عربي21:
2025-01-14@14:23:34 GMT

لوموند: نجم الجزائر يتلاشى في منطقة الساحل

تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT

لوموند: نجم الجزائر يتلاشى في منطقة الساحل

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن التحديات التي تواجهها الجزائر على حدودها الجنوبية من جانب دول الساحل التي تسعى إلى تحرير نفسها من نفوذ الأطراف الخارجية.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن مدينة تينزواتين على الحدود المالية الجزائرية تمثل النقطة الساخنة في منطقة الساحل والصحراء.



وأضافت الصحيفة أن بعد توقيع اتفاق السلم والمصالحة تحت اشراف الجزائر سنة 2015 ومع صعود المجلس العسكري السيادي إلى السلطة بقيادة أسيمي غويتا سنة 2020 استعاد  التمرد الانفصالي الذي تقوده جماعات الطوارق قوته.

وتشعر الجزائر بقلق إزاء عودة الحرب إلى حدودها الجنوبية في منطقة الساحل، حيث تعكس هذه الاضطرابات المتزايدة تراجع نفوذ الجزائر، الوسيلة التي طالما اعتمدت عليها لتنظيم وتسوية النزاعات في هذه المنطقة من خلال الوساطات.

ومع ذلك، يفرض الموقع الجغرافي الذي تتمتع به الجزائر عليها لعب دور مهم في الديناميكيات الإقليمية، بحسب التقرير.

وأوضح، أن الجزائر تواجه تحديات كبيرة لاستعادة هيبتها السابقة التي بلغت ذروتها في الستينيات والسبعينيات، عندما كانت تمثل نموذج الثورية والتضامن مع دول العالم الثالث.

الجيش يستحوذ على 20 بالمئة من الميزانية العامة
ووفق الصحيفة؛ تأخذ الأزمة منحى تصاعدي، بحيث تمر الجزائر بجملة من التحديات من بينها العلاقات المتوترة مع مالي والخلافات مع النيجر والمخاوف بشأن حدودها مع ليبيا. ناهيك عن احتداد النزاع مع المغرب بشأن قضية الصحراء الغربية، التي بلغت ذروتها منذ توقيع المغرب على اتفاقية التطبيع.

ويرى عبد العزيز رحابي، الدبلوماسي ووزير الاتصال الجزائري السابق أن تحول المناطق المتاخمة للحدود الجزائرية إلى مناطق  مضطربة يشكل ضغطا على الجيش الجزائري ويستنزف قوته.

وأوضح، أن أمام هذا التهديد، لجأ النظام الجزائري إلى زيادة عسكرة حدوده، وعليه ارتفعت النفقات العسكرية إلى 3349 مليار دينار بحلول سنة 2025، أي تضاعفت مرتين ونصف مقارنة بسنة 2022. ويستحوذ الجيش وحده على 20 بالمئة من حجم الميزانية الوطنية.

ويعتبر  النزاع مع باماكو أكثر التحديات غير المسبوقة التي تواجه الجزائر. وتصاعدت حدة التوتر بين البلدين بعد توجيه وزارة الخارجية المالية في الأول من كانون الثاني/يناير اتهامات مباشرة إلى الجزائر.

والجدير بالذكر أن الأزمة بين الجارتين، التي ظلت تختمر لسنوات عديدة، اندلعت قبل سنة مع إدانة المجلس العسكري بقيادة العقيد غويتا اتفاق الجزائر المبرم سنة 2015 بين السلطات المالية والانفصاليين من الطوارق والعرب. ومن خلال تدابير اللامركزية والتنمية الاقتصادية ودمج المتمردين في الجيش، كانت التسوية تهدف الى تحقيق الاستقرار في هذه المنطقة، التي سيطر عليها سنة 2012 المتمردون ذوو الأغلبية الطوارقية من الحركة الوطنية لتحرير أزواد، التي انضم إليها عدد من الجهاديين.

من أجل وقف تقدم المقاتلين المرتبطين بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي؛ نفذت فرنسا عملية سرفال سنة 2013. في ظل تصاعد التوترات مع باماكو انسحبت فرنسا سنة 2022 بعد إدانة الانقلابيون الاستعمار الجديد لباريس وتوطيد علاقتهم مع موسكو.

وتتهم الجزائر في الوقت الراهن بـ"التدخل في الشؤون المالية"، أحد  الحجج التي استعانت بها باماكو لتبرير رفضها لاتفاق 2015، الذي رعته الجزائر. وهكذا حرمت الجزائر من إحدى الأدوات الرئيسية لنشاطها الدبلوماسي في منطقة الساحل.

حماية مجتمعات الطوارق
وأفادت الصحيفة أن عروض الوساطة كانت مدفوعة بمصلحة إستراتيجية تقوم على رفض استقلال أزواد. ويذكر نور الدين عيادي في كتابه " هل تستحق كيدال حربا: الجزائر وفرنسا في مالي والساحل: النفوذ مقابل القوة" أن إحدى مهام الجزائر كان تشجيع الحركة الوطنية لتحرير أزواد على النأي بنفسها عن مواقفها المؤيدة للاستقلال تجنبا لقيام دولة تعتمد على الطوارق الأمازيغية، وما يصاحب ذلك من خطر انتشار العدوى الوحدوية في الجنوب الجزائري.

وتتمثل المصلحة الإستراتيجية الأخرى في حماية مجتمعات الطوارق، التي تشكل استمرارية عرقية ثقافية عبر الحدود، وفي حين يشير  القادة الجزائريين إلى إطلاق اتفاق السلام لسنة 2015 بناء على طلب مالي، فإنهم استهانوا بموقفهم الذي ولد نوعا من الإحباط في نفوس شركائهم في منطقة الساحل الذين بدأوا يشككون في نوايا القادة الجزائريين الحقيقية.

وفي هذا الصدد، يقول وزير مالي سابق إن الجزائر لعبت بورقة السلام الهش في شمال مالي، من أجل الحفاظ على نفوذها في منطقة الساحل.

وتتنامى مشاعر الاستياء في باماكو؛ حيث يقول أحد الضباط الماليين متأسفا: "لم يكن الجزائريون صادقين معنا أبدًا".

ويضيف أحد المساعدين السابقين للرئيس السابق إبراهيم أبو بكر كيتا:"لطالما اعتبرت الجزائر مالي ساحة خلفية لهآ. الجزائر تلعب دورًا غامضًا. وتستخدم مالي كحاوية تضم جهادييها".



غموض الجزائر تجاه إياد أغ غالي
في الدعوى المرفوعة في باماكو ضد الجزائر، طرحت أسئلة تتعلق بإياد أغ غالي، المتمرد الطوارقي المالي السابق الذي يعد الزعيم الجهادي الأكثر طلبا في منطقة الساحل منذ قيادته لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، المرتبطة بتنظيم القاعدة في مالي.

وفي هذا الصدد يقول أحد المساعدين السابقين للرئيس السابق إبراهيم أبو بكر كيتا: "كان لدينا دائمًا انطباع بأن إياد أغ غالي كان محميًا من قبل الجزائريين. لو تعاونوا معنا لكنا قبضنا عليه منذ زمن طويل". ويضيف جندي فرنسي شارك في عملية "برخان": "كنا نعلم أننا لن نحصل عليه لأننا نعلم أنه متواجد في الجزائر".

في المقابل، تدعي الأوساط العسكرية والاستخباراتية في باريس أن الزعيم الجهادي المالي يتلقى دعمًا من جانب السلطات الجزائرية. ويؤكد قائد جبهة تحرير أزواد: "إن الجزائريين يدعمون إياد أغ غالي لأنه يسمح لهم بالسيطرة على الصراعات على حدودهم الجنوبية وضمان عدم تقدم قضيتنا، قضية الانفصاليين".

ويوضح نور الدين عيادي في كتابه أن إياد أغ غالي كان في الواقع "من أعداء الجزائر".

ويستند الدبلوماسي في ذلك إلى أن مقاتلين من مجموعته الأصلية، أنصار الدين، كانوا موجودين إلى جانب جهاديي حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا، عندما هاجموا في نيسان/ أبريل 2012 القنصلية الجزائرية في كاغو.

ويعترف العيادي أنه في حال تواصلت الجزائر مع إياد أغ غالي، في الفترة التي سبقت عملية "سرفال" الفرنسية في كانون الثاني/ يناير 2013، فذلك على أمل انتزاعه من الحركة الجهادية بهدف التوصل إلى اتفاق سياسي مع باماكو.

وساهم الجدل الدائر حول غموض الجزائر فيما يتصل بزعيم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وكذلك الجماعات الطوارقية في تدهور علاقاتها مع مالي، وبدرجة أقل مع النيجر، التي كانت ضحية لانقلاب نفذ في تموز/ يوليو 2023، وفق التقرير.

وبعد استهداف فرنسا، أثار استعادة النخب السياسية والأمنية في منطقة الساحل سيادتها، قلق الجزائر التي أصبحت تشهد إعادة تشكيل جيوسياسي إقليمي غير مواتي لها. بعد رحيل الفرنسيين اخترق المرتزقة الروس من وحدات فاغنر منطقة الساحل وجمهورية إفريقيا الوسطى وشرق ليبيا.

اللعبة الإماراتية
في هذا الصدد، يقول عبد العزيز رحابي: "هناك تصعيد إقليمي مقلق مع انتشار اللاعبين في منطقة الساحل". غبالنسبة للجزائر، يعتبر توسع النفوذ الإماراتي مثيرًا للقلق كونه يكتسح السودان من خلال دعم الجنرال محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي" وليبيا عن طريق دعم المشير خليفة حفتر والتشاد من خلال  منح انجمينا قرضًا بقيمة 460 مليون يورو.

ويقول علي بن سعد، الأستاذ في المعهد الفرنسي للجغرافيا السياسية بجامعة باريس الثامنة: "يتمثل الهدف الإماراتي في شل الجزائر من خلال خلق بؤرة عسكرية على حدودها الأكثر حساسية. تقف الجزائر اليوم عاجزة أمام هذه المنافسات الجديدة."

ويرى رؤوف فرح، وهو باحث جيوسياسي ومحلل بارز في مركز أبحاث المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود أنه مع وصول فاعلين ديناميكيين وعدوانيين أدركت الجزائر أنها تتبع  مفاهيم قديمة في الساحل.

ويعود تراجع دور الجزائر هناك إلى التعامل بلامبالاة في عهد بوتفليقة تجاه دول الساحل. في هذا الصدد، يقول رحابي: "زار بوتفليقة باريس سبع مرات، في المقابل لم يزر منطقة الساحل ولو مرة واحدة". وعلى عكس المبادئ المعلنة، فإن الوجود الاقتصادي للجزائر هناك ضئيل، مما يحرمها من توسيع نفوذها.

تهديد خاص جدا: تهديد المغرب
ويشكل المغرب تهديدًا ملموسًا للجزائر؛ حيث تتمسك المملكة بالديناميكية الإقليمية الجديدة التي نشأت حول تحالف دول الساحل، الذي تشكل في سنة 2023 من قبل المجالس العسكرية الحاكمة في مالي والنيجر وبوركينا فاسو.

وعلقت الجزائر آمالا على قدرتها إثبات وقوف المغرب وراء الجماعة الجهادية السابقة: "حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا"، التي استهدفت المصالح الجزائرية في كاغو وفي الجزائر نفسها.

وفي سنة 2014، حاولت الرباط بدورها نسف جهود الوساطة الجزائرية من خلال استضافة زعماء الطوارق في الحركة الوطنية لتحرير أزواد مرتين. وعليه، استطاع المغرب تعزيز نفوذه في الدول الساحل ويتجلى ذلك من خلال العرض الذي قدمه للمجالس العسكرية في منطقة الساحل لتوفير منفذ على الأطلسي لاقتصاداتها غير الساحلية.

في مواجهة لسلسلة التوترات التي تمتد على حدودها، شددت الجزائر السيطرة على حدودها. كما عززت من رقابتها على المجتمعات في الجنوب، الذي يتخبط في مشاكل اجتماعية واقتصادية.

وأعطى الانتشار السياسي والأمني أكله، بحيث لم تسجل أي حادثة خطيرة منذ الهجوم على بتنقتورين. وفي هذا الصدد تقول  لويزة أيت حمادوش الأستاذة في معهد العلوم السياسية بجامعة الجزائر 3: "من الواضح أن هناك قدرة معينة على احتواء الصراع ومنع امتداده إلى التراب الوطني".



تخفيف القبضة الدبلوماسية
وذكرت الصحيفة أن الجزائر تحاول تخفيف الخناق الدبلوماسي الذي قلص آفاقها في السنوات الأخيرة.

وتتطلب هذه الإستراتيجية تحسين علاقاتها مع النيجر ومع موريتانيا، التي باتت تمثل مسرح تنافس جزائري مغربي. فضلا عن إعادة بناء العلاقة مع موسكو، التي تفاقمت بعد انضمام مجموعة فاغنر إلى جانب المشير حفتر في ليبيا والى جانب المجلس العسكري في باماكو.

وتنقل الصحيفة عن أكرم خريف، المتخصص في قضايا الدفاع والأمن ومؤسس موقع "مينا ديفانس"، قوله:  "إن العلاقات بين الجزائر وموسكو بدأت تعود إلى طبيعتها".

علاوة على ذلك، تعد الزيارة التي أداها كل من نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف ونائب وزير الدفاع يونس بك إيفكوروف إلى الجزائر في 19 كانون الأول/ديسمبر 2024 من المؤشرات على تعزيز العلاقات مع روسيا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الجزائر دول الساحل المالية فرنسا فرنسا الجزائر مالي دول الساحل سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی منطقة الساحل فی هذا الصدد على حدودها دول الساحل من خلال

إقرأ أيضاً:

رئيس مالي يؤكد دعم بلاده للسودان

أكد عاصمي غويتا، رئيس مالي، دعم بلاده للسودان في مواجهة ما يتعرض له من "استهداف ضد أمنه واستقراره".

السودان يحتفل بدخول الجيش مدينة ود مدني البرهان: فتح جميع معابر ومنافذ إدخال المساعدات في السودان

وبحسب سبوتنيك، جاء ذلك خلال استقبال غويتا، عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش السوداني، وفقا لبيان من مجلس السيادة الانتقالي في السودان.

وذكر البيان، أن "غويتا، أكد للبرهان، دعم بلاده للسودان في مواجهة ما يتعرض له من استهداف ضد أمنه واستقراره".

وتابع غويتا للبرهان، بحسب البيان، "نعلم أن هناك أعداء يعملون ضد أمن واستقرار السودان، وذلك طمعا في الموارد الضخمة التي يتمتع بها".

ولفت غويتا إلى أن هناك "جماعات إرهابية ومرتزقة من دول عدة تعمل على زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة"، مؤكدا استعداد بلاده للتنسيق مع السودان لمحاربة الجماعات الإرهابية.

وأشار إلى "الإمكانيات التي يتمتع بها السودان في مجال الصناعات الدفاعية"، مؤكدًا رغبة بلاده في تبادل الخبرات مع السودان، في كثير من المجالات.

من ناحيته، أكد رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، أن "السودان يربطه علاقات تاريخية مع مالي".

وأوضح البرهان، كذلك أن "الدول الأفريقية يربطها مصير مشترك يستدعي التعاضد والتكاتف فيما بينها"، مشيدًا بمواقف جمهورية مالي تجاه السودان

مقالات مشابهة

  • نجم فاركو يضحي ماليًا من أجل الزمالك
  • شاهد بالصور والفيديو.. استقبالات حاشدة من الشعب المالي للبرهان لحظة وصوله باماكو والرئيس السوداني يكسر “البروتوكول” ويخرج من السيارة لمبادلتهم التحايا
  • مدبولي: نعمل على دفع جهود التنمية في الساحل الشمالي الغربي لتعظيم العائد في ضوء الفرص الواعدة التي يتميز بها
  • وصول المساعدات الإنسانية التي أرسلتها الجزائر إلى بوركينافاسو
  • محلل مالي: الذهب أفضل استثمار حتى في ظل التقلبات العالمية .. فيديو
  • رئيس مالي يؤكد دعم بلاده للسودان
  • شاهد الفيديو.. البرهان يكسر البروتوكول ويحي الجماهير التي إحتشدت لإستقباله في العاصمة المالية باماكو
  • تشييع جثمان الشيخ القبلي البارز نجيب الكامل الذي قتل إثر تدخله لحل نزاع على أرض في ذي السفال
  • رئيس مجلس السيادة الانتقالي يصل باماكو