ذكرت صحيفة "الغارديان" أن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين يضع نصب عينيه إعادة الترشح لولاية خامسة في الانتخابات التي تقام السنة المقبلة، رغم مواجهته ضغوطا وتحديات اقتصادية كبرى ناتجة عن "حالة الحرب والإنفاق العسكري الكبير".   

وأشارت الصحيفة إلى أنه فيما يكافح الكرملين لإقرار إجراءات عاجلة لإعادة الاستقرار إلى الروبل، يظهر أن "الإنفاق الكثيف لدعم آلة الحرب وبرامج الرعاية الاجتماعية، لا يمكن أن يستمرا معا إلى الأبد"، في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.

ويستبعد مراقبون أن يواجه الاقتصاد الروسي خطر الانهيار الوشيك، غير أنهم يؤكدون بالمقابل أنه وصل إلى نقطة "قد يضطر معها بوتين إلى تقييم تكاليف إنفاق تريليونات الروبل على حربه في أوكرانيا، ومدى قدرته على تحمل عقوبات غير مسبوقة، وعدم تغيير مستويات الإنفاق العام لما قبل الغزو".

المدير المساعد في شركة كونترول ريسكس الاستشارية، أليكسي إريمينكو، يرى أن "الروبل ومعه المستويات الاقتصادية الروسية الأخرى لن تتحسن، طالما أن روسيا  مستمرة في الإنفاق بجنون، سواء لتمويل حربها أو لأداء وارداتها باهظة الثمن نتيجة العقوبات".

ويضيف إريمنيكو في تصريحات لـ"الغارديان"، أن مشاكل هيكلية تقف وراء الوضع الحالي، وتفرض على المسؤولين الروس الاختيار بين "إما خفض الإنفاق الحربي أو قبول تضرر المصالح العامة".

ومع انخفاض قيمة الروبل الأسبوع الماضي، لتتجاوز مئة دولار، قام المركزي الروسي برفع معدل الفائدة الرئيسية، خشية ارتفاع التضخم مرة أخرى وانهيار العملة الوطنية، وهي المرة الأولى التي يرفع فيها تكلفة الاقتراض منذ الأيام الأولى للحرب.

وفيما يكافح المستهلكون للتعامل مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية ومواجهة الأوضاع الاقتصادية الجديدة التي فرضتها الحرب، تتجه روسيا لإجراء انتخابات رئاسية في مارس المقبل، يتوقع أن يترشح فيها بوتين لرئاسة البلاد لولاية خامسة.

وتثير هذه المتغيرات بحسب الصحيفة البريطانية تساؤلات عن مدى استعداد الرئيس الروسي لدخول غمار هذه الاستحقاقات بـ"اقتصاد متعثر".

في هذا الجانب، يقول مسؤول روسي سابق، رفض الكشف عن هويته: "لن تكون هناك كارثة اقتصادية أو أي قرار بوقف الحرب"، مضيفا "في ظروف ديمقراطية، عندما تزداد الأوضاع الاقتصادية سوءا، يصوت الناس لحكومة مختلفة. ولكن ليس هذا هو الحال في روسيا.. بوتين سينجو بسهولة من هذا".

وسجلت روسيا في الأشهر السبعة الأولى من العام الماضي فائضا قدره 557 مليار روبل، لكن إنفاقها الكبير على حربها في أوكرانيا بالإضافة إلى العقوبات التي فرضها الغرب على صادراتها من النفط والغاز، استنزف خزائن الحكومة منذ ذلك الحين.

وكشفت رويترز، نقلا عن وثيقة حكومية، الأسبوع الماضي، أن روسيا ضاعفت هدف إنفاقها الدفاعي إلى 100 مليار دولار، وهو ثلث إجمالي الإنفاق العام.

ويدعم ارتفاع تكاليف الحرب التعافي الاقتصادي المتواضع لروسيا هذا العام مع ارتفاع الإنتاج الصناعي، غير أنه يدفع بالفعل الأوضاع المالية في الميزانية إلى عجز بحوالي 28 مليار دولار، وهو عجز فاقمه انخفاض الإيرادات من الصادرات.

وزيادة الإنفاق على الدفاع في الوقت الذي تواصل فيه موسكو ما تسميها "عملية عسكرية خاصة" في أوكرانيا يمكن أن تزيد العجز سوءا، في حين من الممكن أن تلتهم الزيادة في الإنتاج قطاعات أخرى وتزاحم الاستثمار الخاص، وفقا لرويترز.

في هذا الجانب يقول إريمينكو، إن نمو الناتج المحلي الإجمالي "مدفوع أساسا بإنتاج الدبابات"، و"هذا ليس أمرا جيدا".

واعترف بوتين بأن التضخم أثر بالفعل على الشركات الصغيرة والمتوسطة في القطاع الخاص، وبأن الاقتصاد مدفوع في جزء كبير منه بالإنفاق العسكري.

وتشير الصحيفة إلى أن التوقعات الاقتصادية لروسيا "أكثر قتامة بكثير مما كانت عليه قبل الغزو"، مضيفة أن الاعتماد على الصين والأسواق الأخرى وخرق العقوبات والحلول الترقيعية الأخرى لا يمكن أن تكون بديلا أو تعوض الوصول المباشر إلى الأسواق الغربية.

وأوضح محللون للغارديان أن "الانخفاض السريع في قيمة الروبل"، قد يجبر الكرملين على اتخاذ "قرارات مؤلمة" بشأن الإنفاق العام لإدارة سعر صرف الروبل وارتفاع التضخم، غير أنه ما زال مؤمنا بأنه "قادر على مواصلة المجهود الحربي".

في هذا الجانب، قال المسؤول الروسي السابق: "يمكن أن يستمر هذا الوضع لمدة 100 عام، وسيقولون إنها نكسة مؤقتة.. لن يعترفوا بأن هناك كارثة أو انهيارا، والناس ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه ".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: یمکن أن

إقرأ أيضاً:

“ناشيونال إنترست”: نظام كييف عند مفترق طرق.. إنهاء الحرب أو المخاطرة بالهزيمة

الجديد برس:

أكدت مجلة “ذا ناشيونال إنترست” الأمريكية، أنه لا يوجد أي مسار، “يمكن لأوكرانيا من خلاله إلحاق هزيمة عسكرية صريحة بروسيا في المستقبل المنظور”.

وبحسب المجلة، فإن روسيا أكبر من أن تتمكن أوكرانيا من هزيمتها، “وذلك لامتلاكها موارد جيدة ورجال أكفاء”.

ومع ذلك، إذا تم التعامل بمهارة، فقد يتم في بعض الأحيان “تحويل الهزائم التكتيكية التي تلحق بخصم أضعف، إلى نجاح استراتيجي”، في ما تمثل الخطة التالية مثل هذه الفرصة.

وعددت “ذا ناشيونال إنترست”، نقاط القوة التي تمتلكها روسيا، والتي تتمثل بوجود كميات هائلة من الموارد الطبيعية، والعديد من الحلفاء الحيويين الذين يمكنهم توفير المواد الحربية، وقاعدة صناعية عسكرية كبيرة ومتوسعة، وأكثر من 3 أضعاف عدد الرجال في سن الخدمة العسكرية عن أوكرانيا.

ومن الناحية التاريخية، تكبّدت روسيا معدلات مروعة من الضحايا طوال حروب متعددة، وما زالت “تحافظ على الدعم العام”.

وفي اللغة العسكرية، يشير مصطلح “مركز الثقل” إلى “السمة أو القدرة أو الموقع الذي تستمد منه القوات المعادية والصديقة حرية العمل والقوة البدنية أو الإرادة للقتال”.

ويرتكز مركز الثقل في روسيا، وفقاً للمجلة، على ركيزتين أساسيتين: قدرتها على شن الحرب فعلياً (القوى البشرية، والأسلحة، والذخيرة، والقدرة الصناعية) لفترة طويلة، والدعم السياسي من جانب سكانها.

وبدون هذين الأمرين، “لن يتمكن” الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من “خوض حرب أو الفوز بها”.

ومن أجل انتزاع أي نجاح استراتيجي من روسيا، سوف يتعيّن على أوكرانيا أن “تزعزع” توازن مركز الثقل الروسي بما يكفي، من أجل إجبار بوتين على قبول نتيجة أقل من المرغوب فيها، علماً أن هذا الأمر سوف يكون في “غاية الصعوبة”.

وأشارت المجلة إلى أن الهدف الاستراتيجي الرئيسي لروسيا، يتلخص في “الحد من التهديد التقليدي على حدودها الغربية، إلى مستوى يمكن إدارته”، لافتةً إلى أن موسكو مقتنعة بأن وجود حلف شمال الأطلسي “الناتو” على حدودها في أوكرانيا يمثل “تهديداً وجودياً”، وهي على استعداد لدفع أي ثمن مالي أو سياسي من أجل تحقيق هذا الهدف.

أما الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، فيتعيّن عليه أن يحافظ على القدرة على شن الحرب على مدى فترة من الزمن، والدعم السياسي المحلي، والمساعدة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية الدولية. وبدون أي من هذه المكونات (وخاصة المكون الثالث)، “لن تتمكن أوكرانيا من الفوز”، بحسب ما ذكرت “ذا ناشيونال إنترست”.

كما أشارت إلى أن روسيا تمتلك ثروة من الموارد الطبيعية في مختلف أنحاء البلاد، فضلاً عن القدرة الصناعية المحلية التي تمكنها من الاستمرار إلى ما لا نهاية تقريباً، في حالة اندلاع حرب، أما أوكرانيا، فتعاني من قيود شديدة على إمداداتها من الموارد الطبيعية.

وبدون الدعم المادي والدبلوماسي الهائل والمستدام من بقية العالم، “لن تتمكن” أوكرانيا من خوض معركة استنزاف طويلة الأمد. وحتى مع هذا الدعم الخارجي، فقد “لا تتمكن كييف من الفوز” بسبب نقطة ضعفها الأكثر أهمية: القوى العاملة.

وأوضحت أن القوة البشرية العسكرية، لا تعني ببساطة عدد الأفراد الذين تستطيع دولة ما أن تجندهم في الجيش، بل عدد المهنيين المدربين الذين تستطيع الدولة تعبئتهم في وحدات قتالية منظمة وفعالة.

وألقت المجلة الضوء على دراسة حديثة أجراها معهد الخدمات المتحدة الملكي، مفادها أن المدنيين الذين “يتلقون دورات تدريبية مدة 3 أشهر، ثم يُطلَب منهم أن يؤدوا نفس الأداء الذي يؤديه المحاربون القدامى الذين أمضوا 7 سنوات في الخدمة، هي وصفة كارثية”.

ولفتت إلى أن أوكرانيا تعاني من نقص حاد في المجندين الجدد، كما أولئك الذين تحصل عليهم غير مدربين بشكل كافٍ.

ورأت المجلة أن تحقيق كييف لنصر عسكري صريح هو “أقرب ما يكون إلى الصفر في الوقت الحاضر”، ذلك أن روسيا تمتلك قدراً كبيراً من القوة “لا يمكن التغلب عليها”، نظراً للظروف القائمة.

وتابعت أن المسار الضيق للغاية الذي قد تواجهه أوكرانيا، هو “انتزاع مثل هذه التكلفة المرتفعة” على روسيا، إلى الحد الذي “يجعل بوتين يحسب أن من مصلحته أن يكتفي بأقل من أهدافه القصوى”.

وذكّرت “ذا ناشيونال إنترست” بحديث بوتين، في 14 يونيو الماضي، والذي حدد فيه الحد الأدنى من المتطلبات، عندما قال إنه من أجل إنهاء الحرب، يتعيّن على أوكرانيا تسليم المقاطعات الـ4، وسحب جميع القوات الأوكرانية من تلك الأراضي، وتبني “وضع محايد وغير منحاز وغير نووي”، ليعتبر زيلينسكي بدوره أن هذه القائمة من المطالب بمثابة “إنذار نهائي” للاستسلام.

وتساءلت المجلة، كيف يمكن لأوكرانيا تجنّب هذه النتيجة غير المرغوبة، وماذا يمكن لزيلينسكي أن ينتج في ظل اختلال التوازن الحالي في القوات.

كما اعتبرت أنه في غياب أي تغييرات كبيرة في أهداف الحرب الغربية والأوكرانية، فإن “إنذار” بوتين لديه احتمالات عالية “بشكل مقلق” للتحقق.

ورأت أن الأمل الأكثر واقعية لأوكرانيا هو “السعي إلى الاحتفاظ بكل الأراضي التي تسيطر عليها حالياً، وعدم التنازل عن أي أرض أخرى، والتفاوض على إنهاء الأعمال العدائية”.

وأضافت: “يتعيّن علينا أن نعترف بأن الأوان قد فات بالفعل لتوقع حتى هذه النتيجة المحدودة”. لا يريد حلف شمال الأطلسي سوى “تحقيق النصر لأوكرانيا والخسارة لروسيا”، ولكن التحليل الرصين يُظهر أن هذه النتيجة غير قابلة للتحقيق سواء الآن أو في المستقبل، بحسب المجلة.

ونبّهت إلى أنه في حال رفض الغرب الخضوع للواقع، فإن النتيجة الأكثر ترجيحاً لأوكرانيا، هي الهزيمة العسكرية التي قد تشمل حتى خسارة أوديسا وخاركوف في نهاية المطاف والمزيد من الأراضي، حتى تلك التي حددها بوتين في الإنذار النهائي في يونيو 2024.

وختمت المجلة بالقول إنه من الأفضل لأوكرانيا وأوروبا أن “تسعيا إلى التوصل إلى تسوية تفاوضية غير مقبولة ولكن قابلة للتحقيق”، بدلاً من “تجاهل الواقع ومعاناة العار” المتمثل في هزيمة عسكرية حاسمة في نهاية المطاف. وأضافت: “إنه خيار رهيب، لكن يجب القيام به”.

مقالات مشابهة

  • “المركزي الروسي” يخفض الدولار واليوان ويرفع اليورو مقابل الروبل حتى 15 يوليو الجاري
  • تستهدف الأثرياء.. موسكو تقر زيادات ضريبية على الدخل
  • البنتاجون: أوستن يؤكد لنظيره الروسي أهمية الحفاظ على خطوط الاتصال في ظل الحرب في أوكرانيا
  • هفوات جديدة للرئيس الأمريكي| بايدن يقدم زيلينسكي على أنه الرئيس الروسي بوتين
  • الرئيس الجزائري يعلن "نيته" الترشح لولاية ثانية
  • الرئيس الجزائري يعلن الترشح لولاية رئاسية ثانية
  • الدولار يتراجع قبل بيانات تضخم أمريكية
  • الرئيس الأوكراني يرغب بقتل بوتين ( فيديو)
  • زيلينسكي يرغب بقتل بوتين بعد الهجوم الأخير (تفاصيل)
  • “ناشيونال إنترست”: نظام كييف عند مفترق طرق.. إنهاء الحرب أو المخاطرة بالهزيمة