عربي21:
2025-01-15@00:45:26 GMT

في البحث عن أكفأ المتعاونين الفلسطينيين

تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT

عبّر الكثير من العرب في الأسابيع الأخيرة عن صدمتهم وذهولهم من فداحة وعنف الحملة القمعية الوحشية التي أطلقتها السلطة الفلسطينية ضد المقاومين الفلسطينيين للاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، والتي سميّت "حماية وطن".

أسفرت الحملة حتى الآن عن مقتل عشرة فلسطينيين، بينهم طفلان، إضافة إلى اعتقال وتعذيب العشرات وتسليم آخرين لقوات الاحتلال الإسرائيلي، كما قامت قوات السلطة بحرق المنازل وتدمير الطرق، وهي تفرض حاليا حصارا على مخيم جنين للاجئين، الذي شهد هجوما إسرائيليا فاشلا قبل بدء حملة السلطة، وقد سبق للإسرائيليين ارتكاب مذبحة في المخيم في عام 2002 للقضاء على مقاومته، أسفرت عن مقتل العشرات.



وبمحاكاة صارخة لممارسات الاحتلال الإسرائيلي، تقوم السلطة الفلسطينية بمنع وصول الغذاء والدواء إلى سكان المخيم، بهدف إخضاعه وردع مقاوميه. وفي تطور مأساوي قامت قوات أمن السلطة الفلسطينية بقتل الصحفية الفلسطينية الشابة شذى صباغ (وهو ما تنفيه السلطة الفلسطينية، رغم اتهام عائلة الصحافية لها بقتلها)، واعتقلت الطبيب قاسم بني غرة، رئيس قسم الطوارئ في مستشفى جنين، والذي تخضعه حاليا للتعذيب. وعلى الرغم من بعض الاحتجاجات والاستقالات التي أعلنها عدد محدود من مسؤولي منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية احتجاجا على قمع السلطة، وبدعم من جيش الاحتلال الإسرائيلي يواصل مرتزقة السلطة الفلسطينية الحملة القمعية لتشمل نابلس وطولكرم. 

بمحاكاة صارخة لممارسات الاحتلال الإسرائيلي، تقوم السلطة الفلسطينية بمنع وصول الغذاء والدواء إلى سكان المخيم، بهدف إخضاعه وردع مقاوميه
في الواقع فإن هذه الممارسات ليست جديدة على السلطة الفلسطينية، التي أنشأتها إسرائيل وياسر عرفات بعد اتفاقيات أوسلو كجهاز أمني يهدف أساسا لقمع أي مقاومة فلسطينية للاحتلال الإسرائيلي، وهي المهمة التي لم تتوانَ السلطة الفلسطينية أو ترعوِ أبدا عن القيام بها. ولعل أكثر حملات القمع شهرة في السنوات الأخيرة كان اختطاف قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية المعارض الفلسطيني نزار بنات وتعذيبه وقتله في عام 2021، والحملة القمعية التي استهدفت التظاهرات السلمية المعارضة لتعاون السلطة مع إسرائيل في ذات الفترة.

يلقي كثيرون باللوم على الرئيس غير المنتخب محمود عباس الذي أصدر الأوامر بحملة القمع الحالية، وكأنه أول من حرّض على القمع. ويستشهد هؤلاء بدفاع عباس سيئ السمعة عن "التنسيق الأمني" بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل الذي اعتبره "مقدسا"، متجاهلين سجل ياسر عرفات في قمع الفلسطينيين المقاومين منذ وصوله إلى غزة في عام 1994.

 ففي تشرين الثاني/ نوفمبر 1994، قتلت شرطة عرفات ما لا يقل عن 13 فلسطينيا أعزلا وجرحت 200 آخرين خلال تظاهرات مناهضة لاتفاقيات أوسلو. وفي أوائل عام 1995، أثناء زيارته لغزة، أشاد نائب الرئيس الأمريكي آنذاك آل غور بعرفات لإنشائه محاكم عسكرية لمحاكمة الفلسطينيين المعارضين لاتفاقيات أوسلو. وقد تلت اتفاقيات أوسلو اتفاقية القاهرة في أيار/ مايو 1994، والتي أنشأت قوة الشرطة الفلسطينية، وهي قوة شرطة قوامها تسعة آلاف عنصر مهمتها الرئيسة "العمل على منع الإرهاب ضد الإسرائيليين في المناطق الخاضعة لسيطرتها". وقد تم تجديد هذا الترتيب "الأمني" وتمديده في اتفاقية أوسلو الثانية في أيلول/ سبتمبر 1995 التي احتُفِل بها في واشنطن العاصمة وباركها الرئيس بيل كلينتون آنذاك وسفير الاتحاد الأوروبي، اللذان ترأسا الحفل، حيث تعاقد نظام الفصل العنصري الإسرائيلي مع الشرطة الفلسطينية بتكليف الأخيرة بـ"المسؤولية عن النظام العام والأمن الداخلي" فيما أطلق عليه "المنطقة أ" من الضفة الغربية.

موّلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هذه القوة القمعية ودربتها منذ تأسيسها وحتى اليوم. ومع ذلك، فقد أصيب مدربو وممولو هذه القوات الأمنية في الاتحاد الأوروبي "بالصدمة والحزن" عندما قتلت السلطة نزار بنات في عام 2021، كما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية حينها أن واشنطن "منزعجة": "لدينا مخاوف جدية بشأن القيود التي تفرضها السلطة الفلسطينية على ممارسة حرية التعبير من قبل الفلسطينيين ومضايقة نشطاء ومنظمات المجتمع المدني".

أما هذه المرة، ورغم استمرار حملات القمع والقتل اللذان تمارسها السلطة الفلسطينية، التي ما فتئت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تمولانها وتحفزانها على مواصلة قمعها للفلسطينيين، لم تظهر الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أي شعور بـ"الصدمة" ولا يبدو أنهما "منزعجان" على الإطلاق. يبدو أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد انخراطهما المباشر ومشاركة إسرائيل في ارتكاب الإبادة الجماعية في غزة، لم يجدا ما يستدعي النفاق والتورية الإعلامية والمراوغة السياسية التي ميزت تصريحاتهما السابقة.

ولتحسين أداء مرتزقتها ودعم قدراتها القمعية ومواصلة حصارها الممتد منذ أسابيع لمخيم جنين للاجئين، طلبت السلطة الفلسطينية المزيد من الدعم المالي من الولايات المتحدة الأمريكية. ففي منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، طالبت السلطة الفلسطينية من الولايات المتحدة بمبلغ 680 مليون دولار "لتعزيز تدريب قواتها الخاصة وتعزيز إمداداتها من الذخيرة والمركبات المدرعة". وفي الوقت نفسه، مارس الأمريكيون ضغوطا على الإسرائيليين لنقل بنادق الكلاشنيكوف والذخيرة والسيارات المدرعة إلى قوات السلطة الفلسطينية بهدف دعم عمليات القمع. ومع ذلك، ورغم دعمها لهذه الجهود القمعية، امتنعت إسرائيل عن تقديم هذه الإمدادات.

منذ بداية الاحتلال البريطاني لفلسطين في كانون الأول/ ديسمبر 1917، لم يحدث نقص في أعداد المتعاونين الفلسطينيين مع المحتلين الأجانب لبلادهم. وهذه الظاهرة ليست فريدة من نوعها أو حالة استثنائية، بل لطالما كانت القاعدة في جميع أنحاء العالم المستعمَر ــ امتدادا من المستعمرات الاستيطانية كنيوزيلندا والجزائر وتونس والمغرب وكينيا، وجنوب أفريقيا وروديسيا وناميبيا وأنغولا وموزمبيق وإندونيسيا، وصولا إلى المستعمرات والمحميات والبلدان المنتدبة مثل الهند وكوريا وفيتنام وسوريا والعراق والأردن ومصر والفلبين وماليزيا.. إلخ.

يبدو أنه لا يوجد توافق تام حتى الآن بين النخب وصناع القرار في الولايات المتحدة حول الطرف الفلسطيني الذي ستحظى خدماته بثقة الولايات المتحدة وإسرائيل، أو أي الدول العربية ستُكلف بمهمة الإشراف على أدائه جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة وإسرائيل. ويبدو أن هناك العديد من الخيارات المتاحة
في ظل التعزيز المستمر للاستعمار الاستيطاني الصهيوني والإبادة الجماعية الإسرائيلية التي تمارسها إسرائيل بحق الفلسطينيين، تعمل الولايات المتحدة، الراعي الرئيس لنظام الفصل العنصري الإبادي الإسرائيلي، على إعادة تقييم عملائها من بين المتعاونين الفلسطينيين الكُثُر الذين يعرضون خدماتهم عليها، وعلى إسرائيل لاختيار الطرف الفلسطيني الأنسب لمواصلة مهمة قمع المقاومة الفلسطينية.

وقد أدت هذه المراجعات إلى انتشار حالة من الذعر في أوساط السلطة الفلسطينية، التي تسعى جاهدة لإثبات قدرتها على تنفيذ هذه المهام ولإقناع الإدارة المقبلة بقيادة دونالد ترامب بجدارتها في الاستمرار في مهمتها. ومع ذلك، لا يزال ترامب، شأنه شأن جو بايدن، غير واضح في مسألة التقييم، ويبدو أنه يحمل نوايا غير مريحة بالنسبة للسلطة الفلسطينية، تتضمن خططا بديلة في حال تطلب الأمر ذلك. ومن بين هذه الخطط، تهميش السلطة الفلسطينية تماما والتعاقد مع جهات عربية مثل دولة الإمارات العربية المتحدة وبعض الشخصيات الفلسطينية المرتبطة بها، ومن بينها محمد دحلان، المسؤول السابق في السلطة الفلسطينية.

ولكن يبدو أنه لا يوجد توافق تام حتى الآن بين النخب وصناع القرار في الولايات المتحدة حول الطرف الفلسطيني الذي ستحظى خدماته بثقة الولايات المتحدة وإسرائيل، أو أي الدول العربية ستُكلف بمهمة الإشراف على أدائه جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة وإسرائيل. ويبدو أن هناك العديد من الخيارات المتاحة، بعضها تم اقتراحه منذ بدء الإبادة الجماعية الإسرائيلية التي ترعاها الولايات المتحدة للفلسطينيين في غزة في عام 2023.

وقد تم اقتراح الأردن ومصر وقطر والإمارات العربية المتحدة وحتى المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة في خطط مختلفة، كجزء من الفريق لحكم و/أو تمويل حكم غزة، مع أو بدون السلطة الفلسطينية بعد هزيمة الإسرائيليين لحماس، وهو هدف عسكري إسرائيلي غدا أكثر فأكثر سرابا وبعيد المنال بالنسبة للجيش الإسرائيلي الإبادي. من جانبهم، يقترح الإسرائيليون أنفسهم كالحاكم والمحتل الأوحد لغزة ما بعد حماس.

أرسلت بعض الدول العربية المتحالفة مع إسرائيل والولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية مؤخرا؛ رسائل سرية إلى السلطة الفلسطينية تحذرها من أن حملتها القمعية قد تأتي بنتائج عكسية تؤدي إلى الإطاحة بالسلطة الفلسطينية نفسها
من جهته، أوضح ترامب في ولايته الأولى، من خلال ما سمّاها "صفقة القرن"، أن وجود طبقة سياسية فلسطينية ليس أمرا ضروريا. وبدلا من ذلك، ركزت رؤيته على تعزيز القوة الأمنية الفلسطينية التي تعمل لخدمة الاحتلال، ودعم طبقة رجال الأعمال الفلسطينيين لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل. وقد يقرر ترامب في ظل الإبادة الجماعية الأمريكية-الإسرائيلية الحالية أنه حان الوقت لتنفيذ خطته هذه بالكامل.

وفي ضوء هذه المعطيات، يتسابق أعضاء الطبقة السياسية في السلطة الفلسطينية لإثبات كفاءتهم، تخوفا من أن يتم تقويضها نهائيا بعد اعتلاء ترامب السلطة في ولايته الثانية. كما يدور التنافس داخل السلطة نفسها، حيث يتصارع بعض قيادييها لإظهار أنهم البديل الأنسب لخلافة عباس.

أما على الجانب الآخر، فإن طبقة رجال الأعمال الفلسطينيين تواصل جني مكتسباتها من اتفاقية أوسلو، من خلال تعزيز شراكاتها مع الشركات الإسرائيلية، وكذلك الخطط التي تهدف إلى تربح هذه الطبقة من غزة ما بعد حماس.

وفي خضم الإبادة الجماعية، شارك محمود عباس بنفسه في اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في المملكة العربية السعودية في نيسان/ أبريل 2024، لضمان استمرار الاستثمارات في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد حماس، اللتين تخضعان لنظام الفصل العنصري الإبادي الإسرائيلي.

في الوقت ذاته، أرسلت بعض الدول العربية المتحالفة مع إسرائيل والولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية مؤخرا؛ رسائل سرية إلى السلطة الفلسطينية تحذرها من أن حملتها القمعية قد تأتي بنتائج عكسية تؤدي إلى الإطاحة بالسلطة الفلسطينية نفسها. ومع ذلك، فإن هذا المصير المحتمل سيبقى مرهونا بقرار ترامب بشأن أي الفلسطينيين، مع توافر العديد من المتعاونين المحتملين، سيتم اختياره (إن قرر اختيار فلسطينيين للمهمة أصلا) كالأفضل لتنفيذ مهام قمع الفلسطينيين نيابة عن العدو الإسرائيلي المبيد للفلسطينيين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه السلطة الفلسطينية الإسرائيلي أوسلو محمود عباس إسرائيل امريكا فلسطين محمود عباس السلطة مقالات مقالات مقالات رياضة مقالات سياسة سياسة رياضة اقتصاد سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة وإسرائیل الاحتلال الإسرائیلی السلطة الفلسطینیة الإبادة الجماعیة الدول العربیة مع إسرائیل یبدو أنه یبدو أن ومع ذلک فی عام

إقرأ أيضاً:

السلطة الفلسطينية تؤكد دعمها الوحدة الترابية للمملكة المغربية من طنجة إلى الكويرة

زنقة 20. الرباط

أكد الفريق جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح الفلسطينية، دعم الوحدة الترابية للمملكة المغربية في تصريحات جديدة خلال لقاء جمعه بسفير المغرب لدى دولة فلسطين، عبد الرحيم مزيان، يوم الخميس 9 يناير 2025، بمدينة رام الله.

وناقش الجانبان خلال اللقاء سبل تعزيز التعاون الثنائي بين المغرب وفلسطين على مختلف الأصعدة، وخاصة في مجالات الشباب والرياضة والكشافة، بما يشمل تبادل الوفود بين البلدين. وأشاد الرجوب بالدور الذي تلعبه المملكة المغربية بقيادة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، في الدفاع عن القضية الفلسطينية.

وفي سياق حديثه، هنأ الرجوب المغرب على نجاحه في نيل شرف استضافة كأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، مشيرًا إلى الإمكانات الكبيرة التي يمتلكها المغرب من “طنجة إلى الكويرة”.

هذا التصريح يحمل دلالة واضحة على دعم الرجوب للوحدة الترابية للمملكة المغربية ومغربية الصحراء، وهو ما اعتبره مراقبون رسالة مباشرة لأطراف تسعى لتقويض هذه الوحدة.

وتأتي التصريحات الأخيرة للمسؤول الفلسطيني لتصحيح مسار الجدل الذي أثير حول تصريحات سابقة أدلى بها الرجوب في الجزائر خلال يوليوز 2023، والتي أُسيء فهمها من قبل بعض الأوساط الجزائرية كمعارضة لموقف المغرب في قضية الصحراء. وقد أشار مراقبون إلى أن الرجوب أرسل من خلال تصريحه الأخير رسالة مفادها أن موقفه ثابت في دعم السيادة المغربية على كامل أراضيها.

إلى ذلك يبرز هذا اللقاء عمق العلاقات المغربية الفلسطينية ورغبة الطرفين في تعزيز التعاون في مختلف المجالات. كما يعكس الالتزام المتبادل بدعم القضايا الوطنية لكل منهما، وهو ما يفتح آفاقًا جديدة للشراكة بين المغرب وفلسطين.

مقالات مشابهة

  • السلطة الفلسطينية: لم نتلق أي تفاصيل عن مفاوضات صفقة غزة قبل اليوم
  • السلطة الفلسطينية ترفض إدارة مشتركة مع حماس لقطاع غزة
  • شاهد | واقع السلطة الفلسطينية .. كاريكاتير
  • السلطة الفلسطينية تؤكد دعمها الوحدة الترابية للمملكة المغربية من طنجة إلى الكويرة
  • السلطة الفلسطينية تدفع 70% من رواتب موظفيها عن نوفمبر
  • صحيفة عبرية: إسرائيل تستولي على مليارات الدولارات من الفلسطينيين في مناورة ديون صادمة قادها سموتريتش
  • إعلام عبري: إسرائيل تستولي على مليارات الدولارات من الفلسطينيين
  • إسرائيل تقتطع نصف مليار دولار من عوائد الضرائب الفلسطينية
  • كاتب إسرائيلي: آن أوان معاملة السلطة الفلسطينية كعدو