الإفتاء تصحح مفهومًا خاطئًا عن الآية الكريمة «وقرن في بيوتكن»
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
أوضح الدكتور محمد عبد السميع، أمين لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، المعنى الحقيقي للآية الكريمة «وقرن في بيوتكن»، مؤكدًا أن هذه الآية نزلت خصيصًا في نساء النبي -رضي الله عنهن-، وليست أمرًا عامًا لكل النساء.
وأكد «عبد السميع» أن الله تعالى في كتابه العزيز خاطب زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ ۖ وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا» (سورة الأحزاب: 33).
ولفت إلى أن الآية الكريمة جاءت لتوجيه أمهات المؤمنين بضرورة الالتزام بآداب الإسلام المتعلقة بالستر والعفاف.
وأضاف أن الله تعالى يحب المرأة التي لا تخرج إلا لمعنى مفيد، مثل الذهاب إلى العمل، أو شراء متطلبات المنزل، أو حتى التنزه مع الزوج، مشيرًا إلى أن الخروج الذي لا فائدة منه قد لا يكون مستحبًا.
وأوضح معنى «تبرج الجاهلية الأولى»، بأن التبرج يشير إلى إظهار المرأة زينتها للرجال، وأن تبرج الجاهلية كان يشمل خروج المرأة كاشفة كعب قدميها أو إظهار محاسنها.
تصحيح المفهوم الخاطئ
في سياق متصل، تناول مرصد الأزهر لمكافحة التطرف شبهة أطلقها المتطرفون حول عدم جواز خروج المرأة للعمل استنادًا إلى الآية «وقرن في بيوتكن» وإلى الحديث الشريف: «المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان».
وأكد المرصد أن الشرع لم يحظر خروج المرأة للعمل أو أداء دورها في المجتمع، بل أباح ذلك بشرط التزامها بالآداب الشرعية مثل الحشمة في اللباس، والابتعاد عن الزينة المبالغ فيها، وضبط الحديث والتعامل مع الأجانب.
كما أوضح المرصد أن المرأة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانت تشارك في مختلف نواحي الحياة. فكانت هناك نساء رائدات في العلم وتعليم الحديث، وأخريات شاركن في الغزوات مثل رفيدة بنت سعد الأسلمية التي عملت كجراحة ميدانية، وأم عطية الأنصارية التي عرفت بتضميد الجراح.
هذه الأدوار تُبرز أن الإسلام لا يمنع المرأة من الخروج أو العمل، طالما كان ذلك في إطار الضوابط الشرعية.
البيت أصل المرأة وليس قيدًا
ورد المرصد على الاستدلال الخاطئ بقوله تعالى: «وقرن في بيوتكن»، موضحًا أن الآية لا تعني فرض إقامة إجبارية على المرأة في البيت، بل تشير إلى أن الأصل في حياة المرأة هو الاستقرار في بيتها باعتباره مقرًا لها، مع جواز الخروج عند الحاجة.
فالبيت هو مكان الراحة والأمان، لكن ذلك لا ينفي حقها في الخروج للعمل أو التعلم أو العبادة، بشرط الالتزام بالآداب الشرعية.
واختتم المرصد بأن الإسلام دين التوازن والاعتدال، وأنه يحث على تمكين المرأة من أداء دورها في المجتمع دون الإخلال بواجباتها الأخرى، مما يعكس الصورة الحقيقية للإسلام بعيدًا عن المغالاة أو التفريط.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء لجنة الفتوى المزيد
إقرأ أيضاً:
خالد الجندي يوضح شروط جواز رواية الحديث النبوي بالمعنى
أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن جمهور علماء الحديث أجازوا نقل الحديث النبوي "بالمعنى" ضمن ضوابط شرعية دقيقة. وأوضح الجندي خلال برنامج "لعلهم يفقهون" على قناة DMC أن أهم هذه الضوابط هو تنبيه الراوي إلى أن ما ينقله هو "فيما معناه" أو "أو كما قال صلى الله عليه وسلم"، وذلك لتجنب الوقوع في محظور الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأشار الجندي إلى أن حفظ ألفاظ الحديث بدقة ليس شرطًا لازمًا لمن لم يتمكن من ذلك، لكن الضروري هو التوضيح بأن الرواية تتم بالمعنى لا بالنص الحرفي. وشدد على خطورة الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، مستشهدًا بالحديث المتواتر: "من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار"، مؤكدًا أن أي زيادة أو تغيير في نص الحديث دون الإشارة إلى ذلك يُعد من الكبائر.
ولفت الجندي إلى الدقة المتناهية التي كان يتمتع بها رواة الحديث الأوائل، وحرصهم الشديد على نقل أدق التفاصيل، حتى تلك التي تتعلق بالشك في عدد الكلمات المنقولة، مثل قولهم: "لا أدري أقال واحدة أم ثلاثًا"، تعظيمًا للسنة النبوية وتوقيًا من نسبة شيء غير موثق إلى النبي الكريم.
وحدد الجندي ثلاثة شروط أساسية لجواز رواية الحديث النبوي بالمعنى: أولها، التنبيه الواضح بأن الحديث يُروى بالمعنى وليس بالنص. ثانيًا، ألا يؤدي تغيير اللفظ إلى تغيير في الحكم الشرعي المستنبط من الحديث. وثالثًا، ألا يتعارض المعنى المنقول مع نص شرعي آخر أو مع ما هو معلوم من الدين بالضرورة.
وفي الختام، أكد الشيخ خالد الجندي على أن احترام دقة ألفاظ الحديث النبوي هو مظهر من مظاهر تعظيم السنة الشريفة، وهو النهج الذي اتبعه الصحابة الكرام والتابعون، الذين حرصوا على نقل أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله بأدق التفاصيل دون أي اجتهاد أو تغيير.