من فلسطين ليست قضيتي إلى موت الصراع!
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
قبل أن تطأ قدما ترامب البيض الأبيض في دورته الماضية، أي قبل 20 كانون الثاني/ يناير 2017؛ ظهرت حملة شعارها "فلسطين ليست قضيتي"، تكثّفت بواسطة اللجان الإلكترونية التي تتبع دولا خليجية باتت معروفة، ولكن تصدّرتها في الوقت نفسه رموز صحفية وثقافية تتموّل من الدول إيّاها، وتستند إلى روافع ضخمة، ليس أقلّها بالتأكيد المال الهائل، المتجلّي لا في شراء الذمم فحسب، ولكن أيضا في مؤسسات ضخمة لا تملك "قوى الممانعة"، التي يجري تحميلها المسؤولية عن تصلّب شرايين القضية "لأنّها أدلجت الصراع وديّنته (من الدِين) ونزّهته السياسة"؛ المهم، أنّ قوى الممانعة هذه لم تكن تملك عُشر تلك المؤسسات، لا من حيث الكمّ إن أردنا عدّ القنوات الفضائية والصحف والمواقع الإلكترونية ولكن من حيث الكيف، إن نظرنا فقط إلى حاجة الدراما العربية للتمويل الذي يُلقّم الفنانين مقولة "فلسطين ليست قضيتي"، علاوة على ذلك الذباب الإلكتروني الذي يُدار بطرق لا تتمكن منها إلا تلك الدول إيّاها!
تلك الحملة لم تكن تستهدف "قوى الممانعة" حصرا، أو قوى المقاومة الفلسطينية وفقط، ولكنها كانت تستهدف فلسطين وأهلها وشعبها، مثلا تنميط الفلسطينيين وشيطنتهم والحطّ منهم باتهامهم ببيع أراضيهم لليهود ونكرانهم لجميل العرب عليهم، ولم يكن يُستثنى من ذلك أحد، بما في ذلك الفلسطينيون الذين لا يمكن وصفهم بتديين القضية وتنزيهها عن السياسة وقد صاروا جزءا من النظام الرسمي العربي (وهم علمانيون مثّلوا الصراع فلسطينيّا ثلاثين عاما قبل ظهور أيّ قوّة دينية منافسة لهم).
إنّ المصابين بهذه الهلوسات لديهم مشكلة في وصف الموضوع الفلسطيني بالقضية، كما لديهم مشكلة في كونه صراعا عربيّا مع "إسرائيل"، كما أنّهم يرون الموضوع تسمّن بالشحوم التي ينبغي التخلّص منها ليغدو الأمر قابلا للتسييس والاختلاف ومن ثمّ الحلّ
تبيّن لاحقا أنّ هذه الحملة محمولة بدورها على تفاهمات مسبقة بين عدد من الأنظمة العربية، في طليعتها خليجية، وبين إدارة ترامب القادمة، للاستثمار في النجاح الحاصل بقمع الإسلاميين، ووأد ثورات "الربيع العربي"، وتتميم ذلك بترتيب جديد "للشرق الأوسط" يتمثل في تحالف إقليمي، عربي/ إسرائيلي، تجلّى لاحقا في الاتفاقيات الإبراهيمية التي صارت معلنة ونافذة ومعمولا بها.
هذه الحقيقة وحدها تكشف الهلوسات السياسية التي تعتقد أنّ الصراع العربي الإسرائيلي ميّت بدلالة عدم اكتراث الشعوب العربية لما يجري الآن من جرائم في غزة واحتلال في لبنان وسوريا، وأنّ من ينفخ في هذا الصراع هو فقط قوى الممانعة، التي ديّنت الصراع ونزّهته عن السياسة، والسبب أساسا، بحسب تلك الهلوسات، في كونه قد جرى التعامل مع الموضوع بوصفه "قضية" لا تقبل اختلاف الرأي، ولأنّ هذه القوى الممانعة نصبت نفسها قيّمة على الصراع الذي ديّنته بخطاب راديكالي (راجع مقالة حازم صاغية في "الشرق الأوسط" المنشورة بتاريخ 12 كانون الثاني/ يناير 2025، بعنوان "مسألة الصراع والقضيّة اليوم!").
من نافلة القول إنّ المصابين بهذه الهلوسات لديهم مشكلة في وصف الموضوع الفلسطيني بالقضية، كما لديهم مشكلة في كونه صراعا عربيّا مع "إسرائيل"، كما أنّهم يرون الموضوع تسمّن بالشحوم التي ينبغي التخلّص منها ليغدو الأمر قابلا للتسييس والاختلاف ومن ثمّ الحلّ. وهي مقولات جرى اجترارها باستمرار، ورددنا على بعضها في مرّات سابقة، لكن من المناسب الآن الردّ على المغالطة المكشوفة، من جهة حياة الصراع وموته، من حيث الأسئلة التالية: "هل حقّا قوى الممانعة التي تحول دون إعلان موت الصراع؟! وأنّ الأكلاف الناجمة عنه سببها تأخّر إعلان الموت هذا؟!"، "وهل يلقى العرب صدّا عن الاقتراح والمبادرة بسبب الخطاب التشهيري للقوى الراديكالية؟!".
بيد أنّ المغالطة الأكثر وقاحة هي الزعم بأنّ جعل الصراع مع "إسرائيل" شُغل الشعوب العربية منعها من أن يكون لها شغل آخر، كأن تلتفت إلى همومها السياسية والاجتماعية، ومن ثمّ حينما تَقدَّم الموضوع السوري بعد سقوط الأسد، ضعف الاهتمام العربي بالجرائم الإسرائيلية، ومن قبل بدا ذلك في الثورات العربية.
هذه المقولة الأخيرة التي تُحمِّل الصراع مع "إسرائيل" مسؤولية موت السياسة أو ضمورها في المجال العربي، تتجاوز المغالطة إلى الكذب المكشوف، وذلك لأنّ صاحبها يربط الأمر برمته بالصراع وخطابات القوى الراديكالية التي أشغلت الشعوب به. وكأن السياسة حاضرة في البلاد التي تديرها أنظمة "عقلانية" ترغب في موت الصراع، بل اعتقدَتْ حينما أقدمت على الاتفاقيات الإبراهيمية أنّه يمكن فعلا الإعلان عن موت الصراع، وكأن هذه الأنظمة التي سبق لها وقبل رفع شعار "فلسطين ليست قضيتي" رفعت شعار "بلدي أولا"، تعترف بالسياسة من حيث حقّ شعوبها في تناول قضاياها السياسية والاجتماعية بحرّيّة!!
تتحوّل مقولة ضرورة الإعلان عن موت الصراع إلى مقولة خادمة لإماتة السياسية لا لإحيائها ولا إلى دفع المجتمعات العربية للاهتمام بقضاياها الداخلية، لأنّه لم يبق ممّا يسيّس الشعوب العربية إلا هذا الصراع، فقد جرى القضاء على "ثورات الربيع العربي" سريعا من الأنظمة "العقلانية" إيّاها التي لا تتجنب الحرب فحسب، بل دخلت دون أن يرفّ لها جفن في علاقات تطبيعية أقرب إلى التحالف مع "إسرائيل"، وبعض هذه الأنظمة ما تزال متحفّظة تجاه التحوّل الذي جرى في سوريا
إذن؛ تتحوّل مقولة ضرورة الإعلان عن موت الصراع إلى مقولة خادمة لإماتة السياسية لا لإحيائها ولا إلى دفع المجتمعات العربية للاهتمام بقضاياها الداخلية، لأنّه لم يبق ممّا يسيّس الشعوب العربية إلا هذا الصراع، فقد جرى القضاء على "ثورات الربيع العربي" سريعا من الأنظمة "العقلانية" إيّاها التي لا تتجنب الحرب فحسب، بل دخلت دون أن يرفّ لها جفن في علاقات تطبيعية أقرب إلى التحالف مع "إسرائيل"، وبعض هذه الأنظمة ما تزال متحفّظة تجاه التحوّل الذي جرى في سوريا، إن أراد البعض اختزال "الربيع العربي" والسياسة المفتوحة في الحدث السوري!
وإذن، ما علاقة الصراع، وما علاقة القوى الراديكالية المتهمة بتديين الصراع، بموت السياسة في البلاد العربية من أقصى مشرقها إلى أقصى مغربها؟! هل منع هذا الصراع السادات أن يزور "إسرائيل" عام 1977 (بعد عشر سنوات على احتلال غزّة وسيناء) ثمّ يوقع كامب ديفيد عام 1978 ثم يدشن معاهدة السلام معها عام 1979؟ ومنذ ذلك الوقت، هل الصراع هو الذي أطال مبارك في الحكم ثلاثين عاما؟! وهل هو الذي أفسد النظام والسياسة والاجتماع في مصر؟! (وحينما نتحدث عن مصر فنحن نتحدث عن نصف العرب كمّا وكيفا)، وهل الصراع هو سبب الانقلاب على أول انتخابات ديمقراطية حقيقية في مصر من بعد ثورة يناير؟! وهل الدول "العقلانية" إيّاها التي تتجنب الحرب التي دعمت الانقلاب دعمته بسبب إيمانها بالصراع مع "إسرائيل"؟! أم هي على الضدّ تماما؛ ذهبت بعد ذلك إلى درجة التحالف مع "إسرائيل"؟ فإن كانت كلمة تحالف تشهيرية، فلنقل ذهبت إلى السلام والتطبيع المعلنين معها.
إن لم يكن القفز عن هذه الحقائق مغالطات وأكاذيب فليكن هلوسات سياسية باسم السياسة!
والحقّ، أنّ القضية الفلسطينية ظلّت أهم باعث على تسييس الشعوب العربية، لأنّ هذه السياسة مخنوقة في البلاد العربية كلّها، سواء تلك الموصوفة أنظمتها بأنها راديكالية (والتي لم يبق منها شيء طبعا)، أو تلك الموصوفة بأنّها محافظة أو رجعية أو عقلانية، فليسمّها كلّ بما يشاء!
ولهذا السبب تحديدا، وإذا كانت قوى تغطت بالقضية الفلسطينية لقمع شعوبها، كما النظام السوري الساقط، وأخرى استخدمتها بنحو جعل فلسطين محلّ استقطاب داخلي، فإنّ قوى أخرى قمعت شعوبها حتّى لا تهتمّ بالسياسة، ونظرت إلى فلسطين بوصفها عاملا خطرا من شأنه تسييس تلك الشعوب. بل يمكن القول أكثر من ذلك، فدولة مصنفة بأنّها من دول الممانعة، وتُحمّل كلّ كوارث المنطقة، وهي إيران، وبالرغم من كل ما يمكن أن يقال من مثالب في نظامها السياسيّ، وهي كثيرة، وكلّ ما يمكن قوله عن سوء استخدامها للقضية الفلسطينية في تمدّدها الإقليمي، فإنّ فيها حيوية سياسية واجتماعية داخلية أكثر من أيّ بلد عربي محافظ راغب في الإعلان عن موت الصراع مع "إسرائيل"!
ومجرد الكشف عن هذه الأكذوبة التي زعمت أن "الشعوب لم تكن تلتفت إلى قضاياها الداخلية لأنها أُشغِلت رغما عنها بفلسطين، فلمّا أتيح لها الانشغال بقضاياها نسيت فلسطين"، يكفي للدلالة على مغالطات بقية المقولات. فالمشكلة لم تكن يوما بوصف فلسطين بالقضية، وإلا فإنّ ترتيبات بعض الأنظمة العربية مع الحركة الصهيونية بين يديّ حرب العام 1948 صارت من الحقائق التاريخية، وهذه الأنظمة التي وصفت فلسطين بأنها قضية، (إذ لم يكن هذا الوصف من اختراع الفلسطينيين أو قوى الممانعة الراديكالية!)، عقدت اتفاقات سلام مع "إسرائيل"، الأمر الذي يعني أنّ الصراع مع "إسرائيل" ظلّ محلّ اختلاف وتباين منذ فجر القضية، إلى الدرجة التي دفعت منظمة التحرير للاعتراف رسميّا بـ"إسرائيل" عام 1993 بعدما أبدت الاستعداد الضمني لذلك قبل هذا التاريخ بأكثر من عشرين عاما.
ومنذ احتلال ما تبقى من فلسطين عام 1967 والأصوات التي تدعو إلى حلّ سلميّ أو النضال فقط لأجل استعادة ما احتلّ عام 1967 موجودة بما في ذلك بين الفلسطينيين! حتى صارت هي الأعلى، واندرجت فيها قوى مقاومة، مثل حماس، قبلت بأن يكون النضال لأجل إقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عامّ 1967 هدفا مشتركا لجميع الفلسطينيين. علاوة على أنه لا يمكن القول إنّ الراديكاليين احتلّوا تمثيل الصراع! فإنّ "العقلانيين" هم الطرف الأبرز الذي يقبل العالم الحديث معه لتمثيل الصراع!
إذا كانت الشعوب العربية تنصرف عن الصراع في بعض الأوقات لأنها مقموعة أو لأنّ لديها أولويات أخرى تنشغل بها، فإنّ فلسطين ستبقى قضية عربية بحكم تكوينها الماهوي، وهي حقيقة ستبقى تزعج المثقف العربي المتغطّي بالليبرالية الذي يجترّ بلوعة محمومة منذ سنوات مقولته: "مات الصراع.. فأعلنوا موته"
الصراع ليس فقط لم يعلن عن موته، ولكنه لم يمت، وليس فقط بسبب أنّ القوى الراديكالية تحاول نفخ الروح فيه، ولكن لأنّه أصلا غير قابل للموت ما دامت "إسرائيل" موجودة، على الأقلّ بسياساتها العدوانية، وإلا فليقل لنا عباقرة نحت شحوم القضية وتحويلها إلى مسألة قابلة للاختلاف في الرأي، لماذا لم تتعاط "إسرائيل" مع المرونة المفرطة التي أبدتها قيادة منظمة التحرير، إن لم يكن منذ توقيع اتفاقية أوسلو، على الأقل من بعد انتهاء انتفاضة الأقصى، أو من بعد المفاصلة التي اتخذتها تجاه حماس وقوى المقاومة الفلسطينية؟!
وإذا كانت الشعوب العربية تنصرف عن الصراع في بعض الأوقات لأنها مقموعة أو لأنّ لديها أولويات أخرى تنشغل بها، فإنّ فلسطين ستبقى قضية عربية بحكم تكوينها الماهوي، وهي حقيقة ستبقى تزعج المثقف العربي المتغطّي بالليبرالية الذي يجترّ بلوعة محمومة منذ سنوات مقولته: "مات الصراع.. فأعلنوا موته"!
ماذا بقي على أيّ فلسطيني أو عربيّ ليقدّم أكثر من تنازلات ليصير الصراع مسألة قابلة للحلّ؟! بالتأكيد الاستسلام والتخلّي عن الحق القومي الفلسطيني في التمثل بهوية وطنية ولو على شبر من أرض فلسطين، ليس هذا ما تريده "إسرائيل" فقط، ولكن أيضا ذلك العربي الذي يدعو إلى الإعلان عن موت الصراع!
ينزعج البعض حينما يوصف خطاب كهذا لا مفهوم له إلا الاستسلام الكامل لـ"إسرائيل"؛ بالمتصهين، ولكن الأمر أبلغ في السوء، فآباء الحركة الصهيونية، اليمينيون منهم واليساريون، أكثر مصداقية حينما يحاولون صياغة مشروعهم الصهيوني في مقولة أخلاقية؛ يقولون فلتتسع البلاد العربية للسكان الأصليين، ولتبق فلسطين لنا فقط. هم على الأقل صرحاء في أنّهم لا يريدون حلا يبقي الفلسطينيين في فلسطين. المتصهين العربي ينزّه الصهيوني عمّا يعترف به الصهيوني!
x.com/sariorabi
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه فلسطين القضية الصراع السياسة العربية إسرائيلي تطبيعية إسرائيل فلسطين تطبيع سياسة عرب مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة رياضة سياسة صحافة اقتصاد سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعوب العربیة الربیع العربی هذه الأنظمة هذا الصراع الصراع مع ل الصراع أکثر من عربی ا التی ت لم یکن من حیث لم تکن الذی ی
إقرأ أيضاً:
المنظمة العربية تكشف عن شعارها فى يوم السياحة العربي
دعت المنظمة العربية للسياحة العالم العربي للاحتفال بيوم السياحة العربي الذى يتوافق مع مولد الرحالة العربي ابن بطوطة بتاريخ 25 فبراير من كل عام والذي اطلقت احتفاليته الاولى برعاية من الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين عام 2014م.
وتبني ملك البحرين جائزة ابن بطوطة للتميز السياحي والتى تقدم فى هذا اليوم ممن أسهموا فى تطوير هذه الصناعة الكبرى ببلدناهم العربية مما يعد انتصارا للجهود التي بذلت في كل قطر عربي لرفعة صناعة السياحة والارتقاء بها كما أنه يعيد الرحالة العربي ابن بطوطة للواجهة من جديد ويعرّف الأجيال تأثيره البالغ في صناعة السياحة.
وتأتى دعوة المنظمة لكافة الدول العربية للاحتفال بهذا اليوم من كل عام دعما لتنشيط السياحة العربية البينية واكتشاف كنوزها ولأجتذاب السواح الدوليين لمنطقتنا العرية ، ولتكريم شخصيات عربية فى هذا اليوم أسهموا فى تطوير وتنمية صناعة السياحة على أمتداد الوطن العربي.
الاحتفال هذا العام تحت شعار “الاستثمار والسياحة” وذلك انطلاقا من اهم اهداف المنظمة والتى تتعلق بوضع الاسس الكفيلة لجذب الاستثمارات السياحية ورؤوس الاموال العربية المهاجرة والدولية الى دولنا العربية عبر وضع القوانين العصرية التى تضمن جذب هذه الاستثمارات وحمايتها لتحقيق اندماجها مع المشروعات السياحية .
أوضحت المنظمة ، أن الاستثمار السياحي يمثل أحد أهم القطاعات الاقتصادية التي تسهم في تنمية الاقتصاد وتعزيز التنمية المستدامة من خلال عدة نقاط رئيسية من أهمها :
1-تحفيز النمو الاقتصادي عبر زيادة الناتج المحلي الإجمالي حيث يساهم القطاع السياحي في دعم الاقتصاد الوطني من خلال الإيرادات المتولدة عن الخدمات والمنتجات السياحية وخلق فرص العمل المباشرة وغير المباشرة مثل الوظائف في الفنادق والمطاعم ووسائل النقل والأنشطة الترفيهية.
2-تعزيز التنمية المحلية عبر تنمية البنية التحتية السياحية من خلال تطوير المواقع السياحية وتحسينها في المناطق المستهدفة مثل الطرق والمواصلات والمرافق العامة ، بالاضافة لتحسين مستوى الخدمات والتى تتمثل فى الرعاية الصحية والتعليمية للمجتمعات المحلية.
3-زيادة التبادل الثقافي مما يسهم في نشر التسامح والتفاهم الدولي مما يتيح للسائحين التعرف على التراث والثقافة المحلية، مما يزيد من الاعتزاز بالهوية الوطنية.
4-تنويع مصادر الدخل حيث يساعد الاستثمار السياحي الدول على تقليل اعتمادها على قطاعات اقتصادية تقليدية مثل النفط أو الزراعة مما يسهم في تحقيق استقرار اقتصادي من خلال توفير مصادر دخل متنوعة ومستدامة.
5- جذب الاستثمارات الأجنبية بما يمثله قطاع السياحة من بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية من خلال تطوير المشاريع السياحية الضخمة مثل المنتجعات والفنادق الفاخرة.
6- حماية البيئة والموارد الطبيعية حيث يمكن للاستثمار المستدام في السياحة أن يساهم في الحفاظ على البيئة والمحميات الطبيعية من خلال الترويج للسياحة البيئية ، مما يدعم الوعي بأهمية الموارد الطبيعية والتراث الثقافي كعوامل جذب سياحي.
7-عزيز الصورة الدولية والهوية الوطنية للدولة حيث يساهم قطاع السياحة في تحسين صورة الدولة على الساحة العالمية، مما يزيد من قوتها الناعمة ويجذب المزيد من السائحين والمستثمرين اليها .
وهنا تؤكد المنظمة العربية للسياحة بأن الاستثمار السياحي ليس مجرد وسيلة لتعزيز الإيرادات، بل هو محرك أساسي لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، وتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة والثقافة المحلية لذلك يُعد الاستثمار في السياحة من أهم الخيارات الاستراتيجية لدولنا العربية الطامحة إلى مستقبل اقتصادي أكثر استقرارًا وازدهارًا لتكون مقاصدنا السياحية بيئة جاذبة للاستثمارات السياحية والسائح معا.
يذكر أن من المتوقع ان يصل إجمالي مساهمة قطاع السفر والسياحة في الناتج المحلي الإجمالي في جميع أنحاء العالم الي 15% مرتفعا بنسبة 5 % للفترة ما قبل عام 2019 والتى كانت تقدر بنسبة 10% وأن ترتفع إيرادات السفر والسياحة بمعدل نمو سنوي بنسبة 3.4% حتى عام 2027 لتصل الايرادات الي اكثر من 12.1 تريليون دولار وان يصل سوق العمل في قطاع السياحة بالعالم الي 430 مليون وظيفة في عام 2030 بزيادة تصل الى اكثر من 30% مقارنة بعام 2023م وبأن السياحة العربية تقود قاطرة صناعة السياحة عالميا حيث حققت نسبة 126% فى أعداد نمو السائحين وتتعافى كليا بنهاية عام 2024م بعد جائحة كورونا حيث بلغ إسهام قطاع السياحة العربية في الناتج المحلي الإجمالي حوالي 11.4% في عام 2024 نتيجة للجهود المبذولة لتحسين البنية التحتية السياحية، وتنظيم فعاليات عالمية، وتبني سياسات ترويجية فعّالة، مما ساهم في تعزيز مكانة الدول العربية كوجهات سياحية مميزة على الساحة العالمية.