شعبان بلال (القاهرة)
توقع خبراء ومحللون سياسيون أن يتبنى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، نهجاً تصعيدياً يقوم على فرض رسوم جمركية مرتفعة وإجراءات حمائية صارمة، خاصة مع تصريحاته المتكررة خلال حملته الانتخابية وبعد فوزه، بشأن السياسات التي سيتبعها لتصحيح الميزان التجاري لصالح الولايات المتحدة. 
ويسعى ترامب إلى سياسة جمركية جديدة، في محاولة لإعادة هيكلة علاقات بلاده التجارية، وسط مخاوف من تهديد هذه السياسات للتجارة العالمية والاقتصاد الدولي.

 
وأوضح المحلل السياسي الأميركي توت بيلت أن ترامب في هذه المرحلة يشير فقط إلى أنه سينفذ التعريفات الجمركية. وبموجب القانون الأميركي، يتعين عليه أن يثبت أن الرسوم الجمركية ضرورة للأمن القومي، وهذا يتطلب عادةً إجراء تحقيق. لذلك، حتى لو كان سيحاول، فسوف يستغرق الأمر بعض الوقت قبل تنفيذ هذه التعريفات.  
وقال توت بيلت، في تصريحات لـ«الاتحاد»، إنه لهذا تعد هذه الإجراءات مجرد تكتيك تفاوضي في هذه المرحلة، حيث يفضل ترامب إبرام صفقة جديدة مع بعض الدول حتى يتمكن من الظهور وكأنه منتصر في الحروب التجارية. 
من جانبها، ذكرت المحللة السياسية الأميركية إيرينا تسوكرمان أن ترامب ربما يستخدم التهديد بشن حرب تجارية لإجبار الدول، التي لديها أعلى مستويات صادرات إلى الولايات المتحدة، على خفض التعريفات الجمركية على البضائع الأميركية، لافتة إلى أن رفع الرسوم الجمركية لن يؤدي إلى استعادة القاعدة الصناعية في الولايات المتحدة ولن يخلق ظروفاً مواتية لتجارتها.
وأوضحت إيرينا تسوكرمان، في تصريح لـ«الاتحاد»، أنه لا تقوم أي دولة بإزالة الرسوم الجمركية من جانب واحد دون أن تفعل الولايات المتحدة الشيء نفسه، لأن التعريفة الجمركية تؤدي إلى ارتفاع الأسعار والتضخم، وتقلل خيارات المستهلكين، وتزيد خطر المواجهة أو التوترات السياسية مع الدول الأخرى التي من المرجح أن تعيد توجيه أعمالها إلى أماكن أخرى، وتحد من دخول البضائع الأميركية. 
في السياق ذاته، رأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن الدكتور نبيل ميخائيل أن ترامب سيقوم بفرض رسوم جمركية على السلع القادمة من دول عدة، في مقدمتها الصين، والمكسيك وكندا، وأن هذا الأمر دعا رئيس الوزراء الكندي السابق، لمقابلة ترامب لتجنب أزمة بين البلدين. وفي حالة المكسيك، يربط ترامب الموضوع بقضية الاتجار بالبشر وتجارة المخدرات والهجرة غير الشرعية التي يعتبر أن المكسيك سببها. 
وأوضح نبيل ميخائيل، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن تلك الدول قد تفرض رسوماً جمركية مرتفعة على بعض وارداتها من السلع الأميركية، ما قد يؤدي إلى حرب تجارية وحالة من الركود في الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى أنه في حال تأثر الاقتصاد الأميركي بشكل كبير جراء التعريفات الجمركية المرتفعة، فسوف تحاول إدارة ترامب إيجاد بديل لهذه السلع والخدمات إما عن طريق استيرادها من دول أخرى أو تصنيعها محليا لدعم القاعدة الصناعية الأميركية.

أخبار ذات صلة ترامب يعلّق على حرائق لوس أنجليس الدنمارك تبعث رسائل إلى فريق ترامب بشأن غرينلاند

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: دونالد ترامب رسوم جمركية حرب تجارية الولایات المتحدة الرسوم الجمرکیة

إقرأ أيضاً:

مخاوف من اندلاع حرب تجارية طويلة الأمد.. كيف ستؤثر على الاقتصاد العالمي؟

الاقتصاد نيوز - متابعة

أكد تقرير نشره موقع "دايلي إيكونومي" على أنّ اندلاع حرب تجارية طويلة الأمد، قد يسبب كارثة على الاقتصاد العالمي، مخلفا عواقب وخيمة تؤثر سلبًا على جميع الأطراف.

 

وقال التقرير، إنّ الرئيس دونالد ترامب نفّذ وعوده الانتخابية أخيرًا بفرض تعريفات جمركية شاملة، ما يعكس تحولا جذريا نحو سياسات الحماية الاقتصادية، موضحا أنه أعلن عن فرض تعريفات بنسبة 25 بالمئة على الواردات من كندا والمكسيك، و10 بالمئة على الصين.   وشدد على أن فرص التوصل إلى اتفاق قد انتهت. ولم يتوقف ترامب عند هذا الحد، بل وسّع نطاق التعريفات لتشمل نسبة 25 بالمئة على منتجات الصلب والألمنيوم الأوروبية ودول أخرى، مهددًا حلفاء آخرين بإجراءات مماثلة.

وبيّن التقرير، أن "رد الفعل ظهر بشكل فوري؛ حيث ردت كندا بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 بالمئة على المنتجات الأمريكية، واتخذت خطوات تصعيدية، مثل سحب الخمور الأمريكية من الأسواق، وتهديدها بقطع الكهرباء عن الولايات المتحدة. وهذا التصعيد دفع الرئيس ترامب إلى التفكير في مضاعفة الرسوم الجمركية على الصلب والألمنيوم الكنديين".

في الوقت ذاته، ردت الصين والاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية على منتجات أمريكية مثل الملابس والويسكي. وردًا على ذلك، هدد ترامب بفرض رسوم جمركية ضخمة تصل إلى 200 بالمئة على النبيذ والشمبانيا الأوروبيين، ما ينذر بتصعيد أكبر للتوترات التجارية.

ووفق الموقع، فإن الاقتصاديين وقادة الأعمال يرون أن هذه السياسات قد تسفر عن ارتفاع ملحوظ في الأسعار، واضطرابات في سلاسل التوريد، وردود فعل انتقامية من الأطراف المتضررة. ومثل هذه التفاعلات قد تُفضي إلى اندلاع حرب تجارية شاملة، مع ما يترتب على ذلك من اضطرابات اقتصادية واسعة النطاق على المستوى العالمي.

وأشار الموقع إلى أنه يرغم ادعاء ترامب أن الرسوم الجمركية تُحمّل الدول الأجنبية التكاليف، إلا أن الواقع يكشف أنها تُثقل كاهل الأسر الأمريكية؛ حيث تُشير الدراسات إلى أن هذه الحواجز التجارية قد تؤدي إلى زيادة نفقات الأسر بمعدل يتراوح بين 2600 و3900 دولار سنويًا، مع ارتفاع أسعار المستهلكين بنسبة تصل إلى 2.8 بالمئة. ومن اللافت أن الأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط تتحمل العبء الأكبر، ما يجعل هذه السياسة ذات تأثير رجعي وضار على الفئات الأكثر ضعفًا.

ومن بين أكثر الادعاءات إثارة للدهشة التي قدمها ترامب هو أن الرسوم الجمركية قد تسهم في خفض أسعار البقالة، لكن الواقع يعكس صورة مغايرة تمامًا، فالولايات المتحدة تعتمد بصورة كبيرة على الواردات لتلبية احتياجاتها من 55 بالمئة من الفواكه الطازجة، و32 بالمئة من الخضراوات الطازجة، و94 بالمئة من المأكولات البحرية.

تنوع الخيارات الغذائية

وأفاد الموقع بأن هذه الواردات تضمن تنوع الخيارات الغذائية واستقرار الأسعار على مدار العام. ومع فرض رسوم جمركية جديدة، سيصبح الوصول إلى هذه المنتجات أكثر صعوبة، ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتقليل الخيارات المتاحة. والرسوم الجمركية الحالية على لحوم البقر والمأكولات البحرية والسكر تزيد بالفعل من التكاليف، ومع إضافة مزيد من التكاليف سيتفاقم الوضع تفاقمًا أكبر.

ويزعم ترامب أن الرسوم الجمركية تحمي الشركات والمزارعين الأمريكيين، لكن الوقائع التاريخية تشير إلى عكس ذلك. فخلال ولايته الأولى، تسببت الرسوم الجمركية على السلع الصينية في أضرار كبيرة للمستهلكين والمزارعين الأمريكيين. وأدت الإجراءات الانتقامية من الشركاء التجاريين إلى انخفاض مبيعات المزارع إلى الصين بأكثر من 50 بالمئة، وزيادة حالات إفلاس المزارع بنسبة 20 بالمئة، وهذا الانهيار دفع الحكومة إلى تقديم عمليات إنقاذ بمليارات الدولارات.

وذكر الموقع أنه بالإضافة إلى ذلك؛ تؤدي الرسوم الجمركية الأمريكية إلى رفع تكاليف الإنتاج على الشركات المصنعة. ففرض رسوم بنسبة 25 بالمئة على الواردات من المكسيك وكندا سيزيد من تكاليف الإنتاج بصورة كبيرة، وقد يرفع أسعار السيارات بما يصل إلى 3000 دولار، ويخفض أرباح الأسهم بنسبة تصل إلى 50 بالمئة لشركات مثل جنرال موتورز وستيلانتس، و25 بالمئة لشركة فورد. وهذه السياسات قد تعطل سلاسل التوريد، وتحد من الابتكار، وتؤدي إلى فقدان الوظائف.

وتشير دراسة حديثة إلى أن الرسوم الجمركية المفروضة على السلع الوسيطة -وهي مكونات أساسية تُستخدم في التصنيع المحلي- تُضعف القدرة التنافسية للشركات الأمريكية من خلال زيادة تكاليف الإنتاج. وحتى مع إعفاء المنتجات النهائية لحماية الفئات ذات الدخل المنخفض، فإن ارتفاع تكاليف المدخلات يُثقل كاهل الشركات، التي غالبًا ما تنقل هذه التكاليف إلى المستهلكين.

وشدد الموقع على أن الأدلة واضحة؛ فالرسوم الجمركية لا تدعم الصناعات الأمريكية، بل تُضعفها. فهي تؤدي إلى تضخم الأسعار، وتحد من المنافسة، وتُضعف العلاقات التجارية الدولية. ووفقًا لتقرير صادر عن وزارة الزراعة الأمريكية في عام 2021، فإن إلغاء الرسوم الجمركية على الواردات الزراعية قد يُحسن رفاهية المستهلك الأمريكي بمقدار 3.5 مليارات دولار سنويًا. كما خلصت دراسة أجراها معهد بيترسون للاقتصاد الدولي إلى أن الرسوم الجمركية المقترحة قد ترفع الأسعار بنسبة 2 بالمئة وتُخفض النمو الاقتصادي الأمريكي بأكثر من 1 بالمئة بحلول عام 2026.

ونوه الموقع إلى لن تقتصر تداعيات أجندة ترامب الحمائية على الأسر الأمريكية فحسب، بل ستمتد لتُرهق التحالفات الدولية وتُعيق النمو الاقتصادي العالمي، فقد وصفه الاتحاد الأوروبي بـ"صين مصغرة" وتهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 10 بالمئة على السلع الأوروبية قد يُفاقم من الأزمة الاقتصادية في ألمانيا، خاصة في قطاع السيارات الذي يُعد العمود الفقري لاقتصادها. ومع وجود 780 ألف وظيفة مهددة بسبب تراجع الأرباح والمنافسة المتزايدة من السيارات الكهربائية الصينية، تواجه الصناعة الألمانية تحديات هائلة.

تخفيض نمو التجارة العالمية

إن استمرار الحرب التجارية لمدة طويلة قد يُلحق أضرارًا جسيمة بالاقتصاد العالمي. ويُحذر المحللون من أن هذه الحرب قد تُخفض نمو التجارة العالمية بمقدار 2.4 نقطة مئوية، وتُهدد صادرات بقيمة 510 مليارات دولار، وتُقلص نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بما يصل إلى 2.3 نقطة مئوية. ستكون العواقب وخيمة وتؤثر سلبًا على جميع الأطراف.

وبحسب الموقع؛ فالتاريخ يُؤكد أن ازدهار الأمم يعتمد على الانفتاح، لا العزلة. ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية وازدياد الدعوات إلى "تفكيك العولمة"، تُخاطر الولايات المتحدة بالوقوع في فخ أخطاء الماضي؛ حيث إن التوجه نحو السياسة الحمائية سيُضعف الاقتصاد الأمريكي ويُعرقل النمو الاقتصادي على مستوى العالم.

ومن إحدى القضايا النادرة التي يُجمع عليها خبراء الاقتصاد أن التجارة الحرة تُعد محركاً للابتكار ومصدراً رئيسياً لتحقيق فوائد ملموسة للمستهلكين. فمن خلال توسيع الخيارات المتاحة، وتعزيز التنافسية، وتسريع وتيرة التطور التكنولوجي، لعبت التجارة الحرة دورًا كبيرًا في تحفيز النمو الاقتصادي. في المقابل، تُظهر التجارب أن السياسات الحمائية - كفرض الرسوم الجمركية والحواجز التجارية - تؤدي حتمًا إلى زيادة الأسعار، وتراجع الكفاءة، وتقليص فرص العمل.

على الرغم من وعود التجديد الاقتصادي، فإن السياسات الجمركية التي يتبناها ترامب قد تُلحق أضرارًا تفوق فوائدها، ما يؤدي إلى الركود بدلًا من الانتعاش، بينما العودة إلى التجارة الحرة، بدءًا من الإلغاء الأحادي للرسوم الجمركية، يمكن أن تُعيد القدرة التنافسية، وتُخفّض تكاليف المستهلك، وتُصلح العلاقات التجارية الدولية المتوترة.

واختتم الموقع بالقول إنه لتحقيق استقرار اقتصادي طويل الأمد، ينبغي للولايات المتحدة مقاومة إغراء السياسة الحمائية، فالطريق إلى النمو المستدام والازدهار الدائم يكمن في الانفتاح الاقتصادي، لا في العزلة، ولقد أثبتت التجارة الحرة عبر التاريخ أنها ركيزة أساسية لاقتصاد عالمي أكثر ديناميكية وترابطًا.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • الدولار الأمريكي يسجل تراجعا في خضم تصاعد التعريفات الجمركية
  • رسوم ترامب الجمركية على الأخشاب تدفع تكاليف بناء المنازل الجديدة للارتفاع
  • ترامب يؤكد عدم نيته تخفيف الرسوم الجمركية على الصلب والألمونيوم
  • حرب الإقتصاد… زيادة الرسوم الجمركية بين أميركا وأوروبا تهدد بـ9.5 تريليون دولار سنوياً
  • الدول العربية الأكثر ضرراً من الرسوم الجمركية الأميركية
  • رسالة صارمة من ترامب: لا نية لتخفيف الرسوم الجمركية
  • مخاوف من اندلاع حرب تجارية طويلة الأمد.. كيف ستؤثر على الاقتصاد العالمي؟
  • تحذيرات من كارثة على الاقتصاد العالمي بحال اندلاع حرب تجارية
  • حرب تجارية تُشعل العالم
  • كيف يفكر ترامب في موضوع الرسوم الجمركية؟