صدى البلد:
2025-04-14@10:13:05 GMT

منال الشرقاوي تكتب: بدايات ملهمة من عدسة السينما

تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT

مع بداية كل عام، نقف أمام صفحة بيضاء، نتأمل فيها ما مضى، ونتساءل عمّا سيأتي. يملؤنا الحماس أحيانًا، والقلق أحيانًا أخرى. لكن هناك شيء غريب يحدث حين تُطفأ الأنوار وتُضاء الشاشة أمامنا؛ فنجد أنفسنا نُمنح فرصة استراق النظر إلى حياة أخرى. فجأة، تتسع العدسة وتضيق، تُشرق الوجوه وتخفت، وتتحول القصة – أيًا كانت – إلى لوحة شفافة، تُسجّل عليها أفكارنا الهاربة وقراراتنا التي تهنا عنها وسط زحام الأيام.


السينما ليست مجرد حكايات تُروى، بل هي لحظات مُعلقة، مكتوبة بحبر من مشاعر لم نجرؤ على الاعتراف بها. في كل مشهد، يتسلل إحساس ما، تتبلور فكرة لم تكتمل، أو تتردد أمنية بين السطور. أحيانًا تأتيك الحكمة من مشهد عابر، من جملة أُلقيت بلا اكتراث، أو من موسيقى تصويرية تختبئ خلف لقطة صامتة. فتغوص في بحر من الحكايات السينمائية، التي لا تقتصر على إبهارك، بل تهمس في أذنك قائلة: “انهض... لا يزال هناك فصل لم يُكتب بعد”. 


من الأفلام التي أعتبرها على قائمة الصدارة من حيث الإلهام والقدرة على لمس القلوب، يأتي فيلم "The Pursuit of Happyness" البحث عن السعادة، إنتاج عام 2006، أخرجه الإيطالي جابرييل موكينو (Gabriele Muccino)، وبطولة النجم ويل سميث (Willard Smith)، الذي قدّم أداءً استثنائيًا يُعد واحدًا من أفضل أدواره السينمائية على الإطلاق.


الفيلم مستوحى من القصة الحقيقية لرجل الأعمال كريس جاردنر (Chris Gardner)، الذي بدأ من نقطة الصفر وواجه أصعب التحديات الاقتصادية والاجتماعية، لكنه لم يفقد الأمل أبدًا. وسط الأزمات المالية والمشاكل العائلية، يظهر كريس كرمز حي للصبر والإصرار؛ فيُجسّد معنى السعي الحقيقي نحو الأحلام.


يعتمد فيلم "The Pursuit of Happyness" على واقعية مُباشرة تجعله قريبًا من المتلقي. تبدأ القصة من أدنى نقطة ممكنة في حياة كريس جاردنر، وهو اختيار ذكي من كاتب السيناريو "ستيفن كونراد"، حيث يضع الجمهور في مواجهة مع الواقع منذ اللحظة الأولى. يتبع الفيلم المنحنى الكلاسيكي للقصة (المقدمة، الصراع، الحل)، لكنه يُبرز الصراع كجزء جوهري من التجربة الإنسانية. يُبرز الفيلم التحولات التدريجية دون الاعتماد على أحداث درامية مفتعلة. فالصراع يتولد من المواقف اليومية، المتمثلة في السعي لإيجاد مأوى، فقدان المال، ومحاولته الموازنة بين دوره كأب وكعامل يكافح للبقاء.


"جابرييل موكينو" مخرج الفيلم، تبنّى منهجية إخراج تُركّز على تلك الواقعية، حيث جعل الكاميرا المحمولة أداة لنقل المشاهدين مباشرة إلى قلب حياة كريس، فاستخدم الكاميرا المحمولة بذكاء في العديد من المشاهد الخارجية، مثل تلك التي يظهر فيها كريس وابنه يتنقلان بين الملاجئ، مما أضاف بُعدًا وثائقيًا عزّز من مصداقية العمل.


ويل سميث استخدم تقنيات أداء تعتمد على الصمت والتعبير البصري، حيث حملت عيناه وحركاته كل مشاعر الألم والانكسار دون صخب أو مبالغة. وجاء وجود ابنه الحقيقي "جادين سميث" ليضيف بُعدًا من الصدق إلى العلاقة بين الشخصيتين، وهو ما انعكس في المشاهد العاطفية القوية التي لم تبدُ مصطنعة أو متكلفة.

 ساعد كل ذلك في إظهار تطور الشخصية بشكل تدريجي، من الانكسار إلى إعادة بناء الذات، وصولًا إلى لحظة التمكين النفسي في المشهد الأخير. 


"The Pursuit of Happyness" هو أكثر من مجرد فيلم ملهم؛ إنه عمل درامي متكامل يُجسد بأدوات سينمائية بارعة رحلة مُرهقة في دهاليز الحياة، حيث يصبح الأمل هو الحبل الوحيد الذي يُمسك به الإنسان كي لا يسقط. يأتي المشهد الأشهر حين يقول كريس لابنه:  "لا تدع أحدًا يخبرك أنك لا تستطيع فعل شيء. حتى أنا." ليقدم وصية إنسانية تُلخّص فلسفة الفيلم. تلك التي تؤكد أن الإيمان بالذات هو مفتاح الصمود أمام تحديات الحياة.


الحياة لا تضمن لنا فرصًا متساوية، لكنها تُعطي لكل منا لحظة اختبار حاسمة؛ لحظة تُقرر فيها إن كنت ستقف من جديد أم ستستسلم لليأس.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ويل سميث المزيد

إقرأ أيضاً:

كريمة أبو العينين تكتب: الظالمون كم يعيشون!!

فى واحدة من روائع الأديب الروسى " أنطون تشيخوف " يتساءل البطل ويسأل ويوجه سؤاله الى الخالق ويقول له " كل نهار تشرق شمسه أسألك لماذا أطلت فى عمرى مع علمك ويقينك أننى ظالم ، وايضا لن اكون صالحا أبدًا؛ ويستكمل حواره مع خالق الكون ويقول " تراك تعذبنى باطالة عمرى أم أنك تريد لى الخير والعودة الى طريق الصواب والحق والعدل !!" .. 
هذه الجملة الفريدة المعبرة تشرح لنا حال من أصبح على بصرة غشاوة وعمى قلبه وصار يواصل ظلمه وايذاء الاخرين الظالم هو مخلوق فاسد ولايترك أحدًا الا وأذاقه من الظلم صاع . لو طبقنا هذا الكلام على الظالمون سنجدهم كثر وهم آفة الحياة وسلاح الشيطان الذى يفتك به فى الارض ويزيد من مريديه وأحبابه.

الظالمون يريدون لأنفسهم العلو وللاخرين الألم والتعاسة ، الظلم له ادوات وأشخاص فقد يكون الظالم اخيك الذى يستحل لنفسه كل ماهو لك ويتبارى فى ذلك بكل الطرق التى يقنع بها نفسه انها صحيحة وحقيقية بل وقد كتبها الله له ، الظالم قد يكون زوجا سرق ثمرة عمر رفيقته وعندما كبرت أقنع نفسه بأنه له الحق بأن يفعل الحلال ويجعلها تمضى بقية عمرها حزينة تندهش مما ألم بها من أقرب الناس اليها وعليها ، الظالم قد يكون ابنك العاق الذى نفض يده من ابويه وحقهما عليه وبرر لنفسه ذلك العقوق بأن والديه لم يكونا علىّ قدر مسئوليتهما تجاهه . 

الظالم قد يكون زوجة غير صالحة تزيد لنفسها السلطة المطلقة والغنى الفاحش على حساب بيتها وزوجها ، الظالم قد يكون عما او خالا أو جدا او جدة او خالة او عمة ، الظالم المحزن هو من يكون منك ومن اقرب الناس اليك لانهم يضربك فى مقتل ويأكل لحمك وانت على قيد الحياة بنهم ورغبة متناهية .. الظالم القريب يأتى بعده الظالم فى العمل على شكل مدير متاسف فاجرفى ممارسة مهامه بغير عدل ولا خوفا من الله سبحانه ، وقد يكون زميل عمل عظامى وصولى يفعل كل شىء وأى شىء من اجل نفسه فقط والوصول الى اصحاب الشأن لكى يعلو شأنه وحجمه على حساب زملاءه واصدقاءه . 

الظلم متنوع ومنتشر فى الشارع والمدرسة والجامعة والعمل بل وللاسف قد يكون فى دور العبادة فى ظل وجود من لايراعون الله ريتخذوا من مكانتهم اداة ووسيلة للفتاوى المضللة والاستفادة المادية من جهل الاخرين الذين يرون فى رجل الدين شفيعا لهم فى دنياهم واخرتهم .

 هناك نوع سائد من الظلم وهو ظلم الدول العظمى او مايعرف بالامبراطوريات لانها لاتهاب احدا وتستنزف كل ماتراه يخدم مصالحها واهدافها ، التاريخ خير شاهد على ذلك من ظلم زال معه امبراطوريات وامم وطويت صحف وتواريخ ودول وعوالم ، ابن الفرس ؟ ابن الروم ؟ ابن الفراعنة وثمود وعاد وقوم لوط وغيرهم ممن تربعوا عرش الزمن والتاريخ !! الظلم السائد حاليا هو الظلم الامريكصهيونى الذى يقتل بدم بارد وبعنجهية مفرطة كل فلسطينى وكل عربى ان لم يكن كل مسلم ، الظلم الحالى استباح سوريا ولبنان واليمن ناهيك عما أحدثه فى قطاع غزة من دمار نهائى ومحاولات مستأصلة لابادة الفلسطينيين وماتبقى منهم يهجر مكرها او طواعية !!

 الظلم الحديث طال كل من يقول الحق ويتمسك بتراب وطنه ، وتمادى ليهدد بالمزيد والمزيد من القهر والاذلال والعبودية امن لايأمن على ماتقوم به أمنا الغولة الولايات المتحدة الامريكية وابنتها اسرائيل من فتك وتدمير وهلاك واهلاك للبشر والحجر والشجر . الظلم الحديث ابطاله ليس لهم إله يخشونه ويطلبون منه ان يعيدهم الى الصواب لانهم ببساطة لايعترفون بظلمهم بل انهم يروا انهم اصحاب مبادىء ورسالات يسعون لاقامتها على ارض الواقع طوعا أو كرها . الظالمون الجدد ان صح الوصف يرون انهم مخلصين هذا العصر وتلك المنطقة المنكوبة والتى تسمى الشرق الاوسط . 

الظالمون الان لايخفون وجوههم ولا يرتدون عباءة النساك والوعاظ بل بالعكس هم يظهرون بوجههم الحقيقى ويطلقون تصريحاتهم المستبدة بكل سلاسة ورحب وسعة . 

الظالمون الجدد لن يموتوا وينتهوا بنهاية عمرهم الافتراضي لانهم ببساطة تطول اعمارهم بصمت المحيطين بهم الخائفون من مواجهتهم حفاظا على حياتهم ورغبة فى الحياة حتى لو عاشوها مذلولين جبناء . الظالم عند تشيخوف كان لديه رغبة حقيقية فى معرفة الى متى سيعطيه الله العمر وهو على ظلمه بينما الظالمون الجدد غير معنيين بالعمر مادام لهم مريدين سيكملوا مسيرتهم ومادام هناك الجبناء الذين لايواجهون الظلم ولو حتى بأضعف الايمان وهو الدعاء .. الظالمون الجدد ممتدون مفسدون قاتلون يؤازرهم الشيطان بينما الاخرون منتظرون الحجر والشجر ينادى عليهم ويخبرهم بأن خلف الحجر والشجر ظالم مختبىء تعالى اقتله !!!!!

مقالات مشابهة

  • قرأت مقالات ملهمة عن سيرة الفريق الفاتح عروة
  • شيخة الجابري تكتب: هل تراقبون الوقت؟
  • ما حكم الشرع في عدم تنفيذ وعود ما قبل الزواج؟ |فيديو
  • نهال علام تكتب: جيل العيال المحظوظة
  • كريمة أبو العينين تكتب: الظالمون كم يعيشون!!
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: من طرف خفي 50
  • جناح سلطنة عُمان في إكسبو 2025 .. قصة نجاح ملهمة للشباب العماني
  • إلهام أبو الفتح تكتب: بشرى سارة
  • الإمارات «رحلة ملهمة» في اليابان
  • سعر ومواصفات هاتف oppo find x8 ultra.. الآن في مصر