العقوبات الأمريكية على الجنائية الدولية.. حماية لـ نتنياهو وجالانت أم تقويض للعدالة؟
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
أقر مجلس النواب الأمريكي قانونًا يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، وذلك ردًا على إصدارها مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.
القانون، الذي حظي بدعم كبير من الجمهوريين وبعض الديمقراطيين، يعكس معارضة قوية داخل الكونجرس لأي إجراءات تُتخذ ضد قادة إسرائيل.
ومن جهتها، تؤكد المحكمة الجنائية الدولية التزامها التام بمعايير العدالة الدولية واستقلاليتها، في حين تواصل إسرائيل رفضها القاطع للاتهامات الموجهة إليها من المحكمة.
ومن جانبه، استنكر الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب الأمريكي لفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية. وأكد أن هذا القانون يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي واتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، معتبراً أنه يمثل خطوة خطيرة تهدد العدالة الدولية.
تهديد لعمل المحكمة الجنائية الدوليةوأضاف في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد”، أوضح الدكتور مهران أن هذا التشريع يأتي في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية على إسرائيل لوقف عدوانها على غزة، خاصة مع انضمام المزيد من الدول لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، والتي تتهمها بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وفقًا للمادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
وأشار إلى أن محاولة عرقلة عمل المحكمة الجنائية الدولية تعتبر جريمة بموجب المادة 70 من نظام روما الأساسي، التي تحظر أي أفعال تعيق تحقيقات المحكمة أو إجراءاتها القضائية. كما أن هذه المحاولات تتناقض مع المادة 18 من اتفاقية فيينا، التي تلزم الدول بعدم إفراغ المعاهدات الدولية من موضوعها وغرضها.
وأوضح الدكتور مهران أن توقيت هذا القانون يبدو كأنه محاولة واضحة لحماية المسؤولين الإسرائيليين من الملاحقة القانونية على جرائم الحرب المرتكبة في غزة. وأكد أن المادة 5 من نظام روما الأساسي تمنح المحكمة الجنائية الدولية اختصاصًا للنظر في جرائم الحرب، الجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية، مما يجعل هذه الضغوط الأمريكية خطوة تهدف إلى تقويض العدالة الدولية.
وأضاف أن تزايد الدول المنضمة لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل يعتمد على المادة 63 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، والتي تتيح للدول التدخل في القضايا المتعلقة بتفسير المعاهدات الدولية.
تعارض مع الاتفاقيات الدوليةوأشار الدكتور مهران إلى أن منع قضاة ومسؤولي المحكمة من دخول الأراضي الأمريكية يتعارض مع المادة 48 من نظام روما الأساسي، التي تضمن للموظفين الدوليين الحصانات اللازمة لأداء مهامهم. كما أن التهديد بإلغاء تمويل المحكمة يشكل انتهاكًا للمادة 119 من نظام روما الأساسي، التي تنظم آليات حل النزاعات المتعلقة بوظائف المحكمة القضائية، ويقوض استقلالية المحكمة بشكل خطير.
وشدد الدكتور مهران على أن الضغط الأمريكي على المحكمة يمثل شكلًا من أشكال التهديد المحظور بموجب القانون الدولي، مؤكدًا أن استمرار إسرائيل في تجاهل قرارات مجلس الأمن وأوامر محكمة العدل الدولية يمثل انتهاكًا واضحًا للمادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تلزم الدول بتنفيذ أحكام محكمة العدل الدولية.
وفي ختام تصريحاته، دعا الدكتور مهران المجتمع الدولي إلى التصدي لهذه المحاولات لتقويض العدالة الدولية، مؤكدًا أن المادة 1 من ميثاق الأمم المتحدة تجعل تحقيق العدالة أحد الأهداف الرئيسية للمنظمة الدولية. وحذر من أن استمرار مثل هذه الضغوط يهدد النظام القانوني الدولي بأكمله، ويؤكد ضرورة تعزيز دعم المحكمة الجنائية الدولية لضمان استقلاليتها وحماية دورها في تحقيق العدالة العالمية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إسرائيل المحكمة الجنائية الدولية الكونجرس المحكمة الجنائية المزيد المحکمة الجنائیة الدولیة من نظام روما الأساسی العدالة الدولیة العدل الدولیة الدکتور مهران
إقرأ أيضاً:
النواب يوافق على المواد 62 إلى 102 من مشروع قانون الإجراءات الجنائية
حضر المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، بالجلسة العامة التي عقدها مجلس النواب اليوم الأحد الموافق ١٢ يناير ٢٠٢٥، برئاسة المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، وبحضور السيد المستشار عدنان فنجري، وزير العدل.
استهل المجلس جلسته باستئناف مناقشة تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، ومكتب لجنة حقوق الإنسان، عن مشروع قانون الإجراءات الجنائية، الذي أعدته اللجنة الفرعية المنبثقة عن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية.
ونظر المجلس المواد من ٦٢ إلى ١٠٢ من مشروع القانون، وكشفت المناقشات الموسعة لهذه المواد عن الأهمية الكبيرة التي يوليها المجلس والحكومة لخروج هذا القانون المهم في أفضل صورة وفقا لأحكام الدستور والمعايير الحديثة في الأنظمة القانونية المقارنة، وبما يضمن تحقيق توافق واسع على المبادئ المستحدثة التي يتضمنها المشروع.
وتندرج المواد التي نوقشت بجلسة اليوم ضمن مواد الباب الثالث من مشروع القانون الذي ينظم التحقيق بمعرفة النيابة العامة، حيث تضمنت المواد من ٦٢ إلى ٧٣ الأحكام العامة للتحقيق، فيما حددت المواد من ٧٤ إلى ٨٥ القواعد المنظمة للمعاينة والتفتيش وضبط الأشياء المتعلقة بالجريمة.
ووضعت المواد من ٨٦ إلى ٩٧ تنظيما متكاملًا لموضوع سماع الشهود أمام النيابة العامة، ونظمت المواد من ٩٨ إلى ١٠٢ الأمور المتعلقة بندب الخبراء في مرحلة التحقيق بمعرفة النيابة العامة.
و أشار المستشار محمود فوزي، خلال مناقشة المادة (67) من مشروع القانون إلى أن هذه المادة ليست مستحدثة، بل تمثل التزامًا قانونيًا يقع على عاتق جهات التحقيق. وتهدف المادة إلى الحفاظ على سرية المعلومات والتحقيقات التي قد تؤثر على سير الدعوى، حيث تنص على أنه يجب امتناع النيابة العامة واعضائها والخبراء عن إفشاء هذه المعلومات، مع فرض عقوبات على من يخالف ذلك الالتزام، وتجدر الإشارة إلى أن المادة لا تمثل قيدًا على الصحفيين ولا تخاطبهم من الاساس أو أي أفراد آخرين، وإنما تستهدف فئة محددة بوضوح، كما أن نص المادة يتسق تمامًا مع روح الدستور، الذي يتضمن أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، ويضمن حماية حقوق الأفراد في الخصوصية، إذ أن إفشاء مثل هذه المعلومات في هذه المرحلة من الدعوى قد يمثل انتهاكًا لحقوقهم ويخل بحسن سير العدالة."
وأكد وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي على أن الهدف من مشروع القانون هو تحقيق العدالة، وهو ما يتطلب تمكين جهات التحقيق من الوصول إلى الأدلة بشكل قانوني يكفل الكشف عن الحقيقة، وفي الوقت ذاته، يحمي الدستور حرمة الحياة الخاصة، حيث ينص بوضوح على أنها مصونة ولا يجوز المساس بها أو الاطلاع عليها إلا بأمر قضائي محدد المدة والغاية، وهذا التوازن الدستوري يعكس التزام الدولة بتحقيق العدالة مع احترام الحقوق والحريات الفردية.
من جانبه، أشاد المستشار عدنان فنجري، وزير العدل، بما تضمنه مشروع القانون من مستجدات غير مسبوقة في التاريخ القضائي الجنائي، وعلى رأسها إلزام النيابة العامة بتسبيب أي أمر صادر بالقبض على المتهم، وهو إجراء لم يكن مُلزِمًا في السابق، وأكد أن المادة (57) تعكس حرصًا بالغًا على حماية حرمة الحياة الخاصة، نظرًا لما قد يترتب على المساس بها من تداعيات جسيمة، ومن أجل ذلك، تم تضمين ضمانات مهمة، حيث لا يحق للنيابة العامة إصدار الأمر من تلقاء نفسها، وإنما يتعين عليها الحصول على إذن مسبق من القاضي المختص، وينص القانون على أن مدة هذا الإذن لا تتجاوز 30 يومًا، مع إمكانية تجديده بناءً على تقدير النيابة العامة والقاضي، بما يخدم مصلحة التحقيق ويضمن تحقيق العدالة.
ونظر مجلس النواب اقتراحات التعديل التي تقدم بها السادة الأعضاء على المواد المشار إليها، وفقا للإجراءات الدستورية واللائحية المقررة بعد تلاوة مواد المشروع مادة مادة، حيث وافق المجلس عليها طبقا للصيغة التي وافقت عليها اللجنة المشتركة مع إدخال تعديلات على ثلات مواد منها، بعد مناقشات مستفيضة لفلسفة ومبررات كل تعديل.
أما المواد التي وافق عليها المجلس بعد تعديلها فهي المواد: ٧٢، و٨٠، و١٠١ .