تسريب بعض بنود الصفقة واتفاق وقف الحرب على غزة
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
شرعت قوات الاحتلال بتفكيك عدد من مواقعها داخل محور نتساريم الفاصل بين شمال قطاع غزة وجنوبه. مع توالي الأنباء عن خطوات متسارعة للتوصل إلى اتفاق لوقف الحرب وتبادل الأسرى بين حمـ.ـاس وإسرائيل.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية -يوم الاثنين- عن بعض تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل في غزة ومراحل تنفيذه، والذي توقعت الولايات المتحدة التوصل إليه خلال هذا الأسبوع.
فقد نقلت صحيفة جيروزاليم بوست عن مصادر أن إسرائيل وحركة حماس تقتربان من اتفاق سيتم بموجبه إطلاق سراح 33 أسيرا في غزة بالمرحلة الأولى.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية أيضا إن الجيش سينسحب تدريجيا من غزة باستثناء محيط أمني غير محدد في المرحلة الأولى.
وبحسب المصدر نفسه، ستبدأ مفاوضات المراحل اللاحقة بعد 16 يوما من سريان وقف إطلاق النار في القطاع.
كما نقلت "جيروزاليم بوست" عن المصدر أنه من المتوقع أن تكون المرحلة الأولى من الاتفاق لمدة 42 يوما.
ومن جهته، نقل موقع "والا" عن مسؤولين إسرائيليين أن المرحلة الأولى للصفقة سيفرج فيها عن النساء والأطفال والرجال فوق سن 50 عاما أو المرضى.
وقال هؤلاء المسؤولون الإسرائيليون إن الجيش سينسحب تدريجيا من معظم أنحاء القطاع إلى منطقة عازلة خلال فترة تستمر 42 يوما.
وبدورها، نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن أحد المصادر أن معظم الأسرى المحتجزين ضمن قائمة الـ33 الذين سيفرج عنهم من الأحياء.
تفكيك القواعد
في غضون ذلك، ذكرت قناة كان الإسرائيلية الرسمية أن الجيش فكك معداته وقواعده وسحبها من محور نتساريم.
وقالت القناة إنه مع بدء تنفيذ الصفقة، سيتمكن الفلسطينيون من العودة إلى شمال غزة دون أي قيود.
وفي وقت سابق، نقل موقع أكسيوس الأميركي الإخباري عن مصدر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وافق على تنازلات بشأن الانسحاب من محوري فيلادلفيا ونتساريم في قطاع غزة، كما وافق على تنازلات جديدة بشأن الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم.
ويأتي الكشف عن بنود الاتفاق المحتمل في وقت تحدثت فيه وسائل إعلام إسرائيلية عن استعدادات في إسرائيل لاستقبال أسرى سيفرج عنهم ضمن الصفقة المفترضة، وتلقي قوائم بأسماء أسرى فلسطينيين سيفرج عنهم ضمن الصفقة نفسها.
وخلال مختلف مراحل التفاوض، ظلت حركة حماس تشدد على أن الاتفاق يجب أن يفضي إلى وقف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي وعودة النازحين إلى ديارهم في قطاع غزة.
وقبل يومين، نقلت هيئة البث الإسرائيلية -عن مصادر أميركية وصفتها بالمطلعة- أن الحديث يدور عن صفقة متعددة المراحل تضمن إعادة كل الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
القتال أم الأسرى…ما هو الخيار المفضل لنتنياهو؟
كان من الواضح منذ بدء تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، أن نتنياهو لن يلتزم بما تم الاتفاق عليه مع الوسطاء، وأثيرت شكوك قوية في أنه لن يدخل المرحلة الثانية. الخرق المستمر للهدنة من الجانب الإسرائيلي، وعرقلة إدخال المساعدات، والتلكؤ في الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، كانت مؤشرات سلبية لعدم إتمام بنود الاتفاقية، وبالفعل تنصل الاحتلال مما تم الاتفاق عليه، وقام بشن هجماته الوحشية على قطاع غزة واستئناف الحرب بمباركة أمريكية.
نتنياهو أراد باستئناف الحرب التدرّع باليمين المتشدد الذي أثّر اتفاق وقف إطلاق النار على تماسكه، حيث أعاد استئناف الحرب حزب «عظمة يهودية» ورئيسه المتطرف إيتمار بن غفير إلى الحكومة، بعد الانسحاب من الائتلاف عقب وقف إطلاق النار. تزامن مع ذلك، قرار نتنياهو بإقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، على الرغم من تجميد المحكمة العليا لقرار إقالته لحين النظر في الالتماسات التي قدمتها المعارضة، ورونين بار هو الرجل الذي دأب على اتهام نتنياهو بعدم أهليته لقيادة حملة عسكرية، بما يعني أن نتنياهو يفرغ محيطه من كل المعارضين واسترضاء اليمين الراغب في خوض الحرب للنهاية.
يسعى نتنياهو من خلال هذه الإجراءات، إلى ضمان مستقبله السياسي في ظل دعم اليمين، الذي سوف يساعده في تمرير ميزانية الدولة نهاية هذا الشهر، وإلا سقطت حكومة نتنياهو ويتم الذهاب إلى انتخابات مبكرة، كما أن نتنياهو يجد في استئناف الحرب مخرجا من أزماته الداخلية ومواجهة السؤال عن اليوم التالي للحرب.
ولكن ماذا عن بقية الأسرى الإسرائيليين في غزة؟ كيف سينقذهم نتنياهو بالقتال، على الرغم من أنه لم يفلح في ذلك طيلة خمسة عشر شهرا؟ من الواضح أن الإفراج عن بقية الأسرى ليس على رأس أولويات نتنياهو، فإتمام بنود الاتفاق، وصفقات تبادل الأسرى سوف تعقبه المساءلة التي غالبا ستطيح بمستقبله السياسي، لذلك يرى في الحرب طوق نجاته، وأكبر ضامن لمستقبله السياسي هو القضاء بشكل نهائي على كل شكل من أشكال المقاومة في غزة وسائر فلسطين وهو ما يفسر عملياته العسكرية في الضفة.
وعلى الرغم من المرونة التي أبدتها حماس، خاصة في عدم الممانعة في أن يكون مستقبل الحكم في غزة خاليا من حماس، إلا أن كل المؤشرات تقول إن نتنياهو يذهب في أحلامه إلى القضاء على المقاومة، ولن يكتفي ببدائل فلسطينية أخرى تدير القطاع في ظل الإبقاء على قوة المقاومة.
ومما يقوي قلبه على خوض الحرب، أنه قد أُفرج عن معظم الرهائن بموجب صفقات الاتفاق، فحصيلة الأسرى الذين وقعوا في قبضة المقاومة في السابع من أكتوبر 251 أسيرا، تم الإفراج عن 147 منهم في صفقات تبادل الأسرى، وقُتل 41 منهم خلال الغارات الإسرائيلية، ولم يتبق من الأسرى سوى 59 أسيرا، يروج الاحتلال أن 35 منهم قد قتلوا، بما يعني وفقا للاحتلال أن عدد الذين بقوا أحياء 24 أسيرا.
سيظل السهم الإسرائيلي في انطلاقه، طالما بقي الظهير الأمريكي، وطالما ظل العرب في هذا السبات والاكتفاء بعبارات الشجب والاستنكار دون اتخاذ موقف موحد رادع للاحتلال
إذن، يرى نتنياهو أنه قد أحرز تقدما كبيرا في قضية الأسرى بالإفراج عن معظمهم، بينما يصلح العدد الأقل المتبقي لأن يكون تضحية مناسبة لتحقيق أهدافه.
وهذا بدوره يخفف الضغط الشعبي على نتنياهو، على الرغم من اندلاع المظاهرات المطالبة بالدخول في المفاوضات من جديد، فلا يُتوقع أن يكون حراك الشارع الإسرائيلي بالتأثير السابق نفسه، بعد الإفراج عن معظم الأسرى. يعوّل نتنياهو كذلك على خسارة المقاومة للجزء الأكبر من ترسانة أسلحتها وقوتها الصاروخية، وفقا للاحتلال، ومن ثم يرى فيها فرصة سانحة للقضاء على المقاومة. مقتل بقية الأسرى خلال الغارات على القطاع، سوف يريح نتنياهو من عناء المسؤولية عن إعادتهم، لذلك فهو يضرب بقوة ولا يبالي، فهدفه الذي لن يتراجع عنه هو السيطرة على القطاع ولو كان ثمنه التضحية بالأسرى، وهو أحد البدائل التي طرحها آفي شيلون الكاتب في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية.
يهدف نتنياهو من خلال السيطرة على القطاع القضاء على المقاومة، أو تسليم سلاحها وتهجير قياداتها، بما يعني القضاء عليها في الحالتين، لكن حماس على الرغم من المرونة التي أبدتها للتوصل إلى استئناف المفاوضات، ترى أن تجريد فلسطين من المقاومة يعني ابتلاع الاحتلال لكامل الأراضي الفلسطينية والوصول إلى المرحلة النهائية من عملية تهويد الأقصى.
نتنياهو يفضل القتال على عودة الأسرى، بل يرى في الأحداث الراهنة فرصة لتغيير أوضاعه الجيوسياسية في المنطقة، فهو يضرب غزة والضفة وبيروت وسوريا في آن واحد، بينما تنوب الولايات المتحدة الأمريكية عنه في ضرب اليمن. سيظل السهم الإسرائيلي في انطلاقه، طالما بقي الظهير الأمريكي، وطالما ظل العرب في هذا السبات والاكتفاء بعبارات الشجب والاستنكار دون اتخاذ موقف موحد رادع للاحتلال.
لكن على الرغم من ذلك، نقول إن تاريخ صراع الاحتلال مع المقاومة الفلسطينية يؤكد عدم قدرته على توقع قدراتها وردود أفعالها، إذ تفاجئه في كل مرة بما لم تصل إليه قوته الاستخباراتية. وبشكل عام، ومهما كانت مآلات هذه الحرب، فإن تلك الجذوة المتّقدة في فلسطين لا يمكن أن تنطفئ، لأنها قضية محسومة لصالح أصحاب الحق والأرض مهما طال أمد الاحتلال، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.