تقرير: اليمن ضمن أكثر الدول العربية تضررا من أزمة الحبوب بين روسيا وأوكرانيا
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
يمن مونيتور/قسم الأخبار
أعلنت روسيا في 17 يوليو/تموز الماضي انسحابها من اتفاقية تصدير الحبوب عن طريق البحر من أوكرانيا بعد اتفاق توسّطت فيه الأمم المتحدة وتركيا.
ودخل العالم في حالة من القلق إثر أزمة الحبوب التي جاءت بعد انسحاب روسيا من الاتفاق، واستهداف مواني التصدير الرئيسية، واتّسعت دائرة القلق لتشمل الأرز وتخوفات نقص المعروض العالمي وارتفاع سعره، وسط حظر متتالٍ من الدول لتصديره، على رأسها الهند أكبر مصدّر في العالم، ومن بعدها الإمارات التي تعدّ مركزاً لتجارة الترانزيت في المنطقة العربية.
ونقل موقع قناة ـTRT عربي التركية عن خبراء ومتخصصين قولهم: إنّ عدة دول عربية تأثّرت بالأزمة بعد أن أُجبرت على شراء الحبوب بأسعار مرتفعة نتيجة ارتفاع كلف الشحن والتأمين إلى جانب نقص المورّد إليها، الأمر الذي أحدث طوابير من المواطنين أمام المخابز للحصول على الخبز.
وأشاروا إلى أنّ أكثر الدول المتضررة هي مصر ولبنان وتونس والأردن واليمن، إذ عملت دول منها على رفع طاقتها التخزينية وبدأت بالبحث عن البدائل، وزادت مخزونها الاستراتيجي في وقت ضيق من خلال اللجوء إلى المنح والمساعدات.
ويقول الخبير الزراعي والناطق باسم وزارة الزراعة الأردني السابق نمر حدادين إنّ ارتفاع الأسعار في ظل هذه الأزمة وصل إلى مستوى لا يتحمله بعض الدول المستوردة، خصوصاً الفقيرة، وهو ما ينعكس على الأوضاع الاقتصادية للمواطنين.
ويضيف حدادين في حديثه مع TRT عربي أنّ سلاسل التوريد تعطّلت وحدثت بها اختلالات، الأمر الذي زاد كلفة الشحن والتأمين وسبّب أزمات متتالية للدول المستوردة، مشيراً إلى أنّ أمد الأزمة قد طال.
ويطرح حدادين مثالاً على تضرر الدول العربية قائلاً: “مصر وحدها تستهلك سنوياً ملايين الأطنان من القمح، ومع وجود أزمة الحبوب وتوقّف الإمداد بات الحصول على رغيف خبز أمراً ليس سهلاً”.
مستويات الجوع زادت عن وقت كورونا
ووفقاً لتقرير صدر عن البنك الدولي نهاية الشهر الماضي فإنّ مؤشّرات أسعار المنتجات الزراعية والحبوب ارتفعت بنسبة 6% و4% و10% على التوالي.
وكانت الزيادة في أسعار الذرة والقمح بنسبة 12% و14% على التوالي بعد تراجعها في النصف الأول من يوليو/تموز سبباً في الزيادة في مؤشر أسعار الحبوب، فيما ظلت أسعار الأرز مستقرة.
ومقارنة بأسعار يناير/كانون الثاني 2021 فقد ارتفعت أسعار الذرة والقمح والأرز بنسبة 8% و11% و3% على التوالي، حسب نفس التقرير.
وسلّط التقرير الضوء على الجوع وانعدام الأمن الغذائي في العالم والتحديات والفرص التي تصاحب التوسع الحضري في سياق أنظمة الأغذية الزراعية، إذ ظل قياس مستويات الجوع على مستوى العالم وفق معدل انتشار سوء التغذية دون تغيير نسبياً في الفترة من 2021 إلى 2022.
لكنّ التقرير يشير إلى أنّ مستويات الجوع على مستوى العالم لا تزال أعلى بصورة كبيرة مقارنة بفترة ما قبل جائحة كورونا.
أزمة مقلقة ومتفاقمة
ويرى الخبير بالأمن الغذائي وائل منصور أنّ وقف اتفاقية الحبوب سوف يعوق بشدة التقدم نحو التخفيف من أزمة الغذاء في الشرق الأوسط، وتحديداً في اليمن ومصر والأردن ولبنان وشمال إفريقيا، موضحاً أنّ استمرار الصراع يعني مزيداً من نقص الغذاء.
وينوّه منصور في حديثه مع TRT عربي بأنّ اليمن يستورد 40% من احتياجاته من القمح من روسيا وأوكرانيا، ومصر تستورد قرابة 60%، وتونس 70%، والأردن نحو 10%، ولبنان 30%.
ويضيف أنّ المؤشرات الاقتصادية الحالية تُظهِر أزمة مقلقة ومتفاقمة في حالة هذه البلدان لأنّ القطاعات الغذائية فيها ضعيفة، مشيراً إلى أنّ عدم الاستقرار الاقتصادي ومحدودية الزراعة المحلية والافتقار إلى احتياطيات من الحبوب ستؤدي إلى تفاقم أزمة الغذاء.
ويشدّد خبير الأمن الغذائي على أهميّة أن تنشئ الدول العربية مراكز غذائية جماعية ومراكز تخزين وتوزيع إقليمية لوجستية توفّر الاحتياجات وتحفظ المخزونات لتلافي أي أزمات في المستقبل، مضيفاً أنّه “لا بدّ من تدعيم السياسات الزراعية في هذه الدول لسدّ جزء من احتياجها، وتسهيل آليات استغلال الأراضي وزراعتها”.
ويختم منصور حديثه قائلاً إنّ اتفاقية الحبوب الدولية هي بوصلة الأمن الغذائي العالمي، و”على المجتمع الدولي إعادة تفعليها لضمان استمرار سلاسل التوريد، ومنع وقوع مزيد من المجاعات واتساع رقعة الجوع في العالم”.
مصر على رأس القائمة
وتشير الأرقام المنشورة على موقع الأمم المتحدة إلى أنّ مصر تأتي في مقدمة دول الشرق الأوسط التي تعتمد على استيراد الحبوب من روسيا وأوكرانيا، بما يساوي 23 مليار دولار في الفترة بين عامَي 2016 و2020.
وتليها السعودية بمبلغ 17 مليار دولار في الفترة نفسها، ، ثم المغرب بمبلغ 8.7 مليار دولار، والإمارات بـ6.1 مليار دولار، والجزائر بمبلغ 5.5 مليار دولار في الفترة بين عامَي 2016 و2017، ثم تونس والسودان والأردن واليمن وليبيا وفلسطين والكويت وقطر وعمان.
ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، ومنذ توقيع اتفاقية الحبوب في يوليو/تموز 2022 تصدرت مصر قائمة الدول العربية المستوردة للحبوب بنحو 998 ألف طن من الذرة، و418 ألف طن من القمح، و131 ألف طن من حبوب الصويا، بالإضافة إلى 4.6 ألف طن من حبوب وزيت عباد الشمس.
واستورد لبنان 54 ألف طن من الذرة و34 ألف طن من القمح، وليبيا 111 ألف طن من الشعير و391 ألف طن ذرة و53 ألف طن قمح، فيما اشترت المغرب 100 ألف طن وجبة عباد الشمس، و11 ألف طن بذور عباد الشمس، حسب بيانات الأمم المتحدة.
كما حصلت تونس على 384 ألف طن ذرة و222 ألف طن قمح و99 ألف طن شعير، واليمن 259 ألف طن قمح، واستملت السعودية 180 ألف طن من القمح و62 ألف طن من الذرة، والجزائر 212 ألف طن من القمح، ووصل العراق إلى 38 ألف طن من الذرة، والأردن 5 آلاف طن من الشعير.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الحبوب اليمن روسيا ألف طن من القمح الدول العربیة الأمم المتحدة ملیار دولار فی الفترة إلى أن
إقرأ أيضاً:
نداء إلى ضمير العالم.. فيليب لازاريني: «الأونروا» في أزمة وجودية.. والفلسطينيون في وضع محفوف بالمخاطر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
على مدى 75 عامًا، كانت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) بمثابة شريان حياة لملايين الفلسطينيين، حيث تقدم التعليم والرعاية الصحية والخدمات الأساسية. ومع ذلك، حسبما يحذر فيليب لازاريني، المفوض العام للوكالة، فإن الأونروا تواجه تهديدًا وجوديًا، ليس كاستنتاج طبيعي ولكن من التفكيك المتعمد، مدفوعًا بأجندات سياسية.
وكتب لازاريني مقالًا يشرح فيه الموقف جاء فيه: قد يؤدي التشريع الأخير الذي اقترحه البرلمان الإسرائيلي إلى شل عمليات الأونروا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقطع الخدمات الحيوية عن الملايين وإسكات شاهد حاسم على عقود من المعاناة الفلسطينية. لقد تلاشى غضب المجتمع الدولي الأولي إزاء هذه التطورات إلى الجمود، مما ترك الأونروا واللاجئين الذين تخدمهم في وضع محفوف بالمخاطر على نحو متزايد.
تآكل الالتزاماتإن المخاطر هائلة.. بالنسبة للاجئين، فإن فقدان القدرة على الوصول إلى خدمات الأونروا يعني الدمار على نطاق متعدد الأجيال. فبعيدًا عن الأزمة الإنسانية المباشرة، فإن الهجوم على الأونروا يتحدى الأسس ذاتها للنظام الدولي القائم على القواعد. ووفقًا للازاريني، فإن غياب العواقب السياسية أو الاقتصادية أو القانونية لانتهاكات القوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة يقوض مصداقية النظام العالمي. إن الفشل في دعم اتفاقيات جنيف أو فرض أحكام المحاكم الدولية يهدد بتطبيع الإفلات من العقاب.
كما يسلط لازاريني الضوء على العداء المتزايد تجاه أولئك الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والقانون الدولي. يتم تشويه سمعة العاملين في المجال الإنساني، وإسكات الأصوات المعارضة، وتسعى حملات التضليل إلى صرف الانتباه عن حقائق الاحتلال والحرب. لا تستهدف مثل هذه الهجمات الأونروا فحسب، بل تهدف أيضًا إلى تآكل المعايير العالمية لحقوق الإنسان وسيادة القانون.
الأجندة الأساسيةيؤكد لازاريني أن أحد الأهداف الرئيسية لمنتقدي الأونروا هو نزع الشرعية عن وضع اللاجئين الفلسطينيين وإعادة تشكيل معايير الحل السياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وفي حين تزعم إسرائيل تسلل حماس إلى الأونروا، فإن التحقيقات الشاملة دحضت هذه الادعاءات باستمرار.
وعلى العكس من ذلك، تتهم حماس الأونروا بالتواطؤ مع إسرائيل، مما يسلط الضوء على موقف الوكالة كضحية وليس مشاركًا في الصراع. وييواصل لازاريني قائلًا إنه من الأهمية بمكان أن وضع اللاجئين الفلسطينيين متجذر في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، بغض النظر عن وجود الأونروا. إن تفكيك الوكالة لن يغير هذا الوضع ولكنه سيحرم الملايين من الدعم الحاسم.
مفترق طرقيقف المجتمع الدولي الآن عند مفترق طرق محوري. يؤدي أحد المسارات إلى الفوضى، حيث تتحمل إسرائيل، باعتبارها القوة المحتلة، المسئولية الكاملة عن الفلسطينيين في غياب الرقابة الدولية. بينما يتضمن المسار الآخر تعزيز النظام القائم على القواعد وحل القضية الفلسطينية من خلال الوسائل السياسية. ويشير لازاريني إلى التحالف العالمي الذي تقوده جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، والذي يسعى إلى إحياء مبادرة السلام العربية وتمهيد الطريق لحل الدولتين. وفي هذا الإطار، فإن دور الأونروا حيوي، لضمان عدم التخلي عن الفلسطينيين، وخاصة في غزة، لمستقبل خالٍ من التعليم والأمل. ومن شأن انتقال الوكالة التدريجي للمسئوليات إلى دولة فلسطينية أن يفي بولايتها الأصلية.
من أجل العملعلى الرغم من الوضع المزري، يظل لازاريني متفائلًا بحذر. فالأدوات اللازمة لدعم التعددية والقانون الدولي موجودة، ولا تتطلب سوى الإرادة السياسية لنشرها. والبديل عالم يحكمه القوة النارية والدعاية، وذلك من شأنه أن يمثل فشلًا كارثيًا للقيادة العالمية.
ويرى لازاريني أن بقاء الأونروا لا يتعلق فقط بدعم الوكالة بل يتعلق أيضًا بالحفاظ على الإنسانية والعدالة والمبادئ التي تدعم التعاون الدولي.. ويتعين على العالم أن يقرر: هل سيتحرك لتجنب هذه الأزمة الوشيكة، أم سيسمح للأونروا بأن تصبح ضحية أخرى من ضحايا اللامبالاة؟