وكالة الصحافة المستقلة:
2025-05-02@11:05:29 GMT

الوكلاء ومدينة أفلاطون الرقمية

تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT

يناير 13, 2025آخر تحديث: يناير 13, 2025

إيهاب عنان

باحث في مجال الذكاء الإصناعي والأمن السيبراني

في محاورة “الجمهورية”، رسم أفلاطون صورة مثالية للمدينة الفاضلة التي يحكمها الفلاسفة الحكماء، مؤمناً بأن المعرفة والحكمة هما السبيل الأمثل لتحقيق العدالة والسعادة للبشرية. واليوم، وبعد أكثر من ألفي عام، يبدو أن البشرية تقترب من تحقيق حلم مشابه، ولكن هذه المرة من خلال الوكلاء الرقميين الأذكياء الذين يجسدون في جوهرهم فكرة الحاكم الحكيم الذي يمتلك المعرفة ويسخرها لخدمة الإنسان.

عندما طرح بيل جيتس رؤيته عن المساعد الرقمي في كتابه “الطريق إلى الأمام” عام 1995، لم يكن يدرك ربما أنه يرسم ملامح عالم يقترب في جوهره من يوتوبيا أفلاطون. فالوكيل الرقمي، في جوهره، هو كيان يمتلك معرفة هائلة ويسخرها لتحقيق الخير والمنفعة للإنسان، تماماً كما تخيل أفلاطون حكامه الفلاسفة.

مثلما اشترط أفلاطون في حكام مدينته الفاضلة امتلاك المعرفة الشاملة والحكمة، نجد اليوم أن الشركات التقنية الكبرى تسعى لتطوير وكلاء رقميين يمتلكون فهماً عميقاً للعالم وقدرة على التعلم المستمر. فشركة OpenAI، على سبيل المثال، طورت نموذج o3 الذي يمتلك قدرات متقدمة في فهم السياق والتعلم من التجارب، بينما قدمت Google نموذج Gemini 2.0 الذي يجمع بين الذكاء اللغوي والبصري في منظومة متكاملة.

هذه النماذج المتقدمة تشبه في جوهرها فكرة الفيلسوف الحكيم عند أفلاطون، فهي تمتلك معرفة واسعة وقدرة على الفهم والتحليل، ولكنها تتفوق على التصور الأفلاطوني في قدرتها على التعلم المستمر وتحديث معارفها بشكل دائم.

في مدينة أفلاطون الفاضلة, كان الحكام الفلاسفة يسعون لتحقيق العدالة والمساواة بين جميع المواطنين. وبشكل مماثل، يتميز الوكيل الرقمي الحديث بقدرته على تقديم خدماته للجميع بشكل متساوٍ ودون تمييز. فعندما تطور شركة Anthropic ميزة Computer Use، أو تقدم Meta تقنية Live AI، فإنها تسعى لجعل هذه التقنيات متاحة للجميع، محققة بذلك نوعاً من العدالة الرقمية التي تتوافق مع الرؤية الأفلاطونية للعدالة.

كما تحدث أفلاطون عن التناغم بين طبقات المجتمع في مدينته الفاضلة، نشهد اليوم سعياً حثيثاً لتحقيق تناغم مماثل بين الإنسان والوكيل الرقمي. فمشروع Project Astra من Google، على سبيل المثال، يهدف إلى خلق تفاعل طبيعي وسلس بين الإنسان والمساعد الرقمي، حيث يفهم الوكيل العالم من حوله ويتفاعل معه بذكاء وحكمة.

في حين تحدث أفلاطون عن نظرية المُثُل والمعرفة الفطرية، يتميز الوكيل الرقمي الحديث بقدرته على التعلم المستمر وبناء الذاكرة. فميزة الذاكرة في ChatGPT وClaude وGemini تتيح للوكيل الرقمي تكوين فهم عميق لتفضيلات المستخدم واحتياجاته، متجاوزاً بذلك حدود المعرفة الثابتة التي تحدث عنها أفلاطون.

حيث تحدث أفلاطون عن عالم المُثُل كمصدر للحقيقة والمعرفة الكاملة. واليوم، تطور الشركات التقنية نماذج ذكاء اصطناعي قادرة على فهم العالم الواقعي بكل تعقيداته. فنماذج مثل Sora من OpenAI وVeo من Google تمتلك فهماً عميقاً للفيزياء والحركة والعلاقات المكانية، محققة بذلك نوعاً من الإدراك الشامل الذي تجاوز حتى تصور أفلاطون للمعرفة المثالية.

مثلما واجهت مدينة أفلاطون الفاضلة تحديات في التطبيق العملي، يواجه عصر الوكلاء الرقميين تحدياته الخاصة. فمشكلات مثل محدودية عمر البطارية في تقنيات Meta للواقع المعزز، أو تحديات الخصوصية والأمان في التفاعل مع الوكلاء الرقميين، تمثل عقبات يجب تجاوزها.

مع اقتراب عام 2025، نقف على أعتاب عصر جديد يمزج بين المثالية الأفلاطونية والواقع التكنولوجي. فالوكلاء الرقميون الأذكياء يمثلون تجسيداً عصرياً لفكرة الحاكم الحكيم، مع قدرات تتجاوز ما تخيله أفلاطون نفسه. إنهم يجمعون بين المعرفة الشاملة والقدرة على التعلم المستمر، ويسعون لتحقيق العدالة والمنفعة للجميع.

وكما تنبأ جيتس، فإن المقارنة بين Clippy القديم والوكلاء الرقميين الجدد تشبه المقارنة بين الهاتف التقليدي بقرصه الدوار والهواتف الذكية. ولكن الأهم من ذلك، أن هذا التطور يمثل خطوة كبيرة نحو تحقيق حلم قديم: مجتمع يُدار بالحكمة والمعرفة لتحقيق الخير العام.

يبقى السؤال المطروح: هل سيكون عصر الوكلاء الرقميين هو التحقق الفعلي لحلم المدينة الفاضلة؟ ربما لا نستطيع الإجابة بشكل قاطع، ولكن ما نشهده من تطورات يشير إلى أننا نقترب من تحقيق توازن جديد بين الإنسان والتكنولوجيا، توازن يجمع بين الحكمة القديمة والذكاء الاصطناعي الحديث، محققاً بذلك نوعاً جديداً من اليوتوبيا التي تتجاوز حدود الخيال الفلسفي إلى آفاق الواقع التكنولوجي الى أن نرى ماذا سيؤول اليه مستقبل الروبوتات الذكية !

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: على التعلم المستمر

إقرأ أيضاً:

تطبيق نظام بطاقة الوصول الرقمية للسفر إلى تايلاند

 أعلنت بعثة الدولة في بانكوك أن السلطات في مملكة تايلاند ستبدأ اعتبارًا من 1 مايو 2025 بتطبيق نظام بطاقة الوصول الرقمية (TDAC)، وهو نظام إلكتروني يُلزم جميع المسافرين القادمين إلى تايلاند بالتسجيل المسبق لبياناتهم قبل موعد السفر، وذلك كبديل عن استمارة الدخول الورقية التي كان يُطلب تعبئتها عند الوصول، مشيرةً إلى أن المسافر الإماراتي ضمن قائمة الدول المعفاة من تأشيرة الدخول السياحية المسبقة إلى مملكة تايلاند، حيث يسمح لهم بالإقامة لمدة تصل إلى 60 يوماً دون تأشيرة، مع إمكانية تمديد فترة الإقامة لشهر إضافي، كما يأتي هذا التسهيل في إطار العلاقات الثنائية الوثيقة التي تجمع البلدين التي تمتد لعقودٍ من التعاون الوثيق والتفاهم المشترك في مختلف المجالات.

وذكرت البعثة أنه بإمكان مواطني الدولة التسجيل في نظام بطاقة الوصول الرقمية عبر الموقع الإلكتروني: tdac.immigration.go.th، وذلك قبل موعد السفر بحد أقصى ثلاثة أيام؛ ويشمل التسجيل إدخال البيانات الشخصية، ومعلومات جواز السفر، وتفاصيل الرحلة، ومكان الإقامة في تايلاند، بالإضافة إلى تعبئة الإقرار الصحي، وعند استكمال التسجيل، يتلقى المسافر رسالة تأكيد عبر البريد الإلكتروني تتضمن رمز استجابة سريعة (QR code) ليتم تقديمه لموظف الهجرة عند الوصول. 

أخبار ذات صلة الإمارات.. أيادٍ بيضاء ومصداقية عالمية على أرض السودان إنجاز مشروع لحماية الشعاب المرجانية بأبوظبي

كما أشارت البعثة إلى أن النظام الجديد يتوفر حالياً بشكل مجاني، ويتميز بسهولة الاستخدام، مع إمكانية تعديل البيانات المسجلة في أي وقت قبل الوصول، إضافة إلى إمكانية التسجيل بالنيابة عن أفراد آخرين، داعيةً المسافر الإماراتي إلى ضرورة الدخول إلى صفحة إرشادات السفر حسب كل وجهة والمتوفرة على موقع الوزارة الإلكتروني أو التطبيق الذكي، والتسجيل في خدمة تواجدي عبر موقعها أو تطبيقها الذكي أو من خلال تطبيق الواتساب، وذلك بهدف تمكين الوزارة من تقديم استجابة فعالة وسريعة في حالات الطوارئ وضمان توفير تجربة سفر آمنة وسلسة لجميع المواطنين. 

المصدر: الاتحاد - أبوظبي

مقالات مشابهة

  • الذهب يتجه لتحقيق خسارة اسبوعية بأكثر من 2%
  • نهيان بن مبارك: برؤية محمد بن زايد نبني مجتمع المعرفة
  • جامعة السلطان قابوس تدشن 5 إصدارات جديدة
  • البلبيسي: بنك المعرفة المصري الدولي يؤسس لعصر جديد من البحث العلمي العربي
  • جبران: استخراج كعب العمل وتصريح الأجانب من منصة مصر الرقمية بالمجان
  • تطبيق نظام بطاقة الوصول الرقمية للسفر إلى تايلاند
  • انتخابات 2025: معركة الحقيقة في زمن الفبركة الرقمية
  • وزير التعليم العالي: بنك المعرفة المصري يطلق أكاديمية شباب الباحثين لدعم قدرات الباحثين
  • الهيئة العامة لتعليم الكبار تنظم قافلة الإصحاح البيئي لمحو الأمية بمركز ومدينة الإسماعيلية
  • التعليم العالي: بنك المعرفة المصري يطلق أكاديمية شباب الباحثين لتعزيز اقتصاد المعرفة