العراق يرتب أولوياته الإقليمية بعد المشهد السوري الجديد
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
14 يناير، 2025
بغداد/المسلة: العراق يعيد تشكيل علاقته مع سوريا وسط مشهد إقليمي متغير يعكس تحولات كبرى في موازين القوى والمصالح.
ومنذ سقوط النظام السوري برئاسة بشار الأسد، بدا واضحاً أن بغداد تسير على حبل مشدود بين الحذر والانفتاح، حيث اختارت التعامل مع الحكومة الانتقالية في دمشق بطريقة محسوبة.
هذا الحذر ينبع من مخاوف عميقة لدى القيادة العراقية من تكرار سيناريو عام 2014، حين اجتاح تنظيم داعش الموصل بعد تمدده من الأراضي السورية.
و التهديدات العابرة للحدود ليست مجرد ذكرى بل احتمال قائم، ما يجعل استقرار سوريا ضرورة استراتيجية لأمن العراق.
وقد زادت هذه الهواجس بعد صعود هيئة تحرير الشام والفصائل الإسلامية التي باتت قوة رئيسية على الأرض، ما يعيد ترتيب الأولويات الأمنية والسياسية.
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أوضح هذه المخاوف في خطابه في ديسمبر الماضي، حيث حذر من أي تهديد قد يستهدف الأماكن الشيعية المقدسة في سوريا.
و هذه المواقع ليست مجرد رموز دينية بل أوراق ضغط استراتيجية، دفعت إيران والجماعات الشيعية العراقية للتدخل المباشر في الصراع السوري منذ بداياته.
ومع ذلك، تبنى السوداني نبرة دبلوماسية تؤكد سياسة العراق في عدم التدخل، وهي إشارة تعكس البراغماتية الجديدة في تعامل بغداد مع دمشق.
في هذا السياق، جاءت التحركات الدبلوماسية العراقية لتواكب التحولات. فتحاور السوداني ووزير الخارجية فؤاد حسين مع قادة الجوار لبحث التحديات المشتركة. ولعل الأهم هو لقاء رئيس جهاز المخابرات العراقي حميد الشطري مع القيادة السورية الجديدة، في خطوة تحمل أبعاداً أمنية وسياسية كبيرة.
وفي المقابل، بادرت دمشق بالإفراج عن رجال فصائل عراقيين في خطوة توصف بأنها حسن نية، لتفتح الباب أمام تعاون أوسع بين الطرفين.
التجارة الحدودية أيضاً عادت إلى طاولة النقاش، حيث أعلنت بغداد عن خطط لإعادة فتح معبر القائم أبوكمال الحدودي. هذا المعبر يحمل أهمية اقتصادية كبيرة للعراق وسوريا، إذ يمكن أن يسهم في تعزيز حركة التجارة وعودة اللاجئين. وفي ظل توقف شحنات النفط العراقي إلى سوريا بعد سقوط الأسد، قد يعود العراق مجدداً ليصبح مصدراً رئيسياً للطاقة، ما يفتح المجال أمام إعادة إحياء التعاون الاقتصادي.
المحللون يرون أن البراغماتية التي أظهرتها القيادة السورية الجديدة، بقيادة أحمد الشرع، قد تساعد في تهدئة المخاوف العراقية. ومع ذلك، يبقى السؤال الأساسي: هل يستطيع العراق تحقيق توازن بين مصالحه الوطنية وتعقيدات المشهد الإقليمي؟.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
بين أم قصر و ميناء مبارك: قناة بحرية تروي حكاية التوازن
30 أبريل، 2025
بغداد/المسلة أثارت اتفاقية خور عبد الله بين العراق والكويت جدلاً متصاعداً جديدا، حيث تظل القضية نقطة توتر إقليمية تتشابك فيها المصالح الجيوسياسية والاقتصادية.
ووقّع البلدان العام 2013 اتفاقية لتنظيم الملاحة في خور عبد الله، استناداً إلى قرار مجلس الأمن 833 لعام 1993، الذي قسم الممر المائي مناصفة بعد غزو العراق للكويت. واعتبرت بغداد الاتفاقية تهديداً لسيادتها البحرية، خاصة مع قرب ميناء مبارك الكبير الكويتي من ميناء أم قصر، المنفذ الوحيد للعراق إلى الخليج.
وأبطلت المحكمة الاتحادية العليا العراقية الاتفاقية العام 2023، مشيرة إلى عدم دستورية تصويت البرلمان لعدم حصوله على أغلبية الثلثين.
وأثار الحكم غضباً كويتياً، حيث رفض مجلس الوزراء الكويتي “ادعاءات تاريخية باطلة”، مؤكداً التزامه بالاتفاقية المودعة لدى الأمم المتحدة.
ودعا مجلس التعاون الخليجي العراق إلى احترام سيادة الكويت، بينما أصدرت الولايات المتحدة بياناً مشتركاً مع دول الخليج عام 2024 يطالب بغداد بالالتزام بالحدود البحرية بعد النقطة 162.
وتقدمت الكويت في إنشاء ميناء مبارك الكبير، حيث بلغت نسبة الإنجاز 52% حتى أبريل 2025، بتكلفة إجمالية 3.3 مليارات دولار، وخصصت 604 ملايين دولار إضافية لاستكماله.
ووقّعت الكويت مذكرة تفاهم مع الصين لتطوير المشروع، مما يعزز طموحها لتكون مركزاً لوجستياً إقليمياً.
وعلى الجانب العراقي، وضعت بغداد حجر الأساس لميناء الفاو الكبير عام 2010، بكلفة 6 مليارات دولار، لتعزيز صادراتها النفطية والتجارية.
وتعرض رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لانتقادات حادة، حيث اتهمه سياسيون بمحاولة إعادة تفعيل الاتفاقية سراً، وفق تسريبات نشرتها مجلة “نوتيتسييه جيوبوليتيكه” في 22 أبريل 2025.
واعتبر نواب الخطوة “استسلاماً استراتيجياً” يهدد سيادة العراق. وأشار المحلل الإيطالي إيمانويلى روسّي إلى أن التوترات تعكس توازنات إقليمية معقدة، مع ضغوط محتملة من الولايات المتحدة ودول الخليج لإعادة التفاوض.
وتظل القناة البحرية رمزاً للصراع والتعاون، حيث يسعى العراق للحفاظ على منفذه البحري الوحيد، بينما تتمسك الكويت بمشروعها الطموح.
ويبرز الخلاف حول حقل الدرة النفطي كعامل إضافي يعقد المشهد، وسط تقارب براغماتي بين إيران والسعودية يعزز الحوار الإقليمي فيما يبقى الحل مرهوناً بالتفاوض المشترك لضمان الاستقرار والرخاء بعيداً عن الصراعات الأيديولوجية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts