عبده الحاج
13 يناير 2025

شاهدت بعض المقاطع الفيديو، التي يقشعر لها البدن، من وحشيتها، وهي من البشاعة بحيث لا تستطيع أن تكمل مشاهدتها، ولا تجرؤ على ايزاء مشاعر غيرك بإرسالها لهم، فهي فوق الوصف، وفوق الاحتمال.. وهي كثيرة، وليس منا من لم يرى بعضها.. وقد تعودنا رؤية مقاطع مشابهة في السابق، ولكن ليس بهذه الكثرة، والتنوع في ضروب الوحشية!! وفي الغالب الاعم انه تم ترويجها لغرض، كما هو الحال في دائما.

. فالفلول يتفننون في ابتداع الوسائل لتحقيق أهدافهم، ولكن القاسم المشترك بينها هو نحن.. فنحن المستهدفين بتلك الوسائل، ونحن ادواتهم في ترويجها (م. ن.).. وقد عودناهم ان لا نخيب ظنهم فينا، فنحن دوما نكتفي فقط بترويجها، كما خططوا لنا، ولا نحسن استغلالها، كما يفعلون!! ولقد ذكرت في مقالاتي السابقة، بان الفلول لن يتوانوا في فعل أي شيء حتى نسير في طريق الحرب الاهلية الشاملة، ومن ثم الانفصال الذي يسعون اليه، وذكرت بأنهم سيختبرون صبرنا ان لم نخضع لهم، وسيذيقوننا الأمرين، وها هم يفعلوا، ولن يتوقفوا، ما لم نتحلى بالفطنة والزكاء اللازمين، ونستخدم ادواتهم ضدهم، فقد تأخرنا كثيرا في فعل ذلك، واعتقد الفرصة لا تزال سانحة لذلك.

ليس المقصود بهذا المقال تزجية الوقت، أو الترف الذهني، وانما هي محاولة للنظر لما يجري الان من انتهاكات بشعة بصورة مختلفة، فالكل يعلم اننا نحن المستهدفين في ثورتنا، وفي وطننا، وان الضحايا سيكونون بصورة كبيرة الناشطين والفاعلين، وخصوصا الشباب منهم، كما انهم سيستهدفون عرقيات بعينها، وفي الحالين هدفهم واحد، وسيزداد الأمر سوء ان تعامل الدعم السريع بنفس الطريقة، وهو أمر وارد جدا هذه المرة، فحينها ستكون تجربة رواندا جديدة، وربما ابشع، لا قدر الله، فلا عاصم لنا، الا ان احسننا التصرف، بأن نفعل عكس ما يريدوننا تماما، وأن نقلب السحر على الساحر.

أول ما يمكن ان نبدأ به، هو التوثيق بتجميع كل هذه المقاطع في مراكز توثيق معينة، بدلا عن تداولها، وأقترح ان تقوم الان، الشبكة السودانية لحقوق الانسان بعمل مجموعات واتساب، او صفحات على الانترنت، او ايميلات لهذا الغرض، وكلنا يقين بأن الشبكة ستحسن استخدام تلك المادة بأفضل من لجنة نبيل اديب، فهم مشهود لهم، بجانب أنهم على صلة بالمنظمات العالمية والدولية، ومن السهل عليهم الوصول اليها، ويمكن ان يبادر أي عضو من المجموعة بعمل وسيلة التواصل معهم والاعلان عنها في كل الصحف والوسائط، ليتم تزويدهم بالمقاطع والمستندات وشهادات الشهود.

يصادف السبت القادم 18 يناير، الذكرى السنوية لاستشهاد المفكر السوداني الأستاذ محمود محمد طه، وهو يصادف يوم حقوق الانسان العربي، واقترح ان تقوم الشبكة بالتواصل مع كل منظمات حقوق الانسان العربية، لتخصص احتفالها بالمناسبة هذا العام، لمناصرة قضية حقوق الانسان السوداني، وان يكون ذلك بمثابة البداية لعمل مشترك بينهم، يستمر حتى ينجلي الظلام الجاثم على صدور شعبنا.

أقترح أن يتجمع صناع المحتوى ويتوحدوا للقيام بدورهم في انتاج مقاطع بلغات مختلفة، مستعينين بمختصين في اللغات الاجنبية، تكون هذه المقاطع مؤثرة، وتصور بشاعة الجريمة، ليتم توزيعها على القنوات الإعلامية العالمية والإقليمية، وللجهات الحقوقية، ومراكز صنع القرار، وكل من يمكن ان يكون له دور في إيقاف هذه النار قبل ان تستشري، وتحرق البلاد بأكملها، واقترح ان يستمر انتاج هذه المقاطع بصورة يومية، ويتم تداولها على أوسع نطاق، وان يرسلها الطلاب في المراحل المختلفة، وفي الدول المختلفة لمعلميهم ولزملائهم، وان يرسلها كل شخص لزملاء العمل والأصدقاء، وفي المجموعات العامة، ووسائل التواصل المختلفة، وان تستمر الصرخة حتى يسمعها كل العالم ويتفاعل معها، وان نجعل من قضيتنا، قضية كل العالم، فليس في العالم اليوم ابشع مما يجري في بلادنا.

أيضا يمكن التنسيق بين الإعلاميين في مختلف الدول، لصياغة رسائل إعلامية موحدة، ومعدة بعناية لهذا الغرض، وللتواصل مع الصحف، والقنوات الفضائية المختلفة، لتسهم في الحملة الإنسانية، كما يمكن ان يقوم الصحفيين الاستقصائيين بالتوثيق للجرائم غير الموثقة بالصور، ليقوموا بتصويرها بقلمهم بصورة معبرة، ومؤثرة، لتتم ترجمتها للغات الرئيسية، ونشرها على أوسع نطاق.

الدبلوماسية الشعبية، هي الجزء الأكبر، والأكثر فعالية في هذا المجهود، وهي تتطلب تضافر كل الجهود، للتواصل مع مراكز صناعة القرار، على المستويين العالمي والدولي، والضغط عليها لاتخاذ مواقف إيجابية، وعملية لإنهاء الازمة في السودان، وبأسرع ما يمكن، ويمكن ان تكون البداية بمجرد تلميحات منهم بعقوبات على النافذين وكل المتورطين في الحرب، وخصوصا العقوبات الاقتصادية، فما عادت المحكمة الجنائية الدولية تخيفهم، فما أسهل الإفلات منها. يكون التواصل مع صناع القرار بصور فردية عبر الايميلات، او صور جماعية بتنظيم اللقاءات المباشرة مع ممثلين، وتسليمهم رسائل موحدة معدة بواسطة لجنة محتوى مركزية، بها ممثلين من كل الدول، على ان يستمر التواصل معهم والمتابعة المستمرة عبر مكاتبهم او بصورة مباشرة، فكل قضية لا تتم متابعتها ستموت، ويمكن ان يكون هنالك مركز عالمي للمتابعة مع مراكز الدول المختلفة، وذلك بغرض المتابعة والتنسيق.

يمكن عمل صفحة على الانترنت، للتوثيق ولتجميع الرسائل الإعلامية، والمحتوى الإعلامي، وكل ما من شأنه ان يخدم القضية، ليكون سهل الوصول اليه، وفي متناول الجميع، على ان يتم تجديد المحتوى بصورة مستمرة، حتى تظل القضية حية، وحاضرة في شتى المستويات، مع محاولة الترجمة لكل اللغات الرئيسية.

بالإضافة لما ورد اقتراحه يمكن ان يتم تنظيم الوقفات الاحتجاجية، في المدن العالمية المختلفة، بالإضافة الى وقفات حاشدة في مراكز اتخاذ القرار الرئيسية، بان يتوافد السودانيين من المناطق المجاورة لحشد أكبر عدد ممكن، وتتم دعوة وسائل الاعلام المختلفة، كما يمكن ان تشمل الوقفات الاحتجاجية مخاطبات وعرض أفلام وثائقية للانتهاكات، بجانب توزيع منشورات تصور المأساة، او إقامة عروض مسرحية لتمثيل تلك الجرائم، او ابتكار غيرها من الوسائل الفعالة لتحريك الضمير الإنساني العالمي.

نجاح أي عمل، يعتمد وبصورة كبيرة على الاعداد، والإخراج الجيدين، وهما لا يتأتيان الا بالتعاون، وتضافر الجهود، وليس من ثمة شيء يمكن ان يجمع الناس، ويوحد قلوبهم بأكثر من الملمات، وما أقسى ما يعانيه أهلنا في السودان اليوم، وما أبشع ما ينتظرهم غدا، ان لم تتصدى الاسرة الدولية كلها للظالمين، فنحن جزء من هذه الاسرة، ولنا عليها حقا بحكم الانتماء، فما نقوم به ليس تسولا، وانما حقا ينتزع انتزاعا، وكل حق لا يطلبه اهله، فهو ضائع، وكلما توحدنا.. كلما عظمت فرصة الاستجابة لنا، فلنتوحد خلف قضية أهلنا.. ولنترك خلافات الماضي جانبا، واياك أعنى يا جارة، فالتاريخ يُكتب الان، والمواقف تُسجل، فلنترك صفحة ناصعة، تشرفنا، وتشرف الأجيال القادمة، وسأختم بما يجب ان يبدأ به أي عمل ناجح، وهو انه لابد لن يتم وضع تصور متكامل يتضمن الأهداف والوسائل والجداول الزمنية، ولكن لأن الامر طارئ، فالعمل يبدأ فورا، وكل ذلك يلحق، ليُسَدِدِ، ويُكَمَّل.. فهدفنا هو اسقاط النظام، واستعادة المسار المدني الديمقراطي، والبداية يمكن ان تكون المناداة بإيقاف حملات الإبادة الجماعية، وإيقاف الحرب، ونزع الشرعية عن النظام الوحشي المستبد، ولكن يجب ان نتوسل لذلك بالوسائل الصحاح، ونتمنى ان توقظ المأساة الحالية ضميرنا، وان لا تمر كغيرها، مرور الكرام.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: التواصل مع ما یمکن یمکن ان

إقرأ أيضاً:

أطفال من غزة في صرخة جماعية للعالم: نحن نموت جوعا

في أحد أركان حي مدمر، ووسط حجارة سوداء وحوائط مفتوحة على السماء، وقف أطفال من قطاع غزة، الثلاثاء، يرتجفون من الجوع، يصرخون مطالبين بغذاء ودواء قطعته إسرائيل عنهم منذ شهرين، ضمن حرب الإبادة المستمرة للشهر 19 على التوالي.

 

عيونهم غائرة في الضعف، ووجوههم شاحبة من الجوع، وبعضهم بالكاد يستطيع الوقوف، علامات سوء التغذية واضحة على سيماهم، لكنهم وقفوا لتذكير العالم بجوعهم وعطشهم.

 

أصابع مرتعشة

 

ورفع الأطفال خلال الفعالية التي نظمها فريق "الأصدقاء الأربعة"، بأصابع مرتعشة لافتات كتب عليها "بيكفي موت"، "افتحوا المعابر"، "نحن جوعى"، "أنقذونا"...

 

كانت هذه الفعالية رقم 25 التي ينظمها الفريق في مدينة خان يونس، لكنها لم تكن تشبه غيرها من الفعاليات، بل صرخة جماعية لأطفال يعانون من جوع قاتل.

 

وفريق "الأصدقاء الأربعة" هو مجموعة من المتطوعين في قطاع غزة، ونظم عدة فعاليات مناهضة للإبادة الجماعية الإسرائيلية في القطاع.

 

والاثنين، قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن الحصار والإغلاق المستمر للمعابر منذ نحو شهرين أدى لتدهور كارثي في الأوضاع الصحية وتفشي حالات سوء التغذية خاصة بين الأطفال الرضع.

 

وأشار إلى أن "أكثر مليون طفل في القطاع يعانون من الجوع اليومي، فيما جرى نقل 65 ألف طفل منهم إلى ما تبقى من مستشفيات يعانون من سوء تغذية حاد".

 

نموت جوعاً

 

الطفلة راما أبو العينين (11 عاماً)، قالت بصوتٍ يخنقه الجوع والخوف: "نناشد بفتح المعابر. نحن نموت جوعاً وقصفاً. نريد المعابر أن تفتح وتدخل المساعدات".

 

وأضافت للأناضول: "أغلب الذين يموتون من القصف أطفال... خلاص يكفي. لنا شهرين نموت من الجوع، ولم يعد هناك لا أمان ولا تعليم."

 

ومنذ 2 مارس/ آذار تغلق إسرائيل معابر القطاع أمام دخول المساعدات الغذائية والإغاثية والطبية والبضائع، ما تسبب بتدهور كبير في الأوضاع الإنسانية للفلسطينيين وفق ما أكدت تقارير حكومية وحقوقية ودولية.

 

والجمعة، أكد المفوض العام لوكالة "أونروا"، فيليب لازاريني، أن الأطفال في قطاع غزة باتوا يتضورون جوعاً، بفعل سياسة تجويع متعمدة تمارسها إسرائيل عبر منع إدخال الغذاء والاحتياجات الأساسية، منذ بدء إغلاقها الكامل للمعابر في 2 مارس/ آذار الماضي.

 

وأضاف: "تواصل حكومة إسرائيل منع دخول الغذاء والأساسيات الأخرى، إنه تجويع من صنع الإنسان وبدوافع سياسية".

 

يموتون أمام أعيننا

 

في مشهد يمزج الألم بالحزن، قال رسمي أبو العينين ممثل الفريق: "هذه الفعالية رقم 25، لكنها الأصعب... أطفالنا لا يجدون طعاماً، لا دواء، لا مأوى آمناً".

 

وأشار إلى أن "الاحتلال يمنع دخول المساعدات، والأسواق خالية. الجوع يفتك بهم كما القنابل، وهذا استخدام إجرامي للتجويع كسلاح ضد شعبنا."

 

وأضاف: "نشعر بالجوع والخوف والمرض والخذلان. من 2 مارس لم تدخل غزة أي مساعدات غذائية أو طبية. أطفالنا يموتون أمام أعيننا، أين ضمير الإنسانية؟ أين أمتنا؟"

 

والجمعة، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، نفاد مخزونه الغذائي بالكامل في غزة جراء الحصار الإسرائيلي.

 

وفي وقت سابق الثلاثاء، اتهم مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور، في كلمة له أمام مجلس الأمن، إسرائيل باستخدام التجويع كسلاح حرب ضد المدنيين في قطاع غزة، داعيًا إلى وقف فوري لإطلاق النار.

 

فيما اعتبرت حركة حماس، استمرار إسرائيل في استخدام التجويع سلاحا ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة "جريمة حرب واستخفاف بالمجتمع الدولي".

 

كما اتهمت مصر، الاثنين، إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية باستخدام سياسية التجويع كسلاح ضد المدنيين في قطاع غزة، مطالبة برفع الحصار المفروض على القطاع بشكل فوري وغير مشروط.

 

والاثنين، بدأت محكمة العدل الدولية في لاهاي جلسات استماع تستمر أسبوعًا لمناقشة الالتزامات الإنسانية لإسرائيل تجاه الفلسطينيين، بعد مرور نحو شهرين فرضها حصارا شاملا يمنع دخول المساعدات إلى قطاع غزة الذي دمرته حرب الإبادة الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

 

ويعتمد قطاع غزة، البالغ عدد سكانه نحو 2.4 مليون نسمة، بشكل شبه كلي على المساعدات الإنسانية، التي توقفت تمامًا منذ 2 مارس/ آذار الماضي، حين أغلقت إسرائيل معابر كرم أبو سالم وزيكيم وبيت حانون.

 

ومنذ 7 أكتوبر 2023، وبدعم أمريكي مطلق، ترتكب إسرائيل حرب إبادة ممنهجة ضد سكان قطاع غزة، أودت بحياة أكثر من 170 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، كما أُعلن فقدان أكثر من 11 ألف شخص.

 

 


مقالات مشابهة

  • بنكيران: النقابات مرتزقة و موخاريق باع وشرا فينا
  • في يومهم العالمي.. عمال البصرة يوجهون صرخة لوقف الانتهاكات بحقهم
  • للمرة الثالثة في 2025.. بنك اليابان المركزي يبقي على سعر الفائدة دون تغيير
  • لطيفة: "ياللي مروح" صرخة من القلب ضد الهجرة غير الشرعية ورسالة توعية للشباب العربي
  • سطح الشمس بصورة أولى غير مسبوقة من أكبر تلسكوب شمسي بالعالم
  • أطفال من غزة في صرخة جماعية للعالم: نحن نموت جوعا
  • اليوم.. محاكمة كروان مشاكل في قضية سب وقذف ريهام سعيد
  • بعد 16 عامًا.. انفصلت عن زوجها بسبب علاقته بصورة زائفة
  • “قوات صنعاء” تكشف تفاصيل ضرب الحاملة “ترومان” بصورة مباشرة 
  • اليوم.. استكمال محاكمة 13 متهمًا في قضية «خلية داعش كرداسة»