الشامي.. من ظاهرة فنية إلى تكرار ممل
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
متابعة بتجــرد: طرح الشامي أغنيته الجديدة بعنوان “دكتور”، التي رافقها فيديو كليب حمل فكرة تمثيلية جسّد فيها مشاعر الألم والمعاناة من خلال ما سمّاه “رقصة الألم”. لكن رغم محاولات الترويج المكثّف للأغنية عبر منصات التواصل الاجتماعي، يبدو أن النتيجة جاءت عكس التوقعات، إذ لاقت الأغنية انتقادات واسعة من المتابعين الذين وصفوها بالمكررة والخالية من أي عنصر تجديد.
وأجمع عدد كبير من المتابعين على أن الشامي وقع في دائرة التكرار، معتبرين أن الأغنية لا تحمل أي إضافة تُذكر لمسيرته الفنية، وأنه بات يُعيد تقديم الأفكار نفسها بصيغ مختلفة دون الخروج عن النمط الذي ظهر به في بداياته.
من ظاهرة فنية إلى شخصية “سوشيل ميديا”
عندما ظهر الشامي في عالم الفن، شكّل ظاهرة لفتت شريحة واسعة من الجمهور، لا سيما الشباب الذين وجدوا في أعماله موسيقى عصرية وأسلوباً فنياً مختلفاً. إلا أن المسار الذي اتّبعه لاحقاً جعل الكثير من المتابعين يرون أن الفنان الشاب تحوّل من موهبة واعدة لفتت الأنظار في بداياتها، إلى شخصية من شخصيات “السوشيل ميديا” التي تعتمد على المنشورات والتفاعل الافتراضي أكثر من التركيز على تقديم محتوى موسيقي متجدد.
ففي السابق، كانت منصات التواصل الاجتماعي مرآة تعكس عمق الفنان وثقله الفني، بينما أصبحت اليوم نافذة تُظهر الفراغ الذي يعاني منه بعض الفنانين، حيث باتوا يستخدمونها لاستعراض حياتهم الشخصية ومشاكلهم مع بعضهم البعض، إلى جانب اعتمادها للرد على المتابعين بأسلوب متدنٍّ يفتقر إلى الاحترافية، ما يجعلهم محط انتقادات أكثر من كونهم قدوة فنية.
خيبة أمل لدى الجمهور
وجاءت أغنية “دكتور” كخيبة أمل جديدة لجمهور الشامي الذي كان ينتظر منه نقلة نوعية في مسيرته بعد النجاحات اللافتة التي حققها في وقت ليس ببعيد. ففي السابق، تفوّق الشامي على عدد من النجوم الشباب السوريين الذين سبقوه في عالم الفن، واستطاع أن يلفت الأنظار بسرعة بسبب أسلوبه الفني المختلف. لكن مع مرور الوقت، يرى كثيرون أنه فقد هذا التميّز، وأصبح يكرّر نفسه دون تقديم أي جديد.
انتقادات رغم النجاحات السابقة
ورغم الجوائز التي حصدها الشامي في عام 2024، بما فيها “جوي أوردز” و”موريكس دور”، إلا أن استمرار الاعتماد على نفس الأفكار الموسيقية بدأ يفقده بريقه كفنان صاعد كان يُعوّل عليه كثيرون. فبعد أغنية “يا ليل ويا عين” التي حققت نجاحاً كبيراً، لم يتمكن الشامي من تقديم عمل جديد يعكس تطوراً في موسيقاه أو أفكاره، وهو ما جعله عرضة للانتقاد من الجمهور وحتى من بعض النقاد الفنيين.
هل ضاعت الفرصة؟
يبدو أن الشامي بحاجة إلى وقفة جدية لمراجعة مسيرته الفنية قبل أن يفقد ما تبقى من ثقة محبيه. فالمتابعون الذين انجذبوا إليه في البداية بسبب تفرده واختلافه، باتوا اليوم يتساءلون عن سبب غياب التجديد والتطور في أعماله الأخيرة. ومع ازدياد الانتقادات حول أغنية “دكتور”، يصبح السؤال الأهم: هل الشامي على طريق التحوّل إلى مجرد ظاهرة مؤقتة؟ أم أنه قادر على استعادة مكانته كفنان صاعد يملك ما يميّزه عن غيره؟
المرحلة المقبلة ستكشف ما إذا كان الشامي سيأخذ هذه الانتقادات بجدية ويسعى لتقديم محتوى موسيقي أكثر نضوجاً وابتكاراً، أم أنه سيستمر في الاعتماد على استراتيجيات الترويج عبر “السوشيل ميديا” التي قد تُفقده مكانته في الساحة الفنية.
main 2025-01-14Bitajarodالمصدر: بتجرد
إقرأ أيضاً:
غزة بدون حماس.. الذين ينصرون نتنياهو!
هل يحقق نتنياهو بالمبادرة العربية، ما عجز عن تحقيقه بحربه الشاملة على قطاع غزة؟!
بادئ ذي بدء ينبغي التأكيد على أن الرئيس الأمريكي، وإن كان قد ملأ الدنيا ضجيجا بمبادرته الخاصة بالتهجير، ليتولى هو باعتباره "مقاولا" إعادة اعمار غزة بالمال العربي، إلا أن مبادرته تفتقد للجدية، وللأهمية لاستحالة التنفيذ، وإن كانت تتفق مع سياق شخص مغامر، يستهويه أن يكون حديث العالم، وقد بدا ما قال كما لو كان فكرة ألقاها الشيطان في روعه، وكثيرا ما يفعل الشيطان ذلك معه، وفي كل مرة يفشل في تنفيذ المقذوف فإنه يخذل القاذف!
فكرة تهجير الفلسطينيين قديمة، وقد عجزت القوى الاستعمارية عن تنفيذها في وقت كان العالم العربي فيه مجرد مستعمرات، وإذا كان ترامب يطربه أن يفعل ما عجز الآخرون عن فعله، باعتباره الرجل الشبح، إلا أن طريقه ليس ممهدا، فما عجز عن تحقيقه في ولايته الأولى، وقد تبنى ما عُرف بصفقة القرن، والغربال الجديد له شدة، والنظام المصري أقوى مما عليه الآن، فلن يمكنه فعله في دورته الجديدة، لتكون مبادرته مجرد قفزة في الهواء الطلق، تفسدها الرياح القادمة من الاتجاه المعاكس!
مبادرة تفجير الإقليم:
وقد بدت مبادرته ارتجالية، فإنها فاجأت حتى نتنياهو نفسه حيث ارتسمت على وجهه علامات البلاهة، ولأنها كذلك فقد افتقدت لشروط المبادرات المنضبطة، فتارة يقول إنها تستهدف إعادة توزيع الفلسطينيين إلى دول الجوار، مصر والأردن، ثم يقفز قفزة أخرى فيقترح السعودية، مع تخصيص قطعة أرض في كل دولة من هذه الدول للوافدين الجدد، وتارة يُفهم من مبادرته أن التهجير للاندماج مع سكان هذه الدول، وتارة هم حيث هُجروا للأبد بعد إقامة منتجع على القطاع أو ما أطلق عليه "ريفيرا"، وتارة أنهم سيعودون مرة أخرى بعد إعادة الإعمار، لا سيما سكان قطاع غزة، ومرة يقول إنه سيشتري القطاع، ثم يتراجع ويقول إنه سيأخذه بدون شراء، وفق نظرية "وضع اليد"، ولن يكون -بحكم منصبه- بحاجة لعملية تقنين وضع اليد، فمن يملك غزة ليفعل، ومن يمكنه أن يطالب زعيم العالم بسند الملكية؟!
ولعله فوجئ برد الفعل الغاضب على مبادرته، ومن حكام كان يرى أنهم سينظرون لطلباته على أنها أوامر لأنهم يستمدون شرعيتهم منه، ومن رضاه عنهم، لأنه لم يكن يدرك -وقد أدرك الآن- أن القبول بمقترحه هذا من شأنه أن يفجر قصور الحكم الموالية للولايات المتحدة الأمريكية، فضلا عن أنه إذا حدث التهجير القسري فمن شأنه أن يكون قبولا من هذا الدول لقنابل موقوتة، قد تنفجر بداخلها في أي وقت، فكيف يمكن للنظام الأمني في مصر أن يستوعب مليونا ونصف المليون فلسطيني، عاشوا تحت القصف، ومورس عليهم الحصار والتجويع؟ ولنا أن نعلم أن الأمن العربي توجس خيفة من الأفغان العرب، وبدلا من إعادتهم لبلدانهم تُركوا في أفغانستان بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، إلا من مبادرات إنسانية لم تستوعب الجميع، وساهمت الولايات المتحدة في استمرارهم هناك، ليمثلوا خطرا عليها في عقر دارها!
ومن هنا فإن أنظمة عربية تعمل في خدمة البلاط الأمريكي تمردت على هذه المبادرة، وهي تدرك أنها أمام رئيس موتور، لا تؤمَن بوائقه، فرفضت التهجير، على نحو أصاب المحللون بالدهشة، فلا فضل لها إن رفضت ذلك!
وقد وقفت عواصم غربية، ضد هذه المبادرة، ورفضت فكرة التهجير، فحتى وزيرة خارجية ألمانيا، الصهيونية أكثر من نتنياهو، والتي أكدت حق الجيش الإسرائيلي في قتل المدنيين في غزة، رفضت التهجير، صحيح أنها هنا تتحدى ترامب في ميدان آخر، وهو الذي يتحرش بأوروبا على أكثر من صعيد، لكن في جانب آخر، فإنها ترى عدم معقولية هذا الطرح الذي سيفجر الإقليم، ويصل آثره إلى العالم!
انتفاء ظهير المقاومة:
وفضلا عن ذلك فإن الأمر أقرب للمغامرة، والتهجير القسري، أو حتى الطوعي، لسكان غزة، لن يقدم القطاع "بيضة مقشرة" للمقاول ترامب، أو المحتل الإسرائيلي، وكما أن أزمة نتنياهو في الأسرى وهم سبب الضغوط عليه من عوائلهم، وإلا واصل الحرب لآخر جندي إسرائيلي، فإن أزمة المقاومة في المدنيين وقد أضعف استهدافهم شوكتها، وهو الاستهداف الذي استخدم في الدعاية السلبية ضد المقاومة من خصومها في المنابر الإعلامية، فانظر إلى القتلى منهم، وانظر إلى التخريب الذي جرى من جراء طوفان الأقصى. ويراجَع في هذا خطاب الإعلامي الموالي للسلطة المصرية إبراهيم عيسى، وفي محطة تلفزيونية قيل إنها مملوكة لطارق نور، الذي اختارته السلطة مؤخرا رئيسا للشركة المتحدة، التي تملك وتدير أكثر من 90 في المئة من المنابر الإعلامية المختلفة!
في السابق كان المدنيون في قطاع غزة يمثلون ظهيرا شعبيا، لكن باستهداف العدوان الإسرائيلي للمدنيين والمؤسسات الطبية، وعدم تمييزه بين البشر والحجر، فلم يعودوا ظهيرا يحتمي المقاومون به، ولم تعد المؤسسات المدنية ساحة بعيدة عن العدوان، فماذا لو خلص التهجيرُ المقاومةَ من هذا الأعباء المضافة، وقد نجحت المقاومة في تشييد أنفاق لم يتوصل إليها الجيش الإسرائيلي، وخرجت منها بعد وقف إطلاق النار، وفي مشهد تسليم الأسرى، في كامل لياقتها، والأنفاق التي وصلت اليها القوات الإسرائيلية تبين أنها كمائن، انتهت بمن وصلوا بين قتيل وجريح!
إن التهجير لن يقدم قطاع غزة للمقاول ورجل الأعمال ترامب لقمة سائغة، ليتولى عملية تحويله إلى "ريفيرا الشرق الأوسط"، ولكن سيتنقل بالمعركة إلى حرب العصابات، القادرة على إلحاق الضرر بالجيوش النظامية، وقد تنتهي فترة رئاسة الرئيس ترامب دون أن يبني طوبة واحدة في مشروعه السياحي، فيكون القرار الأمريكي هو مغادرة غزة، كما غادر الجيش الأمريكي وجيوش الحلفاء أفغانستان في حالة هروب غير منظم، وقد بدا مشهد العملاء فيه مزريا وهم يتعلقون في أجنحة الطائرات المغادرة دون أن تلقي لهم بالا، وقد استدركوا الفضيحة في وقت لاحق، فأخذوا معهم من كان يمكن أن يمثل تحديا لحركة طالبان!
لقد استشعر ترامب أن مبادرته تفتقد للوجاهة وتفتقد للدراسة، شأن أدائه الارتجالي في الجملة، فكان تضاربه، واستشعر الأزمة التي خلقها لأنظمة المنطقة، فشاهدناه يقول شعرا في ملك الأردن، بعد المؤتمر الصحفي الذي جمعهما وافتقد فيه الرئيس الأمريكي للياقة، وتصرف كما لو كان "مقاول أنفار"!
وتأتي المبادرة العربية لتبدو حلا لتجاوز فكرة التهجير، وهي لم تتبلور حتى الآن، وإذا كانت السياسة هي فن الممكن، لا التحليق في الخيال، وكانت مبادرته هي الخيال بعينه، فإن المبادرة العربية ستكون عملية إنقاذ له ولنتنياهو، لأنها تأتي عمليا تحت مظلة رفض الدعوة للتهجير، التي انتهت واقعيا، وحتى في لقاء ترامب والعاهل الأردني لم يطلب منه خطة تنفيذية لذلك، ولم يطلب منه أن يحدد موقع قطعة الأرض، التي يتحدث عنها كما لو كان سمسار شقق وأراض!
وبالوصول للحد الأقصى وهو التهجير، ستكون أي مبادرة مهما كانت تنازلاتها هي أخف الضررين، ونصف العمى، وما تسرب منها، بدون نفي من الأطراف المعنية، هو تحقيق لأهداف الحرب الإسرائيلية، بما عجز الجيش الإسرائيلي عن تحقيقه!
إن الحروب بأهدافها، وليس بحصر الموتى واحصاء المصابين، ولهذا فإن السادس من تشرين الأول/ أكتوبر 1973 مثل انتصارا عظيما لمصر مع الثغرة، ومع وقوع شهداء بالضرورة، ومع أن مصر لم تتمكن من تحرير الأرض التي احتلت بسبب هزيمة حزيران/ يونيو 1967، لأن الرئيس السادات جعل هدف أكتوبر أنها حرب تحريك، وهو ما نجح فيه!
وكل أهداف نتنياهو من حرب الـ"15 شهرا" لم تتحقق، وعلى رأسها القضاء على حركة حماس، وعندما يتسرب من القوم أن مبادرتهم لتعمير غزة تقوم على استبعاد حركة حماس، فهذا هو مربط الفرس، فمن هم حتى ينتزعوا من الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره، وفي اختيار قياداته؟!
لا تحسبوها خيرا لكم.
x.com/selimazouz1