عربي21:
2025-01-15@01:22:03 GMT

هل انتصرت غزة؟

تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT

شهدت الأيام الأخيرة تصاعدا دراماتيكيا في الأحداث الميدانية في قطاع غزة، وعلى مائدة المفاوضات، سعيا لنهاية مرحلية لمعركة طوفان الأقصى، والأخيرة شكلت تحولا استراتيجيا في مسار الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، بعد أشهر طويلة من القتال العنيف؛ فالساعات الماضية كانت حبلى بالكثير من البوادر الإيجابية لنهاية هذه المواجهة الدموية، التي أظهرت القوة العظمى لإرادة الشعب الفلسطيني في الدفاع عن حقوقه وأرضه.



"طوفان الأقصى" يمثل لحظة فارقة في التاريخ الحديث للمنطقة، كما فتح الباب واسعا أمام تساؤلات عميقة بشأن مستقبل "إسرائيل"، وفيما يبدو فإن الصراع المستمر في الأراضي الفلسطينية دخل مرحلة جديدة قد تحمل في طياتها مفاجآت وتحولات في المشهد السياسي والعسكري، سواء على الصعيد الفلسطيني أو الإسرائيلي، بل وعلى مستوى المنطقة بأسرها.

"طوفان الأقصى" لم يكن طفرة عسكرية، بل جاء كنتيجة حتمية في سياق تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى، ومقدسات الشعب الفلسطيني في القدس، بالإضافة إلى الحملات العسكرية المتواصلة ضد قطاع غزة. في هذا السياق، قررت فصائل المقاومة في غزة، على رأسها حركة حماس إطلاق عملية عسكرية واسعة النطاق غير مسبوقة في أدواتها وتكتيكاتها من أجل ردع الاحتلال، وتوجيه ضربة قوية قاصمة للجيش الإسرائيلي، وهو ما كان.

عندما نتحدث عن "انتصار غزة"، فإننا نتحدث عن صمودٍ أسطوري لشعب غارق في المعاناة والآلام، من حصار مستمر، وعدوان عسكري إسرائيلي متكرر، وخذلانٍ عربي، وتواطؤ غربي، فقطاع غزة -الذي يمثل نحو 1 في المئة من مساحة فلسطين التاريخية- ليس مجرد رقعة جغرافية، بل هو رمزٌ للمقاومة، والإرادة التي لا تلين.

إذا كان النصر العسكري لا يتحقق في غزة بالحسم، بالنظر إلى تفاوت القوى العسكرية بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، فإن غزة انتصرت في صمود أهلها وثباتهم على أرضهم، وانتصرت في إرغام الاحتلال على الجلوس على طاولة المفاوضات، وانتصرت بإخفاء عشرات الأسرى الإسرائيليين لخمسة عشر شهرا دون معرفة مصيرهم
على مدار الأشهر الماضية، ارتكب الاحتلال عدوانا شاملا على قطاع غزة، حمل معه دمارا هائلا وآلاما كبيرة على الصعيدين الإنساني والمادي، رغم ذلك، ظل الشعب الفلسطيني في غزة يواجه تلك التحديات بثبات، مما أوجد نوعا من الإصرار على عدم الاستسلام، ما دفع الاحتلال للتراجع خطوتين للخلف. فالشعب الفلسطيني في غزة بمقاتليه وسكانه، أعطى العالم دروسا في الثبات، ومن أن إرادة الشعوب لا يمكن كسرها بسهولة.

إتمام اتفاق وقف إطلاق النار يحمل دلالات هامة على الصعيدين الإقليمي والدولي، فعلى المستوى الإقليمي، تعكس الصفقة قدرة القوى الفلسطينية على تعزيز وحدة الصف في مواجهة التحديات الميدانية والعسكرية، وهي بذلك تفتح الطريق أمام تحركات سياسية جديدة تسهم في الضغط على الاحتلال لتقديم المزيد من التنازلات.

إذا كان النصر العسكري لا يتحقق في غزة بالحسم، بالنظر إلى تفاوت القوى العسكرية بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، فإن غزة انتصرت في صمود أهلها وثباتهم على أرضهم، وانتصرت في إرغام الاحتلال على الجلوس على طاولة المفاوضات، وانتصرت بإخفاء عشرات الأسرى الإسرائيليين لخمسة عشر شهرا دون معرفة مصيرهم، رغم الاستعانة بطائرات التجسس الأمريكية والبريطانية على مدار الساعة في رصد تحركاتهم ومعرفة أماكن تواجدهم.

وانتصرت غزة حين أكدت المقاومة أنها باقية وتتمدد عكس ما كان يريد الاحتلال، في نهاية الأمر قد يكون السؤال الصحيح ليس "هل انتصرت غزة؟"، بل "متى سينتهي هذا الصراع ويُحقق للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة؟".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الفلسطيني الإسرائيلي المقاومة الاحتلال إسرائيل اسرى احتلال فلسطين مقاومة مقالات مقالات مقالات رياضة مقالات سياسة رياضة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الفلسطینی فی انتصرت فی فی غزة

إقرأ أيضاً:

أحمد يوسف أحمد: معاهدة السلام لم توجد تطبيعًا شعبيًا بسبب أصالة الموقف المصري من القضية الفلسطينية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أكد الدكتور أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن القضية الفلسطينية هي قضية أمن قومي مصري، وهذا واقع تثبته الأحداث والمشاركة المصرية فيها عبر الزمن، من حرب ١٩٤٨، والعدوان الثلاثي على مصر الذي شاركت فيه إسرائيل لأن مصر كانت ترعى آنذاك حركة الفدائيين الفلسطينيين في غزة، إلى أن استخدمت إسرائيل كمخلب قط لضرب المشروع التحرري العربي الذي قادته مصر بزعامة جمال عبدالناصر في ١٩٦٧.

وجاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها اللجنة الثقافية والفنية بنقابة الصحفيين برئاسة محمود كامل وكيل النقابة لمناقشة كتاب "القضية الفلسطينية من صفقة القرن إلى طوفان الأقصى" للدكتور عبدالعليم محمد مستشار مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام.  

ورصد أحمد يوسف اهتمام الدكتور عبدالعليم محمد في كتابه بالتفرقة بين الاتفاقات الإبراهيمية واتفاقيتي السلام مع مصر والأردن ، حيث مثلت صفقات سياسية بكون جزء من ارض مصر محتلا وتم تحريره بالطرق الدبلوماسية والأمر نفسه انطبق على الاْردن، أما الاتفاقات الإبراهيمية فكانت سلاما مقابل السلام وعبارة عن تطوع من الأطراف التي التحقت بها. 

كما عني الكتاب بالتأكيد إن معاهدة السلام المصرية مع إسرائيل أوجدت سلاما رسميا ولكنها لم توجد تطبيعا شعبيا بسبب أصالة الموقف المصري من القضية الفلسطينية وأيضا بسبب أن الحكومة لم تقدم على اعمال من شأنها اجبار المصريين على التطبيع بخلاف ما تم من خلال الاتفاقات الإبراهيمية من تطبيع شعبي مع بعض القطاعات.

وشدد الدكتور أحمد يوسف على أن عملية "طوفان الأقصى" التي بدأتها حركة حماس في غزة في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣ كان من نتائجها المباشرة أن كشف اليمين الإسرائيلي المتطرف عن وجهه تماما بمشاريع استعمارية لضم الضفة الغربية عام ٢٠٢٥، وما يجري في غزة من محاولة اقتطاع جزء منها بمحاولة تخفيف سكانها بالقتل او التجويع او التهجير، مشيرا إلى أن اسرائيل تمر الآن بحالة توحش، فهي منتشية ببعض الانتصارات التكتيكية التي حققتها، مستطردا بأن النهاية التاريخية لإسرائيل تقترب، حيث تصل حالات الاستعمار الاستيطاني لذروة تطرفها في مراحلها الأخيرة، وتشابه سلوك النظم العنصرية في جنوب افريقيا في سنواتها الاخيرة كثيرا مع السلوك الاسرائيلي الآن.

ولفت الدكتور أحمد يوسف إلى أن صدور هذا الكتاب يتزامن مع ما حققته المقاومة الفلسطينية، حيث ضربت مثالا عظيما بعملية طوفان الأقصى، قائلا "وفقا لنا كباحثين موضوعيين حققت إسرائيل إنجازات في هذه الجولة من جولات الصراع، فقد نجحت في توجيه ضربات لحزب الله وفككت وحدة الساحات وأسقطت نظام بشار الأسد في سوريا واحتلت أجزاء منها ودمرت الجيش السوري فيما يريد البعض أن يستغل هذه الفرصة ليرسل رسالة مفادها "ألم نقل لكم لا جدوى من المقاومة، لكن عندما نتأمل في إنجازات طوفان الأقصى ودلالتها، نجد أن المقاومة الفلسطينية أثبتت صمودها وقدرتها على إلحاق خسائر موجعة بإسرائيل لتضطر الولايات المتحدة أن تزود إسرائيل بأكثر بطاريات الدفاع الجوي تقدما وهي منظومة ثاد."

واشار إلى تحذير الكاتب من من نزع عملية "طوفان الأقصى" من سياقها وهو أنها حركة تحرر وطني رد فعل لاحتلال استيطاني غاصب، قائلا "رغم شكرنا الجزيل لجنوب إفريقيا على تقدمها بالقضية أمام محكمة العدل الدولية، إلا أنها وقعت في خطأ البدء في مذكرتها بإدانة حماس على العملية الإرهابية، فعملية طوفان الأقصى تتم في سياق المقاومة للاحتلال والتي تقوم بها أي حركة تحرر وطني أخرى".

ورصد الدكتور احمد يوسف تعرض الدكتور عبدالعليم محمد إلى الطابع التحرري لطوفان الأقصى، وأفاض في الحديث عن أن العملية مثلت نقلة نوعية في حركة المقاومة الفلسطينية، مستعرضا مهارة الخداع الاستراتيجي وصمود المقاومة وفشل إسرائيل في تحقيق الهدفين الاستراتيجيين الذين أعلنتهما منذ البداية؛ وهما تحرير أسراها والقضاء على حماس، حيث نفذت عملية نوعية قبل يومين أسفرت عن اربعة قتلى وأحد عشر جريحا مستخدمة متفجرات من بقايا القذائف الاسرائيلية المتطورة.

وعرض الدكتور أحمد يوسف إلى المحاولات التي تناولها الكتاب لإجهاض القضية الفلسطينية؛ بدءا من صفقة القرن وهي المحاولة الاولى لتصفية القضية الفلسطينية، والمحاولة الثانية هي الاتفاقات الإبراهيمية الاسرائيلية والمحاولة الثالثة هي صعود اليمين الاسرائيلي المتطرف ليبدو المشروع الإسرائيلي الاستيطاني سافرا.

وفيما يتعلق بصفقة القرن؛ ذكر الكتاب بمصدرها وهو الولايات المتحدة، وفضح جوهرها وهو الحل الاقتصادي للصراع العربي الاسرائيلي عبر التخطيط لغزة والضفة أن تكونا مثل سنغافورة، عبر فتات يتحمله العرب ذوو الأموال الطائلة، وكأن الرئيس ترامب يريد أن يدفن القضية الفلسطينية بأموال العرب، ولفت الدكتور احمد يوسف إلى فشل صفقة القرن على غرار كل صفقة لا تلبي الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، منوها بأن الكاتب اعتبر  الاتفاقات الإبراهيمية امتدادا لتعويض صفقة القرن، حيث فشل ترامب في إقرار القبول بها، وحاول أن يصل إليها بشكل ملتف. 
ورصد الدكتور أحمد يوسف تطرق الكتاب إلى حرب الوعي ومحاولات تشويه المقاومة الفلسطينية؛ حيث هناك أصوات تحرص على تسفيه المقاومة دون النظر الى تاريخ حركات التحرر الوطني الأخرى، فكل هذه الحركات نجم عنها خسائر بشرية ومادية هائلة ومنها المليون ونصف مليون شهيد في الجزائر، مضيفا "من يقول إن حماس أعطت الذريعة لإسرائيل لكي تقتل وتدمر نقول له إن إسرائيل تقتل وتدمر منذ عام ١٩٤٨، قبل حماس او ظهور مقاومة". 

وعرض الكتاب لسيناريوهات رشيدة لانتهاء الحرب، حيث اوضح الدكتور أحمد يوسف "إلى الآن أقول إن المقاومة مازالت مستمرة وحتى الأيام القليلة الماضية جرت أعمال بطولية في غزة، ولا يتعارض ذلك مع خسارة المقاومة لجولة او اكثر، ومثلها مرت المقاومة الجزائرية للاحتلال الفرنسي ببعض الانكسارات لتصبح بعدها أقوى مما كانت".  

وتعرض الدكتور احمد يوسف لما عرضه الدكتور عبدالعليم من حلول مقترحة، عبر استراتيجيتين؛ أولهما حل الدولة الواحدة وكيف أن الجانب الفلسطيني عرض منذ ثلاثينات القرن الماضي وبعد ذلك طرحته فتح في مطلع الستينات، وطرحته منظمة التحرير في عام ١٩٦٨ وطرحه المجلس الوطني الفلسطيني في عام ١٩٧١.

وقال: "اعتبر هذا حلا مثاليا لكن إسرائيل لا يمكن أن تقبل به لأنه ينفي وجود الدولة الصهيونية وينفي الايدولوجية تماما، والحل الثاني وهو حل الدولتين، ومصدره الشرعية الدولية والمفارقة أن طوفان الأقصى عزز حل الدولتين بشدة إلى درجة أن الولايات المتحدة رفعته كشعار ولكن في الوقت نفسه أصبح أكثر صعوبة من ذي قبل بسبب ما حدث من جرائم إسرائيلية، كما أنه شديد الصعوبة بسبب تغلغل الاستيطان في الضفة الغربية، وأن عدد المستوطنين فيها لا يقل عن ٨٠٠ الف".

وتابع: "نحتاج إلى التأكيد على جدوى المقاومة، وأيضا أن المقاومة المسلحة ليست مستحيلة أمام عملاق عسكري مثل إسرائيل، فقد واجهت الجزائر عملاقا عسكريا وانتصرت بعتاد وعدد محدود.  والفكرة الخبيثة التي زرعها إسحاق رابين باتفاقية أوسلو وأرييل شارون بالانسحاب من طرف واحد من غزة لم توجد للفلسطينيين من وسيلة سوى النضال العسكري".

واستطرد بقوله: "لكل من يظن أن المقاومة خسرت هذه الجولة؛ أقول إن الجولة مازالت مستمرة ولا أنكر أن المقاومة يمكن أن تخسر جولة لكنها تقوم بعدها أقوى مما كانت، والآثار الحقيقية لطوفان الأقصى لن تظهر الآن بفعل التحولات التي حدثت في الرأي العام العالمي، وكذلك التحولات التي حدثت داخل المجتمع الإسرائيلي، فمازالت المقاومة قادرة على إدهاشنا"، مضيفا أن الجزائر وجنوب اليمن تحررتا بالمقاومة المسلحة، والهند حررها غاندي بالمقاومة السلمية وجنوب افريقيا حررها مانديلا بمزيج من المقاومة المسلحة والعصيان المدني.

مقالات مشابهة

  • شاهد | في التوقيت الحرج لكيان العدو الإسرائيلي.. اليمن تضرب يافا وتدعم المفاوض الفلسطيني
  • قوى الأمن الفلسطيني: القصف الإسرائيلي على جنين مخطط له مسبقا لإفشال جهودنا لحفظ الأمن
  • الفصائل الفلسطينية تقصف مقر القيادة الإسرائيلي وسط غزة
  • أستاذ علوم سياسية: طوفان الأقصى نقلة نوعية في المقاومة الفلسطينية
  • الخارجية الفلسطينية تحذر من التحريض الإسرائيلي لنقل حرب الإبادة والتهجير للضفة
  • الخارجية الفلسطينية تحذر مخاطر التحريض الإسرائيلي لنقل الإبادة من غزة إلى الضفة
  • أحمد يوسف أحمد: معاهدة السلام لم توجد تطبيعًا شعبيًا بسبب أصالة الموقف المصري من القضية الفلسطينية
  • مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي
  • الرئاسة الفلسطينية: القيادة سعت منذ اليوم الأول لوقف العدوان الإسرائيلي