ياسر عرمان

إن الجزيرة وود مدني يجب لا يكونا ساحة لتصفية حسابات الإسلاميين بسيطرتهم على مؤسسات الدولة، ويدفع ثمن كل ذلك أهّلنا الأبرياء، فقد تناقلت الوسائط تهديدات من يقول إنه لديه قائمة لتصفية الحساب مع (٦ الف و٨٠٠ شخص) في مدينة ود مدني، ثم نقل تصريح للمصباح يهدد لجان المقاومة، من بعدها وقعت جريمة ومجزرة الكنابي في أم القرى، وكله منقول في الفضاء الاسفيري وموثق، فما هو الغرض من كل ذلك؟ ومن يقف خلفه؟ وماذا تستفيد القوات المسلحة من جرائم ترتكب باسمها، وكيف يسمح قادة الجيش لتحويل فرحة المواطنين بالرجوع إلى منازلهم ومدنهم وقراهم إلى جرائم؟ ألا يؤدي كل ذلك لتحويل النصر لهزيمة؟ وهل سيستمر المستنفرون وجنود الجيش في القتل العشوائي؟ وهل هذه القوات خارج السيطرة؟ وأين هو القانون الذي يحكم المستنفرين الذي بشر به الفريق أول كباشي في القضارف؟

الحركة الإسلامية تسعى مجدداً للدفع بقيادة الجيش للجنائية بغية السيطرة عليهم!

من الواضح أن هنالك خطاً وخطة يقودها إسلاميون داخل المؤتمر الوطني وتوابعهم داخل القوات النظامية والمستنفرين لارتكاب جرائم حرب سيدفع ثمنها قادة الجيش مثل ما دفع الشعب والقوات المسلحة من انقلاب ٢٥ أكتوبر الذي أنهى الانتقال الديمقراطي وقاد للحرب، وهنا لا نحتاج إلى مُنجم لندرك أن ما تم من انتهاكات بعد الدخول لمدني ضدّ الأبرياء في المدينة والكنابي سيقود لنتائج وخيمة في داخل السودان وإقليمياً ودولياً ومع منظمات حقوق الإنسان.

إن القيادة الحالية للمؤتمر الوطني، ومن يقف خلفها مطلوبون للجنائية، وهم يفكرون على طريقة الثعلب الذي انقطع ذيله، فعمد لخطة لقطع ذيول الثعالب جميعهم، فمن الواضح أن المطلوبين السابقين للجنائية يحتاجون إلى رفقة مأمونة تجنبهم الوصول إلى الجنائية والسيطرة على الجيش.

قضية الكنابي

هي قضية قديمة جديدة ومرتبطة بالانهيار الذي حدث للريف ولمشروع الجزيرة على وجه الخصوص خلال المائة منذ ناشئته، وحلها يكمن في إصلاح شامل لمشروع الجزيرة ولريف السودان وعودة وجهه المنتج، والجزيرة تشهد منذ سنوات احتقانات إثنية حلها لا يكون بارتكاب الجرائم واستعداء المواطنين بعضهم لبعض وخلق فتنة بين سكان الجزيرة في القرى والمدن والكنابي، هذا مخطط مجرم يجب وقفه، وقد مارس قوجة خطاب كراهية مماثل وهو لا يدرك تركيبة الجزيرة.

إن قضية الكنابي مرتبطة بقضايا العمال الزراعيين وإجراء الريف، وقد انتبه لهذه القضية الهامة الأستاذ الراحل والمناضل السوري يوسف عبد المجيد، وأصدر كتيبة الموسوم (إجراء الريف) وهي قضية ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية تحل في إطار بناء مجتمع وعقد اجتماعي جديد.

أخيرا في مقالتي التي تم نشرها بتاريخ ١١ يناير الجاري بعد دخول القوات المسلحة لمدني وجهت رسالة للقوات المسلحة قيادتها وضباطها وضباط الصف والجنود للاتعاظ

من تجارب الماضي والتحليق عالياً نحو الوطن والمواطن والسلام ورفض الكراهية والانتقام وحماية جميع المدنيين وعدم السماح بتصفية حساباتهم ضد الناس العاديين وضد قوى الثورة، الآن وقع الفأس على الرأس، وعلى قيادة القوات المسلحة إصدار قانون معلن للشعب لضبط الجيش والمستنفرين في هذه الحرب بالإضافة للقوانين الموجودة فعلاً وعليهم تكوين لجنة للتحقيق فيما يجري في الجزيرة، فإن إغفال ذلك سيقسم مجتمعنا في كل السودان، وسيشمل ذلك بورتسودان.

علينا أن نعمل للسلام والوحدة

والمجد لشعب السودان

والثورة أبقى من الحرب

 

الوسومياسر عرمان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: ياسر عرمان القوات المسلحة

إقرأ أيضاً:

الخطاب السياسي الذي أشعل الحروب في السودان

الخطاب السياسي لدولة السادس والخمسين منذ مجيئها إلى حيز الوجود، قبل إعلان (الاستغلال) ببضعة أشهر ساهم في اندلاع جميع الحروب، ابتداء من حرب الجنوب الأولى – تمرد توريت – وانتهاء بالحرب القائمة الآن، دشن السياسيون الشماليون خطاباً عدائياً تجاه نخب الجنوب السياسية، وتمركز التوجه العام لهذا الخطاب حول الكراهية العرقية والدينية والفرز الجهوي، واشتغلت الأجهزة الإعلامية والصحفية على ترميز الجنوب والجنوبيين على أساس أنها شعوب بدائية لم تبلغ الحلم، وبالتالي لابد من وجود كفيل يقوم برعايتها، استمر ذلك الخطاب طيلة مدة اشتعال حروب الجنوب الثلاث، وتم تغييب وعي المجتمعات الشمالية، فتبنت السردية المجحفة بحق شقيقهم شعب الأبنوس الجميل، فالحروب بالشرق الأوسط وافريقيا تندلع بدوافع التباينات الجغرافية والدينية والعرقية، فأخذ الجنوبيون حظهم من الفرز الوطني بحجة أن غالبهم يعتنق المسيحية، فعمل الخطاب السياسي للشمال المسلم ما في وسعه لقطع صلات التلاقي الاجتماعي بين الجهتين، ولا يجب أن ننسى الدور الفاعل الملعوب من الإدارة البريطانية، وقرارها ببذر بذور الشقاق وسياسة فرق تسد والمناطق المغلقة، ولكن، ما كان يجب على النخبة الحاكمة بعد ذهاب "الخواجة" أن تواصل فيما خلّفه المستعمرون من سياسات ظالمة، وأيضاً لا يستقيم منطقاً أن يكون هذا مبرراً للفاشلين من الحكام لإخفاقهم في حل مشكلة الجنوب.
تمددت الحرب شمالاً وغرباً لذات السبب – الخطاب السياسي الرافض للآخر والمشيطن له، وجميعنا يستحضر خطاب الدكتاتور عمر البشير بعد انفصال جنوب السودان، ووصفه لفترة حكومة الوحدة الوطنية (بالدغمسة) – عدم الوضوح، في إشارة لانعدام الإرادة الوطنية من جانبهم لاستكمال اهداف اتفاق السلام الشامل، والدكتاتور في حقيقة قوله يعني خروج الجنوب المسيحي، وبقاء الشمال (المسلم) خالصاً لأهله لإقامة (دولة الخلافة الراشدة)، متناسياً المسيحيين المتبقين بالشمال، فالخطاب السياسي الداعم لخط الانحياز الديني أدى لتقطيع الوطن إلى جزئين، مختلفاً عن الخطاب الموجه للسودانيين بعد تمرد دارفور حيث دق إسفين العروبة والأفريقانية، بين المكونين الاجتماعيين اللذين عاشا ردحاً من الزمن، في تماسك اجتماعي واقتصادي وسياسي، أما الخطاب المدشن بعد اندلاع الحرب بين الجيش المختطف من الحركة الإسلامية وقوات الدعم السريع، لم يجد منظروه بداً من وصف أفراد القوة العسكرية الشقيقة بأنهم غزاة أجانب، في مهزلة مضحكة للطفل قبل الشيخ الهرم، إذ كيف لرمز سيادة البلاد أن يكون سيّداً وأجنبياً في آن واحد؟، فالخطاب الأخير جاء غير مقنع لقطاعات عريضة من المجتمعات السودانية، وفضح الجذر المتأصل للمأساة الممتدة من بدايات تأسيس دولة السادس والخمسين، والذي عمل مصدروه بكل جهد لتفكيك وحدة البلاد واستمراء المضي قدماً في ذات الاتجاه السالب.
الفشل الكبير للخطاب السياسي المركزي عبر الحقب، ظهرت آخر مخرجاته في القفز على الواقع الداخلي وإصدار التهم للدول الجارة والشقيقة، التي تضامنت مع السودانيين في محنهم، فبعد أن أكدت الحرب المشتعلة بين الجيشين على سقوط السيادة الوطنية، وخروج الدولة من الفاعلية الإقليمية والدولية، بفقدانها لنظام الحكم الشرعي الذي كان قبل انقلاب أكتوبر، اصبح الجيش المختطف من جماعة الاخوان يتأرجح مثل الذي يتخبطه الشيطان من المس، في نهاية منطقية للاستمرار في توجيه هذا الخطاب الفطير داخلياً، والمحاولة اليائسة لتسويقه خارجياً، لقد صنع هذا الخطاب كادر حزبي وعسكري لا يعي أهمية العلاقات الدبلوماسية ولا الروابط الودية بين الشعوب، فأساء هذا الكادر للوشائج الأزلية بين السودان وجواره العربي والإفريقي، وعمّق الأزمة الوطنية ودولها وأقلمها، فزيادة على كارثة الحرب التي ما يزال المواطنون يدفعون ثمنها الباهظ، خلق توترات حدودية ودبلوماسية لا مبرر لها مع بلدان مباركة لمساعي الحل السلمي التفاوضي، ولها أياد بيضاء في ساحة العمل الإنساني السوداني، ومارس فوضوية في خلط الأوراق لدرجة أن المراقبين والمحللين والمسهّلين دخلوا في حيرة من أمرهم، جراء هذه المهزلة الحكومية التي ألمت بالسودانيين، والتي آخرها تلعثم مندوب جيش الاخوان وهو يقدم دعواه الباطلة أمام محكمة العدل الدولية ضد دولة الإمارات.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com

   

مقالات مشابهة

  • القوات المسلحة السودانية: مصممون على استكمال مسيرة الدفاع عن أي شبر في أراضينا
  • مشروع الجزيرة بين الماضي والحاضر والمستقبل المجهول ؟؟
  • مسيرات أوكرانية تقتل 3 مدنيين في كورسك
  • الجيش السوداني يكشف عن إحباط عملية تسلل وسقوط قتلى وتدمير آليات عسكرية
  • وحُق لود مدني أن تذرف دمعها الفياض وكذا السودان
  • قوات الإحتياطي المركزي تضبط منظومة مسيرات و أجهزة تشويش بمنزل احد قادة المليشيا الإرهابية المتمردة غربي امدرمان
  • ضربات ممنهجة للمنشآت الطبية تفاقم الأزمة الإنسانية
  • الخطاب السياسي الذي أشعل الحروب في السودان
  • القوات المسلحة السودانية.. استخدام ممنهج لسلاح «التجويع»
  • لأول مرة منذ مائة عام بلا زراعة.. حرب السودان تفاقم أزمات مشروع الجزيرة وتفقر المزارعين