رئيس الحكومة اللبناني المكلف: يداي ممدودتان الى جميع الأفرقاء في لبنان للانطلاق في مهمة الإنقاذ
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
بيروت - أكد رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نواف سلام الثلاثاء 14 يناير2025، أن يديه "ممدودتان" الى جميع الأفرقاء للانطلاق في "مهمة الإنقاذ والإصلاح"، متعهدا غداة نيله تأييد غالبية نيابية باستثناء حزب الله وحليفته حركة أمل، ببسط سلطة الدولة على كامل الاراضي اللبنانية.
وفي أول كلمة عقب وصوله الى بيروت ولقائه رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس البرلمان نبيه بري، قال سلام للصحافيين من القصر الرئاسي، "أصغيت بالأمس إلى بعض الهواجس التي أثيرت.
وتابع "هذه دعوتي الصادقة ويداي الاثنتان ممدودتان للانطلاق سويا في مهمة الانقاذ والاصلاح وإعادة الإعمار".
وكلف عون الإثنين سلام برئاسة الحكومة، بعد نيله تأييد 84 نائبا من إجمالي 128 من أعضاء البرلمان، في تطوّر يؤكد التغيير الحاصل في المشهد السياسي نتيجة تراجع موقع حزب الله الذي كان يتحكّم بمفاصل الحياة السياسية في البلاد.
وامتنع نواب حزب الله وحركة أمل عن تأييد سلام. وأعرب رئيس كتلة الحزب البرلمانية النائب محمّد رعد الإثنين عن "أسفنا لمن يريد أن يخدش إطلالة العهد التوافقية مرة جديدة".
وتابع "الآن نقول بكل بساطة وبكل هدوء أعصاب، من حقهم أن يعيشوا تجربتهم ومن حقنا أن نطالب بحكومة ميثاقية، لأن أي سلطة تناقض العيش المشترك لا شرعية لها"، في إشارة واضحة الى قبول الحزب بالأمر الواقع وتمسكه بأن يشارك في عضويتها.
ولا يعني تكليف رئيس حكومة جديد أنّ ولادة هذه الحكومة ستكون قريبة، إذ غالبا ما استغرق تشكيل الحكومات في لبنان أسابيع أو حتى أشهرا بسبب الانقسامات السياسية العميقة.
وجاء انتخاب عون رئيسا ثم تسمية سلام رئيسا للحكومة بعد أسابيع من وقف لإطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل أنهى حربا مدمرة. وينصّ الاتفاق على انسحاب إسرائيل من مناطق دخلتها في الجنوب، والالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الصادر في العام 2006 والذي من بنوده ابتعاد حزب الله عن الحدود، ونزع سلاح كل المجموعات المسلحة في لبنان وحصره بالقوى الشرعية دون سواها.
وقال سلام "أهم التحديات التي نواجهها اليوم هي التصدي لنتائج العدوان الأخير"، بعدما دمّر أجزاء في جنوب البلاد وشرقها وفي الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأوضح أن "إعادة الاعمار ليست مجرد وعد، بل التزام وهذا يتطلب العمل الجاد على التنفيذ الكامل للقرار 1701 وكافة بنود اتفاق وقف إطلاق النار، وفرض الانسحاب الكامل للعدو من آخر شبر محتل من أراضينا".
وأضاف "لا أمن ولا استقرار لبلادنا دون ذلك، وهذا يقتضي العمل أيضا على بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بواسطة قواها الذاتية".
وعلى وقع الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان منذ خريف 2019، وعجز السلطات المتلاحقة عن تنفيذ الإصلاحات الملحة لبدء مرحلة التعافي، تعهد سلام بـ"وضع برنامج متكامل لبناء اقتصاد حديث ومنتج". وتعهد كذلك "بإنصاف ضحايا انفجار مرفأ بيروت" المدمر في 4 آب/أغسطس 2020 والعمل لـ"تحقيق العدالة"، بعدما أعاقت التدخلات السياسية تقدم التحقيق القضائي.
ودعا القوى السياسية الى التعاون لبدء "فصل جديد" بمعزل عن التدخلات الخارجية. وقال "كان لكل منا رهان على خارج ما والتجربة علمتنا أن الرهان الصحيح الوحيد هو الرهان على وحدتنا وعلى تعاوننا".
Your browser does not support the video tag.المصدر: شبكة الأمة برس
إقرأ أيضاً:
هل ينقل حزب الله المعركة إلى الداخل اللبناني؟
شهد لبنان قبل أيام صداماً بين قوات الجيش اللبناني ومجموعة من حزب الله اللبناني بعد منع السلطات اللبنانية طائرات قادمة من إيران من الهبوط في مطار بيروت الدولي، وزادت وتيرة أعمال العنف إثر قيام عدد من الشبان بمهاجمة موكب تابع لقوات "اليونيفيل" على طريق المطار القديم في محيط "الكوكودي" وقد جرى إحراق ثلاث سيارات تابعة للموكب، فيما تدخلت قوة من الجيش لتفريقهم.
منذ اتفاقية إنهاء الحرب في جنوب لبنان، ودخول الجيش اللبناني مرحلة التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701 الذي صدر في عام 2006، الذي نص على إبقاء جنوب لبنان خاليا من الأسلحة، وفي الجلسة رقم 5511 جاء في مخرجاتها وقف الأعمال القتالية في لبنان، ووضع نهاية للحرب الثانية بين إسرائيل ولبنان التي استمرت 34 يوما آنذاك، وتسببت في سقوط المئات من الضحايا والجرحى. أمميا، رحب بجهود رئيس وزراء لبنان حينها فؤاد السنيورة، و"التزام الحكومة بخطتها المؤلفة من سبع نقاط، لبسط السيطرة على الأراضي اللبنانية، من خلال القوات المسلحة، بحيث لا يكون هناك سلاح دون موافقة حكومة لبنان، ولا سلطة غير سلطة حكومة لبنان."يبدو أن الاتفاق الذي أبرم مؤخراً بين حزب الله وإسرائيل عبر الوسطاء أرادت إسرائيل منه إبقاء حالة التوتر في الجنوب قائمة، فسريعاً ما تبدلت الأدوار وحل الجيش اللبناني ليكون في الواجهة مع عناصر من حزب الله. وما جرى من مظاهرات واحتجاجات أمام مطار بيروت قبل أيام دليل على أن أطراف الصراع قد تبدلوا. فلبنان الذي لم يهدأ منذ ساعة ولادته حتى اليوم سيبقى هكذا مهد الصراعات والحروب، ناهيك عن المشكلة الداخلية التي تعصف به بين الحين والآخر، فوجود إسرائيل على حدوده الجنوبية معضلة أخرى سوف يبقى بلد الأرز يقاسيها.
ونمضي في قوائم التصنيف الأيديولوجي والديني كما أسلفت في مقالات سابقة حيث يعلن حزب الله في أدبياته أنه حزب عقائدي وغير طائفي، وعلى الرغم من أن عقيدته تنطلق من عقيدة الشيعة الإمامية، أي من عقيدة فرقة من فرق الإسلام، وعلى وجه أخص من الالتزام بولاية الفقيه العامة أو المطلقة، فإنه يراهن في خطابه الأيديولوجي على محور المقاومة الإسلامية، كمحور جاذب لقوى غير شيعية، عربية قومية ويسارية وإسلامية عموماً، وعلى الحرص على أداء دور وطني لبناني من خلال الحرص على الوحدة الداخلية.
ومن هذا المنطلق، دخل حزب الله معترك الحياة السياسية اللبنانية من بابين: من باب الطائفية السياسية التي لا بد منها لممارسة السياسة في لبنان، ومن باب العقيدة الدينية التي يعتبرها في أساس نظرية الحزب. لكن الفلسفة التي قام عليها الحزب لا تشكل خطراً كبيراً على إسرائيل. هناك إجماع على أن حزب الله هو أداة بيد طهران، ولو عدنا إلى ما بعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) ودخول حزب الله المعركة مع إسرائيل نكاد نجزم بأن دخوله جاء بناء على أوامر من طهران كجبهة مساندة، وقتها لم تكن هناك مؤشرات أو خروقات بين الطرفين أي بين حزب الله وإسرائيل، لكي يحارب نصرالله إسرائيل. لهذا كان وجود حزب الله على خطوط التماس مع إسرائيل خدمة لإيران وليس خدمة للبنان الذي ما زالت بعض أراضيه محتلة من قبل إسرائيل.
فإذا أضفنا إلى هذا كله ما وصل إلينا حتى الآن من أحداث جرت في الأيام القليلة السابقة، فالمشهد القادم وأقصد ما جرى داخل لبنان لا يبشر بخير. وأن نقل المعركة إلى الداخل اللبناني وارد جدا، الإرهاصات تشير إلى ذلك. لهذا وجب على حزب الله أن يدرك بأن ليس من مصلحته أن يعود لبنان إلى المربع الأول وهو عودة الفوضى والاقتتال الداخلي في ظل وجود أطماع إسرائيلية تتمثل في الدخول إلى الليطاني والوصول إلى مياهه. هكذا يجب أن يُبنى المشهد القادم، وعليه يجب ترك الجيش مسيطراً على الجنوب لقطع أي فرصة من قبل إسرائيل لتنال من سيادة لبنان.
ما يمكن بناؤه على ما تقدم هو أن مقتل الحريري شكل ضربة شبه قاتلة للتوازن القائم في لبنان بعد عام 1990. كان مقتله أول وأقوى زلزال في عملية التوازن بين السنّة والشيعة، والتي نجحت سوريا في إدارتها حتى ذلك الحين. كما أن اغتياله أنهى الإشراف السوري على بنية الحكم الذي كان سائداً حتى ذلك الوقت في لبنان. وفي هذا السياق، أسفر اغتيال الحريري عن موت اتفاق الطائف سريرياً.