أوروبا تبحث استعداداتها الأمنية والدفاعية مع قرب تنصيب ترامب
تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT
اجتمع وزراء دفاع كل من بولندا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة في وارسو اليوم الاثنين، لمناقشة قضايا الأمن الأوروبي في إطار تنسيق جديد من 5 أطراف تم تأسيسه مع قرب عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للسلطة في 20 من الشهر الحالي.
ويُنتظر أن يعقد قادة الاتحاد الأوروبي وبريطانيا والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، اجتماعا استثنائيا مخصصا للدفاع الأوروبي في الثالث من فبراير/شباط المقبل في بلجيكا، حسب ما أكد رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا.
ويسعى الحلفاء الأوروبيون إلى تحسين الأمن الأوروبي والاستعداد للتصدي للنزاعات، ردا على إضعاف ترامب المستمر لموثوقية الولايات المتحدة في حلف الناتو.
ولطالما شكك ترامب بالناتو الذي يعدّ العمود الفقري لأمن أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وكرّر الملياردير الجمهوري الشهر الماضي تهديده بالانسحاب من الحلف ما لم يوافق أعضاؤه على زيادة الإنفاق.
وحذر وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس من تقليص المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وقال "سندعم أوكرانيا على طول الطريق طالما كان ذلك ضروريا. وسيستمر هذا الدعم".
وأضاف بيستوريوس "ما نحتاجه هو سلام عادل ودائم، وينبغي أن تكون هذه هي النتيجة النهائية. سلام لا يتم التفاوض عليه على حساب أوكرانيا مع أي شخص، لكنه سلام عادل ومستدام ويمكن تأمينه".
إعلانومن المقرر أن يبحث الوزراء أيضا تعزيز صناعة الدفاع الأوكرانية على المدى الطويل، وقالوا إن شركات الدفاع الأوروبية وسلاسل التوريد الخاصة بها يمكنها ويجب عليها أن تلعب دورا مهما في ذلك.
وقال بيستوريوس إن "صناعاتنا ستتعلم بدورها من التجربة الأوكرانية في ساحة المعركة فيما يتعلق بتطبيق استخدام الأنظمة والأسلحة".
وأعربت بولندا عن تأييدها طلب ترامب بزيادة الإنفاق الدفاعي من جانب الدول الأعضاء في الناتو إلى 5% من ناتجها المحلي الإجمالي.
وقال وزير الدفاع البولندي فلاديسلاف كوسينياك كاميش في مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، نُشرت اليوم الاثنين، إن هدف ترامب هو "دعوة مهمة للاستيقاظ" لأعضاء الحلف.
وأضاف أن هذه النسبة قد تستغرق عقدا من الزمن للوصول إليها، "لكنني أعتقد أنه لا ينبغي أن يتعرض للانتقاد لأنه وضع هدفا طموحا حقا، وإلا فسوف تستمر بعض الدول في مناقشة ما إذا كانت هناك حاجة فعلية إلى المزيد من الإنفاق".
وتعد بولندا، وهي عضو في الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، واحدة من أهم الحلفاء السياسيين والعسكريين لأوكرانيا، التي تدافع عن نفسها ضد العدوان الروسي.
وزادت بولندا بشكل كبير من إنفاقها الدفاعي منذ بدء الحرب، وفي عام 2024، تشير التقديرات إلى أن البلاد أنفقت 4.2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وهو أعلى رقم بين دول كل من الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، ووفقا للحكومة، من المقرر أن ترتفع هذه النسبة إلى 4.7 % العام المقبل.
دعم أوكرانياومن غير الواضح إلى أي مدى ستواصل الولايات المتحدة تقديم دعمها العسكري لأوكرانيا تحت قيادة ترامب، ومع تبقي أسبوع واحد على تنصيب ترامب في 20 يناير/كانون الثاني الجاري، يرغب وزراء الدفاع الأوروبيون أيضا في مناقشة تقديم المزيد من المساعدات إلى أوكرانيا.
أما الاجتماع الثاني في الثالث من الشهر المقبل لقادة دول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وحلف الناتو، فيأتي بعد أسبوعين من تولي ترامب مهامه في البيت الأبيض.
ويثير موقف الإدارة الأميركية المستقبلية بشأن الدعم الغربي لأوكرانيا في حربها ضد روسيا قلق الأوروبيين وحلف الناتو.
إعلانوكتب أنطونيو كوستا في الدعوة التي بعث بها إلى القادة "أعتقد أننا نتقاسم التقييم نفسه للتهديدات التي تواجهها أوروبا"، مشيرا خصوصا إلى الحرب في أوكرانيا والوضع في الشرق الأوسط.
ومن المقرر أن يعقد هذا الاجتماع في قصر ليمون على بُعد حوالي 20 كيلومترا من مدينة لييج في بلجيكا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الاتحاد الأوروبی وحلف الناتو
إقرأ أيضاً:
هل خان ترامب أوكرانيا؟
لم يوقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة من تنصيبه، كما وعد خلال حملته الانتخابية العام الماضي.
ولكن بعد ثلاثة أسابيع فقط من توليه المنصب، بدأت الأمور تتحرك بسرعة نحو ذلك. ففي 12 فبراير/شباط، أجرى ترامب مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ثم نشر على منصته Truth Social أنهما اتفقا على العمل سويًا لوضع حد لما وصفه بـ"ملايين الوفيات" الناجمة عن الحرب بين أوكرانيا وروسيا. وبعد ذلك، أُعلن عن قمة محتملة بين الزعيمين في السعودية.
في 13 فبراير/ شباط، تحدث وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث في مقر الناتو في بروكسل، كاشفًا عن بعض تفاصيل الخطة الأميركية لإنهاء الحرب. في تحول كبير عن سياسات الإدارة الأميركية السابقة، صرح بأن أوكرانيا لا يمكنها استعادة سيادتها على كامل أراضيها، وأن الحديث عن عضويتها في الناتو يجب أن يكون خارج الطاولة لبدء المفاوضات.
بهذه التصريحات، أسقطت إدارة ترامب فعليًا ميثاق الشراكة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، الذي كان يؤكد التزام واشنطن بوحدة الأراضي الأوكرانية، ويدعم اندماج كييف في المؤسسات الأوروبية الأطلسية مثل الناتو والاتحاد الأوروبي.
إعلانسرعان ما وصفت بعض وسائل الإعلام الغربية هذا التطور بأنه "خيانة لأوكرانيا". وبالفعل، واشنطن تتخلى عن كييف، لكن هذا لم يكن مفاجئًا. كان هذا المصير دائمًا نتيجة محتملة للنهج الذي تبنته الولايات المتحدة في علاقتها مع أوكرانيا.
ولكن ترامب ليس هو من وضع أوكرانيا في هذا الموقف. من خانها حقًا هم أولئك الذين وعدوها بعضوية الناتو والاتحاد الأوروبي، ثم دفعوها إلى مواجهة روسيا ورفض أي حلول وسط في حرب لا يمكنها الانتصار فيها.
على مدى السنوات الثلاث الماضية، وصل الدعم الغربي لأوكرانيا إلى أقصى حدوده الممكنة من حيث تزويدها بالأسلحة وفرض العقوبات الاقتصادية على روسيا، دون المخاطرة بإشعال حرب عالمية ثالثة أو إلحاق ضرر جسيم بالاقتصاد العالمي.
استمرار هذا الدعم لم يكن ليغير الواقع: روسيا أكبر وأغنى من أوكرانيا، وقادرة على الاحتفاظ بجيش متكيف مع الحرب الحديثة، لا يمكن هزيمته بمجرد إمدادها بكميات هائلة من الأسلحة المتطورة.
إضافة إلى ذلك، روسيا، باعتبارها قوة نووية كبرى، تمتلك دائمًا الكلمة الأخيرة في أي حرب إقليمية، وهو عامل حدّ من قدرة الغرب على التدخل المباشر. عاجلًا أم آجلًا، كانت إدارة أميركية ما ستتخذ قرارًا بخفض الدعم لأوكرانيا، لأن استمراره لم يكن مستدامًا.
وتصادف أن يكون من اتخذ هذا القرار إدارة جمهورية. الديمقراطيون محظوظون لأنهم لم يضطروا إلى فعل ذلك بأنفسهم، والآن يمكنهم استغلال الموقف في معاركهم السياسية الداخلية ضد الحزب الجمهوري.
على الرغم من ردود الفعل الغاضبة الأولية، يبدو أن الشركاء الأوروبيين لأوكرانيا قد يبدؤون في التماشي مع الموقف الأميركي الجديد. ففي 14 فبراير/ شباط، صرح الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، بأنه لم يكن هناك يومًا ضمان أكيد بأن أوكرانيا ستنضم إلى الحلف كجزء من أي اتفاق سلام مع روسيا. هذا التصريح يتناقض مع وعوده السابقة. ففي ديسمبر/كانون الأول 2024، قال روته في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي إن "مسار أوكرانيا نحو عضوية الناتو لا رجعة فيه"، وإنها "أقرب إلى الحلف من أي وقت مضى".
إعلانوالآن، مع استبعاد فكرة عضوية أوكرانيا في الناتو، لا يبدو أن إدارة ترامب تتجاهل كييف بالكامل. فإشارة وزير الدفاع هيغسيث إلى احتمال نشر قوات حفظ سلام أوروبية وغير أوروبية لمراقبة وقف إطلاق النار جاءت كمحاولة لتلبية بعض المطالب الأوكرانية بالحصول على ضمانات أمنية من الغرب. لكنه استبعد نشر قوات أميركية، وأكد أن قوات حفظ السلام من دول الناتو لن تكون مشمولة بالمادة الخامسة للحلف، والتي تنص على الرد المشترك ضد أي هجوم على أحد الأعضاء.
لكن هذه الأطروحات لن تكون كافية لطمأنة الأوكرانيين. زيلينسكي أكد مرارًا أن أي ضمانات أمنية من الغرب لا معنى لها دون مشاركة الولايات المتحدة.
وفي الوقت نفسه، من المرجح أن ترى موسكو أي وجود لقوات الناتو على الأراضي الأوكرانية على أنه "حصان طروادة"، مما يجعل الفكرة غير قابلة للتطبيق عمليًا. أما إرسال قوات أوروبية غير تابعة للناتو، فقد لا يمثل مشكلة بالنسبة لموسكو، لكن الدول الأوروبية غير المنضوية في الحلف، مثل النمسا وصربيا، قد لا تملك سوى بضعة آلاف من الجنود، ما يعني أن معظم القوات يجب أن تأتي من دول الجنوب العالمي.
لكن في النهاية، مسألة قوات حفظ السلام تبدو وكأنها مبالغ فيها. الطريقة الوحيدة لضمان سلام دائم هي أن تتبنى أوكرانيا سياسة عدم الانحياز الحقيقي، وأن يتم تحقيق تقارب بين روسيا والغرب. نعم، هذا التطور يمثل انتصارًا للكرملين، لكنه كان النتيجة الواقعية الوحيدة منذ أن أُلقيت أوكرانيا تحت جرافة بوتين.
على عكس التوقعات الغربية بانهيار الاقتصاد الروسي وسقوط النظام تحت ضغط الحرب، تمكنت روسيا من الصمود، بل وازدهر اقتصادها بفضل الإنفاق الدفاعي الضخم. وعلى عكس الأوكرانيين، لم يتأثر المواطن الروسي العادي بالحرب لدرجة تجعلها عاملًا رئيسيًا في حياته اليومية.
إعلانلا يمكن هزيمة بوتين عسكريًا، لكن يمكن إسقاطه إذا ثار عليه الشعب الروسي. بيد أن الغرب وأوكرانيا فعلا كل ما من شأنه تنفير حتى الروس الأكثر عداءً لبوتين، عبر الخطاب المعادي والتمييز الممنهج ضدهم. يبدو أن النخب المتشددة في الغرب لم تكن ترغب في سلام عادل، بل في حرب دائمة.
الخيارات المتبقية أمام أوكرانيا قاتمة. هذا كان واضحًا في خطاب زيلينسكي خلال مؤتمر ميونخ للأمن، حيث كان من المفترض أن يظهر متحديًا، لكنه بدا أقرب إلى شخص يائس. اقترح أن يشكل الجيش الأوكراني نواة لقوة عسكرية أوروبية جديدة، وهو اقتراح غير واقعي؛ لأنه سيؤدي إلى مواجهة مباشرة مع روسيا. كما حاول استمالة ترامب عبر الإشارة إلى ثروات أوكرانيا المعدنية، لكنه تلقى ردًا أقرب إلى إنذار نهائي، أشبه بمصادرة استعمارية للموارد الأوكرانية.
لكن هذه التحركات موجهة بالأساس للداخل الأوكراني. زيلينسكي بحاجة لإقناع شعبه بأنه جرب كل الحلول، حتى الأكثر استحالة، وأن الغرب قد خانه في النهاية. وعندها فقط، سيتمكن من الإذعان للحتمية التي لا مفرّ منها.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline