أنهى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الاستشارات النيابية الملزمة بتسمية السفير السابق نواف سلام رئيسًا مكّلفًا لتشكيل حكومة العهد الأولى ، وبهذه التسمية ينطلق الرئيس المكّلف، بعد صدور مرسوم التكليف، وهو أول مرسوم يوقعه رئيس الجمهورية الجديد، مشاوراته النيابية في مجلس النواب، وهي مشاورات غير ملزمة، ولكن يمكن اعتبارها تأسيسية لمرحلة التشكيل، خصوصًا أن ثمة توافقًا ضمنيًا على أن تبصر التشكيلة الحكومية النور في أسرع وقت ممكن، من دون أن يعني ذلك "سلق" الطبخة الحكومية.
فالحكومة التي سيشكلها الرئيس المكّلف بالتعاون المثمر والايجابي مع الرئيس عون ستنطلق مما أُسس لها من مداميك متينة لكي تكون على صورة خطاب القسم وعلى قدّ الآمال التي يعلقها اللبنانيون على العهد الجديد، وما يمكن أن تؤول إليه التطورات المتلاحقة من نتائج إيجابية ستبدأ بالظهور وفق أولويات ستتبلور تباعًا بعد انقضاء مهلة الستين يومًا على اتفاق وقف النار، وضمان دولي لانسحاب الجيش الإسرائيلي من البلدات والقرى الجنوبية، التي لا يزال يسرح ويمرح فيها على هواه مع استمراره في تفجير ما يعتقده مخابئ أسلحة لـ "المقاومة الإسلامية".
وفي الاعتقاد أن الاستعجال المطلوب قد يفضي إلى تشكيلة يمكن الركون إلى تركيبتها، خصوصًا إذا ما اقترنت بتفاهم ضمني بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، بعد أن توضع اللمسات الأخيرة في القصر الجمهوري، خصوصًا أن ما بين الرجلين قواسم مشتركة، وإن على غير مستوى، يوحي بأنه لن يكون أي خلاف أو اختلاف في وجهات النظر بين الرئاستين الأولى والثالثة.
ويمكن بالتأكيد التوقف عند ما أفضت إليه عبر من هذه الانطلاقة الديمقراطية، والتي يمكن إدراجها في خانة العهد الجديد في بداية خطواته الأولى في مسيرة التعافي، التي تبدأ حتمًا بتشكيل حكومة من المؤمل أن تكون صدىً لتفاهمات سياسية من شأنها أن تنقل البلاد من ضفة الانهيار والشلل إلى مرحلة جديدة من شأنها أن تعيد الثقة بين اللبنانيين، ومن ثم استعادة ثقة اللبنانيين بدولتهم.
ولكن لا بدّ مع نهاية يوم الاستشارات الملزمة ابداء بعض الملاحظات، التي رافقت هذه العملية الديمقراطية، ومن بينها أن "كلمة السر" التي فعلت فعلها في الانتخابات الرئاسية سار مفعولها خلال عملية الاستشارات الملزمة، والتي بدأت بعزوف البعض عن الترشح ليحل محلها اسم السفير سلام.
أمّا ثاني هذه الملاحظات فهو الاتفاق بين كتلتي "الجمهورية القوية" و"لبنان القوي" على تسمية سلام، فضلًا عن موقف "الثنائي الشيعي"، الذي دفع في اتجاه التوافق الوطني انطلاقًا من موقفه في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، الذي أعطى ميثاقية موصوفة للعمليتين الديمقراطيتين، مع تسجيل ما صرح به الرئيس نجيب ميقاتي بعد تسمية نواف سلام لتشكيل الحكومة العتيدة، من دون إغفال ما قام به الرئيس السابق من جهود مضنية لبقاء البلد واقفًا على رجليه في أصعب مرحلة من مراحل الحياة السياسية في لبنان، خصوصًا أنه تحمّل ما لا يمكن لأحد غيره تحمّله، وما واجهه من حملات مغرضة، وهو الذي تحلّى بصبر وأخذ الأمور بصدره، وقام بكل ما قام به انسجامًا مع قناعاته الوطنية.
أمّا بعد، فإن المرحلة الآتية من عمر الوطن تبقى مرهونة بمدى نجاح الاتصالات ليقف الجميع إلى جانب الرئيس الرابع عشر للجمهورية، وترجمة ذلك بحكومة بعيدة عن الاصطفافات السياسية.
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: رئیس الجمهوریة رئیس ا خصوص ا
إقرأ أيضاً:
ماذا تعني الحكومة الميثاقية التي يطالب بها حزب الله؟.. نخبرك ما نعرفه
دعت كتلة حزب الله اللبناني في البرلمان "الوفاء للمقاومة" إلى حكومة "ميثاقية" في لبنان، وامتنعت عن تسمية شخصية لرئاسة الحكومة، بعد التصويت للقاضي نواف سلام لتولي الحكومة الجديدة.
ما اللافت في الأمر؟
تعني تصريحات حزب الله تسليما بانتخاب سلام رئيسا للحكومة، ورغبة الحزب بالمشاركة فيها وهو ما يقصده بـ"حكومة ميثاقية".
ماذا تعني الحكومة الميثاقية؟
مصطلح الحكومة الميثاقية يعود إلى "الميثاق الوطني اللبناني" وهو اتفاق غير مكتوب أسس لنظام الحكم في لبنان عام 1943 بعد مفاوضات بين كل الطوائف المسيحية والمسلمة في لبنان في الطريق إلى الاستقلال من الانتداب الفرنسي.
ونص الاتفاق الذي وضعه بشارة الخوري ورياض الصلح على أن لبنان سيكون بهوية عربية، ورئاسة مارونية للبلاد، وإسلامية سنية للحكومة، وإسلامية شيعية للبرلمان، وتم التعديل على المحاصصة في اتفاق الطائف عام 1989 لإنهاء الحرب الأهلية.
وتعني الحكومة الميثاقية أن تتضمن التشكيلة وزراء من كافة الطوائف في الخارطة السياسية اللبنانية دون استثناء أحد.
ماذا قالوا؟
◼ قال رئيس كتلة حزب الله النائب محمد رعد نطالب بحقنا في حكومة ميثاقية وأي حكومة تناقض العيش المشترك لا شرعية لها.
◼ قال المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان إنه مع تسمية سلام لرئاسة الحكومة يدخل البلد مرحلة جديدة من التوازنات المشدودة، والعين على تعزيز وطنية لبنان وتأكيد شراكته الميثاقية.
◼ قال النائب عن "حزب القوات اللبنانية" جورج عدوان إنه حزبه سيشارك في الحكومة وسيمد يده إلى حزب الله للمشاركة فيها.
◼ قال رئيس وزراء لبنان السابق، سعد: أملنا كبير في أن تنضوي كل القوى تحت سقف الشرعية، المعنية بحماية الجميع وحفظ الكرامات والتوقف عن سياسات الكسر والكيدية والاستقواء.
◼ قال النائب من كتلة "تحالف التغيير" مارك ضو إن الميثاقية ليست سببًا لشلّ الدولة وتؤخذ بالاعتبار وليس حزب واحد يحتكر طائفة بأكملها والميثاقية موجودة بإجماع اللبنانيين وليس بتمثيل الأحزاب.
◼ وقال النائب من كتلة "التوافق الوطني" فيصل كرامي: سميّنا سلام على أن يقوم الرئيس ورئيس الحكومة على الحفاظ على الدستور وتأليف حكومة لا تستثني أحدًا.
ماذا ننتظر؟
ينتظر اللبنانيون ربما وقتا أطول للوصول إلى تشكيلة حكومية مرضية للجميع، لكون تشكيلها يتطلب مشاورات واسعة من الرئيس المكلف مع كل الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان لا سيما تلك التي تريد حصتها في الحكومة.