كتبت" الشرق الاوسط":لم يكن تقدم نواف سلام سهلاً، إذ شهدت الاستشارات تنافساً ومعركة حقيقية بينه وبين الرئيس نجيب ميقاتي الذي كانت المعلومات تشير حتى مساء الأحد، إلى تقدمه في المعركة، قبل أن تتبدّل المعطيات شيئاً فشيئاً ويتسم المشهد بالغموض طوال ساعات قبل الظهر، ومن ثم تنقلب رأساً على عقب لصالح سلام وتنتهي الاستشارات بتقدم كبير لصالحه، وذلك بأصوات المسيحيين والسُّنة والدروز، مقابل عدم تسميته من أي طرف شيعي، وهو ما رأى فيه البعض أنه قد يصعّب مهمّة سلام بتشكيل الحكومة، وما نقله بعض النواب عن رئيس الجمهورية، مشيرين إلى تخوفه من أن نكون أمام أزمة حكومية.
ولا يعني تكليف رئيس جديد تشكيل حكومة أنّ ولادتها باتت قريبة. وغالباً ما استغرقت هذه المهمة أسابيع أو حتى أشهُراً، بسبب الانقسامات السياسية والشروط والشروط المضادّة في بلد يقوم نظامه على مبدأ المحاصصة، رغم أن هناك أفرقاء لبنانيين يرون أن مهمة التأليف لم تكن صعبة هذه المرة انطلاقاً من الوقائع والمعطيات السياسية والخارجية التي تؤكد ضرورة المضي قدماً في مرحلة التغيير.
وأتت نتيجة الاستشارات بعد ساعات عصيبة من المباحثات والاتصالات، ونجحت في قلب مقاييس الموازين السياسية، وأدت إلى امتناع كتلتي «حزب الله» و«حركة أمل» عن التصويت في نهاية يوم الاستشارات الطويل، في حين اتهم رئيس كتلة الحزب النائب محمد رعد الطرف الآخر بـ«الانقلاب» على التوافق الذي تحقق في انتخاب رئيس الجمهورية، ومتهماً إياهم بـ«التقسيم والإلغاء والإقصاء»، مطالباً بـ«حكومة ميثاقية وأي حكومة تناقض العيش المشترك لا شرعية لها».
وكتب اسكندر خشاشو في " النهار":فاجأ رئيس الجمهورية جوزف عون النواب بإعلان موعد الاستشارات النيابية الملزمة بعد 3 أيام على انتخابه، وهو ما شكّل إرباكاً لدى النواب الذين كانوا قد أجلّوا البحث في ملف رئاسة الحكومة إلى أوائل الأسبوع.
الخطوة الرئاسية قطعت العطلة وفترة الراحة عند الكتل المعارضة التي سارعت إلى الاجتماعات واللقاءات، وكان الخيار أن تطرح مرشحاً من بين أفرادها، وتخوض معركة واضحة من دون الالتفات إلى النتيجة.
أولى العقبات تمثلت في الاختيار بين النائبين أشرف ريفي وفؤاد مخزومي اللذين أبديا رغبتيهما في الترشح، قبل أن تحسم ليلة السبت تزكية مخزومي، على الرغم من حرد ريفي.
وسرعان ما اختلف المشهد ظهر الأحد بعد تواصل تولّاه عدد من الناشطين المؤثرين ضمن حراك 17 تشرين، وبعض النواب التغييريين الذي طرحوا اسم القاضي نواف سلام باعتباره شخصية يمكن التفاهم عليها وتشكّل تقاطعاً، وخصوصاً أنهم أبدوا استعدادهم لمفاوضة النائب إبراهيم منيمنة الذي سبق أن ترشح سابقاً، لسحب ترشحه وملاقاة المعارضة وإطلاق معركة تبدأ بنحو 45 صوتاً، ما يجعلها جدية وتضغط على الكتل الأخرى، بما يزكي فوز سلام ويعطي صورة إيجابية وتغييرية تتماشى مع المرحلة وتريح الفريقين أمام جمهوريهما، وخصوصاً أنها المعركة الأولى التي يجتمعان فيها بكل الشخصيات والقوى.
هذا الحراك أعاد المعارضة إلى المربع الأول، فسارعت إلى الاجتماع والدفع نحو التجاوب مع طلب التغييريين، ولا سيما كتلة "تحالف التغيير" والكتائب، في مقابل عدم حماسة من "القوات اللبنانية" وبلال الحشيمي وأديب عبد المسيح ومخزومي نفسه للأمر.
في الليلة الطويلة الذي استمرّ فيها اللقاء لساعات وامتدّ حتى صباح الإثنين، جرت اتصالات مكثّفة بعدد من الكتل ومنها "اللقاء الديموقراطي" و"لبنان القوي" لمحاولة معرفة توجّهيهما، وخصوصاً أنّ رأياً ساد في الاجتماع مؤدّاه أن الأكثرية هي المعارضة وتجمع 31 صوتاً، فيما النواب التغييريّون لا تتجاوز أصواتهم التسعة وبالتالي يجب عليهم الانضمام إلى الأكثرية وليس العكس.
ومع تقدّم الوقت، ازداد الضغط من التغييريين وناشطي 17 تشرين الذين اجتمعوا في مكتب منيمنة، فأعلن الانسحاب، وبدأوا بحملة ضغط هائلة بحسب مصدر معارض الذي قال لـ"النهار": "نسوا خلافات سنتين ونصف سنة وانطلقوا بحملة هائلة لإحراجنا أمام ناخبينا، وتصويرنا بأنّنا على اتّفاق ضمني مع ميقاتي".
في الموازاة، أرسل النائب السابق وليد جنبلاط إشارات واضحة بعدم إمكان السير بمخزومي، ولم يتجاوب مع الاتصالات التي أجريت، بل كان قد أعطى إشارات نحو إمكان تسمية نواف سلام كما فعل سابقاً. وبقي "التيّار الوطنيّ الحرّ" من دون إعطاء كلمة نهائية، ما أبقى الأمل لدى مخزومي الذي أصرّ على عدم الانسحاب، معوّلاً على دعم "التيّار" له ليشكّل ضغطاً مضاداً على التغييريين، وهذا ما لم يحصل حتّى ساعات الفجر، بل على العكس، أرسل "التيّار" إشارات سلبية، وهنا كان لا بدّ من خيار، إمّا الاستمرار بالتسمية ونيل نحو 30 صوتاً، وإمّا الذهاب نحو التوافق مع تشكيلات المعارضة والتغييريين والمستقلّين وخوض معركة جدّية باسم نواف سلام الذي قد ينال دعم "اللقاء الديموقراطي" و"التيّار الوطنيّ الحرّ"، وترك الخيار عند مخزومي الذي قرّر صباح الإثنين الانسحاب ودعم سلام.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: نواف سلام التی ار
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء اللبناني يتوجه إلى سوريا للقاء الشرع.. ما محاور المباحثات؟
توجه رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام، الاثنين، على رأس وفد رفيع المستوى إلى العاصمة السورية دمشق، في أول زيارة من نوعها منذ تشكيل حكومته.
وتهدف زيارة نواف سلام إلى لقاء الرئيس السوري أحمد الشرع لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين الجارين، بحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الحكومة اللبنانية.
ويترأس سلام في زيارته إلى دمشق وفدا رفيع المستوى يضم وزراء الدفاع ميشال منسي والخارجية يوسف رجي والداخلية أحمد الحجار.
وهذه أول زيارة يجريها سلام إلى دمشق منذ تشكيل حكومته في 8 شباط/ فبراير الماضي، وهي ثاني زيارة يجريها رئيس وزراء لبنان منذ سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر عام 2024.
ومن المتوقع أن يتطرق الوفد اللبناني إلى العديد من الملفات بما في ذلك المختفون اللبنانيون في السجون السورية خلال عهد النظام السابق، بالإضافة إلى تأمين الحدود بين الجانبين، والتي شهدت سلسلة من التوترات الأمنية والاشتباكات في أعقاب سقوط الأسد.
وفي آذار/ مارس، وقع وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة ونظيره اللبناني ميشال منسي على اتفاق بشأن ترسيم الحدود بين البلدين، عقب اجتماع استضافته مدينة جدة في المملكة العربية السعودية.
وأفادت وكالة الأنباء السعودية "واس"، بأن المملكة استضافت اجتماعا بين وزيري الدفاع اللبناني والسوري بحضور نظيرهما السعودي خالد بن سلمان، بهدف تعزيز التعاون في القضايا الأمنية والعسكرية بين دمشق وبيروت.
وأكد الجانبان على "تفعيل آليات التنسيق بين الجانبين للتعامل مع التحديات الأمنية والعسكرية وبخاصة في ما قد يطرأ على الحدود بينهما"، بالإضافة إلى الاتفاق على عقد اجتماع متابعة في السعودية خلال الفترة القادمة.
وتسعى الإدارة السورية إلى ضبط الأوضاع الأمنية في البلاد، وتعزيز قبضتها على الحدود مع دول الجوار ومنها لبنان، بما يشمل ملاحقة مهربي المخدرات وفلول النظام السابق الذين يثيرون قلاقل أمنية، بحسب وكالة الأناضول.
وتتسم الحدود اللبنانية السورية بتداخلها الجغرافي، إذ إنها تتكون من جبال وأودية وسهول دون علامات أو إشارات تدل على الحد الفاصل بين البلدين، اللذين يرتبطان بـستة معابر حدودية برية على طول نحو 375 كلم.