هل تستمر الليرة السورية في التحسن أمام الدولار ؟
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
دمشق – تراجع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية في السوق الموازية، بصورة مفاجئة، إلى مستويات أدنى من السعر الذي يطرحه المصرف المركزي الذي حدد سعر صرف العملة الأميركية عند 13 ألف ليرة للشراء و13 ألفا و130 ليرة للبيع حتى كتابة هذا التقرير.
وبلغ سعر الدولار في أسواق دمشق 11 ألفا و200 ليرة للشراء و11 ألفا و500 ليرة للبيع، في حين تراجع سعر العملة الأميركية قليلا عن هذا المستوى أمام العملة السورية في إدلب والحسكة.
يأتي ذلك بعد أن أصدرت الولايات المتحدة قرارًا يقضي بتسهيل الحوالات المالية إلى سوريا، سواء لأغراض إنسانية أو لدعم الأفراد، بما يسمح بتدفق العملات الصعبة نحو البلاد، الأمر الذي بدأ ينعكس بشكل مباشر على سعر صرف الليرة السورية.
تأتي هذه التطورات في ظل تحديات يشهدها الاقتصاد السوري نتيجة عوامل سياسية واقتصادية تراكمية، وأخطاء سببها النظام السابق في إدارته للعملية الاقتصادية.
وعانى الاقتصاد على مدار 14 عاما من تراجع المؤشرات على كافة المستويات، بعدما رهن النظام السابق كل مقدرات البلاد لتمكين سلطته، ودعم المقربين منه.
قرارات مصرف سوريا المركزي ساهمت في خفض الدولار أمام الليرة (أسوشيتد برس) السعر بالسوق الموازيةيقول الخبير الاقتصادي السوري، يونس الكريم إن أسعارًا دون أسعار صرف المصرف المركزي تجتاح أسواق الصرف الموازية، وهي حالة نادرة، وأرجع ذلك إلى:
إعلان سلوك اتخذه البنك المركزي حيث طلب من البنوك والمصارف السورية عدم ضخ الليرة في الأسواق، وبذلك اضطر التجار وأصحاب المصانع إِلى بيع الدولار مقابل الحصول على الليرة من السوق الموازية لتغطية نفقاتهم. تمسك الحكومة بكميات محدودة من الليرة لتفي بالتزامها بدفع الزيادة في رواتب الموظفين بنسبة زيادة تصل إلى 400% اعتبارا من شهر فبراير/شباط 2025، وهو ما رفع من طلب الحكومة على الليرة. ارتفاع العرض من الدولار، وتمسك المركزي باحتياطيات الليرة، وهو ما يفسر الحالة المفاجئة التي شهدتها أسواق الصرف الموازية في سوريا.
تأثير الإعفاءات الأميركية
تشمل الإعفاءات الأميركية إلى جانب تسهيل تحويل الأموال، إمكانية استيراد موارد الطاقة اللازمة لعملية الإنتاج في القطاعات الحيوية مثل الصناعة والزراعة.
وأكد الخبير الاقتصادي ومدير مركز تريندز، يحيى السيد عمر أن الإعفاءات ستساهم في تعزيز المؤشرات الاقتصادية، وتسهل قيام البنوك السورية بالمعاملات المصرفية، ما يخفف من حدّة التضخم وينشط التجارة الداخلية والخارجية، وينعكس إيجابيًا على قيمة الليرة السورية، ويزيد من قوتها الشرائية، الأمر الذي يؤدي بطبيعة الحال إِلى ارتفاع مستوى دخل الفرد، ويُحسّن الظروف المعيشية.
من جهة أخرى، قد تشجع الإعفاءات الأميركية الدول الإقليمية على التعامل الاقتصادي مع سوريا، وضخ استثمارات تحت بند التعافي المبكر، مما يسهم في فتح آفاق أوسع للتجارة والاستثمار والعجلة الاقتصادية.
لكنّ القرار لا يخلو من السلبيات، إذ إن الولايات المتحدة لم تلغ العقوبات، بل هي مجرد إعفاءات مؤقتة ما يدلل على وجود شروط على حكومة تصريف الأعمال.
ووفق يونس الكريم يمكن تفسير انعكاس ذلك على الاقتصاد السوري في مسارين اثنين:
المسار الأول: من المحتمل أن الولايات المتحدة ربطت الإعفاء بمراقبة سلوك الحكومة الجديدة وتحقيق الانتقال السياسي، والتزام الحكومة بالشروط قد يدفع الولايات المتحدة لتمديد الإعفاء وهو ما سينعكس على قيمة الليرة بشكل إيجابي. المسار الثاني: عدم التزام الحكومة بالشروط قد يفضي إلى تجميد الولايات المتحدة قرار الإعفاء والذي سينعكس بشكل سلبي على قيمة الليرة السورية. إعلانوأكد الكريم، أن الحوالات المالية الفردية التي يشملها الإعفاء لن تكون ذات تأثير فعال على الاقتصاد السوري، لوجود قنوات للتحويل اعتاد عليها السوريون وهي أقل كلفة من التحويل عبر البنوك، وأشار إلى أن البنوك السورية ما زالت غير قادرة على تسليم الحوالات بالدولار.
مستقبل الليرة السوريةيقول الخبير الاقتصادي الدكتور السيد عمر، إن رفع التعريفة الجمركية للاستيراد التي أصدرتها الحكومة في 10 يناير/كانون الثاني 2025، يحقق العديد من الأهداف كالتالي:
تحفيز الإنتاج والاستثمار، والذي ظهَر من خلال تخفيض الرسوم الجمركية على مواد صناعية مثل المعادن بأنواعها، مع إعفاء تامّ لسلع محددة مثل الآلات الثقيلة المستخدَمة في إعادة الإعمار. حماية المنتج الوطني، من خلال رفع الرسوم على المنتجات ذات المنشأ الخارجي، لأن إعفاءها جمركيا يعني وضع المنتج الوطني في منافسة مع مُنتجات من دول أخرى، وقد ينتهي بخسارة كبيرة للاقتصاد، لذلك لا بد من فرض رسوم عليها. الحدّ من استيراد الكماليات، لكونها تستنزف الدولار.وأكد عمر أن هذه الاجراءات ستحسن من مؤشرات الاقتصاد الوطني كما ستؤدي إلى زيادة معدل الإنتاج وتحريك العجلة الاقتصادية وإلى تحسن سعر صرف الليرة.
لكن يونس الكريم يرى أن رفع التعريفة الجمركية سوف يخفض من قيمة الليرة مقابل الدولار، ويرفع من مستويات التضخم، ونسبة الفقر في البلاد.
ودعما لقيمة الليرة السورية أكد الكريم على أهمية قبول الدول العربية التعامل مع الحكومة الجديدة ودعمها بمساعدات مالية تحسن من قيمة الليرة.
وأكد السيد عمر، على أهمية اعتماد الليرة السورية كعملة وحيدة في التداول وتنفيذ عمليات البيع والشراء، وحذر من اعتماد الدولار إلى جانب الليرة السورية كعملة رسمية في البلاد، لعدم قدرة البنك المركزي على تحقيق التوازن في العرض والطلب على كمية الدولار في الأسواق، إذ سيزيد ارتفاع الطلب على العملة الأميركية الضغط على سعر صرف الليرة السورية.
إعلانومن المتوقع أن تواجه الليرة والاقتصاد السوري تحديات على المدى القريب والمتوسط، فالبلاد تحتاج إلى اجتياز العديد من المراحل والتحديات للوصول إلى نقطة الاستقرار التي تبدأ عندها مرحلة التنمية والتمكين الاقتصادي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة الاقتصاد السوری اللیرة السوریة قیمة اللیرة سعر صرف
إقرأ أيضاً:
الدولار محتكر بيد المصارف الأجنبية.. مؤشرات على اخفاق البنك المركزي بضبط أسعار الصرف- عاجل
بغداد اليوم - بغداد
أكد المختص في الشأن المالي والاقتصادي ناصر التميمي، اليوم الاحد (12 كانون الثاني 2025)، اخفاق البنك المركزي العراقي في السيطرة على ملف الدولار طيلة الثلاثة سنوات الماضية.
وقال التميمي في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "البنك المركزي العراقي أوقف منصة بيع الدولار وحصر هذا الامر ببعض المصارف، ولهذا اصبح هناك حكر جديد على الدولار من قبل مصارف معينة واغلبها اجنبية وليس عراقية، وهذا ما يؤكد استمرار اخفاق البنك في السيطرة على ملف الدولار".
وبين انه "رغم كل قرارات وإجراءات البنك المركزي العراقي للسيطرة على الدولار منذ اشهر طويلة، لكنه اخفق في الحد من ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازي، فهو لم يجد أي حل من اجل تمويل تجارة بعض التجار الخارجية، الذين يعتمدون بشكل رئيسي على السوق الموازي، وهذا ما جعل عدم الاستقرار والارتفاع خلال السنتين الماضيتين".
هذا وأكد المختص في الاقتصاد الدولي نوار السعدي، يوم الجمعة (10 كانون الثاني 2025)، أن العراق مقبل على تحديات مالية كبيرة وخطيرة، ويجب تفادي تلك التحديات عبر اصلاحيات حقيقية.
وقال السعدي، في حديث لـ"بغداد اليوم"، إن "التحديات المالية في العراق مستمرة لكن في الفترة الأخيرة بدأت تهدد استقراره النقدي وتثير مخاوفا من تأثيرها على قدرة الحكومة على دفع الرواتب في الأشهر المقبلة، ولا اعتقد أنها تصل إلى عدم القدرة على دفع الرواتب كون وزارة المالية لديها احتياطي قد يصل إلى 6 أشهر على الأقل، لكن هذا القلق ينبع من عدة معطيات ومؤشرات ظهرت في الفترة الأخيرة، منها ان الاقتصاد العراقي يعتمد بشكل شبه كامل على عائدات النفط التي تمثل المصدر الرئيسي للإيرادات الحكومية، وأي انخفاض في أسعار النفط العالمية يؤدي إلى تقليص هذه الإيرادات، مما يضع ضغوطًا إضافية على الموازنة العامة ويزيد من احتمالية حدوث عجز مالي".
وبين أن "هناك مشاكل متعلقة بإدارة العملة الأجنبية، حيث تفاقمت عمليات تهريب الدولار من خلال بعض المنافذ غير الرسمية وضعف الرقابة على المصارف، ما أدى إلى شح الدولار في السوق المحلية وانخفاض السيولة العامة، وهذا الأمر يؤثر على الاستقرار النقدي، ويضع الحكومة أمام صعوبة في تمويل الرواتب، خاصة مع تزايد الاعتماد على الاحتياطي النقدي لتغطية هذا العجز".
وأضاف ان "القطاع المصرفي يعاني من ضعف ثقة المواطنين، حيث يفضل كثيرون الاحتفاظ بأموالهم خارج النظام المصرفي، وهذا السلوك يسهم في تقليل الكتلة النقدية المتاحة في السوق، ما يضيف مزيدا من التعقيد للوضع المالي".
وختم المختص في الاقتصاد الدولي قوله إنه "بالمختصر، الوضع المالي للعراق يحتاج إلى خطوات إصلاحية عاجلة تشمل تنويع مصادر الدخل، وتحسين إدارة الإيرادات، وتعزيز ثقة المواطنين في النظام المصرفي، لتفادي أزمة سيولة قد تكون لها تداعيات واسعة على الاقتصاد والمجتمع".