ركن البادية رحلة إلى الأصالة والتراث في ليالي مسقط بمتنزه العامرات
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
يبرز "ركن البادية" ضمن فعاليات مهرجان "ليالي مسقط" في إحدى زوايا متنزه العامرات، ليأخذك في رحلة إلى جانب من حياة الأصالة والتراث، حيث تفوح رائحة القهوة العمانية التقليدية التي يصنعها صاحب العزبة صالح بن ناصر السنيدي بمهارة وإتقان، حين يُحمّص البن والهيل على نار هادئة، وسط إشعال الضوء أو النار، مما يضيف جمالاً ودفئاً على المكان لافتةً أنظار الزوار والسياح، حيث تجد البعض يتذوق القهوة بشغف، بينما ينشغل آخرون بتوثيق المشهد البدوي الساحر بالكاميرات، مستمتعين بأجواء المجلس -الذي يعكس كرم الضيافة العمانية- ولشدو الفنون الشعبية العمانية التي يتغنى بها أهل البادية، مستطربين بلحن الربابة الحزين.
كما شهد "ركن البادية" حضورًا لافتًا للمجلس الأدبي للشعر والموروث الشعبي، حيث قدم أبرز الشعراء الشعبين والفنانين لوحات فنية تراثية عكست جمال الموروث العماني، فقد تألق الشاعر محمد بن حميد الحارثي بفن التغرود، بينما أبدع عبيد بن ناصر الحجري في فن الطارج والنشدان (وهو جمع نشيد)، وشارك عبدالله بن عامر الغنيمي بفن الرزحة والتغرود، ليضيفوا أجواء من الحماس والحياة إلى المكان، أما القصائد الشعبية، فقد كان لها حضور مميز بصوت سليم بن مبارك الحارثي، فيما قدم طلال بن سالم الخنجري فن الميدان.
أدار جلسة الشعر والموروث الشعبي الشاعر أحمد بن خلفان الغسيني، الذي ربط بين الفنون التراثية المختلفة، مضيفًا براعته في حفظ الكثير من القصائد التي اقترحها على الشعراء ليستذكروها جميعا وتطرب أذن الحضور.
وأكد ربيع بن ملاح الهديفي، نائب رئيس المجلس الأدبي للشعر والموروث الشعبي، أن المجلس تأسس في عام 2022 وتم إشهاره رسميًا في مارس 2023، ويضم أكثر من 30 عضوًا من الشعراء والإداريين من مختلف ولايات ومحافظات سلطنة عمان الذين يسعون جاهدين لتنظيم وتسيير أنشطة المجلس بما يخدم الموروث العماني ويعزز حضوره.
وأشار الهديفي إلى أن المجلس قد نظم العديد من الملتقيات والفعاليات في معظم ولايات السلطنة، إضافة إلى عقد جلسات شهرية تتناول شروحات موسعة حول العادات والتقاليد والسنن والأعراف العمانية، مما يعكس اهتمام المجلس بالحفاظ على الهُوية الثقافية العمانية، كما يحرص المجلس على جذب جميع الفئات العمرية، حيث تحضر الجلسات الأسر والعائلات من كبار السن والشباب والصغار، بهدف تبادل المعرفة والاستفادة المتبادلة.
وأوضح الهديفي أن من أبرز أهداف المجلس هو إبراز الفنون الشعرية والتراثية العمانية بما فيها الألعاب الشعبية، والبحث عن الشعراء الشعبيين، إضافة إلى التعمق في أعمال الشعراء القدامى بهدف حفظ إرثهم الأدبي، موضحاً أن المجلس يهدف إلى إصدار كتب توثق هذا الموروث الثقافي، لتفادي اندثاره وضمان نقل هذا التراث الثمين إلى الأجيال القادمة.
فمشهد "ركن البادية" في "ليالي مسقط" لا يقتصر على كونه عرضًا ثقافيًا للتراث، بل محطة يوجد فيها الزائر نفسه لصناعة مشهد من الذكريات التي عاشها الآباء والأجداد وتعكس روح الثقافة العمانية الأصيلة.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
شعار الشراكة.. بين الأصالة والطموح المستقبلي
سهام بنت أحمد الحارثية
harthisa@icloud.com
عندما نتأمل الشعار الجديد لسلطنة عُمان، نجدُ أنه ليس مجرد تصميم بصري؛ بل هو انعكاس لقصة طموحة ومتجددة تتماشى مع رؤية "عُمان 2040"؛ فالألوان الجريئة، والأشكال الهندسية المتنوعة، والجمع بين الخط العربي واللاتيني، كلها عناصر تعكس رسالة عميقة تُعبِّر عن هوية عُمان وتطلعاتها المستقبلية.
ويظهر في الشعار استخدام الألوان الحيَّة كالأحمر والبنفسجي والأزرق الفاتح، وهي ألوان تعبر عن التنوع والحيوية، هذه الألوان قد تعكس الطابع الشاب لعُمان وانفتاحها على الابتكار والتجديد، بما يتماشى مع رؤية "عُمان 2040" التي تهدف إلى بناء اقتصاد قائم على التنوع والابتكار، أما التصميم الدائري المكون من أشكال هندسية متناثرة فيُعبر عن الوحدة في التنوع، ويمكن تفسيره كرمز للشراكة بين مكونات المجتمع، وبين القطاعات المختلفة التي تسعى إلى العمل معًا لتحقيق التنمية، كما أن هذه الأشكال قد تُمثل الأبواب أو النوافذ المفتوحة، في إشارة إلى الانفتاح على فرص جديدة، سواء داخل السلطنة أو على المستوى العالمي.
والعامل الجاذب هو استخدام الخط العربي بجانب الخط اللاتيني الذي يُعبر عن اعتزاز السلطنة بتراثها العريق وهويتها الأصيلة، في الوقت نفسه الذي ترسل فيه رسالة واضحة عن الانفتاح على العالم، هذا المزج يعكس بشكل مباشر جوهر رؤية عُمان 2040، التي تسعى إلى تحقيق التوازن بين الأصالة والحداثة، وبين الهوية المحلية والعالمية.
الشعار بشكل عام يترك مجالًا واسعًا للتأويل، وهو ما يُعتبر ميزة تصميمية تُعزز من قيمته فالبعض قد يرى فيه انعكاسًا للحداثة والانفتاح، بينما قد يعتبر آخرون أنَّه يفتقر إلى المزيد من العناصر التي تعكس الطابع التراثي لعُمان وهذه الآراء المختلفة تجعل الشعار أداة ديناميكية قادرة على التواصل مع شرائح متنوعة من الجمهور.
لذلك فقد يتجاوز الشعار كونه مجرد هوية بصرية إلى كونه تمثيلًا لرؤية عُمان 2040 الطموحة، التي تسعى إلى تحقيق تنمية مستدامة، وتنوع اقتصادي، وشراكة بين ماضي البلاد ومستقبلها. الشعار الجديد يدعو الجميع إلى التفكير والعمل معًا لتحقيق هذه الرؤية، مما يجعله أكثر من مجرد رمز، بل رسالة وطنية مُلهمة.
هذا التنوع في الآراء حول الشعار يعكس قوة التصميم وقدرته على إثارة الحوار، مما يعزز من دوره كأداة لبناء الهوية الوطنية وتجسيد الطموحات المستقبلية لعُمان.