#سواليف

#مراكز_الدراسات في #الجامعات_الاردنية : منابر بحث أم بوابات تنفيع؟
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة

يُعتبر الأردن من أكثر الدول تأثراً بقضايا اللجوء والنزوح والهجرة على مستوى العالم، وربما يحتل الصدارة عالميًا من حيث نسبة اللاجئين إلى السكان. تاريخيًا، تعامل الأردن مع موجات هجرة متعددة حتى قبل نشوء دولته الحديثة.

فمنذ بدايات القرن العشرين، استقبل الشركس والشيشان الفارّين من روسيا القيصرية، واستمرت موجات اللجوء لتشمل الثوار السوريين في العشرينيات، والفلسطينيين إثر نكبة 1948 ونكسة 1967، ثم العراقيين بعد الاحتلال العراقي للكويت عام 1990، وأخيرًا السوريين الذين فاق عددهم المليون في ذروة الأزمة.

تاريخ حافل كهذا دفع الأردن إلى استحداث وزارة خاصة باللاجئين في خمسينيات القرن الماضي، لكنها اختفت سريعًا، ربما لأنها لم تجد من يديرها بكفاءة. لاحقًا، تم إنشاء مراكز دراسات مختصة باللجوء والهجرة في بعض الجامعات الأردنية، وُضعت لها أهداف نبيلة على الورق، مثل تعزيز الفهم والوعي بقضايا الهجرة، وتقديم الاستشارات لصناع القرار، والمساهمة في تخفيف الأعباء الناتجة عن اللجوء.

مقالات ذات صلة اختتام تكميلية التوجيهي اليوم .. وتوقع النتائج بهذا الموعد 2025/01/13

لكن على أرض الواقع، يبدو أن هذه المراكز أقرب ما تكون إلى “واجهات اجتماعية” لتوزيع المناصب، لا منارات علمية تخدم قضايا الوطن.

دعوني أشارككم تجربة شخصية ،قبيل عدة ايام ، دُعيت إلى ندوة عُقدت في الجامعة الهاشمية حول حوكمة القرار الأردني إزاء اللاجئين السوريين. ورغم أهمية الموضوع، غاب عن الندوة مسؤولو مراكز دراسات اللاجئين في الجامعات الأردنية! ربما لأنهم مشغولون بقضايا “أهم”، أو لأن الحضور يتطلب جهداً بحثياً لم يعتادوا عليه.

ليس هذا افتراءً، بل حقيقة مُرّة تتكشف عندما نبحث عن دور هذه المراكز منذ بداية موجة الربيع العربي عام 2011. لم نسمع عن دراسات محورية، أو أبحاث ذات تأثير، رغم أن الأردن كان في قلب الأزمة واستقبل أكبر موجة لجوء منذ عقود. أين كانت تلك المراكز التي تضم موظفين أكاديميين وإداريين؟ الإجابة بسيطة: غياب الكفاءة، وشيوع التعيينات بناءً على المحسوبية، لا الجدارة.

خلال الندوة، أخبرتني د. رنا جورج قصيفي، ممثلة مفوضية اللاجئين، أن المفوضية مستعدة للتعاون مع مراكز الدراسات الأردنية وتقديم الدعم اللازم لها. المفاجأة؟ لم تتلق المفوضية أي طلب تعاون من تلك المراكز!

هذا الغياب يعكس مشكلة أعمق؛ هذه المراكز ليست معنية حقاً بتحقيق المصالح الوطنية، بل تخدم شبكات المصالح الضيقة لرؤساء الجامعات. رؤساء يُعينون الأقارب والأصدقاء في مناصب إدارية وأكاديمية دون اعتبار للكفاءة أو للمصلحة العامة.

بدلاً من أن تكون مراكز الدراسات نقاط قوة جامعاتنا، تحولت إلى عبء مالي وإداري. تُنفق عليها ميزانيات كبيرة دون أي مردود فعلي. غياب الرقابة والمساءلة يعزز هذا الوضع، في ظل ثقافة المحسوبيات التي تجعل كل رئيس جامعة يعمل على تعزيز شبكته الشخصية بدلاً من خدمة وطنه.

وفي هذا السياق، تبرز مسؤولية مجالس أمناء الجامعات التي يُفترض أن تكون حارساً على أداء هذه المراكز. لكن، للأسف، فإن الكثير من هذه المجالس تغض الطرف عن التجاوزات في التعيينات القيادية داخل الجامعات والمراكز البحثية. التعيينات لا تعتمد على الكفاءة أو الجدارة أو حتى مصلحة الجامعة أو الوطن، بل تخدم مصالح رؤساء الجامعات الذين يديرون المؤسسات وكأنها مزارع خاصة. يقدم هؤلاء الرؤساء الولاء لشخصيات نافذة على حساب الانتماء للمؤسسة أو الوطن، مما يؤدي إلى تدهور الأداء الأكاديمي والبحثي وضياع الفرص لتطوير هذه المراكز بما يخدم المصالح الوطنية.

هذا الواقع يفسر الكثير. لماذا تأخرنا بينما تقدم الآخرون؟ لماذا فقد المواطن ثقته في الدولة ومؤسساتها؟ ولماذا لا نملك حتى اليوم استراتيجية واضحة للتعامل مع التحديات الكبرى، مثل أزمة اللاجئين السوريين؟

الأردن الذي استقبل موجات لجوء عديدة في الماضي سيواجه حتمًا تحديات مشابهة في المستقبل، في منطقة تعج بالفوضى وعدم الاستقرار. لكن السؤال الأهم: هل تدرك مراكز دراسات اللجوء هذه الحقائق؟ أم أنها مشغولة بإعداد تقارير شكلية، أو ربما بشؤون أخرى “أكثر أهمية”؟

في النهاية، لا يمكننا إلا أن نشير إلى مواطن الخلل، داعين إلى تصويب المسار. نحتاج إلى مراكز دراسات تعكس جدية الجامعات الأردنية، وتعمل بإخلاص لخدمة البلاد والعباد. إن لم يتحقق ذلك، فستظل هذه المراكز مجرد واجهات تُسيرها المصالح الشخصية، ولن يخرج الوطن من أزماته.

والله من وراء القصد.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف الجامعات الاردنية مراکز الدراسات مراکز دراسات هذه المراکز

إقرأ أيضاً:

مفوضية اللاجئين: إيران وباكستان رحّلتا قسرا 96 ألف أفغاني

قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اليوم الثلاثاء، إن شهر أبريل/نيسان الجاري شهد عودة أزيد من 251 ألف لاجئ أفغاني إلى بلادهم من إيران وباكستان، من بينهم أكثر من 96 ألف لاجئ تمّ ترحيلهم قسرا في ظروف وصفتها بـ"الصعبة".

وجددت المفوضية تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية في أفغانستان، في وقت يُجبر فيه عشرات الآلاف من الأفغان على العودة من دول الجوار.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2طلاب تونسيون بالخارج يرفضون "الأحكام الجائرة" ويدعمون حراك الجامعاتlist 2 of 2بعد تحديها لها.. إدارة ترامب تتهم جامعة هارفارد بالتمييز على أساس العرقend of list

ودعت إلى توفير 71 مليون دولار بشكل عاجل لتقديم المساعدة الإنسانية لمن يصلون إلى البلاد في أوضاع "مأساوية".

كما جددت المفوضية دعوتها لحكومتي إيران وباكستان لـ"ضمان أن تكون العودة إلى أفغانستان طوعية وآمنة وكريمة"، وحذرت من أن الترحيل القسري قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة.

واعتبرت المفوضية أن النساء والفتيات يواجهن مخاطر شديدة، كما نبهت إلى أن الوضع من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة بسبب الفقر والبطالة وتأثير التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية.

وأشارت المفوضية إلى أنه منذ عام 2023 رُحّل أكثر من 3.4 ملايين أفغاني من إيران وباكستان، بينهم أكثر من 1.5 مليون في عام 2024 وحده، الأمر الذي أثقل كاهل العديد من الولايات الأفغانية ورفع خطر النزوح الداخلي ومحاولات الهجرة نحو أوروبا.

إعلان

وكانت الداخلية الباكستانية قد أعلنت، مطلع مارس/آذار الماضي، أنها ستلغي تصاريح إقامة اللاجئين الأفغان في إطار المرحلة الثانية من خطةٍ طَردتْ في مرحلتها الأولى نحو 800 ألف من الأفغانيين غير النظاميين بالبلاد.

وحسب مفوضية اللاجئين يبلغ عدد اللاجئين الأفغان المسجلين في باكستان 1.33 مليون لاجئ، إضافة إلى نحو 600 ألف آخرين لجؤوا إلى إسلام آباد بعد سيطرة حركة طالبان على الحكم في أغسطس/آب 2021، ولم تسمح باكستان للأمم المتحدة بتسجيلهم، ومن ثَمّ فإن إقامتهم فيها تُعد غير قانونية وقد يواجهون الاعتقال والسجن والترحيل.

مقالات مشابهة

  • وزير العدل يلتقي وفداً من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين
  • وكيل أوقاف الفيوم يوجه الأئمة: اجعلوا المساجد منابر نور.. وكلنا جنود في مواقعنا
  • مسؤولو الأمم المتحدة يحذرون: تقليص التمويل الأميركي يهدد خدمات ملايين اللاجئين
  • مفوضية اللاجئين: إيران وباكستان رحّلتا قسرا 96 ألف أفغاني
  • طلاب جامعة أسيوط التكنولوجية يحصدون مراكز متقدمة في المسابقات الفنية على مستوى الجامعات
  • الأردن: الداخلية تصدر قرارات جديدة بشأن دخول ومغادرة السوريين.. ما هي؟
  • منابر الإعلام بين المسؤولية والإساءة اللفظية
  • أردوغان: لن نجبر اللاجئين السوريين على العودة
  • أردوغان يكشف عدد اللاجئين في تركيا
  • الإفراط في تناول اللحوم الحمراء: خطر خفي يهدد صحة قلبك