عبدالرزّاق الربيعي يكتب: شوكولاتة مبلّلة بالرذاذ
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
أثير – عبدالرزّاق الربيعي
للشوكولاتة مذاق لذيذ، تستهوي الصغار والكبار على حدٍّ سواء، وهي من الأطعمة الأكثر شعبية في العالم، لدرجة تخصيص يوم عالمي للاحتفال بها هو السابع من يوليو من كلّ عام، ويرجّح المهتمّون أن سبب اختيار هذا اليوم لأنه اليوم الذي أدخلت فيه الشوكولاتة إلى أوروبا عام 1550م التي تفنّنت وأبدعت في صناعتها، حتى أن المسافرين إلى أوروبا صاروا يعودون محمّلين بالشوكولاتة التي يقدّمونها هدايا لذيذة الطعم.
وفي خريف ظفار، حيث تُقام أعراس الطبيعة، وسط تساقط الرذاذ على المروج الخضر، فتنتعش رئة الأرض، وتشرق الأرواح، وتمتلئ العيون بالمياه الرقراقة، وحين يجتمع الرذاذ مع الشوكولاتة، والنسائم الباردة التي أفلتت من قبضة الصيف، الذي ظلّ مقيما خارج حدود محافظة ظفار، فاللذة ستكون مضاعفة، وهذا ما وجدته في مهرجان صلالة العالمي للشوكولاتة “شوكو رذاذ” الذي أقامته بلدية ظفار ضمن فعاليات خريف ظفار 2023م، ومن سمع ليس كمن رأى، كما يقال، فعندما دخلت مجمع السلطان قابوس الشبابي للثقافة والترفيه بصلالة، كان كلّ شيء بطعم الشوكولاتة، التي من ميزاتها أنها تحسّن المزاج، حتّى أنّ الفنانة وكاتبة الأطفال الأمريكية ساندرا كيث بوينتون بسب حبّها الشديد للشوكولاتة تربط كتابة الإغريق للتراجيديات بعدم معرفتهم للشوكولاتة، وهو الأمر الذي يجعل الكاتب جورج برناردشو يعزو حسّه المرح بالكتابة إلى أنه يحمل معه دائما” الشوكولاتة بدلا من الرصاص”!
شاهدتُ في بوّابة القاعة التي احتضنت المعرض، مجسّما كبيرا لبذرة من بذور شجر الكاكاو المنتشرة في قارة أمريكا الجنوبيّة، العنصر الرئيس في صناعة الشوكولاتة، وإلى جوارها لوحة كتب عليها “شوكو رذاذ”، كان المكان مليئا بالأطفال الذين قدموا بصحبة أهاليهم، شققتُ طريقي بين زحام الزوار الذين احتشدوا في القاعة ليشاهدوا تجارب عالمية في تصنيع الشوكولاتة ولكلّ تجربة، ميزاتها، وطعمها، في مهرجان هو الأول من نوعه في السلطنة.
كان كلُّ شيء في تلك القاعة، يدلّ على أن مهرجانا للفرح يُقام في هذا المكان، حيث الموسيقى الاحتفالية، والرقصات، وكلمات الترحيب القادمة من جهة المسرح التفاعلي الذي كان يقدّم عروضا حية تختصُّ في صناعة الشوكولاتة، بمشاركة الأطفال في تلك المسابقات التي تبدأ بمعلومات عامة، وأسئلة تتعلق بالشوكولاتة، وكلما توغلتُ رأيت مجسّمات كبيرة لقطع الشوكولاتة، ودمى بشرية تقدّم عروضا عن الشوكولاتة، ومنصّات تعرض للبيع مختلف أنواع شوكولاتة من إنتاج مصانع عالميّة متخصّصة في صنعها، كما أنّ إدارة المهرجان استعانت بمتخصصين ليقيموا دورات تدريبية في كيفيّة صناعتها.
وعلى بعد خطوات، يرى الزائر متحف الشوكولاتة الذي يعرض مجسّمات لأماكن أثرية معروفة صُنعت بقوالب الشوكولاتة، للتعريف بهذه الأماكن والمعالم التراثية، تُعرض بطريقة تبهج العيون، وتفتح شهيّة البطون، وحين تتحوّل الشوكولاتة إلى ثقافة، وفن يكون الهدف من المهرجان قد تحقّق هذا الهدف يتركّز في “تعزيز صناعة الشوكولاتة كفن منزليّ والاستثمار في هذه المشروعات وتشغيلها” كما يقول القائمون على مهرجان الشوكولاتة الذي جاء مبلّلا بالرذاذ.
المصدر: صحيفة أثير
إقرأ أيضاً:
رأي.. عمر حرقوص يكتب: وداعاً قصة الحرة
هذا المقال بقلم الصحفي والكاتب اللبناني عمر حرقوص*، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
كانت 7 أعوام مليئة بالأخبار المتواصلة والثورات والحروب والتظاهرات والانفجارات، ومواضيع فرضت نقاشات صعبة واختلافات ضمن غرفة الأخبار الواحدة باختلاف منابت العاملين فيها، وتنازلات قدمناها أحيانا لأجل أن يكون الخبر كما هو محايداً وموضوعياً، ومنحازاً بالتأكيد للقتلى واللاجئين والمهاجرين من وصلوا منهم، أو الغارقين في البحر والمخطوفين والرهائن والمعتقلين والنساء والأطفال، كذلك الأقليات كل الأقليات في منطقتنا بدون استثناء.
من تأسيس "قسم الأخبار" في مكتب دبي ووضع أسس كتابة الخبر والتقرير وشكل الصورة كقناة قررت إحدى إداراتها إعادة الانطلاق عام 2018، إلى البحث عن الحقيقة في سباق مع الأقنية ومحطات التلفزة لإيصال الصورة والمعلومة بدءاً من العواجل وتطوير "القصة" إلى انتظار ردود فعل الناس على الأرض وفي وسائل التواصل.
كنت هناك خلال 7 أعوام مرت فيها تغيرات إدارية مرتبطة بالتغيرات السياسية في واشنطن، بعضها كان حراً بالكامل وبعضها أحياناً يطالب بالانحناء أمام عواصف عاتية أو الصمود لأقصى قدر، لكن كل الظروف لم تمنع إعلان الموقف نفسه المدافع عن الحقيقة كما هي.
كانت التهديدات التي يتعرض لها زملاؤنا على الأرض تفرض علينا أحياناً أن نتعاطى بحذر مع ملفات محددة، أو نفتش فيها عن زوايا يمكن منها العبور إلى الحقيقة، في العراق كنا نلاحق قصص هشام الهاشمي وثوار تشرين حين يقتلهم رصاص راكب دراجة نارية أو قناص يختبئ في مبنى، وفي بيروت كنا مع قتلى انفجار المرفأ وقبلهم ثوار تشرين ورافقنا لقمان سليم لنرى كيف تضيع قضيته في بلدان العدالة المفقودة بعدما قتلته رصاصات الغدر، كما كنا مع المتظاهرين في السودان حين هاجمهم "العسكر" أمام مقر القيادة فقتلوا منهم المئات وأخفيت جثثهم، نحمل قصتهم ونحكي عنهم كما نحكي عن مهسا أميني والمتظاهرين في إيران الذين ذبحوا بينما العالم يتفرج.
كانت الحرة تلاحق الملفات الممنوعة عن النقاش عربياً كل الملفات، تحكي بحرية عن الأيزيديين والبهائيين، وتروي قصص السوريين الذين قتلهم نظام الأسد وسلسلة حلفائه، وبعدهم أهل الساحل الذين قتلهم "أبو دجانة" وسلسلة حلفائه أيضاً، كنا مع أهالي غزة منذ اليوم الأسود المشؤوم في السابع من أكتوبر واستمرينا معهم في جهنم التي يعيشونها، وكيف يموتون بعدما قُتل مئات الإسرائيليين وعاث القتل بحياتهم واختطفوا وعاشت عائلاتهم تحت الرعب وانتظرت عودتهم، نربط قصص الناس هنا وهناك كأنهم بيت واحد، لأنهم بيت واحد، نتابع وجعهم لنحلم بوقف الحرب وحلول السلام في المنطقة التي لن ينجو منها أحد بسيطرة المتطرفين على جهتي القتال، قلنا الحقيقة عن كل ما يحصل بمعيار وحيد "ضد السلاح كل السلاح" ومع السلام لأجل الغد الذي سيعيشه أولادنا.
عشنا مع "الحرة" ملفات كثيرة لا تنتهي وستستمر إلى أن يأتي زمن العدالة والحرية وهو حلم أيضاً صعب التحقيق ولا أعرف إن كان سيجد مكانه بيننا في يوم ما.
لكن "الحرة" انتهت، أقفلت الباب بعد 21 عاماً على تأسيسها، صارت من الماضي المستمر في منطقتنا، ولم تستطع الصمود أمام قبضة ترامب القاضية، التي تصنع عالماً جديداً لا نعرفه اليوم لكننا نشهد على نشوئه.
* عمر حرقوص، صحفي، رئيس تحرير في قناة "الحرة" في دبي قبل إغلاقها، عمل في قناة "العربية" وتلفزيون "المستقبل" اللبناني، وفي عدة صحف ومواقع ودور نشر.
نشر الثلاثاء، 15 ابريل / نيسان 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.