت السلطات إن الحرائق الناجمة عن القتال أثرت على مئات الهكتارات من الأراضي الزراعية والغابات على جانبي الحدود.

ذخائر ثقيلة

وقال الأستاذ المساعد في قسم دراسات الدفاع في كلية كينغز كوليدج- لندن أندرياس كريغ إن الأضرار الهيكلية في عيتا الشعب كانت متوافقة مع الذخائر واسعة النطاق التي أسقطتها الطائرات المقاتلة أو الطائرات المسيرة الإسرائيلية.

وأضاف أن صور الضربات تشير إلى إسقاط قنابل يصل وزنها إلى 900 كيلوغرام.

ويستخدم حزب الله، الذي يعلن بشكل متكرر عن ضرباته، أحيان صاروخ بركان قصير المدى، برأس حربي يصل وزنه إلى 500 كيلوغراما.

واستخدم الحزب في العديد من الهجمات التي أعلن عنها أسلحة ذات رؤوس حربية أصغر بكثير، مثل الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات التي تحمل عادة رؤوسا حربية يقل وزنها عن 10 كيلوغرامات.

وقال كريغ إن "حزب الله لديه الكثير... رؤوس حربية أثقل لم تستخدم بعد".

ولم يرد الجيش الإسرائيلي وحزب الله على الأسئلة المتعلقة بالذخائر.

وقال كريغ إن هدف حزب الله هو طرد المدنيين الإسرائيليين "ولهذا السبب، لا يحتاج حزب الله إلى التسبب في أضرار هيكلية هائلة للمناطق أو المباني المدنية".
 

مقالات مشابهة

  • الخشت يكشف انجازات القطع الصحي في مستشفيات جامعة القاهرة
  • إعلام فلسطيني: تسمم أطفال جراء أكل أوراق الأشجار بسبب المجاعة في شمال قطاع غزة
  • دعوى قضائية ضد هولندا لتزويدها إسرائيل بقطع غيار لمقاتلات إف-35
  • دعوى قضائية ضد هولندا لتزويد الاحتلال بقطع غيار لمقاتلات اف-35
  • برلمانية: مصر فقدت مليون متر مربع مساحات خضراء في 4 سنوات
  • القنابل الإسرائيلية تدمر مساحات كبيرة من قرية لبنانية
  • صور الأقمار الصناعية.. كيف دمرت القنابل الإسرائيلية مساحات من قرية لبنانية؟
  • آلاف القطع مخبأة بالخارج.. العراق يفتش عن آثاره المسروقة في 13 دولة
  • انخفاض مساحات الأبنية المرخصة في الأردن بنسبة 12%
  • آلاف القطع مخبأة بالخارج.. العراق يفتش عن آثاره المسروقة في 13 دولة- عاجل