كتب أستاذ العلاقات الدولية البرازيلي المعروف، ماتياس سبيكتور، مقالة نشرت بمجلة”Foreign Affairs” أشار فيها إلى أن الجنوب العالمي (ما يعرف بـGlobal South)، وهو عبارة عن تكتل من خارج المعسكر الغربي يشمل الصين وروسيا والهند وقوى أخرى صاعدة في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، رغم تنوعه، إلا أنَّه تمكن على مدار العقود من تشكيل تحالفات لإعادة رسم القواعد الدولية التي وضعت من أجل خدمة الأقوياء.

وقال الكاتب إن التعهدات التي قدمها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في الحملة الانتخابية في مجالات مثل التجارة والمناخ والهجرة وغيرها إنما تعكس محاولة لإعادة بسط الهيمنة الأميركية٫ مضيفًا أنَّ ترامب وعندما يهدد بالانسحاب من الاتفاقيات الدولية، فإنه في الواقع يصر على أن الولايات المتحدة قادرة على تولي الأمور بمفردها، وعلى أنَّه يتوجب على الأطراف الأخرى الاستجابة لما يقوله إذا كانت تريد مصالحها.

إلا أن الكاتب توقع أن تواصل العديد من الحكومات في الجنوب العالمي البحث عن بدائل عن العملة الأميركية، وخوض تجارب بالدفع بعملات بديلة (عن الدولار الأميركي) ورقمية من أجل إحباط قدرة البيت الأبيض على اعتماد أسلوب الإكراه ضد المنافسين من خلال العقوبات وقيود أخرى.

كذلك تابع أنَّ مضي ترامب في الترحيل الجماعي سيضر بموقع بلاده لدى طيف واسع في الجنوب العالمي، إذ إن من شأن ذلك إثبات أن ترامب ينظر بازدراء إلى العالم الذي هو خارج المعسكر الغربي.

كما لفت إلى أنَّ ذلك سيعمق الفجوة بين الشمال والجنوب العالميين في قضايا الاختلافات العرقية والثقافية، الأمر الذي سيثير التوتر في علاقات الغرب الدبلوماسية مع دول في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، بينما سيثير في نفس الوقت الكراهية تجاه دول غربية، محذرًا من أن ذلك قد يفاقم التوتر داخل الولايات المتحدة بحيث سيزيد الفجوة بين المجتمعات حول قضايا العرق والهجرة، ويقوض أكثر سلطة الولايات المتحدة الأخلاقية على المسرح العالمي.

كذلك أشار الكاتب إلى أنَّ القضية الفلسطينية هي من بين المواضيع التي حظيت بتضامن بين دول الجنوب العالمي، ذاكرًا خطوات قامت بها جنوب أفريقيا ضد الممارسات “الإسرائيلية” في محكمة العدل الدولية وما جرى في هذا السياق من توجيه تهمة ارتكاب اعمال إبادة جماعية.

وتوقع الكاتب أن يستمر التوتر بين الدول الغربية والأخرى غير الغربية على خلفية هذا الموضوع، وأن تواصل الدول النامية تحدي “إسرائيل” وحتى الولايات المتحدة في الجمعية الوطنية التابعة للأمم المتحدة وأيضًا على مستوى القانون الدولي.

كما قال إن ترامب وإذا ما نفَّذ تعهداته فعلًا بخفض التوتر مع روسيا بينما يسعى إلى الضغط على الصين، فقد يسرع بشكل غير مقصود الانتقال إلى عالم متعدد الأقطاب.

وأوضح أنَّه ومن خلال التهدئة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، سيكون ترامب قد اعترف ضمنيًا أنَّه لا يمكن كبح روسيا وأنَّ مساعي الأخيرة “للهيمنة الإقليمية” مشروعة، وأنَّه يحق لروسيا أن تسعى من أجل الحفاظ على مجال نفوذ. كذلك أشار إلى أنَّ ذلك سيؤكد صوابية ما تقوله العديد من الدول في الجنوب العالمي عن أن الهيمنة الأميركية المطلقة لم تعد تتحكم بالنظام الدولي.

وفي الختام قال الكاتب إن الحكومة الأميركية سواءً تحت قيادة ترامب أو من سيأتي بعده، ستجد صعوبة متزايدة في تجاهل الدور السياسي الصاعد للدول التي كانت تعتبر في السابق بأنها هامشية، معتبرًا أنَّ محاولة ترامب لإعادة بسط الهيمنة الأميركية ستصطدم بعالم أقل انصياعًا بكثير مما يتخيل.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: الهیمنة الأمیرکیة الولایات المتحدة الجنوب العالمی إلى أن

إقرأ أيضاً:

الهند ترفع واردات النفط والغاز الأميركية لتجنب الرسوم الانتقامية

وافقت الهند على زيادة واردات النفط والغاز من الولايات المتحدة في محاولة لتقليص اختلال الميزان التجاري بين الدولتين، وتجنب فرض رسوم انتقامية محتملة.

قال وزير خارجية الهند، فيكرام ميسري، خلال مؤتمر صحفي في واشنطن الخميس بعد اجتماع رئيس الوزراء ناريندرا مودي بالرئيس الأميركي دونالد ترمب،"أعتقد أننا استوردنا منتجات طاقة أميركية بنحو 15 مليار دولار. هناك احتمال كبير لارتفاع هذا الرقم إلى ما يصل إلى 25 مليار دولار"، و"من الممكن أن تسهم زيادة واردات الطاقة في التأثير على عجز الميزان التجاري بين الهند والولايات المتحدة".

أشارت الشركات الحكومية الحاضرة في مؤتمر "أسبوع الطاقة الهندي" المقام في نيودلهي هذا الأسبوع إلى أنها ستسعى إلى شراء كميات أكبر من النفط والغاز المسال من الولايات المتحدة. وتخوض شركة "إنديان أويل" (Indian Oil) مفاوضات مع "تشينيير إنرجي" حول اتفاق طويل الأجل لتوريد الغاز المسال، فيما كشف رئيس مجلس إدارة "غايل إنديا" (Gail India)، سانديب غوبتا، عن أن الشركة جددت خطط الاستحواذ على حصة في منشأة تسييل في الولايات المتحدة.

واردات الطاقة الهندية من أميركا

في البيان المشترك الذي أصدره الزعيمان، تعهد مودي وترمب بتعزيز تجارة الطاقة "لترسيخ مكانة الولايات المتحدة كمورد رئيسي للنفط الخام والمنتجات النفطية والغاز المسال إلى الهند"، مع زيادة الاستثمارات في البنية التحتية للوقود الهيدروكربوني.

كانت الهند أكبر مشترٍ للنفط الأميركي في 2021، حيث استوردت حوالي 406 آلاف برميل يومياً، أو ما يعادل 14.5% من إجمالي الصادرات الأميركية، بحسب بيانات شركة "كبلر" (Kpler). لكن هذا الرقم انخفض. وخلال أول 11 شهراً من 2024، مثلت الصادرات الأميركية أقل من 5% من إجمالي واردات الهند، مع عزوف مصافي التكرير عن الشراء من الموردين التقليديين والاتجاه إلى الخام الروسي الأقل سعراً.

وبعدما فرضت الولايات المتحدة عقوبات أشد صرامة على تجارة الوقود الهيدروكربوني الروسي في وقت سابق من هذا العام، تعمل الهند (ثالث أكبر دولة مستهلكة للنفط في العالم) على تطوير سلاسل التوريد المتعطلة سعياً للحفاظ على استمرار تدفقات الخام الأقل سعراً.

قلق هندي من الرسوم الانتقامية

تُعد الولايات المتحدة ثاني أكبر شريك تجاري للهند بعد الصين، حيث بلغ إجمالي حجم التجارة ما بين شهري أبريل ونوفمبر 2024 إلى 82.5 مليار دولار. غير أن صادرات الهند استقرت عند 52.9 مليار دولار مقابل مجموعة من المنتجات المستوردة بقيمة 29.6 مليار دولار، ما أدى إلى فجوة قد تعرض الدولة الجنوب آسيوية إلى فرض الإدارة الأميركية رسوماً جمركية انتقامية.

وتراجع التفاؤل الأولي للهند تجاه رئاسة ترمب نتيجة المخاوف من حرب تجارية وشيكة، وسياسات مرتبطة بالهجرة تستهدف مواطنيها. وأملاً في تجنب القيود التجارية، قدمت الحكومة تنازلات، مثل تقليص الرسوم الجمركية والخفض التدريجي للتعريفات الجمركية الإضافية على الواردات.

قال ترمب الخميس إن مودي وافق على بدء المفاوضات لمعالجة عجز الميزان التجاري الأميركي، بينما لام الهند على الرسوم الجمركية المرتفعة التي أدت إلى فرض الولايات المتحدة تعريفات انتقامية.

مقالات مشابهة

  • تحدي ترامب في "قمَّة القاهرة"
  • الأمم المتحدة.. إبراز مساعي الجزائر لتحقيق أهداف التنمية المستدامة
  • الهند ترفع واردات النفط والغاز الأميركية لتجنب الرسوم الانتقامية
  • كوريا الشمالية تتهم الولايات المتحدة بتهديد الأمن العالمي
  • وقف المساعدات الأميركية على الاقتصاد اللبناني: أرقام وتداعيات
  • البرازيل تتعهد بالرد على الرسوم الجمركية الأميركية
  • تحذيرات من أن خطة ترامب لأوكرانيا تضعف الناتو وتقوض الحماية الأميركية لأوروبا
  • منظمتان أمميتان تلغيان وظائف بعد تجميد المساعدات الأميركية
  • آلاف الأشخاص مهدّدون بالجوع في السودان بعد تجميد المساعدات الأميركية
  • إيلون ماسك: الولايات المتحدة ستواجه خطر الإفلاس بدون إصلاحات مالية جذرية